شهادات ومذكرات

الأهواز.. مدينة التنوع الاجتماعي

شاكر الساعديخوزستان: هي إحدى محافظات إيران الإحدى والثلاثين، وتعني بالفارسية بلاد القلاع والحصون، إلا إن البعض من سكنتها صحح لي المعلومة وقال: خوزستان تتكون من كلمتين خوز تعني سابقا السكر وإستان تعني: مدينة أي - مدينة السكر - لكثرة ما يزٌرع فيها من قصب السكر، مركزها مدينة (الأهواز) أو كما يلفظها العرب (الاحواز) لان حرف الحاء(ح) ينطق هاء(ه) (H) بلغتهم الفارسية أحيانا، تقع خوزستان جنوب غرب إيران و تحادد العراق من جهة الشرق ولها حدود طويلة مع محافظتي (البصرة و ميسان) تقرب من (400) كم طول، تبلغ مساحتها (63213) كم2 وعدد سكانها (4،345،607) نسمة وتضم (20) قضاء، أما الأهواز فهي عاصمة ومركز محافظة خوزستان، يبلغ عدد سكانها (1،841،145) نسمة حسب إحصاء عام 2006 ومساحتها تبلغ (135)كم2.

وقد اجمع المؤرخون المسلمون إن شعب خوزستان خالط الكثير من الشعوب بسبب موقعها على الخليج العربي من جهة الجنوب وما تضمه من موانئ تجارية وثروة سمكيه وزراعية وما تحويه أرضها من ثروة نفطية هائلة اكتشفت عام 1908 منذ إن حكم الأهواز الشيخ خزعل ألكعبي (1897 - 1925) قبل استلام رضا خان زمام السلطة في إيران وبداية الحكم الإمبراطوري فيها ، خاصة المناطق المحاذية لحدودها مع العراق حيث توجد حقول نفط مشتركة بين البلدين في الفكه وابوغرب ومجنون، لدرجة كانت تظهر المدينة بما تحويه من أجناس وإشكال ولغات كمنطقة تجمع وان احتفظت بطابعها العربي - الإسلامي، مما اوجد جنسا خليطا متعددا لا هو بالعربي ولا هو من الأجناس الأخرى، هذا ما لحظناه من خلال كلامهم معنا، يتكلمون بلغة عربية ركيكة عبارة عن خليط من الكلام العربي - الفارسي وخاصة الشباب منهم، إما كبار السن فأنهم يتكلمون اللغة العربية الدارجة في الجنوب العراقي .

تلال – جذابة: بعد إن كانت مسرحاً للعمليات العسكرية في عهد النظام البائد أصبحت اليوم مركز استقبال للعراقيين الراغبين بالسفر إلى إيران عبر منفذ الشيب الحدودي في محافظة ميسان، مرورا بالشارع الضيق الذي يؤدي بك إلى ناحية (البسيتين) أو ما يسمى بالطريق العسكري الذي يوصلك إلى المدن الحدودية الإيرانية التي اجتاحها النظام السابق ووصل إلى ضفاف نهر الكرخة مقابل مدينة الشوش إذ دارت معارك طاحنة على تلك الأرض منذ عام 1980 حتى عام 1988 راح ضحيتها مئات الألوف من الطرفين كان أبرزها معارك (الشوش - دزفول)عام 1982 ... وهذا ما لحظناها عند دخولنا مدينة البسيتين وسوسنكرد (الخفاجية) والحميدية حيث مقابر ضحايا الحروب وصورهم معلقة في الشوارع العامة .

سائق التاكسي / سعيد / العربي الأصل يتكلم العربية بركاكة ويسال عن بعض الكلمات ومعناها ونحن نوضح له، يتجول بنا في المدينة من الصباح حتى المساء دون إن يفرض علينا مالا ويترك الخيار لنا، تتجسد فيه الأخلاق العربية الأصيلة عندما دعانا إلى وليمة غداء في بيته الواقع وسط المدينة واستقبلتنا زوجته دون إن نعرف منها كلمة واحده سوى السلام لأنها لا تجيد العربية .

نهر الكارون: يخترق المدينة من الشمال الغربي مروراً بوسطها حتى الجنوب الشرقي منها مما اوجد ساحل طويل في مركز المدينة يضم حدائق ومتنزهات وزوارق نهرية للسياحة، أصبح متنفس للزائرين تجد فيه التحرر الكامل للمرأة الإيرانية وهي تتناول النارجيلة مع زميلاتها بكل حرية، تسحب منها الأنفاس الطويلة وتنفذها في الهواء.

والمرأة الاهوازية تهتم بأناقة ملابسها وشكلها فتجد الكثير منهن تعمل عملية تجميل للأنف وكأنها ظاهرة حضارية حديثة عند المرأة الإيرانية، ومحاولة لتقليد المرأة الأوربية ووسيلة للتحلي وجذب الشباب والزواج بمن تهوى بدلا من تقوقعها في دائرة ضيقة أو بقائها خارج المنظومة الحضارية .

فيها أسواق حافلة ومنها تُحمل السلع إلى الجنوب العراقي بواسطة منفذي الشيب والشلامجة الحدوديين، وأسواقها مجهزة أحسن تجهيز فكل شيء متوفر ويباع بأسعار زهيدة باستثناء المستورد منه أو ما يطلقون عليه - خارجي - فانه غالي الثمن، وتشاهد العوائل في الحدائق العامة والكازينوهات والمطاعم يتناولون أطايب الطعام على شكل جماعات وبكميات وفيرة ، مما يدلل على الرخاء العام والكياسة في الرجال والمروءة في النساء وحدت سلوكهم وجعلت المدينة مركز للسرور والبهجة، رغم الحصار الدولي المفروض عليهم وهبوط العملة الإيرانية - التومان - نحو الأدنى، ولكن حال الناس يقول: لقد أصبح عندنا اكتفاء ذاتي فأصبحنا نأكل ما نحصد ونلبس ما ننسج ونشرب ما نعصر .

مدينة الأهواز: هي السوق الرئيسي لمقاطعة خوزستان وهي مدينة واسعة الشوارع ذات سهل زراعي خصب منبسط والمناخ فيها حار لذلك ينمو النخيل بكميات كبيرة في مناطقها ويصنع فيها السكر من القصب والحنطة والشعير والذرة هما الإنتاج الزراعي الرئيسي وسكانها العرب يعيشون على السمك والتمر، وهي ليست كبيرة على قدر ما لكنها جميلة، فيها مباني عالية من الحجر ذات طوابق متعددة ونوافذ كثيرة وكلها مبنية على الطريقة الإيرانية التي تعتمد الحديد كقواعد في البناء بدلا من الخرسانة .

وأهل - الأهواز - كخليط بشري يرتدون الملابس العربية المعروفة والأغلبية ترتدي القميص والبنطلون، ونسائهم تلبس الزى العربي العباءة العربية أو الإسلامية كما يسمونها وخاصة الريف الاهوازي المحاددة للجنوب العراقي، إما المرأة الاهوازية في مركز المدينة فان الأغلبية الساحقة منهن ترتدي القميص الطويل والبنطلون وتضع الشال على رأسها وهو يغطي نصف شعر الرأس والنصف الأخر في الهواء الطلق .

سوق الجمعة: وسط المدينة يمتد على مسافة طويلة يفتح أبوابه صباحا لبيع السلع القديمة والجديدة يشبه سوق الجمعة عندنا حيث ملابس أهل الخليج العربي المستعملة تباع هناك لان اغلب البائعين والمتبضعين هم من العرب، وتباع الكاسيتات العراقية لعبادي العماري وحاتم العراقي وياس خضر وغيرهم، تصدح بصوت عالي وسط السوق الذي يقفل أبوابه عصرا وهي تقول (إعزاز عدنا ومن هويناهم هوينا الناس كلها) .

والى جانب الأهواز قصبة محافظة خوزستان، هناك مدن أخرى مهمة كعبادان المعروفة بمصفاة النفط، ومدينة شوش دانيال وديزفول، وغيرها.

 

شاكر عبد موسى الساعدي / العراق - ميسان

 

في المثقف اليوم