دراسات وبحوث

دور الاستعمار في إجهاض المشروع الإسلامي

بدر الدين شيخ رشيد

مقاربات بين رؤيتي الخميني وسيد قطب (3)

القوانين الوضعيّة وأضرارها في المجتمع الإسلامي: كان بث القوانين الوضعية في ربوع الإسلام جانبا من مؤامرات الاستعمار، ولهذا، قرر الخميني وسيد قطب الكشف عن الدور السلبي للقوانين الوضعية في المجتمع الإسلامي، وهو أمر لعبه الاستعمار من أجل إجهاض المشروع النهضوي في العالم الإسلاميّ، فكَشْفُ دور الاستعمار في إجهاض المشروع الإسلامي كان من ضمن مساعي الخميني وسيد قطب في تغيير المجتمع الإسلامي.

 فبين الإمام الخميني دسائس الاستعمار وعملاءه ضد قوانين الإسلام، بأنه ناقص وأن قوانينه في القضاء وتطبيق العدالة، ليس كما يجب، وفي أعقاب تلك الدعاية يقوم عملاء الاستعمار بالتلاعب بدستور المشروط، وقد تم هذا التلاعب عند ما أرادوا تدوين الدستور في أوائل الثورة المشروطة (1906م)، بحيث استأجروا مجموعة حقوقية بلجيكية من سفارة بلجيكيا، وقد قام عدة أشخاص بكتابة الدستور من تلك المجموعة، ثم حاولوا ترميم نقائصها بالاستعانة بمجموعات حقوقية أخرى من فرنسا وإنجلترا، وبالتالي ضموا إليه بعض الأحكام الإسلامية لكى يخدعوا الشعب[1].

كما بيّن الإمام الخميني الأضرار الناتجة عن القوانين الوضعية على المجتمع الإسلامي، فذكر أن بعض أهل الخبرة والاطلاع في مجال القضاء يتذمرون على المحاكم وطريقة عملها، فمثلا، لو ابتلي شخص بمحكمة إيران الحالية فيجب عليه أن يشقي طيلة العمر لإثبات دعواه، وعلى هذا، فالقوانين الحالية للمحاكم لا نتيجة فيها للأمة سوى التعب والتأخر عن العمل، وأمر المعيشة وسوء الاستغلال غير المشروع لها، فقليل من الناس يصلون إلى حقوقهم الثابتة.

 هذا، وقد ذكر الإمام الخميني المفارقات بين الأحكام الجزائية في الإسلام وبين الأحكام الوضعية في بعض العقوبات، فذكر مثلا، عقوبة مهربي الهيروئين، حيث يقتل الشخص لأجل عشر غرامات من الهيروين، لكن في المقابل إذا ضرب شارب الخمر ثمانين جلدة فهذا أمر فيه خشونة، أما لو أعدم شخص لأجل عشر غرامات من الهيروين فلا خشونة، مع أن الكثير من المفاسد التي تنتشر في المجتمع هي ناتجة من شرب الخمر[2].

ويؤكد رؤية الخميني، أن منظمة العفو الدولي-كما ذكر الشيخ محمد الغزالي- تبرر القوانين الوضعية في أغلب البلاد العربية، حيث تظهر الرأفة بالقتلة بالقصاص العدل، فكانت العاقبة أن اتسعت دائرة الإجرام ولم تجف الأرض من الدماء المسفوكة طلبا للثأر، أو إشاعة للجريمة، فحصدت الأمة المر من تطبيق القوانين الوضعية[3].

التقدم المادي للمستعمرين وتأثيره على المجتمع الإسلامي:

  ذكر الإمام الخميني أن بعض أفراد الجتمع الإسلامي انهزموا أمام التقدم المادي للمستعمرين، فظن أن الطريق للتقدم الصناعي هو التخلي عن عقائدهم وقوانينهم، فذكر مثلا، أنه عند ما وصل أولئك المستعمرون إلى القمر، ظن هولاء أنه يجب التخلي عن قوانينهم، فيتساءل الإمام الخميني:ما العلاقة بين الذهاب إلى القمر والقوانين الإسلامية؟

 فيؤكد الإمام الخميني أن بلدانا تمتلك قوانين وأنظمة اجتماعية مضادة للإسلام، تمكنت من العمل مع بعضها في مجال التقدم الصناعي والعملي وتسخير الفضاء، فرغم تقدمهم، فهم سيظلون عاجزين عن تحقيق الفضائل الأخلاقية والرقي النفسي؛ إذ أن حل مشاكلهم الاجتماعية يحتاج إلى حلول عقائدية وأخلاقية؛ لأن تحصيل القوة المادية والسيطرة على الطبيعة، كل ذلك لا يؤمِّنُ الحل، فالمسلمون هم الذين يملكون العقيدة والأخلاق، بناء على هذا، لا ينبغي نحن كمسلمين أن نتخلى عن ديننا وقوانينا ذات الصلة بحياة البشر والتي هي أساس إصلاح البشر في الدنيا والآخرة بمجرد تقدم الغرب[4].

  بالإضافة إلى ذلك، ذكر الخميني، أن من ضمن دعايات الغرب أن الإسلام ليس له رؤية في الحكومة ولا يمتلك نظام حكم، وعلى فرض وجود أحكام فيه، فليس لديه سلطة تنفيذية، وهذا الكلام، مفاده أن الإسلام هو مشروع فحسب[5].

ومن جانبه، أكد سيد قطب تأثير المادة على المجتمع الإسلامي كإهدار كل حريات الإنسان وقيمه الروحية وحُرُماته ومقوماته في سبيل توفير الإنتاج المادي وتكثيره، كما تهدر كل القيم الأدبية في سبيل، الاهتمام المجرد بالإنتاج والسلع ومطالب البطون كالحيوان[6].

 كذلك، يرى سيد قطب أن الذين يركّزون على القيم المادية وعلى الإنتاج المادي، ويغفلون تلك القيمة الكبرى الأساسية هم أعداء البشرية الذين لا يريدون لها أن ترتفع على مستوى الحيوان وعلى مطالب الحيوان[7]، وهذه حقيقة يقررها الأستاذ محمد قطب، وهي أن التقدم المادي الغربي والحضاري في العلم وفي التكنولوجيا، كان له أثره في الهزيمة النفسية التي أصابت المسلمين، وأن إدراك المسلمين للفارق الهائل بينهم وبين أعدائهم في الأسباب المادية، لم تكن لتحدث هذا التحول الهائل الذي حدث في حياة المسلمين، لولا الخواء الروحي والعقدي الذي كان في حياتهم[8].

وبالتقدم المادي وتأثيره على المجتمع الإسلام، نتج عنه الغزو الفكري والثقافي للحضارة الغربية، مما دفع كثيرا من الأمة الإسلامية إلى تقليد الغرب في المظاهر الزائفة والسلبية لهذه الحضارة، حيث ظنوا، أن طريق التطور والاجتهاد، يكمن فى تقليد الغرب، يقول مالك بن نبي رحمه الله:«حينما استيقظت الشعوب العربية الإسلامية على خطر الاستعمار، فقد كانت يقظتنا الفجائية دافعاً من دوافع الحياة، وفى الوقت نفسه دافعاً من دوافع الخطأ، فكان مثلنا كنائم استيقظ فجأة فوجد النار فى غرفته، ودون أى تفكير ألقى بنفسه من نافذة الغرفة التى هى فى الدور الرابع أو الخامس لينجو من النار، فنحن قد ألقينا بأنفسنا من حيث لا نريد فى هوة التقليد حتى ننجو من الاستعمار، أننا لم نفكر فى الخلاص تفكيراً معقداً، وإنما دفعتنا دوافع لا شعورية لتقليد حضارة الاستعمار حتى نعصم أنفسنا منه»[9].

 إن تقليد الغرب اندفع في العالم الإسلامي إلى الخلق الماجنة بدل الخلق الجادة، ولما سرت فى البلاد جراثيم الفسق لم تجد مناعة تكسر ضراوتها، فكان هذا الفساد العريض[10]، فأثر هذا التقليد سلبا في تفكك عرى الأسرة المسلمة في معظم بلاد المسلمين نتيجة للسقوط في حمأة التقليد للغرب والانسياق الأعمى وراء كل نحلة ترد منه[11]. 

ضرورة الوحدة في العالم الإسلاميّ:

 إن وجود الحكومة الإسلامية ضرورة عند الخميني لأجل وحدة العالم الإسلامي، وذلك للتخلص من تقسيم الاستعمار الغرب للوطن الإسلامي، وفصل الأمة بعضها عن بعض وجعلها شعوبا متفرقة. هذا، ولأجل تقسيم الدولة العثمانية الكبرى، اتحدت روسيا وإنجلترا والنمسا وسائر الدول الاستعمارية، ودخلوا معها في حروب، ومن ثم إحتلت كل دولة منهم قسما من مناطقها، ولا سبيل لتحقيق الوحدة الإسلامية، واخراج المستعمرين من الوطن الإسلاميّ سوى تأسيس دولة، وهذا يتم بعد إسقاط الحكومات الظالمة والعميلة، وإقامة الحكومة الإسلامية بدلها، لأجل حفظ نظام وحدة المسلمين[12].

من جانبه، ركز سيد قطب على وحدة الأمة عن طريق بناء العقيدة، حيث يرى أن السمة في الوحدة هي الوحدة الشعورية الإيجابية الفعالة، أعني، الوحدة التي تجمع في نفوسهم بين الإيمان بالغيب، والقيام بالفرائض، والإيمان بالرسل كافة، واليقين بعد ذلك بالآخرة، وبها يتم منهج حياتهم، حياة متكاملة، تجمع بين الشعور والسلوك، بين العقيدة والعمل، بين الإيمان القلبي والإحسان العملي والنظام، وبذلك تتوحد الشخصية الإنسانية، بكل نشاطها واتجاهاتها؛ وبذلك يستحق المؤمن هذا العطاء كله[13].

 يلاحظ الفرق بين الخميني وسيد قطب من جهة وحدة الأمة، أن الخميني يركز على الجانب السياسي، بينما سيد قطب يركز على الجانب العقديّ، وهو أمر أساسيّ يختلفان فيه من جهة اصلاح المجتمع.

ويبدو أن سيد قطب تأثر من هذه الناحية بمنهج السلف، فهم الذين يركزون على تقديم التربية وتصحيح العقائد قبل الانخراط في سلك السياسة في تغيير المجتمع، حيث يؤكد من ناحية منهج الحركة على ضرورة شرح حقيقة العقيدة قبل النظام و تطبيق الشريعة، ومن التكوين الفردي قبل التنظيم الجماعي، ومن عدم محاولة فرض النظام الإسلامي عن طريق احداث انقلاب من القمة، وبالذات عدم إضاعة الجهد بالتدخل في الأحداث السياسية المحلية الجارية[14].

مسار الجهاد في اصلاح الأمة عند كل من الخميني وسيد قطب:

رغم أن مفهوم الجهاد عند الخميني وسيد قطب يختلف من حيث الطلب أو الدفاع، إلا أنهما اعتبرا الجهاد جزءا من مضمار الاصلاح لإعادة المجتمع الإسلاميّ إلى هيكله الصحيح، فالجهاد عند الخميني تبعا لاجتهاد الإماميّة يقتصر على الدفاع في عصر الغيبة، وذلك لما يشترط في الجهاد الطلبيّ إلى وجود الإمام المعصوم.

 أما الجهاد عند سيد قطب فهو طلبيّ هجوميّ، وليس دفاعيا، فهو مسلط على الجبابرة والطواغيت التي تحول الدعوة عن الناس، ولا يتعدى على الأبرياء، كما لا يجبر غير المسلمين اعتناق الإسلام، ويدل على ذلك، أنه يفرق بين الدين والعقيدة، حيث يرى أن الدين أشمل من مدلول العقيدة، فالدين عنده هو المنهج والنظام الذي يحكم الحياة، وهو وإن كان يستعمل في الإسلام معنى العقيدة إلا أنه أشمل منه، وبناء على هذا، يمكن أن تعيش جماعات متنوعة تحت منهج الدين الذي يقوم على أساس العبودية لله وحده «ولو لم يعتنق بعض هذه الجماعات عقيدة الإسلام»[15].

فالجهاد عند سيد قطب، يأخذ المسار والمنهج الذي سلكه في صدر الإسلام، من حيث التدرج في الدعوة في جميع أحكامها المرحلية، وبالتالي الهجرة من دار الجاهلية، إلى دار الإسلام، حتى تنتهي إلى إقامة دار إسلام وهجرة، ثم تمتد ظلال الإسلام مرة أخرى، فعندئذ تنقطع الهجرة ويكون جهاد وعمل، كما حدث في الجولة الأولى[16].

لكن الجهاد عند الخميني يأخذ شكل المقاومة ضد الاحتلال، وذلك لما قلنا: إن الجهاد عنده مبني على الجهاد الدفاعي فقط، أما اصلاح الأنظمة الفاسدة في العالم الإسلامي، فالخميني يرى أن اصلاحها يتم من خلال الثورة السلميّة، لا المقاومة المسلحة، فالمقاومة السلمية عند الخميني تأخذ اعتبارات متعددة.

اعتبارات المقاومة عند الخميني:

الأول: بناء الوعي الفكريّ في المجتمع:

يرى الإمام الخميني أن أول نضال لإقامة الحكومة الإسلامية هو العمل الدعائي، ويقصد بها توعية المجتمع، وهذا الأمر يأخذ مسارا تدريجيا إلى أن يصير المجتمع قوة نافذة يستطيع اسقاط الحكومة، وقد استدل الخميني بدور الشعب الإيراني في القضاء على حكومة محمد علي ميراز وإقامة الحكومة المشروطة، وذلك بعد توعية الشعب وإفهامه للمتسلطين حتى تشمل جميع طبقات المجتمع ويتحول الشعب إلى قوة يقظة وفاعلة، تحقق النتيجة المطلوبة[17].

الثاني: نشر تعاليم الإسلام الصحيحة:

ركز الخميني على نشر العقائد والأحكام والأنظمة الإسلامية وتعاليمها للناس من أجل تهيئة الأرضية لتطبيق الأحكام، وذلك لصدّ سعي المستعمرين والحكام الظلمة واليهود والنصارى والماديين، عن تحريف حقائق الإسلام وإضلال المسلمين[18].

وتأتي أهمية نشر تعاليم الإسلام عند الخميني، في حين ما تصرف اليهود في القرآن، وأحدثوا بعض التغييرات في نسخ القرآن التي طبعوها في الأراضي المحتلة، كما أن عددا من المستشرقين نشطون لتحريف حقائق الإسلام وقلبها، بالإضافة إلى سعيهم الحثيث في بث دعاياتهم السيئة ضد شباب المسلمين، حيث لا يقومون بتنصيرهم فحسب، بل يفسدونهم كى يصبحوا بلا دين[19].

وعلى هذا الأساس، يلحّ الخميني على ضرورة إزالة الإبهام الملصقة بالإسلام والمرتكزة في أذهان المثقفين نتيجة دعايات السوء، ويجب أن يبين الناس الرؤية الإسلامية للكون وأنظمته الاجتماعية والحكومة الإسلامية، لكى يعرفوا ماهية الإسلام وقوانينه، وهذا الدور الإصلاحي مكلف بالحوزات العلمية في قم ومشهد وغيرها.

الثالث: اسقاط الحكومات بالثورة عند الخميني:

جعل الإمام الخميني ثورة الشهيد الحسين بن علي رضي الله عنه، نبراسا وشعارا لإسقاط الحكومات الجائرة، فقد وظّف شعار:«كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء »؛ لأن إحياءها من خلال إقامة الاجتماعات ومجالس العزاء والوعظ وطرح مسألة الحكومة وتركيزها في أذهان الشعب يوجد تيارا يدعو إلى الحكومة الإسلامية، هذا، ويرى الخميني أن سبب إسقاط الحكومات الجائرة هو كون الاستعمار فرض على المسلمين أنظمة اقتصادية قسمت الشعب إلى قسمين: ظالم، ومظلوم، فصار مئات الملايين من المسلمين الجياع والمحرومين، بينما عدد قليل من الأثرياء المترفين الفاسدين أصبحوا أصحاب تأثير سياسيّ[20]، وعلى هذا الأساس، فإن وظيفة علماء الإسلام وجميع المسلمين أن ينهو عن هذا الوضع الظالم، وأن يسقطوا بهذا السبيل الحكومات الظالمة ويقيموا الحكومة الإسلامية[21]. 

رؤية سيد قطب في المقاومة:

 كذلك، قرر سيد قطب في أحكام آية الحرابة، في قوله تعالى:﴿ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ﴾[22]، أن الخارجين على الحكام الجائرين، الذين لا يستمدون سلطانهم من شريعة الله، ولا يقومون على تنفيذ هذه الشريعة، لا تنطبق عليهم عقوبة الحرابة؛ لأنهم لا يحاربون الله ورسوله، بل يحاربون سلطة خارجة على الله ورسوله[23].

وقد تكون نظرة سيد قطب في مسألة الحرابة مسألة جزئية لعلها نتجت عن الاضطهاد الذي مورس على الإخوان من قبل رجال الثورة وخاصة في أيام جمال عبد الناصر، ويدل على كون مسألة الحرابة مسألة جزئية وليست قاعدة كلية عند سيد قطب، ما يروى عنه أنهم قرروا الدفاع عن أنفسهم بسبب الاعتداء عليهم، حيث جعل سيد قطب ضمن منهجه التربوي المكون من ست نقاط بندا خصصه لخطة :رد الاعتداء على الحركة، يقول فيه:«في الوقت ذاته تجب حماية الحركة الإسلامية وهي سائرة في خطواتها السابقة، بحيث إذا اعتدي عليها وعلى أفرادها ترد الاعتداء»[24].

وهناك مبررات ذكرها سيد قطب في رد الاعتداء عن خطوات الدعوة، رغم خطورة تك المبررات، هذا، ونشير إلى أصل نظرية رد العدوان عند الإخوان المسلمين، والمبررات التي أعتمدها سيد قطب، والرد عليها: 

الأولى: أصل نظرية رد العدوان عند الإخوان المسلمين:

كان أصل نظرية رد العدوان عند الإخوان المسلمين، يرجع إلى ما يعرف عندهم"بالتنظيم الخاص"التابع للجماعة، أو المعروف"بالجهاز السري"عند دوائر السلطة المصرية، وقد أسس حسن البنا عام 1940م، وكان جناحا عسكريا للحركة وسبب تأسيسه، كما قال المرشد السابق محمد مهدي عاكف، هو لأجل «القيام بمهمات خاصة والتدريب على العمليات العسكرية ضد العدو الخارجي ومحو الأمية العسكرية للشعب المصري في ذلك الوقت»[25]، أو كما قال محمود عبد الحليم، عضو الهيئة التأسيسية لجماعة الإخوان المسلمين: «محاربة المحتل الإنجليزي داخل القطر المصري والتصدي للمخطط الصهيوني اليهودي لاحتلال فلسطين»[26].

 الثانية: مبررات سيد قطب لحق المقاومة:

وتستند مبرراته على:

كونه حقا قرره الله للمسلمين ﴿ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾[27].

الاعتداء الغاشم الذي أوقعته الحكومة على الإخوان المسلمين في سنة(1954م)، وفي سنة (1957م)، بالاعتقال والتعذيب وإهدار كل كرامة آدمية أثناء التعذيب، ثم بالقتل وتخريب البيوت وتشريد الأطفال والنساء.

ترك التفكير في الاعتداء السابق من الحكومة على الإخوان وترك أخذ الثأر فيه وإنما التخطيط لرد الإعتداء الذي سيقع.

ردّ الإعتداء تماما وهو من توجيهات وتعليمات الإسلام الأخلاقية؛ لأن الإسلام ذاته لا يبيح لمسلم أن يعذب أحدا ولا أن يهدر كرامته الآدمية، ولا أن يترك أطفاله ونساءه بالجوع.

الالتزام بالوسائل التي يبيحها الإسلام عند اعتداء المعتدين، وهي قتال المعتدين فقط وقتلهم.

الهدف من إباحة رد الاعتداء يبدو في جانبين:

حتى لا يصبح الاعتداء على الحركة الإسلامية وأهلها سهلا يزاوله المعتدون في كل وقت.

محاولة إنقاذ وإفلات أكبر عدد مكن من الشباب المسلم النظيف[28].

الثالث: الرد على بند ردّ العدوان:

ولا شك أن هذا البند كان خطأ في إضافته إلى منهج الحركة في التربية، وهو ما سبّب تفاقم الأمر بين الإخوان وبين رجال الثورة، مما أدى إلى اعتداء أكبر وأخطر قاد إلى مذبحة مدمرة وقعت عام: (1965م و 1966م)، حيث استغلت الحكومة اعتمادا على هذا المبدأ بالتنظيم والتفكير في كيفية تطبيقه لتبطش بالتنظيم بطشة رهيبة، لا تعرف لها مثيل في التاريخ البشريّ[29].

 وعلى هذا الأساس، يعتبر إقرار مبدأ رد الاعتداء خطأ في منهج التربية عند سيد قطب، طالما أنه، لا يريد تغيير نظام الحكم من الأعلى بالقوة– أي بالانقلاب- كما ذكر الدكتور صالح عبد الفتاح الخالدي[30].

 

د. بدر الدين شيخ رشيد أبراهيم

 

 

 

  

.....................

[1] - آية الله الخميني، الحكومة الإسلامية، (PDF)،) بدون تاريخ الطبع والناشر)، ص5.

[2] - المصدر السابق، ص78.

[3] - محمد الغزالي، الحق المر، ط/ 1996م، (بدون الناشر)، ص52-69.

[4] - آية الله الخميني، الحكومة الإسلامية، (PDF)،) بدون تاريخ الطبع والناشر)، ص12.

[5] - المصدر السابق، ص12.

[6] - سيد قطب، في ظلال القرآن، دار الشروق، القاهرة، مصر، ط9/ 1980م، ج1/ص61.

[7] - المصدر السابق، ج4/ص164.

[8] - محمد قطب، هلمّ نخرج من ظلمات التيه، دار الشروق، القاهرة، مصر، ط3/ 1996م، ص22

[9] - مالك ابن نبي، تأملات، دار الفكر المعاصر، بيروت، لبنان، ط/2002م، ص 213.

[10] - محمد الغزالي، من معالم الحق في كفاحنا الإسلامي الحديث، دار النهضة، القاهرة، مصر ط1/(بدون تاريخ الطبع)، ص126.

[11]- عبد الله بن حمد الشبانة، المسلمون وظاهرة الهزيمة النفسية، ص 163، 164 نقلا عن: فستقم كما أمرت، للشيخ عبد العزيز بن ناصر الجليل، ص322، (بدون تاريخ الطبع والناشر). 

[12] - آية الله الخميني، الحكومة الإسلامية، ((PDF، (بدون تاريخ الطبع والناشر)، ص26.

[13] - سيد قطب، في ظلال القرآن، دار الشروق، القاهرة، مصر، ط2/1997م، ج1/ص104.

[14] - سيد قطب، لما ذا أعدموني، (PDF)، تقديم، هشام، محمد علي حافظ، (بدون تاريخ الطبع والناشر)، ص38.

[15] - المصدر السابق، ص71-72.

[16] - سيد قطب، في ظلال القرآن، دار الشروق، القاهرة مصر، ط2/1997م، ج3/ص453.

[17] - آية الله الخميني، الحكومة الإسلامية، (PDF)، (بدون تاريخ الطبع والناشر)، ص102-103.

[18] - المصدر السابق، ص103-104.

[19] - المصدر السابق، ص103-104.

[20] - المصدر السابق، ص27.

[21] - المصدر السابق، ص27.

[22] - سورة المائدة آية:33.

[23] - سيد قطب، في ظلال القرآن، دار الشروق، القاهرة، مصر، ط2/1997م، ج2/ص879

 [24] - سيد قطب، لما ذا أعدموني، (PDF)، تقديم، هشام، محمد علي حافظ، (بدون تاريخ الطبع والناشر)، ص27.

[25] - محمد مهدي عاكف، النظام الخاص بجماعة الإخوان المسلمين، (تاريخ النشر، 13-9-2013م)، أنظر الرابط:

 http://ar.wikipedia.org/wiki

[26] - محمود عبد الحليم، الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ، نقلا عن ويكيبيديا، الموسوعة الحرة، (تاريخ النشر، 13-9-2013م)، أنظر الرابط:

http://ar.wikipedia.org/wiki

[27] - سورة البقرة، آية :194.

[28] - سيد قطب، لما ذا أعدموني، (PDF)، تقديم، هشام، محمد علي حافظ، (بدون تاريخ الطبع والناشر)، ص33-34.

[29] - د. صلاح عبد الفتاح الخالدي، سيد قطب من الميلاد إلى الاستشهاد، دار القلم، دمشق، سوريا، ط2/ص1994م، ص 399.

[30] - المصدر السابق، ص397.

 

في المثقف اليوم