قراءات نقدية

نرجسية المتنبي

ahmad alshekhawiلا شيء كالإستسهال يفسد الكتابة.

يذهب الاعتقاد بنفرمن النقاد إلى معايير متحجرة تقاس بضرورة ترك خيار إقحام الذات في الفعل الابداعي، وهو طرح يمكن تفنيده بنموذجية المتنبي وشعريته في تبنيها للحبكة النرجسية ،إذ تجود بأروع وأخلد القصائد:

برانيا/

أُعيذُها نَظَراتٍ مِنكَ صادِقَـــةً

                   أَن تَحسَبَ الشَحمَ فيمَن شَحمُهُ وَرَمُ

وَما اِنتِفاعُ أَخي الدُنيا بِناظِــرِهِ

                   إِذا اِستَوَت عِندَهُ الأَنــــوارُ وَالظُلَمُ

أنا الَّذي نَظَرَ الأَعمى إِلى أَدَبي

                   وَأَسمَعَت كَلِماتي مَن بِهِ صَمَمُ أَنامُ

مِلءَ جُفوني عَن شَوارِدِهـــــا

                  وَيَسهَرُ الخَلقُ جَرّاها وَيَــــــختَصِمُ

وَجاهِلٍ مَدَّهُ في جَهلِهِ ضَحِكي

                  حَـــــــــــــــــتّى أَتَتهُ يَدٌ فَرّاسَةٌ وَفَمُ

إِذا نَظَرتَ نُيوبَ اللَيثِ بارِزَةً

                  فــــــــــــــلا تَظُنَّنَّ أَنَّ اللَيثَ مُبتَسِمُ

ا مَن يَعِزُّ عَلَينا أَن نُفارِقَهُـــم

                  وِجدانُنا كُلَّ شَيءٍ بَعدَكُم عَــــــــــدَمُ

ما كانَ أَخلَقَنا مِنكُم بِتَكرُمَــةٍ

                  لَـــــــــــــو أَنَّ أَمرَكُمُ مِن أَمرِنا أَمَمُ

إِن كانَ سَرَّكُمُ ما قالَ حاسِدُنا

                  فَما لِجُرحٍ إِذا أَرضاكُمُ أَلَـــــــــــــــمُ

 

جوانيا/

 

مَلُومُكُمَا يَجِلُّ عن المَــــــــــلامِ

                       وَوَقْعُ فَعَالِهِ فَـــــــــــــوْقَ الكَلامِ

ذَرَاني والفَلاةَ بــــــــــــلا دَلِيلٍ

                      وَوَجْهِي والهَجِيرَ بـــــــــــلا لِثَامِ

فإِنِّي أَسْتَرِيحُ بِذِي وهَـــــــــــذَا

                     وَأَتْعَبُ بَالإِنَاخَةِ والمُقَـــــــــــــــامِ

عُيُونُ رَوَاحِلِي إِن حِرْتُ عَيْني

                     وَكُلُّ بُغَامِ رَازِحَةٍ بُــــــــــــــغَامِي

فَقَدْ أَرِدُ المِيَاهَ بِغَيْرِ هَـــــــــــادٍ

                     سِــــــــــوَى عَدِّي لَهَا بَرْقَ الغَمَامِ

يُذِمُّ لِمُهْجَتي رَبِّــــــــــي وَسَيْفِي

                     إِذَا احْتَاجَ الوَحِيدُ إِلَـــــــــــى الذِّمَامِ

ولا أُمْسِي لأَهْـــلِ البُخْلِ ضَيْفًا

                    وَلَيْسَ قِــــــــــــرًى سِوَى مُخِّ النَّعَامِ

وَلَمَّا صَــــــــارَ وُدُّ النَّاسِ خِبًّا

                    جَزَيْتُ عَلَــــــــــــــى ابْتِسَامٍ بِابْتِسَام

وَصِرْتُ أَشُكُّ فِيمَنْ أَصْطَفِيــهِ

                    لِـــــــــــــــــــــعِلْمِي أَنَّهُ بَعْضُ الأَنَامِ

 

ومن ثم فإن رسوخ التواصل من عدمه، مع المتلقي، يمكث قيد تفاوت نسب مقاربة التجربة الفردية ومستويات إبدالاتها وحجم الرؤى التي قد تؤطر نقلها هي من هامشيتها وعزلتها إلى عالمية الطقس وفق ما يتيح بروز الآخر في مرآة الأنوية تبعا لإملاءات اشتراكية الهموم وتداخلاتها.

 

أحمد الشيخاوي / شاعر وناقد مغربي

 

في المثقف اليوم