قضايا

فاعلية الامومة التي ليست عملا بيولوجيا بحتا

هناك من يصور الانجاب والامومة كما لو انها عمل بيلوجي بحت تقوم به المرأة بلا ان تساهم هي في انجاحه او تحسينه او تخريبه .من يعتقد ذلك لايعرف ان الانسان له ارادة حرة وهو يختلف عن الحيوان في ذلك، فاللامبالاة في الحمل وشؤونه قد ينتج جيلا معاقا جسديا ونفسيا لمجرد ان الام لم تلتفت الى امور صغيرة اثناء حملها وحتى قبله وبعده، الامهات يدركن ذلك، وهناك تعليمات متعددة ومتنوعة لكيفية حركات الام المسموحة وقت الحمل وطريقة النوم وتناول الطعام وتنويعه وعدم تناول الادوية وان كانت تعاني من الالم، كما يجب على الام ان تسعى لان تكون بحالة نفسية جيدة وان لاتقلق وان لاتشعر بالخوف او الحزن . وذلك مما لايتوفر لها عادة في كل البيئات التي تجبرها على العمل المضني داخل البيت وفي خارجة احيانا .وتقبل مزاجية الزوج الذي عادة مايكون دائم التفكير في سعادته الخاصة والبحث عن زوجة اخرى في البيئات التقليدية . الامومة عمل شاق بل انه لعنة تحبها النساء نتيجة التنشئة الاجتماعية التي ترى ان كيان المرأة لايكتمل الا بان تكون امّا ولافراد متعددين، بيئة ترى في الانجاب العمل الرئيس للمرأة وان هذا الدور هو الغرض الاول لوجودها، وان كانت البشرية ليست بحاجة لزيادة اعداد اخرى من البشر. تُدفع النساء الى ان تعيش بطريقة مكلفة الثمن من الالم والجهد والتعب والارهاق والوقت والموارد لاجل ان يحظى الرجل بالنسب لهذا الطفل وان تبقى الام لها الدور الفاعل في الحياة دون ان تعطى اعترافا بان الفاعلية هنا، وليس الفاعلية الجنسية كما صورها الرجل على انه الفاعل الاول في الحياة وهي المنفعلة، انه ركز على قضية واحدة يراها مهمة له اهم من الامومة واهم من عملية الانجاب التي تقوم بها المرأة بمفردها، الفاعل الوحيد في ذلك . لقد شوهت الحضارة الابوية مفهوم الفاعلية الذي نسبه للرجل، كما لو كانت الحياة قائمة على ميكانيكية بسيطة لاتتجاوز الدقائق والغاء الفاعلية الحياتية التي تستمر عمرا كاملا، والذي يكون به الرجل بلا اي دور فاعل او منفعل، فتعطى له نتائج عمل المرأة وفاعليتها الحياتية كهبة غير مشروطة . ومع ذلك يصور على انه الكائن الاول في الوجود وعليه التحكم بالمنتج الحقيقي للحياة واستمراريتها . الحقائق العلمية اقصيت ومازالت مقصية، وظلت الحضارة هذه تسرق جهود النساء بلا ادنى اهتمام لمروءة او انصاف او عدالة او استحقاق . بعد ذلك كيف ننتظر ان تكون الحياة هذه جميلة وهي قائمة على سرقة جهود وافعال وآمال النساء عبر الاجيال ؟، وتسفيه عملهن ورايهن وموقعهن في الوجود، وصارت تعير بجسدها الواهب للحياة، واصبح تكوينها البيلوجي مثارا للسخرية ورمزا للعار والعورة، دون ان يتم التخلي عن منتجات هذا الجسد وفاعليته الاولى في الحياة، كما لم يتم الاعتراف بجهودها الفردية في الحفاظ على هذا النشيء من العوق والضعف والمرض، لو كانت لاتبالي بطعامها وشرابها وحركاتها ونفسيتها الذي تقننه لمدد طويلة لغرض الحصول على نسل معافى وسليم ومؤهل للعيش والحياة والعمل، دافعة اثمانا باهضة من الالم والقلق والسهر والحرمان .

متى يحين الزمن الذي ينظر للمرأة بانصاف واعادة حقوقها الذي سلبها النظام الظالم المستشري في كل العالم؟.

 

بتول فاروق

١٣/ ١١/ ٢٠٢٠

 

في المثقف اليوم