تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

قضايا

الحرب النفسية ودورها في زعزعة استقرار الدول الوطنية (2)

محمود محمد علينعود ونكمل حديثنا عن الحرب النفسية ودورها في زعزعة استقرار الدول الوطنية، حيث نبرز مخاطرها علي كافة المستويات ونبد بالمستوي أو البعد الاقتصادي حيث تم بث الاشاعات من خلال أن الدولة المستهدفة تسعي إلي:

1- التلاعب بثروات الوطن ومقدرات الأمة.

2- انتشار الفساد المالي والإداري والرشوة على نطاق واسع.

3- تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية عامة.

4- انتشار الغلاء وزيادة الأسعار في مقابل تدني دخول المواطنين .

5- اتساع الفجوة بين الطبقة الغنية والفقيرة.

6- ازدياد الاحتكار والاستغلال من قبل كبار التجار ذوي النفوذ.

7- ازدياد الرسوم والضرائب لتغطية مصاريف كبار موظفي الدولة.

8- نهب ممتلكات المواطنين والتعدي عليها وسرقتها بدون محاسبة.

9- الاستيلاء على أراضي الدولة وبيعها أو تأجيرها بأعلى الأسعار.

10- ازدياد معدلات البطالة في وسط الشباب.

11- ارتفاع أسعار المحروقات والماء والكهرباء.

12- عدم توفير السكن لمعظم المواطنين وارتفاع الإيجار.

13- وجود أزمات في المواصلات والعلاج والتعليم.

14- سوء الأوضاع المعيشية بشكل عام.

15- زيادة معدلات الفقر وشيوع مظاهره.

ومن الناحية السياسية تم بث الشائعات بأن الدولة المستهدفة تسعي إلي:

1- الاستبداد في الحكم وإدارة شؤون البلاد بمعزل عن إرادة الشعب.

2- الاضطهاد والاستبعاد وعدم احترام حقوق الإنسان.

3- انتهاج سياسة التمييز بمختلف أشكاله.

4- إضعاف النسيج الاجتماعي وتغييب الوحدة الوطنية.

5- هيمنة رجال السلطة على المناصب السياسية والإدارية العليا في الدولة.

6- غياب الديمقراطية وعدم السماح بتكوين نقابات وأحزاب سياسية.

7- تزوير الانتخابات بجميع مستوياتها وأشكالها.

8- عدم الفصل بين السلطات الثلاث " تشريعية، تنفيذية وقضائية.

9- غياب أو تغيب دور السلطتين التشريعية والقضائية.

10- غياب الدور الرقابي للمؤسسات المعنية وإخضاعها للسلطة التنفيذية .

ومن الناحية الأمنية تم بث الإشاعات من خلال أن الدولة المستهدفة تسعي إلي:

- تعاظم القبضة الأمنية والقمع لجهاز الأمن مقابل غياب أو تغيب حقوق الإنسان.

- غياب دولة القانون وعدم احترام تطبيق القوانين والأنظمة المحلية

- ازدياد وتيرة الاعتقالات التعسفية والخطف والتغيب القسري.

- التنكيل بالمعارضين وتعذيبهم بمختلف وسائل التعذيب حتى الموت أو حرمانهم من أبسط حقوقهم.

- عدم تمكين المعتقلين من الدفاع عن أنفسهم أو توكيل محامين للدفاع عنهم.

- عدم محاكمة المقبوض عليهم بتهم سياسية وسجنهم لمدة طويلة بدون أحكام.

- زيادة الرقابة الأمنية على المواطنين وتكميم الأفواه ومنع حرية التعبير.

- تغييب الحلول الأمنية على الحلول السياسية في معالجة المشاكل والأزمات السياسية.

كل هذه الأمور التي تمت من خلالها بث الشائعات كانت بغرض:

1- زعزعة ثقة العدو والمقاتل بهدفه وتدريبه وكفايته وتحقيقه للنصر في الحرب التي يخوضها، والحط من انتصاراته وتحويلها إلي هزائم.

2- افتعال الأزمات وحبك المؤامرات؛ وذلك من خلال استغلال حادث، أو حوادث معينة قـد تكـون بسيطة، ولكن يتم استغلالها بنجاح من أجل خلق أزمة تؤثر في نفسية العدو وتستفيد منها الدولـة المستخدمة لهذا الأسلوب . مثال ذلك افتعال إسرائيل لأزمة الحدود مع سوريا ونـشاط الفـدائيين كمبرر لشن الحرب في عام 1967م.

3- إشاعة الرعب والفوضى؛ وذلك من خلال استغلال عاطفـة الخـوف؛ لإرهاب الشعوب وإخضاعها من خلال استخدام الوسائل المختلفة لخلق حالة من الفوضى، يـسهل عن طريقها السيطرة والتغلب عليها.

4- التأثير على معنويات العدو وتفتيت قواه العامة للوصول به إلى الإرهاب النفسي .

5- استخدامها للتمويه والتعمية كستار من الدخان لإخفاء حقيقة ما .

6- ترويج أنباء كاذبة وأخبار مشكوك في صحتها لأجل إضعاف الروح المعنوية .

7- استخدام الأساليب الحديثة لعلم النفس التي تخدم الشائعة للتأثير على نفسيات العدو ومعنوياته وإيراداته.

8- تدمير معنويات الجبهتين العسكرية والمدنية وإنهاكها وتحطيمهـا .

9- العمل على إضعاف القيم والعادات والتقاليد السائدة في المجتمعات كمقدمة لتحطيمها.

10- العمل على إثارة البلبلة في نفوس وإضعاف ثقة الشعوب بنفسها.

مما سبق يتضح لنا بأن الحرب النفسية هي أكثر خطورة من الحرب العسكرية، لأنها تستخدم وسائل متعددة، إذ توجه تأثيرها على أعصاب الناس ومعنوياتهم ووجدانهم، وفوق ذلك كله فإنها تكون في الغالب مقنعة بحيث لا ينتبه الناس إلى أهدافها، ومن ثم لا يحطاطون لها؛ فأنت تدرك خطر القنابل والمدافع وتحمي نفسك منها . ولكن الحرب النفسية تتسلل إلى نفسك دون أن تدري. وكذلك فان جبهتها أكثر شمولاً واتساعاً من الحرب العسكرية، لأنها تهاجم المدنيين والعسكريين على حد سواء .

ومن هذا المنطلق يمكن القول أن الحرب النفسية وكما يراها خبراء علم النفس العسكري هي استخدام مخطط من جانب دولة أو مجموعة من الدول للدعاية وغيرها من الإجراءات الإعلامية الموجهة إلى جماعات عدائية أو محايدة أو صديقة للتأثير على آرائها وعواطفها ومواقفها وسلوكها بطريقة تعين على تحقيق سياسة واهداف الدولة أو الدول المستخدمة

أما عن طرق مواجهه الشائعات فيمكن القول بأن هناك عدة عوامل يمكن الأخذ بها حسب ما ذكره د. د . سمير محمود قديح في مقاله "الحرب النفسية وطرق التصدي لها "، وذلك علي النحو التالي:

العامل الأول: يمكن التصدي للشائعات عن طريق تكذيبها، أي عن طريق إعلان تكذيبها ولكن بالرغم أن طريقة التكذيب هي اكثر شيوعا إلا أنها ليست الطريقة المثلي، وذلك لان تكذيبها يتضمن الإعلان عنها، فالإعلان عن تكذيب الشائعة هو في حد ذاته تكرار لها . كذلك هناك أناس يصدقون الشائعة ولا يصدقون تكذيبها.

العامل الثاني: ينبغي أن لا تواجه الشائعات بإصدار بيانات او تصريحات تستند إلى وقائع غير سلمية او معلومات غير دقيقة لمجرد المواجهة العاجلة للشائعات لان العلاج المؤقت الذي يؤدى إلية هذا سلاحا ذو حدين . إذ أن مجرد عدم تحقيق الوعود او التصريحات التي استخدمت كأداة لإطفاء الشائعات يصبح في ذات الوقت دليلا على صدمة ما تتضمنه الشائعات ويشير هذا أيضا إلى عدم مقدرة الأجهزة التي ترد عليها في معالجة الموقف.

العامل الثالث: تدعيم الإيمان الحق، فالحرب النفسية لا تؤثر في المؤمن الحق، لأن العقيدة الراسخة المؤسسة على الإيمان الذي لا يتزعزع هي الركيزة العظمى لتحصين المجاهد ضد الحرب النفسية، فالمؤمن إيمانا كاملا لا يخاف التهديد والوعيد ولا يرهب، وليس جبانا رعديدا كأولئك الذين يقول الله فيهم: ” فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون آلتيك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه الموت “. حارب الإسلام عوامل الضعف والهوان ونزعات الخوف وعدم الإيمان، وغرس في نفوس المسلمين خلق الشجاعة والتضحية والشهامة والاستهانة بزخارف الدنيا في سبيل نصر ة الحق ومحبة الله ورسوله، قال سبحانه وتعالى: ” قل إن كان آبائكم وأبنائكم وإخوانكم وازواجكم وعشيرتكم وأمول اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها احب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره، والله لا يهدي القوم الفاسقين. ويتفق علماء النفس وخبراء الحرب النفسية على أن الحرب النفسية ” تؤثر بفعالية أكثر على الجنود الخالين من الإيمان الحق ومن العقائد الثابتة وذوي الوعي السياسي الضيق وغير المثقفين “.

العامل الرابع: عدم إذاعة الأخبار والمعلومات عن الظروف العسكرية والاقتصادية والاجتماعية للوطن وذلك لأن العدو يحاول جمعها والاستفادة منها كما يجب الاحتفاظ بوجه خاص بأسرار الوطن حتى لا يلتقطها الأعداء.

العامل الخامس: القيام بعمل إيجابي فعال في ميدان التوعية القومية وتنفيذ الإشاعات المسموعة بالاستناد إلى الحجج والبراهين المنطقية والحقائق الملموسة الواقعية التي تحض الشعب ضد سموم الإشاعات المغرضة التي يروجها الأعداء وذلك بعقد الندوات والقاء المحاضرات في التوعية والإرشاد القومي.

العامل السادس: العمل على تنمية الشعور بالثقة بالنفس وكذلك الإيمان بالله وبالوطن فان الثقة بالنفس أيساس كل نجاح كما إنها الدعامة القوية التي يقوم عليها صمود الشعب واستمرار نضاله وغرس القيم الدينية والخلقية حتى لا تدع الفرصة لتسرب المبادئ الانهزامية.

العامل السابع: الدعوة لمواصلة الكفاح والصمود وعدم اليأس وحث الناس على المساهمة الإيجابية في المعركة كل في موقعه، فالعامل والموظف والفلاح كل يستطيع أن يضرب بمعوله في الإنتاج الذي يرتد أثره ولا شك على الجندي الرابض على خط النار، فان الجهاد في الإنتاج لا يقل أهمية ولا شرفا عن الجهاد في ساحة القتال.

العامل الثامن: الاهتمام بالتدريب العسكري وكذا على أساليب الدفاع المدني، لان التدريب من شانه أن يبعث على الثقة بالنفس والاعتزاز بها كما يقوي الإحساس بالقدرة على مواجهة الخطر وعلى تزكية روح المبادرة في مهاجمة والحاق الهزيمة به.

العامل التاسع: التوعية المستمرة لأفراد الجيش بنوايا العدو وأهمية الدفاع عن الوطن ويلاحظ أن أي نقص في الإعلام لجنودنا ما هو إلا مدخل للدعاية التخريبية للعدو.

العامل العاشر: تنمية العلاقات الودية والصريحة بين القادة والمقاتلين حتى تسهل مكافحة الدعاية التخريبية للعدو، واستغلال جماعات الإعلام في الوحدات لمعاونة القائد في تنفيذ مهام توعية الأفراد وهم أفراد منتقمين من بين المقاتلين على درجة عالية من الكفاءة والذكاء والشجاعة ويحظون بإعجاب زملائهم.

العامل الحادي عشر: بث الروح الهجومية لدى المقاتلين أثناء التدريب وكذا الانضباط العسكري وروح الفريق وهي عوامل فعالة لمكافحة الدعاية التخريبية للعدو.

 

د. محمود محمد علي

رئيس قسم الفلسفة وعضو مركز دراسات المستقبل بجامعة أسيوط.

 

 

 

في المثقف اليوم