نصوص أدبية
يحيى السماوي: بتلتانِ من بستان القلب
أنا آثِمٌ ما دامَ يُرضيكِ اتِّهامي
فاطرديني إنْ رغبتِ من الفراديسِ
احْرميني من قطوفِكِ والنِّعَمْ
(1) عامٌ وبعض العام وهو مُعَطَّشٌ
الـسـومـريُّ الـصَّـبُّ / طـفـلُ الـنـخـلِ
حـارسُ خِـدرِ " إيـنـانـا " (*)
الـمُـبَـشِّـرُ بـالـهُـدى والـنـورِ والـمـحـرابِ
والـحـقـلِ الـبـتـولـيِّ الـسـنـابـلِ
والـصـلاةِ
وبـالـكـمـنـجـةِ والـنـغَــمْ
*
وبـشـمـسِ أوروكَ الـجـديـدةِ
والـمُـضـيءِ مـن الـقِـيَـمْ
*
هـذا الـبـريءُ الـمُـتَّـهَــمْ :
*
بـخـطـيـئـةِ الـتُّـفّـاحـةِ الـشـقـراءِ ..
أقـسـمَ أنـهُ لـم يـقْـتَـطِـفْـهــا ..
كـان مَــسَّ الـغـصـنَ مــنـهــا
واسْــتـطـابَـتْ قـضـمَـهـا عَـيـنٌ وفَـمْ
*
لـكـنـهُ
قـبـلَ الـذهـابِ بـهـا الـى صـحـنِ الـســريـرِ
أتـاهُ " إيـنـائـيـلُ " (**)
أنـبَـأهُ بـعُـقـبـى سَــوءَةِ الـتـفّـاحـةِ الـشـقـراءِ
فـارتَـعَـشـتْ مــفـاصِـلُــهُ
فـألـقـى بـالـظـنـونِ مُـيَـمِّـمـاً مـنـهُ الـيـقـيـنَ
الـى الـحَـرَمْ
*
صـلّـى الـنـوافِـلَ والجـنـازةَ والـكـسـوفَ (***)
وفـرطَ خـشـيـتِـهِ
بـدمـعِ نـدامـةِ الـقـلـبِ اسْـــتـحَـمْ
*
عـامٌ وبـعـضُ الـعـامِ وهْــوَ مُـعَـطَّـشٌ
مُـسـتَـجـديـاً كـأســاً مـن الـفـرحِ الـقـديـمِ
يَـبـلُّ قـلـبـاً ظـامـئـاً
يُـحـيـي هـشـيـمــاً أضـرَمَـتْـهُ يَـدُ الـنـدمْ
*
لـم يـطـرقِ الأبـوابَ إلآ بـابَـهــا
فـأطـالَ طـرقَ الـبـابِ
حـتـى شَـــلَّ ســاعـدَهُ الألـمْ
*
فـأنـابَ عـنـهُ مِـدادَهُ ..
جَـفَّ الـمِـدادُ
وفَـرَّ مـن يَـدِهِ الـقـلـمْ
*
هـيَ
لـمْ تـكـنْ تـشـكـو الـصَّـمَـمْ
*
كـانـتْ تُـمَـسِّــدُ شَــعـرَ قِـطَّـتِـهــا
وكـانَ الـسـومـريُّ الـصَّـبُّ / طـفـلُ الــنـخـلِ
خـلـفَ الـبـابِ يَـطـحَـنُـهُ الـضَّـرَمْ
*
قـالــتْ وَصِـيـفَــتُـهــا
وعَـرّافُ الـمـديـنـةِ :
حُـكـمُـنـا عَـيـنٌ بِـعَـيـنٍ
قـاضِـمُ الـتُّـفّـاحَـةِ الـشـقـراءِ يُـلـقـى فـي الـسـعـيـرِ
ويُـقـتَـضَـمْ
*
لِـيـكـونَ عِـبـرةَ كـلِّ مـنْ لـمْ يـلـتـزمْ بـعـهـودِ " إيـنـانـا "
فـإنَّ الـعـشـقَ دِيـنٌ
مَـنْ يـخـونُ الـدِّيـنَ فـالـحُـكـمُ الـعَـدمْ
*
لـو كـانَ حُـرّاً
لافْـتَـهَـمْ :
*
مـعـنـى الـسـكـوتِ
إذا يـكـونُ الـلاجـوابُ هـو الـجـوابُ
عـلـى سـؤالِ الـمُـسـتَـغـيـثِ الـمُـسـتـجـيـرِ
مـن الألـمْ
*
كـانـتْ تـراهُ مُـقَـرَّحَ الـعـيـنـيـنِ
مـذبـوحـاً
ولـكـنْ دونَ دمْ
*
يـتَـعَـكَّـزُ الأضـلاعَ
لا تـقـوى عـلى تـابـوتِ جُـثَّـتِـهِ
الـقَـدمْ
*
مـا كـانَ مِـنْ إرَمٍ
ولـكـنْ
فـي حــشـاشــتِـهِ إرَمْ
*
فَـهِـمَ الإشـارةَ ..
فـهـوَ حُـرٌّ
غـيـرَ أنَّ الـسـومـريَّ الـصَّـبَّ / طـفـلَ الـنـخـلِ
آثَـرَ أنْ يُـدانَ ولا يـقـولَ لِـرَبَّـةِ الـمَـطَـرِ / الـجـمـالِ
الـعـشـقِ إيـنـانـا:
بـريءٌ
إنَّـمـا لـكِ شُــبِّـهَ الإثـمُ الـمُـريـبُ (****)
فـقـالَ مـولاتـي :
نَـعَـمْ
*
أنـا آثِـمٌ مـا دامَ يُـرضــيـكِ اتِّـهـامـي
فـاطـرديـنـي ـ إنْ رغـبـتِ ـ مـن الـفـراديـسِ
احْـرمـيـنـي مـن قـطـوفِــكِ والـنِّـعَــمْ
*
فـالـعـشـقُ فـي أوروكَ فـي الـزَّمَـنِ الـقـمـيءِ الـمُـرِّ
يُـفـضـي بـالـبـريءِ
الـى الـعَـدَمْ
*
عـامٌ وبـعـضُ الـعـامِ وهْــوَ مُـعَـطَّـشٌ
يـحـســو الـسَّــرابَ
فـجُـرحُـهُ وطـنٌ عـلـى سَــعَـةِ الـمـتـاهـةِ
فـيـهِ مـن وَجَـعٍ وأحـزانٍ
أُمَـمْ
***
يحيى السماوي
28/10/2021
.......................
(*) إينانا: إلهة الجمال والحب والجنس والمطر والعدالة في ملحمة كلكامش . والكمنجة: معرّبة ، آلة موسيقية إيرانية الأصل ذات أربعة أوتار يُعزف عليها بواسطة قوس كالربابة والكمان وغيرهما ..
(**) إينائيل: كلمة من نحت الشاعر أراد بها مبعوث الإلهة إينانا ـ على زنة الملائكة مثل جبرائيل وإسرافيل وميكائيل عليهم السلام .
(***) صلاة النوافل: صلاة تطوّع غير مفروضة وهي نوعان: النفل المطلق والنفل المقيّد لا حصر لعديد ركعاتها . صلاة الجنازة: من فروض الكفاية شروطها القيام مع القدرة ، ووالنيّة .. صلاة الكسوف: تؤدى عند ذهاب ذهاب ضوء الشمس كله أو بعضه .
(****) إشارة الى قوله تعالى في سورة النساء عن قتل المسيح " ع ": ( وما قتلوه وما صلبوه ولكن شُبِّه لهم)
..............................
(2) حبال من ضوء
لـم يـعُـدْ يُـشـغِـلـنـي مـا كـانَ فـي الأمـسِ
ومـا سـوفَ يـكـونْ
*
فـأنـا عـنـدي مـن الأحـزانِ مـا يـكـفـيـنـيَ الـعـمـرَ ..
وعـنـدي مـن جـنـونْ
*
مـا ســيُـغـنـيـنـي عـن الـوَهْـمِ
الـذي أدْمَـنـتُ فـي حـانـاتِـهِ
خـمـرَ الـظـنـونْ
*
مـرَّ صـيـفٌ وشــتـاءٌ
وربـيـعٌ وخـريـفٌ
وأنـا فـي خـيـمـتـي زادي قـصـيـدٌ
ونـمـيـري مَـطـرُ الـصـمـتِ
ويـنـبـوعُ الـسـكـونْ
*
أتـسـلّـى بـجـراحـي
فـاتـحـاً لـلـغـدِ أحـداقـي
وسـمـعـي لِـهـديـلِ الـطـيـرِ
والـقـلـبَ لـ " إيـنـانـا " الـتـي إنْ غَـفَـرَتْ لـيْ
ســيـكـونُ الـشـوكَ أزهـاراً
وصـحـرائـيَ غـابـاتِ نـخـيـلٍ
وأنـا أرجـعُ طـفـلاً ســومـريّـاً
يـرتـدي ثـوبـاً مـن الـعـشـبِ
وزهـرِ الـزيـزفـونْ (*)
*
جَـنَّـةً تـرجـعُ " أوروكُ " عـلـى عِـصـمَـةِ " إيــنـانـا "
جـمـيـعُ الـنـاسِ فـيـهـا بِـحِـبـالِ الـطـهــرِ والــودِّ
ومـا جـاءَ بِـهِ سِـفـرُ الـهـوى
مُـعـتَـصِـمـونْ (**)
*
لـيـس مـا يـطـردُ " خـمـبـابـا " مـن الـغـابـةِ (***)
إلآ الـعـاشـقـونْ
***
يحيى السماوي
29/10/2021
........................
(*) الزيزفون: الناقة السريعة ، ومن معانيه: زهر أبيض يشبه زهر اللوز ذو رائحة شذية ـ وهو المقصود في النص .
(**) إشارة الى قوله تعالى (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تـفـرّقوا ..).
(***) خمبابا: الوحش المارد الذي أرعب شعب أوروك في ملحمة كلكامش .