قضايا

محمود محمد علي: الـ" ميتافيرس".. ثورة ما بعد "فيس بوك" (1)

محمود محمد عليتتصاعد في جميع أرجاء العالم ردود الأفعال، التي تختلط فيها الدهشة بالإعجاب بالآمال الكبرى، منذ إعلان مارك زوكربيرج الخميس الماضي الموافق 27 أكتوبر لعام 2021،  عن مشروعه الهائل الجديد، الذى توقف البعض فيه عند مجرد تغيير اسم موقع (فيس بوك)، ولم يلتفتوا إلى الطفرة النوعية في مسار الإنسانية بالارتقاء الخيالي في خدمة فيس بوك، الذى كان في بداياته مجرد نصوص تنتقل عبر الشبكة العنكبوتية، ثم، وعندما توافرت الهواتف المحمولة المزوَّدة بكاميرا، صار الإنترنت أكثر بصرية وحركية، ثم، ومع زيادة سرعة الاتصالات، أصبح الفيديو وسيلة أكثر ثراءً فى مشارَكة الخبرات، أى أننا كنا ننتقل من النص إلى الصورة ثم إلى الفيديو. وأضاف زوكربيرج أن المنصة المطروحة حالياً تجعل الإنترنت مُجَسَّداً، حيث سيصير المتعامل معها فى قلب التجربة وليس مجرد مشاهد، وهو ما أطلق عليه (ميتافيرس) Metaverse ، وهى تسمية باليونانية القديمة بمعنى (ما وراء الكون)، وقد صاغها أديب أمريكى فى رواية له منذ نحو 30 عاماً. وقال زوكربيرج إن أحد عناصر الجودة الإضافية لميتافيرس هي أن المتعامل معها سيحس وكأنه مع شخص آخر فى مكان آخر، وهو تحقيق لحلم الحضور مع الطرف الآخر على الإنترنت، وهى أكبر نقلة نوعية فى التكنولوجيا الاجتماعية.

ومن هنا انتشر اسم ميتافيرس  على منصات التواصل الاجتماعي، منذ إعلان مارك زوكربيرج تغيير اسم شركته من فيسبوك إلى ميتا، وإعلانه عن مشروع ميتافيرس ولبذي قال عنه مالك: “ميتافيرس أولا وليس فيسبوك أولا.

ولذلك قد تصبح الـ "ميتافيرس" الثورة المقبلة في تطور الإنترنت. وهي الفكرة التي ازدادت أهميتها مؤخرا، خاصة مع إعلان فيسبوك رسميا عن تأسيس فريق عمل جديد داخل الشركة للعمل على تنفيذها.

والـ "ميتافيرس" هي الثورة المقبلة في تطور الإنترنت، وهي الفكرة التي ازدادت أهميتها مؤخرا، خاصة مع إعلان فيسبوك رسميا عن تأسيس فريق عمل جديد داخل الشركة للعمل على تنفيذها، فتخيل أن تكون قادر على الجلوس مع صديقك الذي يبعد عنك بآلاف الكيلومترات. أو أن تحضر بشكل افتراضي في مقر عملك بالرغم من أنك على الشاطئ، هذه هي فكرة ميتافيرس.

وكلمة ميتافيرس Metaverse بالإنجليزي تتكون إلى شقين الأولى Meta ويعني مار وراء، أما الشق الثاني verse ويعني الكون، حيث يستخدم المصطلح عادة لوصف مفهوم الإصدارات المستقبلية للإنترنت، المكون من مساحة ثلاثية الأبعاد ثابتة ومشتركة ومرتبطة بكون افتراضي مدرك، وقد لا تشير ميتافيرس Metaverse بالمعنى الأوسع إلى العوالم الافتراضية فحسب، بل قد تشير إلى الإنترنت ككل، بما في ذلك النطاق الكامل للواقع المعزز،ومن الممكن فعليًا للأشخاص من جميع أنحاء العالم حضور الحفلات الموسيقية افتراضية، تمامًا كما كانوا هناك.

ولذلك ويمكن تعريف ميتافيرس بأنها رؤية جديدة للمستقبل، وهو ما يراهن عليه مارك زكربيرج ويصفه بأنه الثورة المقبلة في تطور الإنترنت. وفي الواقع، الميتافيرس هو مصطلح ظهر للمرة الاولى في عام 1992، حيث ارتبط بالخيال العلمي، في الرويات، وأهمها ما تناوله «نيل ستيفنسون» في روايته «Snow Cras» حيث عرضها كعالم افتراضي بديل، يمكن للناس أن يتفاعلوا فيه ويتواصلوا من خلاله مع بعضهم البعض، ليظل المصطلح "ميتا فيروس" مجرد خيال ليس له أدوات في الواقع، حتى جاء مؤسس "فيس بوك" وأعلن عن مخططه بتحويل "فيس بوك" إلى "ميتا".

وقد تمت صياغة مصطلح  الميتافيرس على يد “Neal Stephenson”، في روايته التي تحمل الاسم “Snow Crash”، وهو الذي عبر حينها عن عالم افتراضي يمكن للبشر أن يتفاعلون مع بعضهم البعض فيه.

وهذا المصطلح كان خياليًا بالكامل عندما ظهر للمرة الأولى. لكن في الوقت الحالي هو في طريقه للتحول لحقيقة. ويُذكر أن الرواية السابق ذكرها هي واحدة من الروايات المعروفة بين رواد أعمال وادي السيليكون.

وفي رواية Ready Player One للمؤلف إرنست كلاين، الذي تمّ تحويله إلى فيلم سينمائي بالاسم نفسه عام 2018، يهرب بطل الفيلم اليتيم المراهق من حياته القاتمة المليئة بالمصاعب في العالم الحقيقي إلى عالم آخر افتراضي بالكامل، حيث يضع الصبي سماعة أذنيه، يرتدي نظارات الواقع الافتراضي ويهرب إلى عالم افتراضي ثلاثي، يُطلق عليه اسم OASIS.

تقول الشخصية الرئيسية في المقطع الدعائي: "يأتي الناس إلى OASIS من أجل كل الأشياء التي يمكنهم القيام بها، لكنهم يستطيعون أن يكونوا الشخصية التي يريدونها والبقاء عليها".

ويقول عدد من الرؤساء التنفيذيين لشركات التكنولوجيا المستوحاة من الخيال العلمي، إنه في يوم من الأيام قريبًا سنخرج جميعًا بعالم واقع افتراضي تفاعلي، مكتمِل بالألعاب والمغامرات والتسوق وعروض من عالم آخر، تمامًا مثل الشخصيات في الفيلم.

وقد تحولت هذه الفكرة في الأشهر الأخيرة لواحدة من أهم الأفكار المتداولة في المجتمع التقني. وقد ازدادت أهمية الأمر عندما أعلنت فيسبوك رسميًا عن تأسيس فريق عمل جديد داخل الشركة للعمل على الميتافيرس، طبقًا لرؤية مارك زكربيرج بالطبع.

ويشير مصطلح "ميتافيرس" إلى عالم ما وراء الإنترنت، كما نعرفه اليوم، حيث سيستخدم الأشخاص أجهزة الواقع الافتراضي والواقع المعزز، بدلا من أجهزة الكمبيوتر المحمولة والهواتف، للدخول إلى مساحات افتراضية.

وفي هذه المساحات سيتواصل الناس اجتماعيا في عوالم افتراضية بدلا من منصات التواصل الاجتماعي التقليدية مثل "انستجرام" و"تويتر" و"تيك توك"، وستطغى كلمات مثل "ميتافيرس" على حديث الناس في الحياة اليومية المعتادة.

وصرّح زكربيرج لأحد المواقع قائلًا: “هذا سيكون جزءًا ضخمًا من الفصل القادم في صناعة التكنولوجيا”. وقد ذكر ايضًا أنه يتوقع أن تتحول فيسبوك خلال السنوات الخمسة القادمة من شركة تواصل اجتماعي لشركة ميتافيرس.

وقال "زوكربيرغ" إنه: "في السنوات المقبلة، أعتقد أن الناس سوف يتحولون من النظر إلينا كشركة تواصل اجتماعي إلى النظر إلينا كشركة ميتافيرس". وأضاف: "من عدّة جوانب، يشكل الميتافيرس التعبير الأقصى عن تكنولوجيا التواصل الاجتماعي".

ويُشبّه "زوكربيرغ" "ميتافيرس" بالغوص في عالم افتراضي، حيث يمكن للأشخاص أن يمضوا الوقت معاً كما يفعلون اليوم في العالم الافتراضي، لكن بشكل معزز بأضعاف مضاعفة، حيث سيكون المستخدم قادراً على "الانتقال الآني" ما بين التجارب المختلفة.

ويختلف تعريف مصطلح “ميتافيرس” من شخص لآخر ومن منصة لأخرى. لكن يمكن وصفها ببساطة بأنها الدمج بين العالم الحقيقي الذي نعيش فيه، والعالم الافتراضي.

وتطبيق هذه الفكرة سيتم بالاعتماد على تقنيات الواقع المعزز والواقع الافتراضي. وهي تقنيات تستثمر فيها فيسبوك منذ سنوات طويلة.. وللحديث بقية..

 

د. محمود محمد علي

رئيس قسم الفلسفة وعضو مركز دراسات المستقبل – جامعة أسيوط

...........................

مراجع المقال

1- أحمد عبدالتواب: ثورة ما بعد «فيس بوك».. مقال منشور بالأهرام المصرية بتاريخ السبت 23 من ربيع الأول 1443 هــ 30 أكتوبر 2021 السنة 146 العدد 49271.

2- عمار الحديثي: "الميتافيرس" قادم.. هل تُفتح بوابة العالم الموازي قريبًا؟.. مقال منشور بالأهرام المصرية بتاريخ  نشر بتاريخ 02/10/2021.

 

 

في المثقف اليوم