دراسات وبحوث

نشأة فكرة ولاية الفقيه وتطورها في التراث الشيعي

بدر الدين شيخ رشيدتعتبر مسألة ولاية الفقيه من أهم المسائل التي طرحت في بساط البحث في إشكالية مفهوم الدولة الإسلامية في الفكر السياسي الإسلامي المعاصر، وتأتي هذه الأهمية في العصر الحاضر بعد قيام الثورة الإسلامية في إيران، وتبنيها على مبدأ ولاية الفقيه المطلقة، فظهرت ردود متباينة في الساحة الفكرية الإسلامية ما بين مؤيد لها ومعارض لها  من جهة إطلاقها.

ويختلف الباحثون حول نشأة فكرة ولاية الفقيه، فمنهم من يرى أنها طرحت منذ المحقق الشيخ  أحمد النراقي، ثم أخذت في حيز التطبيق في العصر الحاضر بيد الإمام الخميني، وهناك من يرى أن نشأتها تعود إلى بداية انطلاق الفقه الشيعي، وأن كل الفقهاء العظام ومنذ عهد الشيخ المفيد رحمه الله (ت:413ﮪ) كانوا يؤمنون بها، ومنهم من يرى أنها قديمة في التراث الشيعي حيث ظهرت جليا في عصر الغيبة الصغرى، إلا أن جذورها تمتد إلى عصر الأئمة المعصومين، ومنهم من يذهب إلى أبعد من ذلك، فيرى أن نشأتها متصلة بعصر الرسالة .

بيد أن نشأة ولاية الفقيه في عصر الغيبة متصلة بمبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو بمفهوم الحسبة في العرف الشرعي، وهكذا، نشأت من منطلق: «سد منطقة الفراغ»، ويعود نشأتها إلى عهد الشيخ المفيد، حيث كانت تقتصر في بعض الوظائف الدينية الجزئية كالقضاء والفتوى، أو بإقامة الحدود مع الاستطاعة، أو في قبض الزكاة والخمس، فهذه الوظائف هي وظائف جزئية إذا قيست بالولاية العامة، فالفقيه يمارسها في ظل الغيبة لسد منطقة الفراغ، سواء نتج هذا الفراغ عن عدم امكانية الأمة لممارسة السلطة بسبب الاستبداد، أو لغياب المهدي المنتظر، أما الولاية العامة للفقيه، فقد ظهرت في عهد الشيخ النراقي(1245ھ)، ولم يسلم له من حيث الاستدلال بالأدلة التي استدل بها.

الوظائف الجزئية لفكرة ولاية الفقيه:

إقامة الحدود:

إن فكرة ولاية الفقيه الجزئية نشأت من جانب الأصوليين بيد الشيخ المفيد في بداية القرن الخامس الهجريّ، وكان من تلامذة الشيخ ابن جنيد، فذكر أن أقامة الحدود تثبت إلى جهات ثلاث: الأئمة المعصومين، أو من نصبوا إليه: كالأمراء والحكام في زمانهم، وفقهاء الشيعة مع الإمكان، إضافة إلى ذلك، فعليهم أن يقيموا الصلوات الخمس، وصلوات الأعياد، والاستسقاء، والكسوف، والخسوف، إذا تمكوا وأمنوا من معرة أهل الفساد، ولهم أن يقضوا بينهم بالحق ويصلحوا بين المختلفين في الدعاوى... لأن الأئمة عليهم السلام قد فوضوا إليهم عند تمكنهم .

فيفيد كلام الشيخ المفيد أن الفقيه نائب عن الإمام المهدي من بعض الوظائف، كإقامة الحدود،  ولهذا، يعتبر الشيخ المفيد أول من عيّن بعض وظائف الفقيه، حيث يقيمها إذا سمحت له الظروف وتمكن من ذلك، بل ذكر أنه إذا نصب السلطان المتغلب لوظيفة القضاء يتعيّن عليه القبول لإجراء الحدود، فهو يتقبل من المتغلب من جهة الظاهر إلا أنه «أمير في الحقيقة من قبل صاحب الأمر، الذي سوغه ذلك وأذن له فيه دون المتغلب من أهل الضلال» .

هذه الفكرة وجدت تأييدا من قبل بعض فقهاء الشيعة، وذلك لصعوبة تطبيقها من قبل الفقيه استقلالا من دون سلطة، فالسيد الشريف المرتضى- تلميد الشيخ المفيد- أجاز في بعض رسائله ممارستها من قبل المتغلب، إلا أنه لم يشر كشيخه المفيد، نيابته عن الإمام المهدي، لكن الشيخ الطوسي- تلميد  الشريف المرتضي- أكد الممارسة الواقعيّة في الحدود، إلا أنه، قيّدها مع النية بكونه نائبا عن الإمام، حيث فوضت الأئمة  إلى الفقهاء في إقامة الحدود في حالة التمكن .

بناء على هذا، استمر خط الجواز، أو الوجوب عند الإجبار من المتغلب، في ممارسة إقامة الحدود بعد الشريف المرتضي، مع الاعتبار بكونه نائبا عن الإمام المهدي، وهكذا، اعتبر عدد من الفقهاء،كالشيخ أبي الصلاح الحلبي( ت: 447ﻫ)، والشيخ سلار،  والقاضي ابن براج (ت: 481ﮪ)، ومحمد بن إدريس الحلي، أن الفقيه نائب عن الإمام في ممارسة الحدود.

يلاحظ مما سبق بيانه، أن ممارسة إقامة الحدود من قبل المتغلب سواء عن طريق الجواز، أو الوجوب في حالة الإجبار، كانت على صورة استثنائية ينوي القائم عليها أنه نائب عن الإمام المنتظر، لا عن السلطان الجائر، وقد استمرت هذه النظرية إلى نهاية القرن السادس الهجري .

وقد حدث بعض التطور في هذه النظرية الاستثنائية في منتصف القرن السابع على يدي المحقق نجم الدين جعفر بن الحسن الحلي(ت: 676ھ)، حيث طرح فكرة استقلال الفقيه بإقامة الحدود في عصر الغيبة، من دون إشارة إلى تكليف السلطان المتغلب، ويجب على الناس تأييدهم له في ذلك، إضافة إلى ذلك، ذكر أن الخصم  إذا دعاه لخصمه للتحاكم  إليه فعليه أن يجيب «ولو امتنع وآثر المضي إلى قضاة الجور، كان مرتكبا للمنكر»، وهذا التطور الملموس من قبل المحقق الحليّ، تبعه في ذلك العلامة الحلي(ت: 726ﮪ)، الذي جاء بعده، حيث نادى كالمحقق الحليّ، استقلال الفقيه في إقامة الحدود في زمن الغيبة، كما أوجب أيضا على الناس أن يؤيدوا الفقيه في إقامة الحدود .

وهكذا، تطورت إقامة الحدود من قبل الفقهاء إلى الأمام، من قبل  جمال الدين مقداد بن عبد الله السيوري (ت:826ﻫ )، حيث ذهب إلى إقامة الحدود مطلقا سواء في حضور الإمام، أو في غيبته، واستدل في ذلك بالروايات العامة التي تقول:(العلماء ورثة الأنبياء وأن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما ولكن ورثوا العلم)؛ ولأن الحكمة من الحدود عائدة إلى المستحق، وليس إلى المقيّم، وكان يعتقد امكانية إقامة الحدود في عصره، وأن نظرية الانتظار تتناقض مع العقل والشرع .

محاولة تطبيق الحدود من الفقيه:

لقد كانت فكرة إقامة الحدود تنطلق من فكرة ولاية الفقيه، فكانت تتطور من جهة التنظير جزئيا إلى أن أخذت في حيز التنفيذ، فكان الشهيد الأول(ت:786ھ)، أول من حاول تطبيق الحدود لكي تأخذ دورا سياسيا فعّالا في المجتمع الشيعيّ، فهو كان يعيش في ربوع الشام، فقد اعْتَبَر -كالفقهاء السابقين- أن الفقيه هو النائب العام في عصر الغيبة، وبالتالي فعليه أن يقيم الحدود والتعزيرات عند الامكان، كما أوجب على العامة مساندة الفقيه ومنع المتغلب عليه، من جهة أخرى، فهو لم يجز تولي الفقيه للقضاء من قبل الجائر ابتداءا، إلا مع الاكراه، أو التمكن من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .

فالشهيد الأول بدأ يتنقل في ربوع الشام؛ وذلك: «لتجميع فلول الشيعة وجمع أمرهم، وإقامة سلطة سياسية شرعية لهم، فجبى الأموال وأعدّ الرجالَ واتصل بحكومات الشيعة في وقته سرا وعلانية، ومنها ما ذكر من المكاتبة بينه وبين الملك علي بن المؤيد عامل خراسان، لكن في أثناء ذلك أتهم بمخالفة المذهب السني، وجُعِلَ أمره إلى القاضي، فحكم بإراقة دمه، فضربت عنقه تحت القلعة بدمشق.

ويبدو أن الشهيد الأول، هو أول من أظهر ولاية الفقيه في صورتها  السياسية، والتي طبقها المحقق الكركي(ت:940ھ)، بعده في أيام الدولة الصفوية والتي أخذت فيما بعد بالاستقلال من حيث البحث النظري بيد الشيخ أحمد النراقي، وبالتالي طبقها الإمام الخميني عام (1979م).

فالمحقق الكركي الذي جاء بعد الشهيد الأول، لم يكتف بالقول بولاية الفقيه، بل تقلّد النيابة العامة عن المهدي في عهد الدولة الصفويّة، وذلك بعد ما فوض الملك الصفوي مقاليد الحكم  نيابة عن الإمام المهدي، وبناء على هذا، أصبحت الفكرة من المسلمات بين فقهاء الشيعة، حيث أن النقاش بينهم- في إقامة الحدود في عصر الغيبة-كان يدور على حالة عدم الاستطاعة، فمنهم  اقتصر على  ذويه، أو إمائه، ومنهم من قال: يتقلد منصب القضاء من السلطان الجائر عند الإجبار، معتقدا نيابته عن الإمام المهدي، لكنهم استثنوا فيما إذا كان  القتل ظلما؛ لأنه لا تقية في الدماء .

وقد قويت فكرة استقلاليّة الفقهاء في  إجراء الحدود عند الأمن من الضرر، وخاصة  الذين جاءوا بعد  المحقق الكركي، كالشهيد الثاني، والملا محمد باقر السبزواري، والشيخ بهاء الدين العاملي، والشيخ جعفر كاشف الغطاء، والشيخ محمد حسن النجفي.

فالشهيد الثاني، رفض جواز تولي غير الفقيه الشرعي لإقامة الحدود من قبل الجائر في حالة الإجبار إلا بالتقية، وفي مقابل ذلك، شجّع قيام الفقهاء العارفين بتنفيذ الحدود وذلك لوجود المصلحة الكلية في إقامة الحدود واللطف في ترك المحارم وحسم انتشار المفاسد،  لكنه، اشترط الحكم بين الناس  في حال الغيبة، الأمن من الضرر على أنفسهم وغيرهم من المؤمنين .

فالمحقق الأردبيلي من جانبه رجّح عدم جواز تنفيذ الحدود من قبل الجائر، أما لو اضطر إلى التقلد من السلطان الجائر جاز له، إلا في القتل، وعلى هذا الأساس، يفهم من كلام الأردبيلي ضمنيا، أن على الفقيه القيام بالقضاء استقلالا، وذلك بمساعدة الناس إليه،  وهو ما أكد به الملا محمد باقر السبزواري، حيث بيّن أن للفقهاء- في حالة الأمن من بطش الظالمين- الحكم بين الناس وقسمة الزكوات،والأخماس، والافتاء بشرط الاستجماع لشرائط الافتاء، ويجب على الناس مساعدتهم والترافع إليهم في الأحكام فمن امتنع على خصمه وآثر إلى حكام الجور أثم،كذلك، أكد كل من الشيخ جعفر كاشف الغطاء(ت: 1227ھ)، والشيخ محمد حسن النجفي(ت:1266 ھ)، رؤية الملا محمد باقر السبزواري، من استقلالية الفقيه في ولاية الحدود، وأن على الناس مساندتهم إياه.

مصرف الخمس:

قال الشيخ الطوسي في كيفية تقسيم الخمس المذكور في آية الخمس﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾، «فسهم الله لرسوله إذا كان باقيا فإذا مضى رسول الله، فهذان السهمان، -أى سهم الله ورسوله- مع سهم ذوي القربي يكون لمن قام مقام رسول الله من الأئمة، يصرفه في مؤونته ومؤونة من يلزمه نفقته، وسهم  اليتامى والمساكين وابن السبيل مصروف إلى من كان بهذه الصفاة من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، خاصة دون سائر الناس، فإن لأولئك الزكاة التي تحرم على هولاء» .

فالإشكال يظهر في عصر الغيبة لمن يتصرف الخمس؟ هل هو مرهون إلى ظهور المهدي؟ أم يصرفها الفقيه إلى المستحقين به نيابة عن الإمام المهدي؟

فالمسألة أخذت تتطور في إطار اجتهادات مختلفة بين فقهاء الشيعة، وسببه كون سهم الخمس من حق الإمام في عرف الشيعة الإماميّة، هذا، وقد انتقد السيد محمود الهاشمي المنهج الذي سلكه الفقهاء في مسألة الخمس، حيث أرجع اختلافهم فيها حسب اختلاف أذواقهم وسلائقهم ووجدانهم .

وقد بدأ تطور نظرية الخمس منذ الشيخ ابن حمزة (ت:447ﮪ)؛ إذ فضل دفعها إلى الفقيه ليتولى قسمتها، إذا لم يكن المالك يحسن القسمة فيها،  وهكذا، أوجب المحقق الحلي تسليم حصة الإمام إلى من له الحكم بحق النيابة- وهو المجتهد الجامع للشرائط- ليصرف حصة الإمام في الأصناف الموجودين، كما أشار الشهيد الأول من جهته، إلى ضرورة استئذان المكلف عن نائب الإمام الجامع لصفات الفتوى، إذا أراد توزيع نصيب الإمام على الأصناف،  وكذلك، أوكل المحقق الكركي مهمة صرف حصة الإمام إلى الحاكم الشرعي، أى الفقيه المجتهد، هذا، وأفتى محمد باقر السبزواري بتولية الفقيه العادل في عملية صرف الخمس في الأصناف الموجودين احتياطاً، بل تطور الحكم في القرن الثالث عشر إلى درجة أقوى، حيث أفتى الشيخ محمد حسن النجفي بوجوب تولي الفقيه العادل صرف سهم الإمام .

وبالرغم من عدم إيمان السيد كاظم اليزدي بنظرية ولاية الفقيه، إلا أنه قال في مجال الخمس: بضرورة إيصال سهم الإمام في زمان الغيبة إلى نائبه وهو المجتهد الجامع للشرائط أو الدفع إلى المستحقين لإذنه .

وقد قام الشيخ حسن الفريد بثورة في باب الخمس عندما سلب حق الخمس من الإمام المهدي لغيبته، وذلك لعدم قيامه بمهام الإمامة، وقال: بضرورة قيام واحد من الناس باستلام الخمس وتوزيعه من باب الحسبة، وهو تطور لم يخطر على بال أحد من قبل؛ إذ أن غاية ما كان يقوله الفقهاء: إن الفقيه يأخذ نصيب الإمام بوصفه نائباً عنه، أما التطور الأخير فيعطي الشرعية للفقيه بتولي ذلك لا بوصفه نائباً عن الإمام وإنما بصورة مستقلة باعتباره ولياً وزعيماً وحاكماً وإماماً كما يقول الشيخ حسن الفريد .

يقول السيد محمود الهاشمي بعد مناقشة المسألة: «ولا يبقي إلا على قول واحد هو قول الشيخ حسن الفريد الذي يجعل الخمس ملكاً لمنصب الإمامة والولاية الشرعية فيكون الولي الشرعي في كل زمان هو المتولي على صرفه قانوناً وشرعا »، وهكذا، اعتبر أيضا رضا الهمداني(ت: 1322ﻫ) إيصال المال إلى الفقيه كإيصاله إلى يد الإمام المهديّ قائلاً: إذاً بعد فرض النيابة، يكون الإيصال بمنزلة الإيصال إلى الإمام .

قبض الزكاة وتصريفها للمستحقين:

الوظيفة الثالثة التي يتولى الفقيه ممارستها هي  قبض الزكاة وتصريفها إلى الجهات المستحقة انطلاقا من مبدأ نيابة الفقيه عن الإمام، فقد تناول كل من  الشيخ المفيد، وأبو الصلاح، المسألة على الترتيب،أى قبض الزكاة أصالة تثبت للإمام، ثم نائبه، ثم الفقيه، هذا، ويستفاد من رأيهما أن الأصالة تقع في عصر الإمام، ونائبه في عصر الغيبة الصغرى، أما عند الغيبة الكبرى فتجب على الفقيه الجامع لشرائط الفتوى، ويدل على ذلك ما ذهب إليه الشهيد الأول حيث يقول: يجب دفع الزكاة إلى الإمام أو نائبه مع الطلب، وإلا استحب، وفي الغيبة إلى الفقيه المأمون، وخصوصاً الأموال الظاهرة.

فالشيخ كاظم ياسين، ذكر أن عبارة الشهيد الأول تفيد أن مقام الفقيه في عصر الغيبة مقام الإمام المعصوم، وعلى هذا المنوال ذهب الشهيد الثاني (ت: 911)، حيث أكد دفع الزكاة إلى الفقيه المأمون في عصر الغيبة،  قائلا:« يجب دفعها  ابتداء إلى الإمام أو نائبه،  ومع الغيبة إلى الفقيه المأمون» .

طرح نظرية ولاية الفقيه المطلقة:

طرح الشيخ  أحمد النراقي (ت:1245ﮪ) ولاية الفقيه المطلقة، فهو الذي بحث المسألة بشكل مستقل من جهة وظيفة الفقيه، ومن جهة الأدلة، أما قبل الشيخ النراقي فكانت المسألة  تدرس بشكل جزئي، تتناول كما سبق في بعض الوظائف كالحدود، والافتاء والقضاء ومسألة الخمس والزكاة، وكلها تعتبر وظائف جزئية بالنسبة لنظرية ولاية الفقيه المطلقة التي ابتكرها الشيخ النراقي والتي طبقها الإمام الخميني، وعلى هذا الأساس، فالمسألة بدأت تناقش مابعد الشيخ النراقي بشكل أساسيّ من حيث  ثبوتها وعموميتها، وبالتالي انطلقوا من مباني النراقي، المبنية على أن الفقيه له ولايتان:

الأولى:كل ما كان للنبي والإمام فيه الولاية، فللفقيه أيضاً ذلك، إلا ما أخرجه الدليل من اجماع أو نص أو غيرهما.

الثانية:كل فعل متعلّق بأمور العباد في دينهم أو دنياهم والذي علم لزوميّة الاتيان به، إما عقلاً، أو عادة، أو شرعا، ولم يعلم المأمور به ولا المأذون فيه، فهو وظيفة الفقيه وله التصرّف فيه والإتيان به، إلا أن الشيخ الأنصاري، وهو من معاصري الشيخ النراقي،لم يسلم بولاية الفقيه المطلقة، وبيّن أن وظيفة الفقيه تقتصر بالأحكام الشرعية.

 

د. بدر الدين شيخ رشيد إبراهيم

 

في المثقف اليوم