شهادات ومذكرات

محمد مهدي كبة وتأسيس حزب الإستقلال

ali almirhigتأسس حزب الإستقلال في عام 1946، مؤسسه هو محمد مهدي كبة ذو الأصول النجفية، المولود في سامراء عام 1900.

كان من المعجبين بآية الله العُظمى محمد تقي الشيرازي، زعيم الثورة العراقية الديني ضد الإنكليزي، والذي كان يعيش أيضاً في سامراء، التي إحتفظت بحضورها وتأثيرها الديني في ذلك الزمن.

إنتقل في عام 1918 للسكن في مدينة الكاظمية، وكانت تربطه علاقات حميمة بآل الخالصي، التي كان عميد أسرتها آنذاك "الإمام المجاهد محمد مهدي الخالصي"، وأحد مراجع الدين والتقليد عند الشيعة. وقد إشترك في حركة الجهاد الأولى ضد قوات الغز البريطاني للعراق، في الحرب العالمية الأولى. وبعد إحتلال بريطانيا للعراق سعت إلى تحجيم دور الخالصي الوطني وأصرت على نفيه خارج موطنه، فتوجه لإيرا التي رحبت به.

دخل محمد مهدي كبة مُعترك السياسة، وقد رشح نفسه للإنتخابات في دورة مجلس النواب الثانية التي جرت في عهد وزارة عبدالمحسن السعدون.

كان أحد الأعضاء البارزين في الحزب الوطني بعد إقناع المرحوم محمد جعفر أبو التمن لدمج حزب محمد مهدي كبة "الحمعية الوطنية" الذي أسسه عام 1928 مع الحزب الوطني، لإشتراكهم في الأهداف والمقاصد والغايات.

كان الحزب الوطني في ذلك الوقت الممثل الأبرز لطموحات الشعب، لأنه الحزب الوحيد الذي تبنى شعار الإستقلال التام والسيادة الوطنية، والدفاع عن حرية التعبير.

لم يُرشح نفسه في إنتخابات مجلس النوا، لكنه فاز بها إبّان تسنم المدفعي لرئاسة الوزراء عام 1937!!.

كانت الأحزاب الفاعلة في تلك المرحلة هي:

- الحزب الوطني برئاسة أبو التمن، وقد كان شديد المعارضة للإحتلال، وقد تآلف مع جماعة الأهالي، ممثلة بعبد الفتاح إبراهيم ومحمد حديد وكامل الجادرجي وغيرهم.

- حزب النهضة برئاسة أمين الجرجفجي، وقد ضم فريقاً من التجار والكسبة وغيرهم، ولم تكن له قواعد شعبية واسعة.

- الحزب العراقي الحُر برئاسة محمود النقيب، وهو حزب الفئة التي كانت تُمالئ الإنكليز، وتعمل على تنفيذ مُخططهم الجديد لحُكم العراق، بعد قيام الثورة العراقية.

- حزب الشعب وكان زعيمه ياسين الهاشمي.

- حزب التقدم بزعامة محسن السعدون.

- حزب العهد العراقي بزعامة نوري السعيد.

وبعد إنقلاب بكر صدقي عام 1936 تأسس حزب الإصلاح السعبي بإعتبار أنه حزب الحكومة، وقد ضم إلى جانب العناصر اليسارية المتطرفة "الشيوعية"، عناصر يسارية مُعتدلة، وأُخرى برجوازية وطنية.

أسس محمد مهدي كبة حزب الإستقلال في عام 1945، وقد أجيز من قِبل السلطات في19/4/1946.

- محمد مهدي كبة (رئيساً).

- اللواء إبراهيم الراوي (نائباً للرئيس).

- داوود السعدي (مُعتمداً عاماً).

- فائق السامرائي (أميناً عاماً).

- خليل كنه (نائباً أولاً) للمُعتَمد العام.

- عبدالرزاق الظاهر (نائباً ثانياً للمُعتَمد العمدام).

- إسماعيل الناعم (مُحاسباً عاماً).

- عبد الرحمن عبدالخضر (أميناً للصندوق).

والأعضاء العاملين فيه من جميع محافظات العراق.

فهو حزب وطني بكل ما تعنيه كلمة وطني، فهو ضد الإحتلال وضد سياسة كبت الحريات، ومع الشعب في نضاله ضد الإحتلال.

من مراميه وأهدافه الداخلية: تنمية الوعي السياسي عند الجماهير العراقية والدفاع عن الحريات، وتكفله بتبني المساواة بين جميع المواطنين بما فيها المساواة بين الجنسين في الحقوق والواجبات.

وفي السياسة الخارجية كا ن جُل هم أعضاؤه هوتنمية الوعي القومي والدفاع عن عروبة فلسطين. وتفعيل دور الجامعة العربية.

نقد حزب الإستقلال ضعف الدولة في تطبيقها لمضامين الدستور وتبنيه لدعوة الحكومة لتبني الدستور لا قولاً وكلاماً مسطوراً بين طيا أوراقه، وإنما من خلال فاعلية حقيقية للحكومة ترد فيها على "المارقين" وفق ضمانات تتبناها أهمها:

1- إعتبار مُخالفة الدستور جريمة يُعاقب عليها بجريمة جنائية.

2 - تقرير دستورية القوانين، ورفض كل القرارارات والتعليمات التي تُصدرها الهيئات المستقلة إن كانت مُخالفة للدستور.

3- رفع الحصانة عن الموظفين، ومحاسبة الكبير منهم والصغير وإن رفض ذلك مسؤوله أو الوزير.

4- الدفاع عن حرية التعبير والكلام، ولا مبرر لقمع هكذا نوع من حرية التعبير إلّا وفق مُقتضيات القانون.

5- حُرية الإنتخاب والتصويت، ومنع تدخل الأحزاب الحاكمة أو الأحزاب القوية من توجيه الناخبين وفق سياسة "الترغيب أو الترهيب".

6- إلزام الحكومة بتعويض المُتضررين جرّاء إدارتها الفاشلة لمكل الملفات، بما فيها ملفات: الفساد والأمن والعمران.

7-:إستقلال القضاء، وهو أمرُ مُلزم لتعديل مسار الحكومة والدولة، ولكننا منذ زمن الحُكم الملكي مروراً بمُحاكمات المهداوي، و مُحاكمات محكمة الثورة وصولاً لمدحت المحمود في تسييسه للقضاء ليكون مطية بيد المالكي، لنجد مشعان الجبوري بين ليلة وضُحاها ضحية، وكل ماجنى من أموال السُحت الحرامة حلالٌ، لأنه يُجيد اللعب على حبال سرك الحياة.

8- إصلاح أداة الحُكم، فمن أسباب إخفاق الحياة الدستورية في العراق هو أننا أنشأنا نظاماً دستورياً على أنقاض نظام إداري مُختل.

9- التنظيم الاقتصادي وتحقيق العدل الاجتماعي:

وهذا أمرٌ ضروريٌ لا تنفع في تحقيقه المساواة النظرية أمام القانون، ولا يكفي القول بوحود فوارق اقتصادية في المجتمع، لذلك لا بُدّ من مُساواة الأفراظ في إمكانية الحصول على العمل والإنتاج لتأمين حياة كل فرد ورفاهيته. وتحقيق ذلك يتطلب نهضة اقتصادية شاملة.

10- تنظيم العمل لكل االعراقيين بما يضمت للفقراء منهم العيش الكريم.

11- جعل الجيش كياناً مُستقلاً لا يأتمر إلّا بأوامر رئاسة أركانه.

12 - التربية القومية، وتنمية الوعي العروبي، عبر إصلاح منظومتي التربية والتعليم بما يخدم الأمة بمفهومها المُعارض لسياسات المُستعمِر.

وإستمر حزب الإستقلال بزعامة محمد مهدي كُبة حريصاً عل تطبيق مُنطلقاته القومية والوطنية.

 

د. علي المرهج

.................

راجع: محمد مهدي كُبة: مُذكراتي، دار الطليعة، بيروت - لبنان، ط1، 1965.

وكتاب: فؤاد حسن الوكيل: جماعة الأهالي، دار الرشيد، بغداد - العراق، ط2، 1980.

 

 

في المثقف اليوم