آراء

هل تتخلى تركيا عن تحالفها مع الغرب لصالح علاقتها الجديدة مع روسيا؟

محمد سعد عبداللطيفوقفت تركيا على الحياد أزاء الصراع المسلح بين المانيا وقوى المحور وبريطانيا وقوى الحلفاء فی الحرب العالمیة الثانیة. ومع إن السياسة الخارجية لتركيا، بعد الحرب العالمية الثانية تأثرت بالمنطلقات التي سادت العالم آنذاك بتأثير النظام العالمي الجديد بظهور كتلتين متنازعتين هما الآتحاد السوفیتي۔۔ والولایات المتحدة الأمریکیة  ، يبدو أن موقع تركيا الجيوبوليتكي، بوصفها جسراً بين الغرب والشرق، کان لة تأثیر في رسم السياسة الخارجية التركية ،،  التي أتسمت العلاقات التركية –السوفیتیة  بعد الحرب العالمية الثانية بالتوتر. فلم تكد الحرب العالمية الثانية تضع أوزارها حتى بدأت الخلافات الأقلیمیة ، بين تركيا ۔۔والآتحاد السوفيتي. ففي بدایة عام  1945 م طلب السوفیت من ترکیا ۔تعدیل معاهدة "الحیاد"  وجاء فی مذکرة المطالب. أن الوضع الجدید بحاجة الی تعدیل مع ظروف ما بعد الحربّ أعلنت الحكومة السوفيتية أنه إذا ما أُريد توقيع معاهدة جديدة فيجب منح الاتحاد السوفيتي قاعدة على مضايق البحر الاسود. رفضت ترکیا المطالب السوفیتیة ۔ وبدآت العلاقات التركية – السوفیتیة تآخذ منعطفا آخر : فی التقارب الترکي الأمریکي عام 1947 فی إرسال بعثات عسکریة واقتصادیة لترکیا.

وفي  منتصف عام 1947 تَّم إبرام  التوقيع على اتفاقية المعونة العسكرية بين تركيا والولايات المتحدة. والتقارب الترکي مع دول غرب آوروبا فی توقیع اتفاقیة الشراکة الأوروبیه  ودخول حلف الناتو عام 1963م ظلت ترکیا حلیف مهم للآمریکان حتی وقت قریب من حکم الرٸیس اوباما۔۔

كيف تحولت العلاقات التركية الروسية من غريمين إلى شريكين ۔۔؟

فی تحلیلي الشخصي ۔ هناك عوامل کثیرة سوف نسرد بعضها تمخضت عن التوتر  فی العلاقات الترکیة الأمریکیة !! أولاؒ :بعد حرب الخلیج الثانیة ۔والتقارب الأمریکي الکردي فی اقلیم کُردستان شمال العراق ۔بدآت ترکیا فی عدم الارتیاح للوضع والتواجد الأمریکي فی شمال العراق وإعطاء الضوء الأخضر للآکراد "ب إجراء إستفتاء للإنفصال عن الدولة الآم فی بغداد ۔ وهذا المطلب فی نظر   ترکیا تهدید لآمنها القومي ۔۔

ثانیاؑ: عدم تسلیم المعارض السلفي "فتح اللة غول "المقیم فی واشنطن  الی انقرة ، بعد الإنقلاب  والشکوك الترکیة حول دور البیت الأبیض فی الانقلاب؟

ثالثاؒ:  أهم نقطة تحول فی العلاقات  الأزمة السوربة وصفقة الصواریخ الروسیة؟

ویرجع البعض الی سبب الأزمة في العلاقات التركية الأمريكية بدأت بسبب أوباما ۔۔ فی رفض بیع صواریخ "باتروت " المضادة للصواریخ والطاٸرات وسحب بعض  دول أعضاء بالناتو صواريخ باتريوت من تركيا ،،، في أوج التوتر مع روسيا،  رغم مخالفة ذلك لميثاق الناتو الذي يعتبر أمن أي عضو جزءاً من أمن باقي الأعضاء.

مع العلم أن ترکیا عضو بارز فی حلف الناتو وحلیف أمریکا وترکة فی مواجهة مع روسیا،  بسبب التدخل الروسي مع سوریا الدولة الجار ۔ والتخلي عن التنسیق فی دعم ترکیا من قبل الاوروبیین ودول الخلیج والامریکان فی دعم الثوار السوریین ۔ودعم  الامریکان الاکراد فی شمال سوریا ،،وتصاعدت الأزمة مع انتهاك الطائرات الروسية للمجال الجوي التركي، وهي الأزمة التي وصلت ذروتها بإسقاط أنقرة لطائرة روسية انتهكت أجواءها. وتصاعد الخلاف بمقتل السفیر الروسي فی ترکیا ۔

وفي مواجهة موقف حلفائها المتخاذل، حدث تقارب تركي روسي، بعد فشل مفاوضات  "جنیف " المتعددة فی حل الأزمة السوریة

وفي مواجهة موقف حلفائها المتخاذل، حدث تقارب تركي روسي، ونجحت ترکیا  فی عقد وأبرام  صفقة لشراء منظومة( S-400 ) الروسية المتطورة للدفاع الجوي، وقد وصلت أول شحنة منها بالفعل في العام  الماضي. وفي أكتوبر/من العام  الماضي، وقَّع بوتين وأردوغان اتفاقاً لتطهير شمال شرق سوريا من الميليشيات الكردية وإنشاء منطقة دورياتٍ مشتركة بينهما.

وبعد التدخل الترکي فی شمال شرق الفرات۔۔وفي مواجهة موقف حلفائها المتخاذل، حدث تقارب تركي روسي، بدأ بمحاولة وضع خارطة طريق لحل الأزمة السورية عبر ما يعرف بمفاوضات  (أستانة )  منذ حوالي شهر اتهم وزير الدفاع الأمريكي ۔ تركيا بالانسحاب من مسار حلف الناتو لمصلحة التعاون مع روسيا. وبدآت

أمريكا تلوح بعقوبات على تركيا

وأثارت الشراكة المزدهرة بين موسكو وأنقرة۔۔۔ قلقاً في واشنطن ففی الیوم التالي لتصریح وزیر الدفاع الأمریکي صوَّتت لجنة العلاقات الخارجية بمجلس  "الشيوخ " على تأييد مشروع قانون لفرض عقوبات على تركيا بسبب شرائها منظومة S-400 الروسية وعمليتها العسكرية في شمال شرق سوريا. وتشمل بعض البنود الرئيسية للقانون فرض عقوباتٍ على مسؤولين أتراك بارزين، وعقوباتٍ على أحد البنوك التركية الكبرى، وقيودٍ على مبيعات الأسلحة إلى تركيا، وتقرير عن صافي ثروة أردوغان وعائلته.ولكن أردوغان يهدد برد حازم۔علی التهدیدات الأمریکیة بإغلاق قاعدتين عسكريتين أمريكيتين كبيرتين في تركيا إذا أقرَّ الكونغرس حزمة عقوبات مُرتقبة ضد أنقرة.

بينما كانت الأوضاع المتصاعدة بین  الولايات المتحدة وإيران بعد  مقتل الجنرال  (قاسم سلیماني)  ودخول حربٍ ضد بعضهما في العراق، بقصف قاعدة عین الاسد الامریکیة ۔۔ التقى رئيسا تركيا وروسيا رجب طيب أردوغان وفلاديمير بوتين في إسطنبول في 8 يناير/ الجاري لإطلاق خط أنابيب الغاز «تركستريم»،

في حفل افتتاح خط الأنابيب، وصف بوتين روسيا وتركيا بأنَّهما قوتا حفظ الاستقرار في الشرق الأوسط، ویُعتبر افتتاح خط الغاز انتصار لترکیا ضدالتحالف الیوناني / القبرصي / الإسراٸیلي ۔ بمبارکة من الولایات المتحدة ۔ فی حین هددت امریکا ترکیا فی مدؒ خطوط الغاز الی دول جنوب اوروبا وتعاونها مع الروس

  وجاء إعلان اتفاقٍ جديد لوقف إطلاق النار بليبيا، في لقاء يظهر المدى الكبير الذي وصل إليه تطور العلاقات التركية الروسية وكيف أنها باتت تعيد صياغة الشرق الأوسط.

وبعد ذلك بيومين، أعلنت موسكو وأنقرة أنهما توصلتا إلى اتفاق آخر لوقف إطلاق النار في محافظة إدلب السورية، التي تعد آخر معاقل قوات المعارضة في سوريا والتي كانت تواجه احتمالية التعرُّض لهجومٍ من قوات برية موالية لبشار الأسد بدعمٍ جوي روسي.

وحضر أردوغان وبوتين مؤتمر برلين لتسوية الأزمة الليبية، والتوصل إلى ترتيبات لوقف إطلاق النار في لیبیا . الذي تآمر علیة حلف الناتو

ويأتي هذا اللقاء الأخير بين بوتين وأردوغان وسط توترات متصاعدة بين أنقرة وواشنطن، الحليفتين منذ فترة طويلة في حلف شمال الأطلسي

هل تتخلى تركيا عن تحالفها مع الغرب لصالح علاقتها الجديدة مع روسيا؟

هل أصبحت الأزمة بين أنقرة وواشنطن تتفاقم والرئيس التركي رجب طيب أردوغان يتهم واشنطن بطعن بلاده في الظهر ملوحا بالبحث عن حلفاء جدد. فهل تتصدع التحالفات القائمة بسبب الخلاف الأمريكي التركی ؟

 

محمد سعد عبد اللطیف

کاتب مصري وباحث فی الجغرافیا السیاسیة

 

في المثقف اليوم