صحيفة المثقف

قاسم محمد الياسري: بين إرضاء الذات وإحتياجات الحياة

قاسم محمد الياسريبما أننا بشر نتعامل في حياتنا مع المواضيع إعتمادا على تجاربنا الذاتيه ومعانيها الشخصية ومعيارنا الاخلاقي ستكون ماهية المواضيع نسبية لا مطلقة وأما المعنى الكامن وراء السلوكيات الفرديه سيكون متغيرا لا ثابتا وفق البيئة المجتمعية فكل منا يمتلك حياته الفكرية الخاصة به ويحاول إثبات وجوده في مجتمعه وفق منظوره الفكري وزاوية رؤيته للاحداث وإختلاف الأحكام التي تميزه عن الآخرين فجعلنا مصادرثقافتنا لكل فعل إجتماعي مختلفة عن الاخرين فاذا إختلفت أحكام الفاعل إختلفت صفات الفعل.. فنحن كأفراد نعيش اليوم في مجتمعنا حالة عدم رضا الذات ونجد صعوبة في التصالح مع ذواتنا وتلبية رغباتها ومطرقة الحياة واحتياجاتها وصعوباتها ووحشيتها تحيطنا من كل جانب والتي هي أسوا ماقد يمربه الإنسان في حياته حيث غالبا مايظهرعلى النفس بشكل أوبآخر إضطرابات نفسية تجعلنا غيرمدركين لما نريده بشكل واضح فتفاعل كل إنسان مع محيط حياته البيئية بكافة صورها يجعل تصرفاته في هذا التفاعل ينعكس داخليا على النفس وبمساعدة الجينات التي يحيط بها ضعف الارادة  فيجد كل فرد نفسه يعيش في صراع بين مطرقة الحياة وحاجاتها وإرضاء الذات ورغباتها أو إرضاء الآخرين وهذا يخلق تعقيدا داخليا يتضمن تضادا وصراع مابين الذات والآخرين في هذه الحياة مما يصعب ترتيب أوراق الذات الداخلية فيجد كل فرد نفسه وبدون وعي منه يعيش في حالة عدم الرضا عن ذاته وايضا يجد نفسه في سباق مارثوني يخوضه في حياته من خلال هذا الزمن الصعب المتغيروالذي أقسم أن يحبس أنفاسنا ورغباتنا التي نمنيها بالأمن والأمان بعيدا عن القلق ونحلم بالتفوق على كل الصعوبات التي تواجهنا. فاليوم نسبة عالية من مجتمعنا مصاب بهذيان نفسي وكأننا نتحدث مع ذواتنا ونلجا أحيانا الى أن نكتب أسطرمن حياتنا كقصص عن الزمن الذي كنا فيه نفرح ونحب ونتوادد بدفء ولذة وجدانية للاسف إنتهى برحلة تيه وضياع نعيشها اليوم إنه الهذيان النفسي الذي تراكمت نتائجه تحت مظلة هذه الحياة البائسة في هذا الزمن الخرب. فهواجسنا مافتئت تنفخ بتخوفنا فتدفعنا للوقوع في أكثرمن إنهيار في حسابات هذه الحياة وسط فقدان أحلام السعادة والتوادد والحب الذي صفقت لهم غرائزنا بقلوبنا وتسللت لها حمى عشق الحياة الحالفة أن تقبض على أرواحنا وتكتم على رغباتنا.. فتدهورت أحوالنا النفسية وأفضت الى نتائج كارثية جعلتنا نموت ببطئ وسط سلوكيات مضطربة متعددة ترتفع نسبتها مع مرور هذا الزمن الصعب واحداثه فزاد التفكيرمن حدة تأثرنا والتشكيك بأحاسيسنا.. إنه جنون من التحدي الذي يزج بنا الى سجن الاكتئاب وما محاولاتنا للتمرد على صوتنا المكبوت الذي وجد له ملاذا في جيناتنا الى جانب الصعوبات التي نواجهها والتخبط في واقع تحديات الحياة واحتياجاتها التي عصفت باستقرارنا النفسي.. وهنا لا يمكننا الحكم على رحلة حياتنا بالسوداوية بل هي الاضطرابات النفسية المتظامنة مع ضعف الارادة في الجيات وفقدان الرغبات بخراب النفس الذي نحمله يقودنا ويدفعنا الى التفكيركثيرا بالمجهول القادم بين كآبة ودموع وتقلبات مزاج تدفعنا للانحدار وعدم الإستقرار في حياتنا العامة وسط رعب وخوف فزجت بالكثيرمن أفراد مجتمعنا لإرتكاب حماقات وإقتراف أخطاء لا يمكن تجاهلها او الصفح عنها أو القفزعليها.. نعم إنها الحياة ولعبة الزمن المخيف التي تزين أحلامنا بموعدنا الآتي معها فأذا بها (تَضربُ أوتُضربْ) بفتح التاء اوبضم التاء لتنذرنا بما هو آت في هذه الحياة التي نحبها أكثر من أي شيئ في الوجود.ومشكلتنا أن هذه الحياة تعرف من أين تؤكل أكتافنا.وهي تضحك في وجوهنا نحن الحالفين أن نزهد فيها زهد الباحثين عن السعادة الحقيقية وهي تنظر إلينا أحيانا بنظراتها التحذيرية الواعدة وتارة ترجمنا بالحجر نحن المنقادين إليها إنقياد العبيد في زمن الجبابرة.. لقد بلغ بنا تشظي الروح وتمزق الذات مبلغه في رحلة الهوس الى أبعد مافي النفس من القدرة على العطاء فكيف لنا أن نتجاوزعقبة الخوف في سلالم التأمل بالنجاح والحذر من الوقوع في حفرة الفشل.. ففي ظل صراع وتسارع التفاعل مع محيط الحياة لإرضاء رغبات الاخرين الصعب مع إهمالنا لذواتنا ورغباتنا نحن.. فهل من الممكن مصارحة ذواتنا والتصالح معها حيث نظن إننا نفهم ذواتنا دائما بالقدرالذي يجعلنا نتوافق معها الحقيقة لا ليست كذالك لاننا لو نظرنا الى تصرفاتنا وسلوكنا بشكل أكثر تحليلا نجد أن طريقة تعاملنا في هذه الحياة مع رغبات النفس والاخرين هوالخيط الذي يكشف حقيقة ضعف الارادة في جيناتنا لأننا لم نعش بتناغم وإنسجام بين إنفسنا وسلوكنا إضافة الى صعوبة إتخاذنا القرارالذي يصنعه تفاعلنا مع بيئتنا الاجتماعية في محيط حياتنا فالذات لها رغباتها والحياة لها احتياجاتها التي لا بد منها بالتوازي في عالم اليوم كل لا يتجزأ لكن وبالتاكيد رغبات الذات أولا. لأن الحياة احتياجاتها حتمية وهي من يستدرجنا إليها كاستدراج الموت الى مقبرة الاجساد الهاربة من موعدها مع تراب القبر ومن هنا وجب علينا الإختيارمابين غرائزعزة أنفسنا وإذلالها نحن المتوددون الى مرمى أرواحنا كتودد العبد المسكين لسيده. ولا نبخل من القول في جنازة الرحيل الممتد على مساحة نعش الحياة مع كلماتنا الاخيرة بطلب الرحمة بعد أن يسدل ستار مسرح الحياة وينتهي فتح الباب للرياح الامارة بالانتصارالنفسي نكاية في شهوة الحياة تلك التي نستسلم لسوطها إستسلام الميت لحفار قبره.فباتت قناعتنا في هذه الحياة أننا مسيرين بإختيارنا ورغبتنا وارادتنا حتى نصل الى الموت ذالك الحاضرالغائب والحقيقة التي نحاول أن ننكرها أو نتهرب منها في دوامة الحياة واحتياجاتها ويبقى الموت يقبع بعيدا ينظرإلينا ويتصيدنا من وقت لآخر ليسلب من أرواحنا فرحتها فيطرق حياتنا بمطرقته فنتصدع أسفا على أحبة غادروا ورحلوا عنا ثم مانلبت أن نعاود الهروب بسلوكنا مع مغريات هذه الحياة ويعاود الموت يطاردنا لتدورعجلة الحياة هكذا على هذا المنوال كل منا ينتظر ساعته ولا خيار لنا سوى الإستسلام لأمواج الحزن في هذه الحياة  وصعوباتها التي تعصف بنا من كل جانب...

 

د. قاسم محمد الياسري

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم