قضايا

عبد الجبار العبيدي: البحث عن الحقيقة، خير من السير وراء الوَهَم

سُئل قائد الهند العظيم المهاتما غاندي ما هي أحسن لحظة عشتها في حياتك ؟ فأجاب هي اليوم، أما اذا سئلت العربي والمسلم نفس السؤال يقول لك: هي عصر الاسلام الذهبي، عصر الخلفاء الراشدين، والأمويين، والعباسيين، فالماضي محفور في مخيلته حاجزا عنه صيرورة التاريخ، هكذا علمه منهج الدراسة. فحين يسود عصر الفقه الوهمي يختفي الوعي ليحل محله عصر الفوضى والجهل والتدمير، وهذا هو تاريخنا الاسلاي المكتوب.

وحين يسئلون عن عهد الخيانة للسياسيين الحاكمين عند المسلمين اليوم، نقول لهم منذ وفاة صاحب الدعوة، هذه حقائق التاريخ على المؤرخ ان يعترف بها امانة للتاريخ، فالوطن والانسان ينادي المؤرخ ضرورة الاعتراف بحقيقة فساد قلم المؤرخ والفقيه بعد ان دمرنا تاريخ السلطة ورجل الدين، وحولنا الى أكذوبة التاريخ، فالسلطة لهم والمال سائب لا مالك له في الوطن، انهبوه كيفما شئتم وهذا ما حصل ويحصل اليوم في وطن العراقيين دون قانون، أرث قديم حفره فكر التراثيين فينا وحسبناه دين.هنا يبرز دورالمنهج الأخلاقي في صحوة الوعي العقلي للتغيير، فأين المنهج الجديد، ؟

واليوم تظهر أول بادرة حضارية في عهد المسلمين حين ينبري الامير السعودي الشاب محمد بن سلمان ليقضي على اسطورة البخاري والتوجه نحو الاسلام الصحيح اسلام الحرية الحقيقية والدولة المدنية الدستورية، حاكم شاب يؤمن بالحداثة ويلغي من فكره التخلف والتخريف، لتنتهي الى الابد نظرية:"اعتزل الفتنة وصلي خلف الغالب" لأنهاء صحيح البخاري كذبة التاريخ، ونأمل ان يتوسع العمل لنكتب لنا تاريخ جديد قائم على الحق والعدل لا على باطل فقهاء الدين، فمتى نعرف خطي القوة والضعف عند المسلمين ونميز بينهما.

للضعف أصول، وللقوة أصول،

اصول الضعف ظهر مباشرة بعد وفاة صاحب الدعوة، وبدء التعامل مع الواقع الجديد حيث أصبح النص الديني لا يشكل المعيار الوحيد للسلوك السياسي، حين ظهرت العصبية التي تحيط بالحاكم، فبدء التزييف للتاريخ بما يناسب حاجة الحاكم المطاع، وبالتدريج اصبح الفقه خادم للسلطة فبدأ نظريات التبرير، حتى اصبح الحاكم الظالم وفق التنظير الجديد أفضل من انعدامه، فبدأت مظاهر هذا الاتجاه تبرز للعيان كقائد، فقلت جهة مابين الحياد وصاحب السلطة التي لجأ اليها كل متردد وضعيف.

والمظهر الثاني للضعف هوظهور تيار الارجاء، الذي كان نموذجا لخط الضعف وضياع الحق بالتقادم بعدان تم الوقوف مع صاحب الشوكة والاستسلام للمنتصر وان كان ظالماً.وظل النص يفسر لصالح صاحب السلطة، من هنا ولكي تستمر حالة الضعف أبتكروا نظرية أيقاف الاجتهاد وتقريب علماء الجبر وتشجيع فكرة القدر، اي ان ما حصل ويحصل مربوط بقضاء الله ولادخل للانسان فيه.:"وما تشاؤون الا ان يشاء الله، وهنا اصبح لا يصح انينسب الفعل الى فاعل غير مختار.

مثل هذا التوجه في العصر البويهي "334هج" الكليني صاحب كتاب الكافي والشيخ المفيد في كتابه الارشاد والطوسي في كتابه الاستبصاروكان تمهيدا لظهور علم الاصول ونمو حركة الاستنباط الفكري.بغيةالابتعاد عن عصر النصوص املا في الانفراج الذي اعتبروه تحديا علميا وفكريا لنظرية المذاهب وتشجيع علم الغيبة أملا بابعاد شرعية الخلافة العباسية واحلا التوجه العلوي.والهدف سياسي بحت لا ديني، وفي عهد كاظم اليزدي الذي مثل سلوك الضعف والطاعة للسلطة والتهاون مع الاحتلال البريطاني للعراق عام 1918 وطرد العثمانيين من العراق.

وهكذا فشل الفقهاء من نقل المبادىء الدينية الى تشريعات مطبقة.

ثم جاء العصر السلجوقي "450هج"الذي مهد لعصر الاستبداد والطاعة متمثلا بالماوردي" 450هج" حين اسس لنظريةاهل الحل والعقد الذين يضعون على البيعة واجب الطاعة والنصرة، والغزالي"ت505هج" ونظريتهالاعتراف بالسلطة القائمة لأن البديل هي الفوضى حتى لو كانت الخلافة غير مستوفية لشروط العقد وعدم محاربة استقرار الظلم والباطل وجاء من بعدهم ابن تيمية "ت728 هج" الذي اجاز فصل الدين عن الدولة يعني الفوضى".هؤلاء كلهم اسسوا لنظرية الفقيه السلطوية الدكتاتورية دون الشرعية.

وهكذا فشل الفقه وسلطتهم الجائرة من تحويل المبادي الدينية الى تشريعات مطبقة حتى استبد الضعف بالشعب حين جعلوا من الغنيمة بديلا للسيف، ومن المداورة بديلا للسياسة , ومن التبعية بديلاعن المشاركة.

ان أخفاء الوثيقة النبوية الدستورية طَمس التشريع في عهد الامويين والعباسيين لتعارضه مع حكم الغاصبين."فجاء الحكم العضوض" الذي يتداوله الحالكم الدكتاتوركما اسلفنا، فلم يعد قانون الشورى له مكانة الاحترام و التثبيت، فقامت الدولة على السيف والغاصبين والمُغتصبين، فكيف نطلب من سلطة الباطل اليوم تغييرحقوق الاجيال القادمة وهم بالقانون لا يؤمنون وبرسالة محمد لا يعترفون، وعن عصر التيقن بعيدين،؟.

هكذا ظهرت سلطة الاسلام التي يتباهون بها الفقهاء اليوم، سلطة بلا دستور ولا قانون، ولا حتى اخلاقية الحكم، فعن اي اسلام يتحدثون اليوم، اسلام مرجعيات الشيعة ام السُنة المبتدعة من الفقهاء دون تأويل، أم الداعشيين.

من هنا توقفت الدعوة الدينية ولم يعد لها من تأثير مباشر في التغيير، بل ظلت كعقيدة دينية مقدسة يفتي فيها الفقيه دون تأصيل.؟ أدخلت المنهج الدراسي واصبحت عند الطالب حقيقة دون تأصيل.حتى مات فينا اي أمل في التغيير.وها كما ترون اليوم كيف يتحكم الجاهل والعدو في حياة العراقيين.

وبهذا التاريخ المظلم الذي بنيناه فقدنا العقلانية الاخلاقية والدستورية والعلمية، وحقوق الانسان، فسمينا عصرنا بالعصر الاسلامي الذهبي، وان الاسلام هو الحل، "ولا ندري أي حل يقصدون، حل فقدان القانون، أم حل جز الرقاب، أو وما ملكت أيمانكم بأهانة المرأة وبيعها سلعة في سوق الاربعاء وتقديمها هدايا بين المتنفذين.

فحلت صناعة المؤمن الجاهل، بدلامن صناعة المواطن المخلص (أنظر تخريب التعليم)، وصناعة السيف، بدلا من صناعة القانون (انظر صناعة قتل العلماء والمفكرين، حين ادركوا ان أمتزاج الدين بالسياسة ينتج عنهما الأستبداد الكبير وخضوع الشعب بالترهيب. وهذا هو هدفهم في تفريق الحقوق ولا غير، كما نراه اليوم في سلطة الحاليين الذين حولوا الدولة الى عملية سياسية لأماتة مفهوم الدولة دون قانون، ومن أمثالهم كثير، حتى اصبح المواطن يعامل على اللقب والاسم والقبيلة،

على الكتاب والمؤلفين ان يبحثوا لنا بجدية البحث العلمي الرصين لا ان يجتروا في كتاباتهم واطاريحهم الجامعية والقصص اليومية والشعر الحديث، التراث الميت القديم، اذن لماذا نحن متخلفون عن بقية العالم الى اليوم حتى في الحقوق والواجبات.لكننا شطار حين نرفع شعار، الأسلام هو الحل" ولا ندري أي اسلام يقصدون، ؟ اسلام قيادات الشيعة اوالسُنة الفاسدين، ام داعش الاجرام، أم قتلة العلماء والمفكرين، قللوا ايها المثقفون من كتابات واطاريح التراث واتجهوا نحو حقيقة التغيير.مسئولية وطنية تقع على عاتق اساتذة الجامعات اليوم بالذات بعد ان اصبحت قيادات التعليم العالي تحتلها اللاكفاءات في التنفيذ من اصحاب شهادات التزوير.

ليس امامنا اليوم الا ما جاءت به الوصايا العشرلكتب السماء في كل الديانات في العدل والحرية والحقوق، "الأمن والأمان والأطمئنان والكفاية والعدل " لترفع عنا: نظرية الخوف، والهزيمة امام التجربة الاسلامية الفاشلة، ويرفع عنا اليأس والحزن والضعف من الفشل الروحي الكبير،؟ ولا يتم هذا الا بتغيير الرأي الفقهي الخاطىء الى علم تقني صحيح.

نعم، نحن نمر اليوم بمرحلة الجهل المطبق الذي خلفته لنا مؤسسة الدين منذ البداية ودكتاتوريتها الباطلة في التنفيد، التي فرقت المجتمع الى فرق واحزاب متناحرة 73 فرقة في النار الا واحدة ولا ندري من اين جاءت بالغيب الواحدة، والغيب محدد برب العالمين، احاديث مزورة أخذتها من مسلم والبخاري وبحار الانوار (أفة الاسلام الصحيح) وابن ماجة والاخرين المزورين فاضعفت الرابطة الانسانية والاحتياجات الاجتماعية والمالية فحل التذمر بدلا من الاخوة والوئام، والظلم بدلا من العدل، والخوف الدائم بدلا من الأمان، والسيف بدلا من القانون، والتخلي عن المُثل والقيم بدلا من الصدق واستقامة الصادقين.؟

ايها الناكثون للزمن والتاريخ، كنا نامل من التغييرالجديد حياة حرة كريمة سعيدة لحياة المشردين لا ان تحكمنا زمر الخيانة والفساد وقتل المخلصين.

ايها الحاكمون الباطلون: ان اوجه النفاق عندكم تتفاوت اليوم من نفاق اجتماعي الى سياسي ال ديني الى اخلاقي.حتى تلاحمت الاوجه كلها عندكم فلم نعد نفرق بينها فيكم، اصبحتم مزيجا مأساويا من مثالب تنخرسمومها في مجتمعاتنا البائسة، فتحولت الدولة الى عملية سياسية لصيقة بالخائنين، تتباهون بالسرقة و نظريات التفليش"مع التافهين.فلم يعد الاصلاح ينفع معكم الا بأجتثاثكم كما يجتث الفساد من عروقه مع الفاسدين، فمثلكم تعايش مع الباطل لا يعرف حقوق القانون، فأبقوا في المظالم سادرين، فحسابكم غداً عسير،

خذوا الثراء لكم ايها الفاسدون، وأعطونا الوطن، نحن ثراؤنا بمحبة الوطن والاخلاص له رصين، بالحب الصادق مع الاخرين الذين يحبون انسانية الانسان مؤمنين، سيبقى الوطن ثراؤنا وستبقون انتم في مذلة التاريخ.

حتى الطيور اصبحت لا تغرد في بلادي من جراء الفساد، بل تتذمروتزغزغ باصواتها تنادي بأزاحة الغمة عنها وعن الناس اجمعين، حتى اصبحت قصص القرآن الكريم التي نرددها، كل يوم

قديمة، تحتاج، الى تجديد،

***

د.عبد الجبار العبيدي

في المثقف اليوم