شهادات ومذكرات

كامل الجادرجي والحزب الوطني الديمقراطي

ali almirhigولد كامل الجادرجي في بغداد عام 1897، تولى منصب أمين العاصمة لعدة مرات.

كان هو ووالده من أشد المعارضي لإحتلال الإنكليز للعراق، ولما نشبت ثورة 1920 شاركا فيها، فنُفيا وبقية أفراد العائلة إلى الإستانة.

في عام 1926 عُين بعد السماح له بالعودة معاوناً لوزير المالية للشؤون التي تتعلق بالبرلمان.

في عام 1927 أُتخب نائباً في البرلمان.

في عام 1930 إنتمى لحزب الإخاء الوطني الذي يرأسه ساسين الهاشمي، لكنه تركه في عام 1933.

إنضم لجماعة الأهالي في العام ذاته ممثلة بجمعية الربطة التي أسسها مجموعة من الشباب العراقيين الذين درسوا في الجامعة الأمريكية ببيروت أهمهم: عبدالفتاح إبراهيم و محمد حديد وجميل توما ونوري روفائيل.

إنضم لتشكيلات الحزب السرية مع جماعة الأهالي للتحركات التي كان يقوده الزعيم الوطني المعروف "جعفر أبو التمن".

أيد إنقلاب بكر صدقي في عام 1936، وقد إشترك الجادرجي بوزترة الإنقلاب.

إختلف هو وجعفر أبو التمن مع بكر صدقي وإستقالا من وزارته.

في أيلول من عام 1942 أسس صحيفة "صوت الأهالي".

في عام 1946 أسس هو محمد حديد وحسين جميل "الحزب الوطني الديمقراطي".

كان هذا الحزب معارضاً لسياسة الدولة آنذاك، ولعب دوراً بارزاً تحشيد الجماهير ضد معاهدة بورتسموث.

في عام 1949 قدمه نوري السعيد للمحاكمة، وحُكم عليه بالسجن مع وقف التنفيذ وسد جريدة "صوت الأهالي".

في عام 1950 تولى رياسة جمعية الصحفيين التي سعى جاهداً هو وعدد من الصحفيين لتأسيسها ل هذا التاريخ.

في عام 1951 لتكوين جبهة وطنية ممثلة بالحزب الوطني الديمقراطي وحزب الجبهة الشعبية الذي من أقطابه طه الهاشمي ومحمد رضا الشبيبي.

بعد إلغاء نوري السعيد للأحزاب في عام 1952، لم ييأس الجادرجي فسعى لتأسيس "حزب المؤتمر الوطني" بالإشتراك مع حزب الإستقلال ممثلاً برئيسه محمد مهدي كبة.

بعد ثورة 1958، إزداد أمل الجادرجي بالإصلاح، ولكنه أُصيب بنوبة قلبية في العام نفسه، وبع تحسن حالته الصحية لم يستطع الإعتزال ومغادرة العمل السياسي، ففي عام 1962 أشرف على جريدة "الوطن" وكان هو من يكتب مقالها الإفتتاحي.

شارك في العديد من النشاطات السياسية بعد هذا التاريخ، أهمها المذكرة التي قدمها عام 1963 حول الوحدة الإتحادية والمشروع الخاص بها الذي وضع في القاهرة العام ذاته. وكتب بياناً يُدين العدوان الإسرائيلي عام 1967.

توفيّ في عام 1968 على إثر نوبة قلبية حادة.

كان تاريخه حافلاً في كثير من المجالات، السياسية والصحفية والإدارية.

أهم المتبنيات المعرفي للجادرجي  وما أسماها "فلسفة الحزب" أي الحزب الوطني الديموقراطي فهي:

- إيمانه بالتقدمية: أكد الجادرجي عن تبني وحزبه للتقدمية، ولكنها ليست تقدمية شيوعية، ذات النزوع الثوري "الراديكالي".

- إيمانه بالإشتراكية التي تُشارك بها الأغلبية الواعية (ص140 من أوراق كامل الجادرجي)، أو ما أسماها "الشعبية" متفقاً في رؤيته هذه مع عبدالفتاح إبراهيم ومحمد حديد.

- إيمانه بالديمقراطية التي لا يرى أنها تتعارض مع نزوعه الإشتراكي، لأنه يرى أن الشيوعيين أنفسهم "يتاظهرون بالديموقراطية ويُجيزون إستعمالها لتحقيق مذهبهم" (ص182 مذكرات كامل الجادرجي) وإن كانت ديمقراطيتهم هي دكتاتورية البروليتارية ما دام المجتمع طبقياً. لذلك يدعو حزبه إلى إعتناق فلسفة "أقرب إى الإشتراكية الديموقراطية من أي مذهب تقدمي آخر' (ص183)، هي إشتراكية تسعى لتحقيق أهدافها بطريقة تدريجية، تبدأ بتأميم المرافق الحيوية للدولة وصناعاتها الجوهرية شيئاً فشيئاً، وتوجيه الدولة للشؤون الاقتصادية وفق تصميم شامل، وتحسين أحوال المجتمع عن طريق الضمان الاجتماعي والعدالة الاجتماعية وتوسيع الحريات الديموقراطية من دون التقيد بالثورة في سبيل ذلك. (ص183) فالديموقراطية كما يراها هي السبيل الأنجع للإصلاح طالما كانت الحكومة دستورية تؤمن بحق حرية التعبير، وفي حال سدت الحكومة منافذ التعبير الحر، فلا سبيل أمام حركات الإصلاح سوى اللجوء للقوة (ص186).

- دعى إلى أن تكونة فلسفته وفلسفة حزبه قريبة من نهج حزب العمال البريطاني، كونه "برهن على طبيعة تمثيله لمختلف الطبقات" (ص208)، وإن كان لا يؤمن بالسير وراء كل إطروحاته "حذو النعل بالنعل" كما يُقال، لأن ظروف نشأته المجتمعية تختلف عن ظروف مجتمعنا العراقي، وقد عارض الجادرجي وحزبه السياسة الخارجية لحزب العمال البريطاني "التي ما زالت تُسيرها النزعات الإستعمارية" (ص209).

- إيمانه بالبرجوازية أو الطبقة الوسطى "الإنتلجسيا" بعبارة الماركسيين، وبقدرتها على التغيير والتجديد وتنمية الوعي الجماهيري، لأنها هي " التي حطمت فكرة الحق الإلهي في صراعها مع الإقطاع" (ص104، من أوراق كامل الجادرجي).

- إيمانه وحزبه بالتعددية الحزبية، لأنها الشرط الأساسي في الديموقراطية، لأن في إلغاء التعددية الحزبية، إلغاء لحرية التعبير التي هي من أولى مقتضيات وجود الحكم العادل (يُنظر:ص142 من أوراق كامل الجادرجي).

عاش ومات كامل الجادرجي ممثلاً ل "صوت الأهالي" مُنادياً ومنافحاً عن حق الجماهير بالعيش بأمان وسلام وحرية.

 

......................

مصادر المقال:

1- مذكرات كامل الجادرجي وتاريخ الحزب الوطني، تقديم وتحرير: نصير الجادرجي، دار الطليعة، بيروت - لبنان، ط1، 1970.

2- من أوراق كامل الجادرجي، تقديم وتحرير نصير الجادرجي، دار الطليعة، بيروت - لبنان، ط1، 1971.

3- جماعة الأهالي في العراق: فؤادد حسين الوكيل،، دا الرشيد، بغداد - العراق، ط2، 1980.

 

 

في المثقف اليوم