قراءات نقدية

رابح بلحمدي: أحلام مستغانمي تهندس لهويتها الفردية والجماعية في ضوء ذكرياتها

نقد سيميائي وثقافي لرواية ذاكرة الجسد

محمد شريف مستغانمي، مالك حداد، عبد الحميد بن بديس متتاليات ذكورية تشكل ما يشبه عقدة اليكترا، التي أشار إليها سيمون فرويد في شعور تلك الفتاة القادمة من ذلك الزمن العصيب فصقلت البنية الهندسية لوعي أحلام مستغانمي الدكتورة والروائية الجريئة ....

أحلام مستغانمي المولودة في 13 أفريل 1953 بتونس العاصمة حيث تلقت تربيتها الأولى في واقع سياسي، يقوده الحبيب بورقيبة الذي كان ينسخ تجربة كمال أتاتورك متأثرا بموجة الحداثة الغربية مزيلا من طريقها كل العراقيل العرفية والدينية.....

في هذه البيئة التي يعمل فيها الوالد معلما للغة الفرنسية، لكنه يحمل روحا قومية عربية يلتف حوله أفراد الأسرة الفارة من جحيم أحداث 8 ماي 1945 الدموية، التحاق الخال وانخراط محمد شريف المستغانمي في ثورة التحرير 1 نوفمبر 1954 إن هي إلا حتمية روحية لدى الشرفاء من أبناء هذا الوطن.....

تعد هذه الذاكرة المأساوية موردا أساسيا في تشكيل هوِّية الأديبة، كما يؤكد ذلك المفكر أرنست رينان أن الألآم المشتركة توحد الأفراد والجامعات أكثر من الأفراح، ومن ثمَّ فإن الهوية التاريخية تبنى أساسا على ذاكرة المآسي، فالمآسي والأفراح بورصتي قيم الذاكرة يضمنون إنعاشها واستمرارها ......

فهذه الحالة النفسية الشعورية واللاشعورية هي التي فجرت بركان الإبداع في صورة منتوج روائي " ذاكرة الجسد " عام 1993 كهزة زلزالية قوية تلتها أخرى ارتدادية متعاقبة بنفس الابطال وتنوع الحبكة المسببة لصراع عاطفي فيه الحب عاملا مشتركا بين التعلق بالمرأة والوطن والنضال والشهادة ...........

في فوضى الحواس 1997 وعابر سرير 2003 ........

قبل أن نخوض في دراستنا النقدية السيمائية والثقافية لمضمون النص " ذاكرة الجسد " نسجل هذه الملاحظة الهامة: الأديبة بكل عبقرية وفقه لحالتها النفسية تتلمس شعورها وحتى لا شعورها بالتحليل لتبدأ بمقدمة هامة تجعلها تتخندق في صف أدباء الوطن فيما بعد الكولونيا لية الغيورين على قوميتهم ولغتهم العربية أي ما يقابل صف آخر يعارض استعمال العربية في الحياة ويسمي المتعلمين بها بالقومجيين .

الدفاع عن ثقافة الاستعمار بالدعوة الى البربرية وهو يريد مكانا للفرنسية على حساب العربية.

دعوة أخرى للعلمانية المتطرفة وإزاحة دور الإسلام في الخطاب السياسي للجزائر الفتية، ومن أمثال هؤلاء أمين الزاوي، كاتب ياسين، مولود معمري ......

إن ذكرها لمالك حداد ابن قسنطينة الذي أقسم بعد استقلال الجزائر ألا يكتب بلغة ليست لغته، ثم ذكر

أبيها في المقام الثاني فتقول عساه يجد "هناك "من يتقن العربية فيقرأ له أخيرا هذا الكتاب ..... كتابه ....

لتعيد والدها إلى المقام الأول من باب بر الوالدين .......

يمثل مالك حداد أحد شخصيات النخبة الوطنية ذات البعد العربي القومي ويظهر ذلك جليا في نضاله في المرحلة الكولونيا لية وفيما بعدها، يتجلى هذا النضال في مجموعته الشعرية الأولى " الشقاء في خطر سنة 1956، في روايته الانطباع الأخير " تحية للثورة الجزائرية " المتأججة وهي في عامها الرابع، روايته رصيف الأزهار والتي تستلهم الأديبة أحلام مستغانمي بطلها خالد بن طبال في ذاكرة الجسد وفوضى الحواس وعابر سرير .....

من هذه النخبة أيضا الأديب محمد الديب صاحب الثلاثية الرائعة: الدار الكبير، الحريق، النول أي المنسج، دون أن ننسى الروائي عبد الحميد بن هدوجه في روايته ريح الجنوب .....

تنتمي أحلام مستغانمي إلى هؤلاء الشرفاء الذين ناضلوا للوطن، للعربية، وقد واجهوا بسبب هذا المسلك الإقصاء والتهميش من النخبة الأخرى الفرنك فليين التي ترى بعين الاستعمار كما ذكر ذلك إدوار سعيد في كتاب الاستشراق 1935 _2003 فالشرق هو ذاك الآخر الهمجي بلا عقل عاجز عن التفكير المنظم، شاذ بليد متعصب أي بمعنى المجنون كما صوره ميشال فوكو في تاريخ الجنون في العصر الكلاسيكي يصفون حركاتها التحررية بشبكة من التنظيمات الخطرة .....

سيمائية العنوان "ذاكرة الجسد «: يمكن اعتبار هنا السيمائية كقسم مهم من الأنثروبولوجيا نظرا لأنها تتعامل مع الماضي الذي تحول إلى ذاكرة في حفريات قسنطينة وتونس ومعاقل الثورة وحاضرا بجامعة السوربون وصالونات باريس بفرنسا ......

الذاكرة في هذا العنوان تحيلنا إلى مفاهيم هامة كما يؤكد ذلك المفكر جويل كندو أن الزمن يهدد كيان الأفراد بالزوال ومن هنا تأتي الذاكرة في استرجاع الذكريات والأحداث الماضية لتخليدها وهذا ما تفعله الأديبة ردا للجميل إلى وطنها بشخوصه وأمكنته الهامة في هويتها الفردية والجماعية، منها الوالد وأدباء، كابن باديس المشاركين في صنع البعد الثقافي الفكري لقسنطينة العريقة.......

لما هذه الخيارات الأدبية؟ كأنها في مرحلة تحديد وهندسة أخيرة لموقفها من هذا العالم المحلي والعالمي المتناقض اجتماعيا، سياسيا واقتصاديا لعلها تحدث شيئا من التكيف والاستقرار الداخلي، رأت أحلام مستغانمي أن تشغيل الذاكرة هو إنعاش وبناء لهوية ذاتها وحفظها من آفة النسيان وإثبات الوجود ورد الاعتبار لنفسها ووالدها أمام أعداء الإبداع قاتلي المواهب .......

فالتذكر حسب ايمانويل كانط "يسمح بربط العلاقة بين ما حدث في الماضي ومالم يحدث بعد بواسطة ما هو حاضر"

ليكون الرضى عن الذات والسكينة الداخلية كعلامة للاستقرار النفسي والشعور بأداء المهمة كاملة في حياة أحلام مستغانمي.

اهتدت الكاتبة بكل عبقرية إلى حيلة تجعل من جراح ومأساة ما حدث للمناضل الثوري محمد شريف مستغانمي ومثله من قدموا الغالي والنفيس للوطن ثم ليجدوا أنفسهم على الهامش كمن لم يشارك بشيء، إن حجم الألم الذي سببه الصراع على الحكم في الجزائر فضيع لهذا شخصت هؤلاء الضحايا ببطلها خالد بن طوبال الذي فقد ذراعه في حرب التحرير ويعيش بذراع واحدة تدفعه ليتعلم فن الرسم الوسيلة الوحيدة المنفسة عن كبت شديد يشعر بحالة من الحزن الدفين، هذا الأمر جدُّ مؤثر في القارئ ...

قد يحمل جسمنا أثارا وندبات تلازمه في كل حين تذكر بالماضي وقد تتحول إلى دلالة وعلامة خاصة تميزك يستدل بها عنك في حالة الضياع بين الموتى والجرحى أو فاقدي الوعي أو دليل وحجة قوية على النضال وأداء المهمة بتفاني واخلاص، وهناك أثار أخرى في أعماق النفس من شدة التعذيب هي جراح تشكل خلفية لكثير من السلوكيات، بل يعمد بعضهم إلى احداث وشم لحوادث يخلدها كطوطامية وهذا مما نهت عنه الشريعة الإسلامية لما فيه تغيير لخلق الله تعالى....

أما إضافة كلمة الجسد للعنوان وكان يمكن الاستغناء عنها بقولها الذاكرة فقط، فهذا يعطي مدلولات أخرى جدُّ هامة في النص إن ما أصاب الجسد من بتر أو تشوه أو مرض عقلي وهو ما حدث لبطلها خالد بن طوبال في الرواية وأصاب محمد الشريف مستغانمي في عالم الواقع هو سبب للنبوغ والابداع في عالم الكتابة والشعر والمراسلات العاطفية والرسم أو الفنون الأخرى لتحويل الطاقة السلبية إلى أخرى طاقة إيجابية تجعل المصاب يعيش في كرامة وهذا نوع من الطب بتوفير وسائل الإبداع للمتعثرين بسبب الظروف الاجتماعية والحروب ......

بل يمكن التلميح إلى ما احدثته الدعاية لأجل التجميل بجلد الذات وتحميل الجسد ما لا يطيق من حمية و شفط للدهون وتكبير أو تصغير لأعضاء الجسم، ينبغي إخراج هذا الجسد المعذب المستعبد بوسائل الإبداع والفن .......

أشارت الروائية في نصها البديع بطريقة بلاغية ساحرة إلى أمراض اجتماعية ناتجة عن أنظمة فاشية شمولية فاسدة منها

خطر الجهاز الاعلامي بقنواته واذاعاته وصحفه التي تحول الكذب إلى حقيقة والهزيمة إلى انتصار حين تذكر ذلك ببيان رائع": هناك صحف يجب ان تغسل يديك ان تصفحتها وإن لم يكن للسبب نفسه كلّ مرة ...فهناك واحدة تترك حبرها عليك ... وأخرى أكثر تألقا تنقل عفونتها اليك ...."

تحكي الاديبة المميزة عن ركود سياسي ثقافي اجتماعي بائس يسمح بما سماه المفكر مالك بن نبي قابلية الاستعمار حين تقول: " تراني انا الذي أدخل الشيخوخة أم ترى الوطن بأكمله الذي يدخل اليوم سن اليأس الجماعي..."

تشير بإبداع منقطع النظير إلى مأساة وطنية منها تهميش المعارضين المشاركين في حرب التحرير ليستقروا في ديار الاستعمار ليعيشوا تناقضا صارخا، حيث يجيدون الحماية عند من رفعوا السلاح في وجهه ذات يوم وهو بذلك يستثمر في مشروعه الجديد فيما بعد الكولونيا ليه، فتكتب: ويحدث أن تحزن وأنت تأخذ المترو وتمسك بيدك الفريدة الذراع المعلَّقة للركاب ثم تقرأ على بعض الكراسي تلك العبارة: " أماكن محجوزة لمعطوبي الحرب والحوامل "

" لا ليست هذه الأماكن لك، شيء من العزة ،من بقايا شهامة ،تجعلك تفضل البقاء واقفا معلقا بيد واحدة "......

اللغة العربية من ثوابت هوية المؤلفة النابغة

حين تكتب بحوار جميل: وبأي لغة تكتبين "

" كان يمكن أن أكتب بالفرنسية ،ولكن العربية هي لغة قلبي ... ولا يمكن أن أكتب إلا بها .."

تقول هذا وهي في جامعة السوربون إنها تعي وعيا عميقا برسالتها ومهمتها "

تقدم الأديبة من تجربتها الفرق بين الحب العذري والعشق الجنوني الذي يأتي على الأخضر واليابس يضر بذلك المصلحة الشخصية فتكتب بكل جرأة: ألم يقل برنارد شو تعرف أنك عاشق عندما تبدأ بالتصرف ضد مصلحتك الشخصية "

تكشف الأديبة عن عقدة نفسية لعل فرويد لم يتطرق إليها: وهي حالة نفسية لأفراد عائلة الرموز الوطنية والاجتماعية وغيرها حين تكتب: أن يكون أبي أورثني اسما كبيرا، هذا لا يعني شيئا، لقد أورثني مأساة في ثقل اسمه، وأورث أخي الخوف الدائم من السقوط والعيش مسكونا بهاجس الفشل "

يهود قسنطينة في رواية ذاكرة الجسد : تسرد الروائية بلطف حنين اليهود إلى قسنطينة بخلق شخصية روجيه النقاش صديق طفولتها وغربتها الذي ساعدها بجاهه ومعارفه بباريس ،ثم ذكرت المطربة اليهودية سيمون تمار وهي تغني المالوف والموشحات القسنطينية بأداء وصوت مدهش مرتدية ذلك الثوب القسنطيني الفاخر ،هنا ينبغي استدعاء النقد الثقافي لهذه القضية الحساسة كما قال عبدالله الغذامي ينبغي أن يعامل النص بوصفه أنه حامل لأنساق مضمرة عفوية كانت أو متعمدة تختفي خلف سحر البيان ،إن وصف يهود قسنطينة بهذه الوداعة وعدم ذكر الجانب الإذائي فيهم للشعب الجزائري والثورة الجزائرية سيدفع إلى نسيان الأعداء التقليديين للأمة وتدليس الذاكرة وبالتالي تشويه الهوية الوطنية ،لأن لليهود في قسنطينة اليد الطولى في خدمة الاستعمار الفرنسي مما سبب انتفاضة سكان قسنطينة ضد اليهود في 5 آوت 1934 لاعتداءاتهم على المساجد وقد تم استدعاء الشيخ ابن باديس لتهدئة الوضع فقال قولته المشهورة : أنه في هذه الحالات التي تمس فيها كرامة المسلم وإهانة دينه ورسوله الكريم لا مهادنة ،وبعد الهدنة اطلق ابن باديس على هذه الحادثة " فاجعة قسنطينة " أيضا من ما ينبغي أن تحفظه الذاكرة مجزرة ،12 ماي 1956 نفذها متطرفو اليهود مدعومين بشرطة الاحتلال الفرنسي ....

وإن الحكم للعام ولو شذّ بعضهم بموقف إنساني نبيل مع الثورة الجزائرية، إن شهادة البراءة التي تقبل منهم هي براءتهم من الصهيونية واحتلال فلسطين أما يأكل مع الذئب ويبكي مع الراعي فهذا مكر وخبث لا ينبغي أن نخدع به القارئ .....

نرجع إلى ذكاء المؤلفة عندما تحلل عقدة حب الشهادة التي تعلو فوق مصالح الفرد الذاتية كترك الحبيبة والأهل والأولاد لأجل الوطن، عندما تذكر الشاعر الفلسطيني زياد فتكتب بقلم خاص «قرَّر فجأة أن يتخلى عن كل شيء ويعود إلى بيروت ليلتحق بالعمل الفدائي "

نظرة المؤلفة لمأساة الصراع بين رفاق السلاح حول من يحكم؟ وكيف يحكم؟  كانت عاطفية غير كاملة، حيث كانت بجانب الرئيس الراحل أحمد بن بلة وهذا شيء طبيعي لأن والدها محمد الشريف المستغانمي كان من رجال الحكومة، ومسيرها لهذا لما هبت رياح التغيير أصابت العائلة وهمشتها، هي سنة التدافع المبني على الدهاء ومن يملك لجام الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحري، وطبيعة الصراع على من يحكم الجزائر بدأت مع ثورة التحرير نوفمبر 1954......

سارت الثورة خلال سبعة سنوات بتسيير جماعي لكن عند اقتراب الاستقلال بدأ النزاع الذي تقوده الباءات الثلاثة، كريم بلقاسم، عبد الحفيظ بوصوف ،لخضر بن طوال ثم أزيحوا بتحالف جماعة وجدة الرئيس احمد بن بلة وحليفه هواري بومدين، ثم ازيح احمد بن بلة بتحالف قائد الجيش هواري بومدين مع طاهر زبيري لتنتهي التصفيات بإزاحة طاهر زبيري و فشل انقلابه ويصفى الحكم للرئيس هواري بومدين الذي كان له الفضل في تثبيت دعائم الدولة والسير بها في نظام اشتراكي استفادت منه طبقات مهمشة من الفلاحين وانطلق التعليم وإنشاء المعاهد والجامعات وترسيخ التعريب وخاض بذلك تجربة عظيمة كانت تلقى معارضة تخريبية من المعزولين ودعاة الفرنك بربر إلى أن كانت وفاة رئيس الجمهورية الثاني بموتة مشبوهة ،إن إقامة الدول ليس بالأمر السهل ولسنا في هذا العالم الوحدين من عاشوا الانتكاسات لكن الحمد لله حققت الثورة الجزائرية دولة قوية لا تزول بزوال الرجال قاومت الإرهاب، قاومت المآمارات الفرنسية ودعاة الفساد إلى الآن، لهذا أقول أن المؤلفة الوطنية القومية العربية أثارت مضمونا يحتاج أن يتكلم فيه المؤرخ بصدق... هي معذورة في ذلك ولها الحق أن تقول ما تشاء لكن النقد الثقافي ينبغي أن يكون حاضرا لتصحيح المفاهيم لدى القارئ ليصنع ماهية وجوده على قواعد صحيحة ..........

فعندما تصرح الاديبة وعلى لسان بطلها خالد بن طوبال عن نظام بأنه دموي (ما الذي يمنعني من فضح أنظمة دموية قذرة، ما زلنا باسم الصمود ووحدة الصف، نصمت على جرائمها؟) لعل الاديبة بعد أن رأت عنف الإرهاب المخترق من طرف الغرب ،ورأت الربيع العربي المخترق من طرف الغرب ،ورأت الربيع الامازيغي و الحراك الفرنك وبربري واغتيال جمال بن اسماعيل تكون قد فهمت أن التغيير ليس هذا هو طريقه وأننا دولة داخل دولة ومؤامرة تجلب مؤامرة وأن الصبر مع الأعور خير من السير في فتنة يقودها الغرب المستعمر، وأظن أن هذا ما جعل الاديبة تصرح لإحدى القنوات الفرنسية فرونس 24 أن العرب لا تصلحهم الا الأنظمة الدكتاتورية وقد راينا لما اغتيل صدام حسين ما وقع للعراق، ولما اغتيل القذافي ما وقع لليبيا ولما اغتيل علي عبد الله صالح ما وقع لليمن...........

ثم يقودنا السرد المتسلسل إلى حبكته الرئيسية قصة حب بين البطل خالد بن طوبال والبطلة حياة وما يكتنفها من صراع شديد موجع، فشخصية البطلة حياة تمثل هذا الوطن الذي لم يسمح بتحقيق أماني عشاقه الذين ضحوا بالغالي والنفيس بل جنحت كطائرة إلى مطار الخونة والوصوليين

تمثل أحيانا شخصية "حياة "مدينة قسنطينة العريقة التي لم تحقق لأبنائها ما كانوا يتوقون إليه فتقول الكاتبة أحلام مستغانمي على لسان بطلها خالد بن طوبال: أنت مدينة ... ولست امرأة، وكلَّما رسمتُ قسنطينة رسمتك أنت، ووحدك ستعرفين هذا.......

الأديبة الخلوقة لم تهمل الذاكرة الجماعية المحلية " قسنطينة " والوطنية " الجزائر "

وبعدها الحضاري "العربي الإسلامي "كتبت بأروع بلاغة تمشي العروبة معي من حيٍّ إلى آخر .... "

" لا يمكن أن تنتمي إلى هذه المدينة ،دون أن تحمل عروبتها .... العروبة هنا.  زهوٌ ووجاهة وقرون من التحدِّي والعنفوان .... "

مازالت لحية ابن باديس وكلماته تحكم هذه المدينة حتَّى بعد موته."

مازالت صرخته التاريخية تلك بعد نصف قرن، النشيد غير الرسميّ الوحيد ...الذي نحفظه جميعا:

شعب الجزائر مسلم. ... وإلى العروبة ينتسب

من قال حاد عن أصله ... أو قال مات فقد كذب

تمثل أحلام مستغانمي نموذج للمرأة العربية المتشبعة بهويتها، فهي تعبر عن موقف صعب أمام نخبة كولونيا لية كوقفة محمد الشريف مستغانمي أمام الاستعمار واعداء الإبداع......

ها هي المرأة الجزائرية تفرض وجودها النضالي في عالم الذكور بلا تعصب لأنوثة أو دعوة إلى الانسلاخ

كتبت فأبدعت، فكرت فأصابت أهدافها، خاطبت ببيان وأسمعت بإتقان نتمنى لها مزيدا من التوفيق والنجاح.

***

بقلم: رابح بلحمدي

البليدة الجزائر

في المثقف اليوم