تكريمات

قراءة انطباعية للمتن الابداعي لوفاء عبد الرزاق / الشاعرة الشعبية

 حينئذ بان مساحة الاسفاف والسطحية  - التي القت بكلكلها المتهافت على رياض الشعر الشعبي العراقي في راهنه بفعل عوامل عدة لا نريد الخوض في تفاصيلها في هذه المقالة – لم تعد طاغية الى الحد الذي يجعل التشاؤم يتملكنا وهو الحال الذي جعل الكبير مظفر النواب يصف واقع الشعر الشعبي بالمتردي ! غير ان النواب الكبير نفسه قد بادر الى ان يمهر بإمضائه الجميل على مقترح تسمية شاعرتنا الجميلة وفاء عبد الرزاق كسفيرة للنوايا الحسنة وهو الامر الذي ما كان ليحصل لولا ان النواب قد لمس شاعرية وفاء لتكون جديرة بهذه السفارة .. فالاديبة القديرة وفاء عبد الرزاق التي عرفت باشتغالها في عدة محاور ابداعية كالرواية والقصة وقصيدة النثر فضلا عن القصيدة الشعبية إذ نالت عدة جوائز بفعل ابداعها وتميزها قد سجلت حضورا لافتا وبصمة خاصة نثرتها فراشات اجتهادها فوق وجنات الابداع حيث اصدرت عدة مجاميع للشعر الشعبي منها ..

 1 - مزامير الجنوب   

2-  آنه وشويّة مطر                         

3- وقوّسَت ظهر البحر 

   4- تبلَّلت كلي بضواك

   5- عبد الله نبتة لم تُقرأ في حقل الله

6- حزن الجوري

7- بالقلب غصة ( غصة أولى)

8- بالقلب غصة( غصة ثانية)

 

ما نريد الخوض فيه هنا هو كما قدمنا وفاء عبد الرزاق الشاعرة الشعبية التي عرفت بعذوبة قصائدها المخملية فوفاء كما عرفتها هي شاعرة مسكونة بهاجس الحداثة والتجديد في كتاباتها المتنوعة ولعل نظرة بسيطة على نصوصها تجعلك تخرج بقناعة اكيدة بانك ازاء شاعرة شعبية لها فرادتها وجمالياتها فهي تجيد العزف بعذوبة عبر اوتار الوجدان الناعم المترع بالحلاوة الفريدة موظفة محمولات المفردة الجنوبية الدافئة وما تتسم به من سحر اخاذ

ولابد بادئ ذي بدء من التنوية بانني لا ازعم ان هذه السطور هي نقد اكاديمي يسعى لأعمال ادواته او إزميله الرصين من خلال حفريات نقدية في اديم القصيدة الوفائية الجميلة بل انني في صدد قراءة انطباعية لقصائد وفاء عبد الرزاق التي اجد في قراءتي لنصوصها متعة حقيقية متاتية من جمال هذه النصوص وهي بالتأكيد ليست بالقراءة التحليلية النقدية المتقدمة التي يصفها الناقد حاتم الصكر بقوله لم تعد قراءة النص مرهونة بوجود المتن لذاته ، بل تعدته إلى ما يسبغ عليه القارئ من نشاط تأويلي يسمح به هذا المتن دون أن يعيقه أو يقهره أو يكبته بربطه آلياً بصاحبه وحياته ونفسيته وإيديولوجيته. وغدا نشاط القراءة والتأويل جزءاً متمماً للتأليف لا يطابقه بالضرورة ولا يفرض نموذجاً موحداً للشرح والفهم والتفسير ، وبذلك تحققت حرية النصوص بعدم إخضاعها لمعنى (أو غرض) نهائي ، وضمنت حرية القارئ عبر تعدد القراءات وتنوعها ، شرط استنادها إلى المعطيات النصية ومستنداتها وما تثيره على مستوى التلقي...

وفاء تمتلك بصيرة شعرية ثاقبة في التقاط المفردة العذبة التي تؤسس لمعجم شعري لافت ينبض بنقاء وسحر الحسجة

ففي قصيدة لحن الحليب نقرأ :

خـِذْ عـيوني واحـفر دمـوعك عَـليها

خـِذْ أيّامي المنتـچي توَّكْ بيـديها

وطـفلة الروح اليلـثغ بإسـمك حچيها

إعلِگ بمـوّال تعـبي

مـلح وبوجـبة تعـب

إخـتل بفيّْ اليصـلـّـن

ويّه صـلاّت الگصَـب

دندش بصـحن الخـلاخل

وانتظـر لحـن الحـلـيب

جـمّر شـموع التراچـي

وازرف گـلـَـيب المغيب

إنقـش چـفافي الحشـيش

وازرع بشَـعري الدروب

شـلّ إيديّه وصــلـّي واشتل

إشـتلني واحصـد بالذنوب

إلاّ گلبي المرتوي بمـاي الشـعب

خلــّه غـنوة

تردِّده كل الشــعوب .

 

والشاعرة التي نشأت في ثغر العراق المفارق لابتسامته جراء عاديات الاحداث والبعيد عن الشاعرة المكتوية بلظى الغربة والمنافي، تيمم قصيدها صوب بصرتها الاثيرة  لتخاطبها بلوعة لذيذة :

 

أحّـاه يابصـرة هلي

النايمة بلون الچـفـَن

حنـِّي ضـد هذا الثلج

ورگصــي مـحن

گصّـبي الوان النهر

خلـِّي الـِّليالي يتلولحن

گالت لي لبّيَچ

واخـتضّ الـِّلـبـَن

التمّـت الگيعان خبزة

وكل رطـبة صـارت وطن .

كثيرة هي النصوص الشعرية الرائعة التي اجترحتها فرشاة الشاعرة وفاء عبد الرزاق وكثيرة هي الصور الخلابة كما في قصيدة حدر الركبة :

                                                          نجمة بعيني

تراوي اللـَّيل شلون يسافر

ونجمة اندارت

فكّت برگعها وكشفتني

نـَگز يناگز جاني السنبل

صبّ نهارين بظلّ متني

ومثل الشهگة بروح الوردة

نجمة صغيرة

بشط ّ سْماها هدّت حزني

مركب تايه

گلّ للرايح:

إجمع حضني غمزة ليلو

وامشي لروحك

بس لا تتكسّر بغيابي

أدري الشمعات التتعلـّگ

وَكت الموت بطرف اهدابي

 

وتستمر وفاء في نسغ شعري لذيذ يتصاعد ليلامس شغاف القلب بمفرداته المائزة بعذوبتها الجنوبية والتي تؤثث لصور شعرية رائقة رغم مساحة الشجن والالم التي تندلق فيها عبر هذه التنهيدة او تلك الحسرة المعجونة بحنين وحلم : 

 

فتّيت الحلم وفتّاني

وردة ونافورة محنّاية

وأهْــوَه ينام بچـَفّْ بركان

كِـِلّ نجومه خضرة تشهّي

وجه الماي يغازل صورة

ويرسم رمّانة مدلاّية

لكن باوّل ريشة تگطـّر

وجه الشعب

مثل الغيمة

وحي ونار

فالحب يحتضن حتى العشاق الذين غابوا في خضم هذه الحياة المسكونة بالكثير من عوامل الالم والفراق والنخلة ...( عمة العراقيين الاثيرة ) تحيط هذا الحب بتعويذة سومرية الجذور :

والحب يحضن حتـَّى الغايب

حوطتـّه النخلة بتعويذة

ومدّت شبـّاچ الصفصافة

فوگ مخدته

وحملت دنية

خاف الرجفة تزمّ شفافه

ويتغرّب بجنون الفيّ

جابت ليلتها بسلـّتها

او وجه مراية

بسلـّة تين

شافت وجهه معسَّل عنبة

ويتراگص

مُهرين المَيْ

سكرت المرايات العوجة

وراحت ترسم

صورة نخلة بجذع الشعب

آه ياشعبي

كاشفتك بالله تراويني

وجهك بيّه

او وجهي بشامات أمّك رَضعة

توصّخ ضينه

وآنه استاحش

رفـّة عيني

ما احلاها واعذبها من صور شعرية تجترحها وفاء في نص يشدك اليه بحلاوته التي تنثرها وفاء ببراعة لافته في نصوصها ! .. انظروا كيف تحلق في فضاءات مخضبة بالابهار لتعتلي ناصية البوح  الشعري المدهش :

ياحالوبة تزوجي الطينة

سمّيني النسيان وعودي

فاس الچلمة يونّس عودي

وباب الريح تصكّه الشمعة

من تلگاني بذيـ? الرضعة

غمّس ذرعانك بيدامك

وانده

إنده يمّه

يمّه

أسمَع صوتك

بعثوگ النخلات ترجعه

صاحتلك يابعد حْليبي

غرّگت الأيام وجيتك

موجة تلاوي

لو صبّيرة ملح لأهدابك

خافن تخجل

من يتخيّط جَرحكْ صدفة

آه ياشعبي

حزن الگصبة سّل ولهبة

وحزنك ذهّب جـِِدْح الضيم

چَم جَـدحة ثاير للذبحة

اختارت گلبي

و چَم رَعْدْ مسودَن متغضّن

محلات السنبل بعيونك

واسع گدّك

مايلمّه الكون ويملاه

يل مدهون بفجره

ولابس مسـ? المدّة

يل متغاوي

شلون تراوي الخضرة توجّ

وشلون الشبّاچ يفور؟

يَ ابن حسين

ويَ ابن العشبة

تمـّوزك وحسينك چَفْ إيدكْ

 

هو عتاب اذن .. واي عتاب توجهه الشاعرة الى (ابن الجرح اليغري النجمة) وقد اضاءت شهب الحيرة في سماء (الديرة) .. لا اجد هنا سوى التنحي جانبا لاضعكم في صورة هذا النشيد الوفائي الجميل والحزين في آن معا :

 

يَ ابن الجرح اليغري النجمة

تضوّي الحيرة

سيفك تايه؟

بس غمد الشعب اليندلـّه

مو گالوا بي هـَدْوَِة شمسة

ولولك جمرة

ومطرة

اليرشح منها

بساط وسبحة

ومسجد ماي؟

والطيب بجدحينك يلهب

عبّاس آخر

حسّيتك جنحان بردني

ومثل المركب

نجمة بعيني

سفرتني وتيهَت صاريها

چا هذا الدم الرافض بيّه

مثل الگاع

بس يْدوَّر سر مفتاح

وراس حسين يهزّ الـَّلولك

دلـلـّّول الولد يَ ابني

يَ عصفور الدمَـه من تشبّ

يابذرة وكت

يَ مگشّرة من اللـّب

رف جبريل براس حسينه

ومارفـّت كوفة اطفالي

چنها مطـَفيَة

اسرار الموت برگعة شيلة

جـَتْ مَـزويتي

تفرش عارين على الكلـّة

ياگاع الرخوة اشتاليتچ؟

مثل اليعصر ميّت حيّ

چنّي مضيّع روحي بشَيْ

شويّه شَيْ

بضَيَعة شَيْ.

 

وفاء العراقية حد الجنون لا يمكن الا ان تصرخ (آ يا شعبي) فهي تكابد مرارة اوجاعه ومخاضاته المترعة بالفجائع .. حتى تجد ان (غباره)  ليس سوى مخمل لا احلى والا اروع لدى شاعرتنا المندكه في عشق شعبها :

 

آ يا شعبي ... آ يا شعبي 

غبارك مَخمل

غبّر هودج

والنهر

المغزل والصوت

كل مزمار ولَبْدن يخفت

الاّ صوت الماي يلعلع

ها .. ها .. ها ..

يمحصّن نبضك بزناده

يمحصّن نبضك بزناده

يمحصّن نبضك

بزناده

هايج نبضك؟

سمّيته الإنسان وصحّت

دمعة عيني

بَس إنتَ الگادر ناعوركْ

بَس إنتَ الگادر ناعورك

وحدرالرگبة

الـّلحظة تغوص

حدر الرگبة الـَّلحظة تغوص    .

 

جبار عودة الخطاط

 

...........................

خاص بالمثقف

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (عدد خاص: ملف: تكريم الأديبة وفاء عبد الرزاق، من: 05 / 11 / 2010)

 

 

في المثقف اليوم