شهادات ومذكرات

إسلاميو السلطة (127): مقتدى الصدر في منظومة الفساد العراقي

salim alhasaniلم تتوقف الرسائل الخاصة التي تصلني حول ما كتبته في الحلقة (119) عن رغبة السيد مقتدى الصدر بأن يكون رئيساً لمجلس الحكم الذي شكله الحاكم المدني بول بريمر، وأنه وافق بعد ذلك أن يكون (فاضل الشرع) ممثلاً مشتركاً له وللشيخ اليعقوبي في المجلس.

 ...

يعرف المتابعون حجم الانفعال الذي غلب على أتباع السيد مقتدى الصدر، مع أني ذكرت التفاصيل بالأسماء، وأعود هنا للإجابة على تساؤلات الاخوة في رسائلهم الخاصة، بأن المعلومة صحيحة كما وردت في الحلقة رقم (119)، ولم يصدر حتى الآن أي تكذيب منهم وهم (إبراهيم الجعفري، فالح الفياض وعدنان الأسدي) كما يمكن الرجوع اليهم للتأكد مما كتبت، علماً بأني تناولتهم بالنقد في حلقات عديدة، مما يفتح لهم المجال للتشكيك فيما اكتب.

واضيف على ذلك ان مكتب السيد مقتدى الصدر يحتفظ بتسجيل اللقاء، وهذا أمر معروف عن تسجيل لقاءات السيد بالفديو. وفي قضية مهمة بهذا المستوى، فان من مصلحة مكتب السيد مقتدى نشر اللقاء ليكون بذلك حجة دامغة لا نقاش فيها ولا تأويل، فهي أقوى وثيقة لبيان الحقيقة. ولو ثبت ذلك خلاف ما ذكرت، فأني سأتوقف عن الكتابة في هذا المجال، بل سأكرر الاعتذارات للسيد مقتدى الصدر، ويعرف المتابعون الكرام، أنني اعتذرت من قبل عن معلومتين في هذه السلسلة، الأولى حول دخول سيارات وزارة الخارجية الى مطار بغداد لنقل عائلة من أقارب الجعفري، وكان الصحيح هو وقوف السيارات خارج المطار، والثانية عن مشاركة بهاء الأعرجي ومحمد صاحب الدراجي في تظاهرة الجمعة.

 ...

إن رغبة السيد مقتدى الصدر في تولي رئاسة مجلس الحكم، ومن ثم قبوله المشاركة فيه من خلال ممثل، لا يختلف كثيراً عن مشاركته في العملية السياسية التي صممها الاحتلال الأميركي، فلقد شارك ممثلوه في الجمعية الوطنية، وساهموا في كتابة الدستور الذي وضعه المحتل، وكان له عدد من الوزراء في الحكومات المتعاقبة وهي حكومات خاضعة لإرادة المحتل حتى خروجه نهاية 2011.

لقد انساق السيد مقتدى الصدر مع الامتيازات شأنه في ذلك شأن بقية القادة، فقام بزيارة ملك السعودية وأمير قطر وغيرهما في خطوة لا تناسب تاريخ وجهاد والده الشهيد الصدر الثاني. مع سطوع الحقيقة الكبرى بأن السعودية وقطر من أكثر الحكومات عداءاً للشيعة والعراق، وهما مصدر الإرهاب الأول مالياً وفكرياً وتحشيداً.

كما أن موكب السيارات الفخمة، أخرجه عن صفة القائد الذي يعيش هموم الجمهور، ويشارك بساطتهم. الى جانب الغموض الذي يلف موضوع الطائرة الخاصة التي انتشرت صورها على مواقع التواصل الاجتماعي واضعها في نهاية المقال.

 ...

لقد أضاع السيد مقتدى الصدر، فرصة القيادة الحقيقية، ورضي أن يكون مثل غيره، شعارات كلامية، وخطوات استعراضية، وهي في النهاية جهود مؤقتة، مرهونة بالمستوى الثقافي لأتباعه، ومرتبطة بمستقبل القضاء، فاذا ما تغيرت منظومة القضاء الفاسدة حالياً، بمنظومة صحيحة، فانه سيكون واحداً من المتسترين على الفاسدين في ملفات سرقة المال العام، وبذلك تنتهي زعامته، مثلما تنتهي الزعامات الأخرى.

 ...

فعلى سبيل المثال لم يتعامل السيد مقتدى الصدر بجدية مع بهاء الأعرجي، مع أن ثراء الأعرجي المتفجر والطارئ لا يحتاج الى دليل بعد العام 2003، وحتى إجراء استدعائه الى مكتب النزاهة التابع للتيار، لا يمكن أن يكون مقنعاً، ما لم يسفر عن اجراء حقيقي يكشف سرقاته من الدولة، في حين ان الذي اعلنه المكتب هو الطلب من ذوي الحق الشخصي تقديم شكاواهم ضده، وهذه قضية ثانوية جداً قياساً بالمال العام الذي استولى عليه بهاء الأعرجي من قوت الشعب.

ان السيد مقتدى الصدر تبنى بهاء الأعرجي واعتبره شرطاً لدعم حكومة العبادي، وذلك بتعيينه نائباً لرئيس الوزراء، وليس أقل من ذلك.

والى جانب بهاء الأعرجي، تم إقفال ملف الوزير محمد صاحب الدراجي، كما أهمل السيد مقتدى فساد وجرائم النائب حاكم الزاملي والتي لا تزال ملفاتها عالقة في المحاكم، لأن أي قاض يفتح ملفات الزاملي في الاختطاف والقتل، يتعرض لتهديد مباشر بالتصفية الجسدية هو أو عائلته.

 ...

إن المطلوب من السيد مقتدى لكي يثبت جديته في الإصلاح، أن يخطو خطوة حقيقية، باتجاه تغيير القضاء، مع قدرته الجماهيرية على ذلك، فبإمكانه ان يدعو الى تظاهرات مستمرة والى اعتصامات جادة، لا تنتهي إلا بإصلاح القضاء، وهذا أمر متاح له حالياً، وبمقدوره فعله ببساطة فيما لو أراد ذلك حقاً، بعد أن أثبت قدرته على تحشيد جمهور عريض خلال تظاهرات الجمعة.

هذه حقائق مهمة، يجب أن يقف عندها المواطن في محاكمة عقلية موضوعية، بعيدة عن الانفعال العاطفي، والارتباط التبعي الساذج.

اختم مقالي بصورة الطائرة الخاصة، وهي صورة تثير الشكوك.

 

د. سليم الحسني

...................

للاطلاع على جميع مقالات: إسلاميو السلطة للدكتور سليم الحسني

http://almothaqaf.com/index.php/special/895570.html

 

 

 

في المثقف اليوم