صحيفة المثقف

عبد الجبار العبيدي: النص القرآني والتزوير.. هل أخل بالعقيدة والدين؟

عبد الجبار العبيديان هذا التراث الضخم من التفاسير والفتاوى الذي تحتويه كتب الفقه والشريعة والتفسير القرآني من المذاهب المخترعة التي لا اصل لها في الدين.. فالمذاهب لم تكن قدراً في الاسلام حتى تحكم المسلمين.. بل أجتهادات فردية تخطأ وتصيب.. أنتهى دورها زمنياً، والمرجعيات الدينية مصطنعة لا علاقة لها بالسياسة وحقوق المواطنين.. ولا يعترف بها القرآن.. ولا يخولها حق الفتوى على الناس.. ولا يميزها بلباس معين كما يدعون..، ونظريات الجهاد استخدمت بعكس ما وردت في النص المقدس.. وماطبق منه يعد خروجهاً على عقيدة الدين وبعد ان استبعدوا حركة التغيير الاجتماعي.. وتمسكوا بنظرية أبقاء القديم على قدمه خدمة للسلطة والأجنبي الطامع بالوطن لا للمواطنين.

أنظروا ماذا عملت فتوى الجهاد الكفائي المخترعة فقهياً بالعراقيين واليوم تريد اكمال الجريمة بتطبيق تجربة الحرس الثوري الايراني عليها كما ينادي بها صالح الفياض لكي تنهي الجيش الوطني الكبير.. ونتحداهم ان جاؤنا بنص واحدد يؤيد صحة فتواها.. بل هي أرهاصات من رجال خدموا السلطة لا الدين جاءتنا بعد القرن الثاني الهجري حيث فقهاء الحركة البويهية (334 للهجرة) .. والحركة السلجوقية (447 للهجرة) وهي شكل من أشكال التحدي العلمي والفكري للمدرسة المحمدية حين ربطوا التشريع كله بهم.. لا بالنص التأويلي الصحيح.. وهنا كانت النكبة.

واليوم تظهر لنا مشاريع دينية سياسية جديدة تستغل هذا التوجه الخاطىء لأحلال ديانة عالمية جديدة بدلا من الديانات الثلاث اليهودية والمسيحية والاسلام.باسم مشروع المسار الابراهيمي الجديد غرضها نقل الكعبة الى آور.. وكأنه أعادة هوية الصراع بين هاجر وسارة زوجتا ابراهيم الخليل.. لتدمير مشروع الأمة ككل.. وماكان اجتماع البابا في زيارته الاخيرة للعراق مع المرجع السستاني الا لبداية مرحلة جديدة للمشروع.. الجديد في ظل الصمت الرهيب لحكومات همها المنافع الشخصية وليس الوطنية.. أنظر كتاب المسار البراهيمي للدكتورة هبة جمال الدين .فهل سيجيب السستاني على أسئلة التحليل.. لا أعتقد..

لقد اصبح المذهب غنيمة سياسية ومصلحية للسلطة والسلطان بعد ان مزق الامة ككل، ووضع النص الديني في قفص الاتهام، بدلا من ان يعطي له روح الحضارة والتقدم.. التي بها يمكنه من نهوض الأمة من كبوتها الحالية "هذه أمتكم أمة واحدة وانا ربكم فأعبدون، الأنبياء92" فمن اين جاؤونا بالمذهبية الباطلة والمرجعيات المستغلة للدين والانسان معاً.. والتي اضاعت التوافق بين الفلسفة والدين ووحدة المسلمين العراقيين تحت شعار الطائفية ولا نعرف اليوم كيف الخروج منها -أنها محنة زمن - لذا فان المثقفين والمجتهدين ملزمين اليوم بمضاعفة الجهد للخلاص من هذا السونامي الفقهي الفتاك الجديد القديم بالوعي الفكري املا بأعادة مفهوم الامة والدين الصحيح. لا بنقد الكاتبين .كما فعل رئيس تونس الكبير تضحية منه لوطنه المنهار تحت سلطتهم الأخوانية المذهبية الباطلة وافكارهم النصية الوهمية الجائرة.. فلا حكم بلا نص ولا نص بلا تأويل..

نتمنى لكل رئيس أو متنفذ شريف في الوطن العربي وفي العراق خاصة ان يصحى ويعي افكار الاعداء المغرضين.. ويحذو حذو التوفيق بين الفلسفة والدين في التطبيق.. وان ترفع كلمة الدين من الهوية لتحل محلها المواطنة كما في الد.ول المتقدمة.كي لا نعطي للمفرقين الطائفيين سببا ًمن نصيب.

لقد غَلِبت النصوص القرآنية المفسرة تفسيرا لغوياً وفق نظرية الترادف اللغوي في القرآن على النصوص التي لم تؤول الى الان، وهي بأمس الحاجة اليوم لتأويلها خارج نظرية الترادف اللغوي، لحاجة الناس اليها لمعرفة الحقيقة الشرعية في التصرف فيها دون الاعتماد على التفسير الفقهي المرجعي الناقص كما في الشرعيات والأوقاف وحقوق المرأة التي ضيعها فقهاء التدليس.. وحتى نتخلص من الاحكام المسبقة في الاشكاليات المختلف عليها لكي لا يضيع المقصد القرآني الاساسي فيها ومن هذه النصوص التي سوف نتطرق اليها هي:

نصوص الردة والرجم، نصوص الحرية، نصوص آيات الشورى، نصوص آحاديث الغيب، نصوص الحاكمية الدينية، نصوص حقوق المرأة، نصوص القوامة للرجال على النساء، نصوص المتعة وألاعيب نكاح النساء، نصوص الوصية والارث، الخمس والزكاة . الجنة والنار، العصمة التفضيل بين أهل البيت وعامة الناس، مواعيد الحج والعمرة، والمتعة والزواج المؤقت ووأولي الأمر منكم.. وغيرها كثير.

كل هذه النصوص البالغة الاهمية سخرت لفهم خاطىء لمصلحة السلطة ومرجعيات الدين الباطلة والتي ادى فهمها المتداخل الى حصول اشكاليات مجتمعية كبيرة، أثرت في المجتمع العربي والاسلامي تأثيرا بالغا تباعدا وتناحرأ، وولدت ما سمي بالفِرق الدينية الاسلامية تجاوزا على النص الديني.. حتى تجاوزوا عليه فقالوا سبعين فرقة في النار الا واحدة سموها بالفرقة الناجية المقدسة حتى اوصلوا الاسلام وأهله الى مرحلة الشك والرفض لكل ما طرحه الاسلام من تشريعات.. وتزعم َ اصحاب الحديث هذه الجريمة ويقف مسلم والبخاري والمجلسي في بحار الانوار ويقف فقهاء القرون الهجرية المتقدمة في.. مقدمة المخربين والمزورين..

نصوص الردة والرجم

أعتاد الناس على ان حكم المرتد عن الدين الاسلامي هو القتل، وفي الزنا هو الرجم، ولكن حين الرجوع الى الايات الكريمة واقوال المذاهب الاسلامية الخمسة، نرى الامر غير ذلك تماماً.

يذكر السيوطي في شرحه نقلا عن سنن النسائي ج7 ص104 حديثا نبوياً ما نصه: (لا يحلُ دمُ أمرىءٍ مسلمٍ الا باحدى ثلاث:رجل زنى بعد أحصانه فعليه الرجم، أو قتل عمدا فعليه القود، او أرتد فعليه القتل).

وحين نستعرض ايات الردة في سورة البقرة آية 109، 217/وفي سورة آل عمران أية، 100" وفي سورة المائدة أية 54 لا نجد تطابقا مع نص الحديث.ومن اكثر الايات الكريمة تحديدا ووضوحا ما جاء في آية 217 من سورة البقرة والتي تقول(.. ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم ان استطاعوا، ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك اصحاب النار هم فيها خالدون).لا نجد تطابقاً مع نص الحديث ولم تقل.. يقتل.

وفي العصمة.. كان الرسول معصوما في تبليغ الرسالة بالنص والمحتوى كما وصلته من الله لفظاً ونطقاً(يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك، وان لم تفعل فما بلغت رسلته والله يعصمك من الناس، المائدة 67). هذه هي القاعدة الاساسية في تبليغ النص، التي حولها البعض خطئا الى أية الغدير الوهمية لأستخلاف الامام علي في الخلافة - الله لا يعين الخلفاء- ولا يمكن للرسول (ص) الا ان ينطلق من استراتيجية القرآن في تبليغ النص، لان العصمة محصورة في الرسالة وليست به . فمقارنة الحديث بالايات القرآنية واقوال الفرق الاسلامية نجد هناك فرقا كبيرا في التوجه بحاجة الى بيان، مما يعطينا الاذن ان نقول بأن الحديث لم يكن ثبتاً. حين جاء متناقضا مع التوجه الالهي بخصوص المرتد عن الدين، ويتناقض مع الحرية الانسانية المقدسة لدى الله تعالى في قتل الانسان رجماً حين لم يقل.. يُرجم .

اما كلمة الرجم فلم تأتِ اصلا الا في ثلاث آيات هي سورة الشعراء اية( 116)، وسورة ياسين آية( 18)، وسورة هود آية( 9) وكلها جاءت بمقاصد اخرى وليس لها علاقة بالقصد.

أما احاديث الزنا فقد حملت اكثر من طاقتها وظلمت فيها المرأة، حين طبقت العادة والتقليد الجاهلي بدلا من التشريع وقتلت المرأة على التهمة لا على الواقع، أنظر سورة النور أية (4) وضعت للزنا معايير تعجيزية قد يستحيل على المرأ اثباتها ( والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا باربعة شهداء فأجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة ابدا وأولئك هم الفاسقون. ان الاية الكريمة تدرك ان التعامل مع الجنس يحتاج الى غاية الحذر والحساسية في تطبيق النص.لا سيما وان العملية الجنسية لا يمكن ممارستها في العلن وتحت نظر الاخرين، فهي عملية سايكولوجية مرفوضة العلن حتى عند بعض الفصائل الحيوانية كالجمال مثلاً ترفضها في العلن، لذا فان الحديث يجانبه الصواب ولا يمكن الاخذ به .من هنا لابد من تأويل النص والخلاص من هرطة مؤسسات الدين. .فأين نحن من العادة والتقليد والعشيرة والقبيلة وزعماء الجنس.

نصوص الحرية:

الحرية في القرآن الكريم مقدسة، وهي اسمى ما في الوجود، لذا فقد منح الله سبحانه وتعالى للانسان حرية الاختيارفي الفعل والعمل الذي يريده، حين آمره بفعل الواجب ولم يجبره عليه، بل ترك الامر اختيارا لارادته، لكنه حذره من المعصية وأوعده بالعقاب والثواب، وهذا ما نراه واضحا في سورة الكهف آية 29(وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، انا اعتدنا للظالمين نارا)، ولم يقل للكافرين نارا، فالاية اقامت علاقة جدلية بين الكفر والايمان، وبما ان الكفر ظلم للنفس البشرية من الناحية العقائدية، وقد يرتكب من غير الكافر ايضاً، فقد وسع القرآن العقوبة حين قال اعتدنا للظالمين نارا، لان الظلم يرتكب من الاثنين على حدٍ سواء، والقران وكلماته المقدسة لا تقبل التراف اللغوي ابدا.

اما الاية 256 من سورة البقرة، فقد جاءت عامة لكل الناس (لا اكراه في الدين، قد تبين الرشد من الغي) لذا فهي تتقاطع مع شعار الفتوح المعلن عند البلاذري في كتابه فتوح البلدان(أسلم تسلم لك ما للمسلمين وعليك ما عليهم، وان لم تسلم تدفع الجزية نظير حماية الدولة لك) لأان الفتوح كانت اجبارا وليس برضى من أهلها.

ان الاية الكريمة وضعت سنة لكل الناس دون تمييز في الحرية الدينية والمدنية دون اكراه، لان الحرية هي هبة الله الى الناس وليست هبة احد من الناس، فاذا تتبعنا آية الجزية في سورة التوبة آية 29(قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله واليوم الاخر، ولا يحرمون ما حرم اله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين آوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون)، الاية الكريمة ليست عامة، بل وضعت شروطا ًدقيقة لتطبيقها عملياً حين لا يكونوا من المؤمنين بالله واليوم الاخر، ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله، كقتل النفس الانسانية بدون جرم مرتكب والغنائم وأخذ الاسرى واستباحة النساء بحجة وما ملكت أيمانهم..،، وان يبدأوا هم بقتال المسلمين بدلالة قوله سبحانه وتعالى عن يد وهم صاغرون.. بينما هم تم غزوهم جبراً من قبل المسلمين.

هذا ما تجاهلته الحركة الفقهية فهي اعتداء واضح على النص المقدس والاخرين.

الديانات المنزلة كلها تؤمن بالله واليوم الاخر، ولا تؤمن بقتل النفس الانسانية بدون سبب مبرر.. ولو قرأت الانجيل كله لا ترى فيه كلمة قتل او استباحة او أسترقاق.. لذا فأن تفسير النص يحتاج الى اعادة نظر في قراءته، وما يعزز هذا الرأي ما ورد بنص الاية الكريمة في سورتي المائدة والبقرة (169، 62) حين تذكر الاية ما نصه: (ان الذين آمنوا بالله واليوم الاخر والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الاخر وعمل صالحاً فلهم اجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون). فشرط الاية هو الايمان لا غير، وهم مؤمنون وأصحاب كتاب.هنا نلاحظ ان شعار الفتوح السابق ذكره يصح بالحوار لا بالقتال.ناهيك عن ان آية كريمة اخرى تقول: (لو شاء الله ما اشركوا وما جعلناك عليهم حفيظاً وما انت عليهم بوكيل -الانعام آية 107).لذا لابد من اعادة النظر في المنهج المدرسي بخصوص موضوع الفتوحات الاسلامية التي وضعت بتسرع بحجة نشر الاسلام الذي لم يامرهم بغزو الاخرين. واذا اقتضى الامر يجب الاعتذار للشعوب التي فتحها العرب وعاثوا فيها تخريباً ونهبا وفسادا واعتداءً على الأعراض.. بحجة ملك اليمين.. وهذا خطأ تاريخي ارتكبته الخلافة الاسلامية التي أمرت بالفتوح.. هذه الخلافة التي لم تترك للمسلمين غير المذهبية البغيضة والاستعلاء والحقد على الاخرين..

نصوص آيات الشورى

قد دمج القرآن، الكريم حرية الاختيار والايمان بالشورى في الممارسات المختلفة وحتى في العبادات، لذا فأن آية الشورى الاولى جاءت كشرط من شروط الايمان وهي مكية، كالصوم والصلاة والزكاة، تقول الاية الكريمة(والذين أستجابوا لربهم وأقاموا الصلواة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون -الشورى، آية 38).. فهي آية حدودية أختيارية غير ملزمة بشرط القوة .

أما الاية الكريمة الثانية تقول (فبما رحمةٍ من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لأنفضوا من حولك، فأعفِ عنهم وأستغفر لهم وشاورهم في الامر، فأذا عزمت فتوكل على الله، ان الله يحب المتوكلين، آل عمران 159).

الشورى في الاية الكريمة الثانية جاءت حدية الزامية لاشراك الناس في امور الدولة وبناء مؤسساتها، لذا فهي قيمة أنسانية، لاهمية ممارسة ولاية الامر للناس ولا يجوز شرعا التفرد في ادارة الدولة كما تفعل مؤسسة الحكم في العراق اليوم.. (أخذناها وبعد ما ننطيها) ولا تبيح المحاصصة القاتلة التي تفرق بين الناس في الكفاءة والمقدرة.. فأين مرجعية الدين ان كانت هي حقا رقيبا على الدين ؟، وخاصة فيما يتعلق بالحكم والسياسة والتشريع .فالنبي لم يأمر الناس بالاحتكام اليه، لكن الناس هم الذين كانوا يحتكمون اليه بدلالة الاية الكريمة( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما( النساء آية 65 ). مرجعيات دينية صامتة عن الحق صمت القبور.. لا تستحق ولاية امر الناس.

لقد آمر النبي بمشاركة كل الناس دون تمييز بامور الدولة العامة والخاصة وبحرية تامة، لذا استعمل المشورة في اسرى معركة بدر، فأشار عليه بعض الاصحاب بقتلهم، لكن القرآن وقف موقف المعارض بدلالة الاية الكريمة(ما كان لنبي ان يكون له اسرى حتى يثخن في الارض تريدون عرض الدنيا والله الاخرة والله عزيز حكيم –الانفال 67).

على هذا الاساس قرر الاسلام أمرين هما: الاول، الايمان بالله وأقامة الصلواة والزكاة .والثاني، ممارسة يومية تتبع الحالة التاريخية التي يعيشها المجتمع مع مقتضيات الظروف وشفافية التصرف واشراك العامة في الحكم - وليس كما نراه اليوم احتكارا عليهم، فالنبي لم يسمِ أحداً من بعده وآلوا الأمر لايعني الولي أي هم المقدمون من الجماعة وليسواعلى الجماعة.. وحين التبس الأمر حلت بالمسلمبين الكارثة ولا زالت الى اليوم.. حين نادوا منا أمير ومنكم أمير وكأن الدولة ملكا لهم.. أذ يرجع الامر للمسلمين في التعبير عن الرأي وفي الحرية والعمل والايمان (ولو شاء الله ما اشركوا وما جعلناك عليهم حفيظا وما انت عليهم بوكيل).. عصر انتهى ولم يعد للنص من قيمة في التطبيق اليوم .

لقد طبق الرسول آيات القرآن تطبيقا عمليا وامر بعدم قتل الاسرى، وأمكانية اصلاحهم وضمهم للاسلام .لكن ما تم في عهده لم يستمر من بعده، فقد اهمل دستور المدينة المكتوب في السنة الخامسة للهجرة ولازال مهملاً- لنا دراسة مستقبلية عليه-، فتركت سلطة رئيس الدولة دون تحديد مدة او مدى سلطان، فظلت السلطة والقانون والثروة والجيش بيد الخليفة دون ضوابط ثابتة ومحددة، وكل ما نقرأه عند مفكري الاسلام عائم وغامض مما ترك أثرا سيئاً في ادارة الدولة، فتح المجال للمنازعات الكثيرة التي أضعفت الدولة فيما بعد.. لا بل اسقطتها..

نصوص احاديث الغيب

كثرت أحاديث الغيب بعد وفاة الرسول(ص) وتداولتها جهات عديدة دون حصر، لكن هذه الاحاديث مرفوضة جملة وتفصيلا بدلالة الاية الكريمة التي عبرت عن قول الرسول :( لو كنت اعلن الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء، الاعراف آية 188)لذا لاداعي للدخول في مناقشة حسمها القرآن الكريم .

نص الحاكمية الدينية وحركة ما سمي الخوارج خطئاً

لا احد يستطيع ان يحدد الحاكمية الدينية الا بنص قرآني محدد، لذا يجب ان ينظر اليها وفق منطوق الاية القرآنية التي وردت في سورة البقرة آية 258، حتى لا ندخل في المطلقية الشمولية دون مراعاة اسسها القويمة.

ونصوص أخرى لنا معها عودة..

نحن بحاجة اليوم الى آيديولوجية جديدة توفق بين السياسة والدين ليكون التفكير العقلي موضع الاهتمام والتطبيق.. لننهي دور الفقهاء ومؤسسة الدين ونحل بدلها القانون..

لم تحصل النقلة العلمية الاوربية الا بعد تطبيق هذا المبدأ بعد ان اصبح الاجتهاد العلمي يعتمد على العقل لدرجة ان هذا التوجه الصحيح جعل غالبية التوجهات الدينية في الغرب تقوم على مبدأ التوفيق بين الفلسفة والدين.. أي بين الأديان باعتبار كل جانب منها يكون حقيقة علمية وان أختلفت، وبالتالي فالحقيقة العلمية مجتمعة هي الاساس حتى اصبح الانسان الاوربي لا يختلف فيما يعتقد عن الاخر جوهريا. وهذا ما حاربه فقهاء الاسلام منذ البداية.

من هنا، فأن التعصب الديني هو آفة العقول التي تعميها عن رؤية الحقيقة وينهيها عن أدراك الحقيقة.. ولو تمكنت بعض الفرق الاسلامية ان ترى النور بعقائدها كما في الاسماعيلية لتمكنا من كسر حاجز التخلف في تفسير النص وما يريد.. من تحقيق هذا الطابع ولقفزنا الى ما ترغب به الحقيقة العلمية وتريد .

نحن نمر اليوم بأقصى درجات الانحدار الاخلاقي حين شجعنا العنصرية والطائفية والمرجعيات الصنمية التي تحكم ولا تنطق حتى بكلمة وبأي مناسبة ولا احدا يراها الا وهي جالسة على الحصير.. ومن يدريك ماهي.. لربما مغلفة بقناع بحاجة الى تحقيق..

لقد حللوا اموال الدولة لانفسهم دون الاخرين.. باعتبارها مالا سائبا كما في النفط والمعادن وقتل النفس والخمس والزكاة لانها تخالف ما نعتقد به ونريد.. حتى سموا أنفسهم.. باهل المعرفة والعرفان.. فأبقوا اللطم على الخدود لانسان صالح مات منذ قرون ولا ندري ما جدواه.. وحللناعلى انفسنا الاستئثار بالسلطة والقانون.. ونشرنا نظرية المهدي المنتظر لينقذنا ونحن نحكم ولا نطبق ما يريدون به من هذا الغائب الحاضر.. كفاية فقد اخترقنا كل حواجز الحق والعدل والمنطق والميزان والصراط المستقيم ولا زلنا مصرون عليها. فهل سنصحى لنعيد لأنساننا الحياة..

نعم هي الحياة هكذا.

 

د.عبد الجبار العبيدي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم