صحيفة المثقف

بكر السباتين: تذكروا هذا الراحل الكبير.. "أريك مليغان" ومذبحة الدوايمة في اسكتلندا"

بكر السباتينبلدية أدنبرة كانت قد أحيت الذكرى الخمسين لمجزرة الدوايمة لأول مرة في ٢٩ أكتوبر ١٩٩٨حيث قام رئيس بلدية أدنبره آنذاك “أريك مليغان” بالتنسيق مع منظمة التحرير الفلسطينية بزراعة شجرة أطلق عليها اسم “الدوايمة” تعبيراً عن رفض الشعب البريطاني في اسكتلاندا لكل المذابح التي جرت في فلسطين عام النكبة وتم اختيار اسم مجزرة الدوايمة كونها كبيرة واكتشفت حديثاً بحيث لم تأخذ حقها التاريخي، وما زالت الشجرة منتصبة مكانها وظليلة كرمز لكل المجازر التي وقعت في فلسطبن إبان النكبة، حيث أقامت البلدية أمامها نصباً تذكارياً ما زال موجوداً ويعبر عن استيقاظ الضمير الإنساني عند شعب حي يستنكر مسؤولية بلاده "بريطانيا" عن ضياع فلسطين التاريخية، فكانت مناسبة إحياء ذكرى كل مذابح فلسطين عام ثمانية وأربعين باسم مذبحة الدوايمة ، وبوازع إنساني محض، يُذَكِّرُونَ الضميرَ الإنسانيَّ المُغَيَّبْ بما جرى في فلسطين من ظلم على يد خفافيش الظلام، فيما تتجه القوى المتحالفة في إطار معاهدات السلام وخاصة "الإبراهيمية" نحو مسح اسم فلسطين من الذاكرة العربية التي يتم اغتيالها حتى على "جوجل".

ولنفس المناسبة دشنت بلدية ادنبرة قبل ثلاثة أعوام يوم الاثنين الموافق ٢٩ أكتوبر ٢٠١٨، نصباً تذكارياً في حديقة “ريغنت رود” بمناسبة مرور سبعين عاماً على المجازر التي ارتكبتها العصابات الصهيونية في فلسطين عام ثمانية وأربعين، وقد اتخذ هذا النصب الذي أقيم تحت عنوان “مجزرة الدوايمة” الشهيرة ليعبر عن تضامن الشعب البريطاني مع الحق الفلسطيني المهدور.

نشطاء في بريطانيا يحييون هذه المناسبة في نهاية اكتوبر من كل عام - تقريباً- كان آخرها قبل أربعة أعوام ٢٠١٨ ويزورون موقعي النصبين حاملين العلم الفلسطيني، وعلى رأسهم المناضل الفلسطيني د يوسف قنديل.

وما يثير الاستهجان أن الدول العربية نفسها شاركت بعد عام من هذه المناسبة، بتاريخ ٢٧ يناير ٢٠٢٩ في الصلاة على النصب التذكاري لمذابح الهولوكوست اليهودية في اليوم العالمي لإحياء هذه الذكرى التي بولغ في تضخيمها لغايات دعائية، وكأن الدم الفلسطيني من ماء..

ووقعت مجزرة الدوايمة في 29 أكتوبر عام 1948 خلال عملية "يوآف"، التي نفذتها القوات الصهيونية من كتيبة الكوماندوز رقم 89 التابعة للجيش الإسرائيلي. تألفت الكتيبة من جنود خدموا في منظمتي شتيرن والإرجون. وهم هاجموا قرية الدوايمة بقيادة موشيه دايان وزير الدفاع لاحقا، أثناء الحرب العربية الإسرائيلية. لم تواجه القوات هناك سوى مقاومة قليلة لكنها قامت بتنفيذ مذبحة بحق أبناء القرية.

وقدر المؤرخ الصهيوني بيني موريس عدد القتلى بمئات الأشخاص. وقال الجنرال جون باغوت غلوب، القائد البريطاني للجيش العربي الأردني، ان العدد المعلن للقتلى أقل بكثير من الأرقام الحقيقية، مشيراً إلى تقرير الأمم المتحدة عن مقتل 30 امرأة وطفل.

وأفاد تقرير لاحق قدمه وفد من مؤتمر اللاجئين العرب إلى الأمم المتحدة "أن الفيلق العربي كان له مصلحة في تقليل عدد قتلى المذبحة، التي كانت حسب زعمه أسوأ من مذبحة دير ياسين، وكان ذلك من أجل تجنب مزيد من الذعر وهروب اللاجئين."

من جهته، قدر مختار القرية حسن محمد هديب، الذي شاهد المجزرة بنفسه ونجا منها، عدد القتلى بـ 145 شخصا.

والمختار هديب كان قد ساهم في الكشف عن موقع وتفاصيل المجرة لصحف إسرائيلية عام ١٩٨٥..

والآن تتحول هذه الجريمة الإنسانية إلى رمز إنساني يذكر بوحشية الصهاينة، ومفردة تاريخية وسياسية وقانونية ثابتة في ملف القضية الفلسطنية.. وذاكرة لا تبور.

 

بقلم: بكر السباتين

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم