قراءات نقدية

الراوِيةُ الذي يكشفُ المسكوتُ عنه

عبد الرضا عليقراءةٌ في قصّةِ قُصي الشيخ عسكر(الكورونا)

في قصَّة قصي الشيخ عسكر (الكورونا) رصدٌ لظواهِرَ عديدةٍ تشيعُ في المجتمعات الأوربيّةِ تحديداً؛ وهذه الظواهرُ تندرجُ ضمن المسكوت عنه في غير تلك المجتمعات لأسبابٍ تتعلَّقُ بالمحرَّماتِ، أو بما اصطُلِحَ عليه بـ (المعيب) أو (المخجل)، وسنقفُ عندها لكونها تشكّلُ نوعاً من الجرأة في التناول، فضلاً عن أهميَّتِها في الجانب الفنّي.

قصّةُ (الكورونا) الطويلة هذه لا عَلاقةَ لها بالوباءِ، ولا إلى تحولِهِ إلى جائحةٍ، ولا بأعراضها، وعلاجِها، إنَّما اتَّخذت الروايةُ اسمَ الوباءِ عنواناً لها، لأنَّ كتابتَها بدأتْ عند تفشِّي هذا المرض في مدينةِ (ووهان) الصينيَّة كما نزعم، وما رافقَ تفشِّيـهُ من هلعٍ عمَّ الإنسانيَّةَ بعامَّةٍ .

وعلى وفقِ ما ارتضيناهُ منهجاً لنا في القراءةِ، فإنَّنا نجدُ المحاورَ الآتيةَ ستفضي إلى ما نرجوه من حقيقةٍ  نذيعُـها بين القرّاء:

1 ـ التقنية:

أدارَ  الأستاذ الدكتور قصَي الشيخ عسكر قصَّـتَهُ على تقنيةِ الراوي الداخلي العليم [في الأعمِّ الأشملِ]، لكنَّهُ كانَ يداخلُ بينها، وتقنياتٍ أخرى  كالمحاورة، والمونولوجِ الدرامي (المناجاة النفسيّة) والتداعي الحرِّ [في الأقلِّ الأضيقِ].

وتقنيةُ الراوي الداخلي العليم تختلف عن تقنيةِ الراوي الموضوعي، فالأخيرُ وصَّافٌ خارجيٌّ لا يتدخَّلُ في الأحداثِ، ولا يجيبُ عن أسئلةٍ لا يعرفُها، فهو موضوعيُّ في نقلِ الأحداثِ، وتصويرِ السردِ دونَ إقحامِ شخصيَّتِه فيه، بينما الراوي الداخلي هو واحدٌ من شخصيَّاتِ القصّةِ، وقد يكونُ هو الشخصيّة المحوريَّة فيها، أو كما يطلق عليه بـ (البطل) الذي يصوِّرُ الأحداثَ كما يشاءُ، فيسمح لنفسهِ أنْ يزيدَ فيها، أو ينقصَ، وقد يبتعدُ عن الموضوعيَّةِ لتدخّلِهِ السافرِ في تحميلِ الحدثِ ما يشاءُ .

والراوي الداخلي في قصَّة (الكورونا) كان البطل نفسهُ (حسن) الذي يخبرنا أنه وُلِدَ في مدينةِ برمنغهام البريطانيَّة سنة 1999م وأنه عراقيُّ الأصل جذوره من الناصريّةِ،ومتخرّجٌ في قسمِ (البسايكترسك) ويعمل في مركز(حقل الزعفران) لذوي الاحتياجاتِ الخاصة المصنَّفينَ ضمن عوق (اسبارجر) بمدينة نوتنغهام البريطانيّة، وهؤلاءِ المرضى يتّصفونَ بالعدوانيّة، والعنفِ المفاجئ غير المتوقّع . ومع ذلك فلابدَّ له ولبقيّةِ زملائهِ من  العاملين في المركزِ أنْ يعاملوا هؤلاء بلطفٍ، وحنوٍّ، ومحبَّة.

ولكونِ الشخصيَّةِ المحوريّةِ الرئيسةِ (حسن) هو الراوية، فقد أخبرنا أنَّ والدَهُ كان قد هربَ من العراقِ في أثناءِ الانتفاضة الشعبانيّة التي قام بها معظم العراقيين بعد هزيمةِ الجيش العراقي في الحرب غير المتكافئة مع دول التحالف التي قادتها الولايات المتحدة ضد العراق في ما سُمّي بـ (حرب الخليج الثانية) سنة 1991م.

على أنَّ الراويةُ يؤكدُ للمتلقي أنَّ جدَّته لأبيه هي من كانت وراء قرار دخول والده(قبل زواجه) مدينة رفحاء السعوديّة هارباً، لأنَّها خشيتْ على ابنها من الموت إعداماً لمشاركتهِ في الانتفاضةِ ضد جمهوريّة الخوفِ، ومنظّمتها السريّة في العراق، علماً أنَّ جدَّ البطل (كما يخبرنا الراويةُ) كان أوّل شهيدٍ سقطَ في مرتفعات الجولان السوريّة حين شاركَ مع الجيش العراقي ضد العدوان الصهيوني على الجبهة السوريّة في حرب أكتوبر المجيدة  سنة 1973م.

***

2 ـ كشفُ المسكوتِ عنهُ:

ثمَّةَ ممارساتٌ مستهجنةٌ يعزفُ عن ذكرها معظم المبدعين العرب لدخولِها في بابِ السلوكِ المعيبِ، أو الذي يشكّلُ منقصةً في ممارِسِها، ويقدحُ بشيمتِهِ عرفيَّاً، واجتماعيّاً، لكونها مساوئ يرفضُها الخُلُقُ السليمُ، ولا يُحبِّذُ إيرادَها إلاَّ إذا جاءتْ تلويحاً، أو ترميزاً، وعلى نطاقِ ضيِّقٍ محدود.

لكنَّ هذه الممارساتِ المستهجنَةَ سلوكيَّاً في الإبداعِ العربيِّ المكتوب في الداخلِ ليست كذلكَ في الإبداعِ المكتوب في دول المهاجر، والمنافي الأوربيَّة،فضلاً عن أنَّ بعضَ تلك الممارسات التي تستهجنُها مجتمعاتُـنا تحميها قوانين تلك البلدان، وتدافع عنها بوصفِها تقع ضمن دائرة حريّة الأفراد، واختياراتِهم الشخصيَّة.

وهذا المسكوتُ عنه في مجتمعاتنا سمح بكشفهِ القاصُّ قصيّ الشيخ عسكر (هنا) في قصة (الكورونا)، وجعل الراوي الداخلي يُشيرُ إلى تلكَ الممارسات، فضلاً عن ممارستهِ هو شخصيّا (الراوية) لبعضِها عمليَّـاً، واسترجاعِ صورها بجرأةٍ، وتباهٍ .

وفيما يأتي بعضها:

 

- الأمَّهات الأوربيَّات يعلمنَ بناتهنَّ ما يتعلّق بالجنس، وممارستِهِ منذ مرحلة الطفولة،  فقد وردَ في الصفحة الحاديةَ عشرةَ ما يأتي على لسانِ الراويةِ: (يقلُّ الخوفُ حين أُدركُ أنَّ الأمَّهاتِ بعد مرحلة الابتدائيّة يعلِّـمنَ بناتهنَّ كيف يمارسنَ، ويستعملنَ حبوب منع الحمل.)

- معلّمةٌ تمارسُ الجنسَ مع طفلٍ صغيرٍ، وقد وردَ ذلك في الصفحة الثانيةَ عشرةَ: (معلّمة تُمارسُ الجنسَ مع طفلٍ في مرحلةِ الابتدائيّة).

- الزنا بالمحارم، وقد أوردَ الراويةُ ذلك في الفقرةِ الآتية من الصفحةِ  السابقةِ عينِها: (وأخرى تعْـلَمُ أنَّ شريكَـها يُمارسُ الفعلَ ذاتهُ مع ابنتِها، فتصمتُ خشيةً من أنْ تهدمَ البيتَ فتفقد الشريكَ أبا طفلِها القادم .)

- السعادة بفقدان العذريَّة، وهذا ما وردَ كذلك في الصفحة السابقة ذاتِها في الارتجاع الفنّي الآتي: (تغيبُ في الأفقِ، فأهبطُ من فوقها، فتلتفتُ أسفلَ عجيزتِها ترى بقعةَ دمٍ تختلِطُ بترابِ الأرضِ الرملي الداكن، فتبتسمُ، تقبِّلُني وتقولُ: لم أعُدْ الآنَ عذراء . وتعودُ تقبِّلُني بعمقٍ قبلةً طويلةً تجعلُني أزهو بأنّي صنعتُ في الأقلِّ شيئاً مهمَّـاً .)

- شذوذ الرجال (اللواط ـ Gay) وشذوذ النساء (السحاق ـ Lesbian) كما ورد ذلكَ في الصفحةِ الثالثةَ عشرةَ من القصّة فـ (مقدِّمُ البرنامج الشهيرُ ستيف يعترفُ أنه [[Gay]].. والخبرُ يفاجئ زوجته وأولادَهُ .)، وكما وردَ في الصفحةِ الخامسةِ والعشرين حينَ رفضتِ المدربةُ ياسمين دعوةَ الراويةِ لها بالخروجِ معه لكونِها سُحاقيّة: (لن أقدر قط، فأنا أسكنُ مع صديقتي[[Girlfriend وهي شريكتي!.. هذه المرَّة قَرَفْتُ حقَّاً.. ندمتُ.. أكتشفُ أنّي أقرفُ، ولستُ حقوداً قطُّ . الذي أتيقَّـنُ منه جيّداً أنَّها سُحاقيَّةٌ . هكذا يطلقون عليها في بلادِ أبي وجدِّي الشهيدِ؛ يحتقرون تلكَ الأصنافَ.. شواذ منبوذون .)

***

3 ـ التداعي:

قصي الشيخ عسكر مثقَّفٌ شاملٌ يكتبُ الشعرَ بأنواعهِ: شعر الشطرين، والتفعيلي، وما سُمّيَ بقصائد النثر التي أميلُ إلى تسميتِها بـ[[النصوص المفتوحة]] فضلاً عن كونهِ ناقداً لغويَّاً جيّداً، ومترجماً حاذقاً، وسارداً مقتدراً سامقاً .

ويبدو أنَّ اكتسابَهُ المعرفيَّ الواسعَ رصَّنَ استعدادَهُ الفطري، وقوَّى مخيّـلتَهُ . وهذه المخيَّلةُ هي المعوَّل عليها في صياغةِ الإدهاشِ، و الإثارةِ، ولعلَّ الجرجاني قد أصابَ حين قالَ عن الشاعرِ الذي له قدرة التخييلِ: (يقولُ قولاً يخدعُ فيه نفسَهُ ويريها ما لا تراه)⁽¹⁾

وهنا تكمنُ المفارقة، فالخيالُ الذي هو تشكيلٌ سحريٌّ يُمكِّنُ المبدعَ (على وفق رأي الطاهر) من أن يخلِقَ من أشياء مألوفةٍ شيئاً غير مألوفٍ في الفنِّ عموماً⁽²⁾، لأنَّ التخييلَ هو العمليَّةُ التي تؤدِّي إلى تشكيلِ مصوَّراتٍ ليس لها وجود بالفعل، أو القدرة الكامنة على تشكيلها⁽³⁾.

لهذا ركَّزَ عليهِ القاص تركيزاً واضحاً في تقنيتِهِ للتداعي الحرِّ في هذه القصَّةِ الطويلةِ، وتركَ لذائقتهِ أنْ تكتشفَ خفايا الأشياءِ لِتصنعَ منها سحراً في البنيةِ، وابتكاراً في الصور، والجمع بين المتضادَّات.

 

وفيما يأتي صورٌ من التداعي الذي شكَّلته سحريَّةُ التخييلِ، وارتبطَ بتقنيةِ الراوي البطل:

1- فحين يذكرُ الراويةُ (ص: 15 ـ 16) أنه رضخَ لإلحاحِ والدتِهِ للسفرِ إلى برمنغهام لاستقبالِ خالتهِ، وابنتِها لؤلؤة، يقودنا إلى السردِ الآتي: [أتركُ وجهي في المرآةِ وألتفتُ إلى المذياعِ كأنَّني أبحرُ مع مشاهدَ حيَّةٍ أمامي: كورونا، العدد الإجمالي للضحايا يصل 800، والصينُ تخصِّصُ عشرة ملياراتٍ لمكافحةِ الفايروس،العاصفةُ تبدأُ  بعد الظهر، مع احتمال تساقطِ ثلوجٍ في مناطق يورك شاير، قتيلانِ في الناصريَّةِ جنوب العراقِ، العدد يصلُ إلى ألفِ قتيلٍ، ومتظاهرو بغـداد يحرقونَ دميةً للرئيسِ ترامب. يبدو أنَّ العالمَ في سباقٍ محمومٍ، الكورونا في الصّين، والمظاهرات في العراق، الناصريَّة تسابقُ الصِّين، أعودُ إلى النكتةِ السمجةِ القديمةِ: هل مدينةُ جدِّي شجرةٌ خبيثةٌ كما تقولُ النكتةُ ؟].

ولو أمعنَّا النظرَ مليَّاً في سردِ الراويةِ لاكتشفنا أنَّ هذا التداعيَ الغريب لم يكن ليأتيَ لولا قدرة القاص على دمجه بالسردِ الوصفيّ على نحوٍ متلاحقٍ، وهنا تكمن المفارقات، فالصينُ فيها 800 إصابة بالكورونا، لكنَّ احتمال سقوط الثلوج في يورك شاير واردٌ، بينما يقترب عددُ شهداء التظاهرات في العراق إلى ألف شهيد، والناصريّة تسابق الصين، بينما بلغ عدد شهدائها في ذلك اليوم اثنينِ فقط، ومع ذلك فهو يتذكَّر النكتةَ السمجةَ عن الشجرةِ الخبيثة.

2- وفي أثناء سردِ الراوية لحادثِ الشجارِ الذي وقع بينه وأحد التلاميذ المتشدِّدين المغاربة في الصفحات: 20 ـ 22  بسبب عدم صيام الراوية في رمضان، فإنَّ التداعي يأخذُ منحىً مغايراً يمتزجُ فيه الواقع بالحلم، فحين كانت (كريستي) صديقة البطل / الراوية حسن شجاعةً في واقعها المعيش، فتندفع نحو المغربي الذي أمعن في شتم حسن، وتضع يديها بصدرهِ وتدفعهُ بقسوةٍ لبوةٍ،فيسقط على قفاه قبل أنْ يصلَ إليه حسن، فإنَّها تهربُ في الحلم، وينوبُ عنها في الدفاعِ عنه العمُّ محسن طفيل بهراوتهِ، فيهوي بها على رأسِ التلميذِ المغربي، ومثلُ هذا التداعي غير المبرَّرِ يجعل السردَ أكثرَ جمالاً لمخالفتهِ للواقعِ، وانحيازهِ للحلمِ: (.. اختفت كريستي، فاجأتني بهربها. هربتْ حالما وجدتْهُ يتقدَّم نحوي.. تلاشت، فنهضتُ . في تلك اللحظةِ برزَ من مكانٍ ما كمقاتلٍ شرسٍ بعينينِ تقدحانِ شرَراً جندي كان ينتظرُ بصبرِ داخل كمينٍ عدوَّاً  انتظرهُ منذُ زمنٍ طويلٍ، هو بعينِهِ العم محسن طفيل (. . .) وجدتُهُ يحملُ هراوةً فيهوي بها على رأسِ التلميذِ المغربيِّ..المدرسة فارغة، كريستي هربتْ.. التلميذُ يترنَّحُ، يهربُ، يلحقه العمُّ محسن..أُراقبُ المشهدَ عن بعدٍ.. لحظات، ساعات..يختفيان..لحظتـئذٍ أنتبهُ على صوتٍ ناعمٍ يُعلنُ وصولَ القطارِ إلى محطَّةِ برمنغهام..، فأرمي آخرَ حلمٍ لي من مخلَّفاتِ البارحةِ، وأهبطُ.)

3- وفي الصفحات 26 ـ 29 يقودُ التداعي البطلَ الراويةَ إلى تذكّرِ لُهاثِهِ الجنسي مع كريستي في الوقتِ الذي كان يصطحبُ ابنةَ خالتهِ الضيفة لؤلؤة لمجرَّدِ أنَّهُ مرَّ بالأمكنةِ التي جمعتْهُ بكريستي، فتتداخلُ أخيلتُهُ بالواقعِ المعيشِ لحظتها، فتتشكَّلُ صورٌ تمزجُ الواقعَ الراهنَ بالقديمِ الذي يستردُّ ما كان من شبقٍ مارسهُ مع كريستي  مرَّات عديدة على نحوٍ يذكِّرنا بمصطلح (تيّار الوعي) الذي اجترحه (وليم جيمس) وخصَّ به تقنية المونولوج الدرامي.

وقصص تيّار الوعي تتداخلُ فيها المشاعرُ، ولا تكونُ الأفكارُ فيها مترابطةً في الأعمِّ الأشمل، مع كونها تعتمدُ أسلوبَ الانسيابِ المتواصلِ للأفكارِ بحيثُ يختلطُ فيه ما هو ذهني بما هو باطني: (.. اعترضنا حاجزٌ صخريّ، فملتُ عليها أسندها بذراعي. كتفها يلاصقُ كتفي، خشِيتْ أنْ تنزلقَ قدمُها فقبضتْ على زندي بيدها.. كانت كريستي تسابقني، تجري أمامي.. ألحقُها، تطلبُ منّي أنْ أُقبلَها.. أحياناً أتخيَّلُها غزالة تشردُ.. وفي الفراشِ بعدما صرختْ ولم تعدْ عذراءَ، رأيتُها بصورةِ لبوَةٍ.. نمرة تفترسُني فأرتاح، أجدُ العالمَ جميلاً مثلَ أحلامٍ زرقاءَ تحلُّ في لهاثها.. على مهلكِ اعتبريها رياضة.. في الإمارات أُمارسُ مع صديقاتي رياضةَ التزلُّجِ على الرمال..

أعرفُ أنَّ دبـي استنسخت العالمَ كلَّهُ: طبيعة، ومتاحف، ومسارح.. كلّ شيء (..) راحت برمنغهام تنبسطُ تحتَ نظرنا، تمتدُّ، وتمـدُّ يديها كأنَّها ترحبُ بنا.. والغابةُ عن جهةِ اليمينِ تضفي على المشهدِ بعضَ الجلالِ.. وثمَّةَ التلَّةُ، وقطرات الدمِ التي تلاشتْ تحتَ المطرِ والترابِ، الرغبةُ تحاصرُني، كريستي تعصُرُني بينَ فخذيها، أمَّا في البيتِ وقد دخلنا غرفتها فترتقي بعضَ الأحيان فوقي، وتدعكُ حنكي بشعراتٍ شقراء ناعمةٍ غضَّةٍ نمتْ بوقتٍ قريب، وتروح تلعقُ جسدي، لكننا افترقنا بعد الصفِّ التاسعِ، اختارت قسمَ الميكانيك، وظهرَتْ فتيات أُخريات في حياتي مثل أيِّ طلاب ثانويَّة).

***

وبعدُ، فلعلَّ هناك زوايا أخرى غير التي وقفتْ عندها قراءتنا هذه، قد يجدها غيرُنا من النقاد الكرام حريَّةً بالتناولِ النقدي،وجديرةً بالتحليل،والتفسير،والتقييم، والإشادة، فزوايا النظرِ مختلفة، والظواهرُ الفنيّةُ عديدة، فليس ما تناولناه منها هنا هو كلُّ ما فيها، لذلكَ أقتُضيَ التنويه.

 

أ. د. عبد الرضـا عليّ

............

إحــــــالات

(1) أسرار البلاغة: عبد القاهر الجرجاني، تح: هـ . ريتر، مط المعارف، استنبول، 1954 (بدلالة د. محمَّد لطفي اليوسفي [الشعر والشعريّة]341، أوربيس للطباعة والنشر، تونس 1992م.

(2) ينظر: في النقد الأدبي الحديث، منطلقات وتطبيقات: د.فائق مصطفى، ود.عبد الرضا عليّ، 37، ط2، دار الأيام للنشر والتوزيع – عمّان / الأردن 2014م .

(3) يُنظرُ: في النقد الأدبي، دراسة وتطبيق: د. كمال نشأت، 28، مط النعمان، النجف الأشرف، 1970م.

 

 

 

 

في المثقف اليوم