صحيفة المثقف

حاتم حميد محسن: رؤية كل من أرسطو وسقراط في الجمال

حاتم حميد محسنجسّدت الآلهة، والنصب الفنية للآلهة التي تزيّن كاتدرائية  أثينا خلال القرنين الرابع والخامس قبل الميلاد الرؤية المقبولة عن ماهية الجمال آنذاك. للوصول الى أي مكان في المجتمع الأثني كان يتطلب ليس فقط اسما جيدا وذكاءً وانما ايضا جاذبية جسدية . كان الاعتقاد السائد على نطاق واسع هو ان الجمال والخيرية يسيران جنبا الى جنب.

الافتراض بأن الجمال هو (اللياقة البدنية)  وان الخير والجمال  متلازمان جرى رفضه من قبل كل من ارسطو وسقراط. ارسطو قال أن " الشيء الخيّر دائما ينطوي على الفعل كموضوع له،بينما الجميل يوجد ايضا في الاشياء العديمة الحركة". الجمال طبقا لارسطو يمكن ان يوجد في الفعل والسكون على حد سواء، بينما الخير او الجيد يوجد فقط في الفعل.  سقراط يوافق على هذا ويقترح فكرة ان الجمال لم يوجد فقط في شيء يمنح السرور لأن السرور يمكن الحصول عليه  من الخير ايضا.

سقراط كان مقتنعا بأن الجمال الجسدي لا يمكن الوثوق به. فمثلا، الرجل القبيح الشريرالذي يلبس ملابس ثرية وجميلة ربما يبدو جذابا للعين لكن الملابس تخفي "الجمال" الحقيقي للشخصية. في تحليله للفن يجسّد ارسطو الرؤية بان هدف اللوحة هو ان تعطي فقط متعة مرئية مباشرة ولذلك كانت رغم جاذبيتها للعين،ليست جمالا حقيقيا. طبقا لأرسطو الجمال هو أعلى من المفيد والضروري. هو يرى ان المهارات المفيدة مثل القراءة والكتابة والرسم تسمح للمرء للإحساس بالجمال لكنها ليست جميلة بذاتها. وان الأشياء المساعدة في هذا،مثل الكتاب او القلم هي ليست جميلة في ذاتها  وانما هي تقود للعثور على الجمال. مقابل هذا يستعمل سقراط فائدة الاشياء في تعريف وترسيخ جمالها. فمثلا،الشجرة الكثيفة الأوراق هي جميلة ليس بسبب جاذبية الأوراق الخضراء او البراعم وانما بسبب انها تعطي الظل الى كل من يجلس تحتها. الوقاء الذهبي هو قبيح لأنه لايعمل جيدا كوقاء. سقراط يرفض فكرة ان شيء ما جميل لأنه يعمل جيدا، لأن الاشياء الشريرة رغم انها تعمل جيدا لكنها تبقى ليست اكثر من شريرة.

كل من الفيلسوفين وجدا الجمال في الرياضيات والعلوم . ارسطو قال ان "الهدف الرئيسي للجمال هو النظام والتناسق والوضوح" وادّعى ان العلوم أثبتت هذا في كل مكان . هو وجد جمالا كبيرا في "النسبة الذهبية" او الوسط الذهبي والتي هي صيغة رياضية موجودة في كل انحاء الطبيعة، مثل نمو الاصداف وجسم الانسان. سقراط جادل بان هناك بعض الاشياء الجميلة جميلة بفعل طبيعتها فقط. "الخط المستقيم والدائرة والأشكال المستوية والأجسام الثلاثية الأبعاد المتكونة من تلك باستخدام المقاييس  والمسطرة ونماذج الزوايا". هذه كما يقول ليست نسبية وانما هي دائما جميلة. انها تعطي المتعة، ولكن ليس كمتعة الشطب او الحك. انها ثابتة.

 

حاتم حميد محسن

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم