ترجمات أدبية

التَّرِكَة

تامي الشيخ عليفيرجينيا وولف

ترجمة: تامي الشيخ علي


"إلى سِسي مِلَر". ملتقطاً دبّوسَ الزينةِ المصنوعَ من اللؤلؤ والقابعَ بين مجموعةٍ من الخواتم ودبابيس الزينة على منضدة صغيرة في غرفة استقبال زوجته، قرأ غيلبرت كلاندُن الإهداء: " إلى سِسي مِلَر، مع حُبّي".

من خصائص آنجِلا المميَّزَةِ أن تتذكّر حتى سِسي مِلَر، سكرتيرتها. مع ذلك، فكَّرَ غيلبرت كلاندُن مرةً أخرى كم كان غريباً أنها تركتْ كلَّ شيءٍ في ترتيب هائل: هدية صغيرة من نوع ما لكلِّ واحدةٍ من صديقاتها، حتى لكأنها كانت قد تنبَّأت باقتراب أجَلِها. ومع ذلك، كانت موفورةَ الصحّةِ تماماً حين غادرتِ المنزلَ ذلك الصباح، قبل ستة أسابيع، واجتازتْ حافَّةَ الرصيفِ في بيكاديلي فأزْهَقَتِ السيارةُ روحَها.

كان ينتظر سِسي مِلَر. كان قد سألها الحضورَ إذ شعر أنه مدينٌ لها، بعد كلِّ السنين التي قَضَتْها معهما، برمز التقدير هذا. أجَلْ، تابعَ التفكيرَ، فيما كان يجلس هناك منتظراً، كان أمراً غريباً أنَّ آنجِلا تركتْ كلَّ شيءٍ في ترتيب هائل. كانت كلُّ صديقةٍ قد تُرِكَ لها تذكارٌ من عاطفتها. كلُّ خاتمٍ، كلُّ عِقدٍ، كلُّ علبةٍ صينيَّةٍ صغيرةٍ، وكانت مولَعَةً بالعُلبِ الصغيرة، كانت تحمل اسماً عليها. وكانت لكلٍّ منها ذكرى بالنسبة إليه. هذه كان قد أعطاها إيّاها. وهذا، الدولفين المطليّ بالمينا ذو العينين الياقوتيّتيْن، كانت قد انقضَّتْ عليه متلهِّفَةً في شارعٍ خلفيٍّ في مدينة البندقية. كان في ميسوره تذكُّرُ صيحة بهجتها الصغيرة. أما له، بالطبع، فلم تترك شيئاً على وجه الخصوص، اللهم إلا إذا كان الأمر يتعلّق بيوميّاتها. خمسة عشر كتاباً مُجَلَّداً بتجليدٍ أخضر كانت تنتصب وراءه على منضدة كتابتها. منذ أن تزوَّجا كانت تواظب على كتابة يوميّاتها. وبعضٌ مِنْ - لم يكن في مقدوره أن يسمّيها مشاجراتهما - فلنقل مشاحناتهما الطفيفة القليلة للغاية، كانت حول هذه اليوميات. عندما كان يدخل عليها ويجدها تكتب، كانت دائماً تغلقها أو تضع يدها فوقها وكان في مقدوره سماعها تقول: " لا، لا، لا. ربّما بعد موتي". وهكذا خلَّفَتْها له كَتَرِكَةٍ منها. كانتِ الأمرَ الوحيدَ الذي لم يكن مُشْتَرَكاً بينهما حين كانت على قيد الحياة. بّيْدَ أنه كان دائماً يعتبر أن من البديهيّ أنها ستُعَمِّرُ أكثرَ منه. ولو توقَّفَتْ لحظةً واحدةً وأعمَلَتْ تفكيرها فيما كانت مُقْدِمَةً عليه، لكانت الآن في عِدادِ الأحياء. غير أنها كانت قد خَطَتْ مباشَرَةً فوق الحاجز الحجري للرصيف نحو الشارع، على حدِّ ما قال سائق السيارة في التحقيق. لم تُعْطِهِ فرصةً للتوقُّف. وهنا قطَعَتْ عليه تفكيرَهُ أصواتٌ تعالَتْ في القاعة.

قالت الخادمة:

- الآنسة مِلَرْ يا سيدي.

دخلتْ. لم يكن قد رآها لوحدها قطّ طيلة حياته، ولا دامعة العينَيْن طبعاً. كان الحزن قد ألمَّ بها أيّما إلمام. ولا غَرْوَ. فقد كانت آنجِلا بالنسبة إليها أكثر من ربَّةِ عمل بكثير. كانت صديقة. وفكّرَ في قرارة نفسه، وهو يدفع كرسيّاً إليها ويطلب منها الجلوس، أنه يصعبُ أن ترى فيها ما يُميِّزها عن أية امرأة أخرى من مثيلاتها. كانت ثمة آلاف من سِسي مِلَر، نساء ضئيلات القامة مُتَّشِحات بملابس سوداء رثة يحملن حافظات أوراق. بَيْدَ أن آنجِلا، بعبقريّتها في التعاطف، كانت قد اكتشفتْ كلَّ الخِصالِ الحميدةِ الموجودة في طبيعة سِسي مِلَر. كانت نموذجَ التعَقُّلِ مُجَسَّداً، صَموتاً للغاية، وموضعَ ثقةٍ إلى حدٍّ بعيدٍ، وفي وسع المرء أن يخبرها بأيِّ شيءٍ وما إلى ذلك.

لم يكن في مقدور الآنسة مِلَر التحدُّثُ في بداية الأمر. جلست هناك تجفف عينيها بمنديلها. ثم بذلت جهدَها للتحدُّثِ قائلةً:

- اعذرني سيّد كلاندُنْ.

فتمتمَ بما معناه أنه طبعاً يتفهّمُ الموقف. كان الأمر طبيعيّاً فحسب. كان في مقدوره أن يحزر مدى ما كانت زوجتُه تعني بالنسبة إليها. قالت وهي تُجيلُ الطَّرْفَ حولها:

- لقد كنتُ في غاية السعادة هنا.

واستقرَّتْ عيناها على منضدة الكتابة الموجودة ِ وراءه. كان هذا هو المكان الذي كانتا تعملان فيه سَوِيَّةً، هي وآنجِلا، إذ كان لآنجِلا نصيبُها من الواجبات التي تُلقى على عاتق زوجة سياسيٍّ بارز. وكانت خيرَ عَوْنٍ له في مِهْنَتِه.  ولطالما أبصرها وسِسي جالستَيْنِ إلى تلك المنضدة، وسِسي أمام الآلة الكاتبةِ وهي تُدَوِّنُ الرسائلَ التي تُمليها عليها آنجِلا. ولا ريبَ في أنَّ الآنسة مِلَر كانتْ تفكّر بذلك أيضاً. والآن، كانَ كلَّ ما يتحتَّمُ عليه القيامُ به إعطاؤها دبّوسَ الزينة الذي ترَكَتْهُ زوجتُهُ لها. وبدت هذه الهدية غير مناسبة إلى حدٍّ ما. ربما كان أجدى بها لو تركت لها مبلغاً من المال، أو حتى الآلة الكاتبة. بَيْدَ أن ذلك هو ما كان موجوداً: " إلى سِسي مِلَر، مع حُبّي". تناول الدبّوسَ وأعطاها إيّاه مع الكلمة الصغيرة التي كان قد أعدَّها. قال إنه كان يعرف أنها ستُقَدِّرُهُ حقَّ تقديره، فلطالما ارتَدَتْهُ زوجتُه. وردَّتْ وهي تأخذه، وكأنها هي أيضاً كانت قد أعدَّتْ على وجه التقريب كلمةً، قائلةً إنه سيكون دائماً من ممتلكاتها الثمينة. كان يتصوَّرُ أنّ لديها ثياباً أخرى لو وَضَعَتْ عليها دبّوساً من اللؤلؤ فلن يبدو غير مناسبٍ تماماً. كانت ترتدي المعطف الأسود الصغير والتنورة اللذين كانا يبدوان بذلة مهنتها النظاميّة. ثم تذكَّرَ... كانت في ثياب الحِداد بالطبع. كانت لها، هي أيضاً، مأساتها، فقد توفي أخٌ لها كانت قد كرَّسَتْ له نفسها، وكان ذلك قبل وفاة آنجِلا بأسبوع أو أسبوعَيْنِ فقط. هل كانت وفاته جرّاء حادث؟ لم يكن في وسعه التذكُّر. كلُّ ما تذكَّرَهُ هو آنجِلا تُخبرُه بذلك. آنجِلا، بنزعتها المميَّزَة إلى المشاركة الوجدانيّةِ، كانت في غاية الاضطراب. أثناء ذلك كانت سِسي مِلَر قد نهضتْ. كانت ترتدي قفّازَيْها. كان من الواضح أنها شعرتْ بضرورة ألّا تُثقل عليه. بَيْدَ أنه لم يكنْ في وسعه أن يدعها تغادر دون ذِكْرِ شيء عن مستقبلها. ماذا كانت خططها؟ هل كانت ثمة أية طريقة يمكنهُ بموجبها إسداءُ العَوْنِ لها؟

كانت تحدّقُ إلى المنضدة، التي كانت تجلس إلى آلتها الكاتبة الموضوعةِ عليها، حيث تقبع اليوميّات. ولأنها كانت تائهة في ذكرياتها عن آنجِلا لم تُجِبْ  في الحالِ على اقتراحه بوجوب إسداء يد العَوْنِ لها. وبدت للحظةٍ أنها لم تعِ ما قال. لذلك كرَّرَ قائلاً:

- ما هي خِطَطُكِ آنسة مِلَر؟

فهتفتْ قائلةً:

- خِططي؟ أوه إنها على ما يُرام يا سيّد كلاندُن. أرجوك لا تضايق نفسَك بي.

ففَهِمَ من ذلك أنها ترمي إلى القول إنها ليست في حاجة إلى مساعدة ماليّة. وأدرك أنه كان يَحْسُنُ به أن يعرض أيَّ اقتراح من هذا القبيل في رسالة. كلُّ ما كان في مقدوره القيام به الآن هو القول وهو يشدُّ على يدها:

- تذكّري، آنسة مِلَر، أنه إن كانت ثمة أية طريقة يمكنني بموجبها أن أسديَ لكِ العَوْنَ، فسيكون ذلك مدعاةً لسروري.

ثم فتح الباب. وللحظةٍ توقفتْ على عتبته وكأنّ فكرةً طارئةً كانت قد خَطَرَتْ ببالها على حين غِرَّةٍ، وقالت وهي تنظر إليه مباشَرَةً للمرة الأولى:

- سيد كلاندُن. إذا كان ثمة ما يمكنني القيام به، في أي وقت، لأسدي لك عَوْناً، فتذكّر أن ذلك سيكون مدعاةً لابتهاجي، كُرْمى لزوجتك.

وللمرة الأولى، أدهَشَهُ التعبير الحاني والباحث في الوقت نفسه الذي ارتسم في عينيها.

ومضتْ بعد أن قالت ذلك. كانت كلماتها والنظرة التي رافقتها خارج نطاق توقّعاته. وكأنها، على وجه التقريب، كانت تعتقد، أو تأمل، أنه سيحتاجها. وخامَرَتْهُ فكرة غريبة، وخيالية ربما، فيما كان يعود إلى كرسِيِّه. أكان من الممكن، طيلة تلك السنوات كلِّها التي قلّما لاحظها فيها، أنها كانت، على حدّ تعبير الروائيِّيِن، تُكِنُّ له هوىً في نفسها؟ لَمَحَ صورته في المرآة حين مرَّ أمامها. كان عمرُهُ يُنيفُ على الخمسين، بَيْدَ أنه لم يكن في مقدوره الكفُّ عن الاعتراف بأنه لا يزال، كما أرَتْهُ المرآةُ، رجلاً متميِّزاً للغاية.

قال نِصْفَ ضاحك: "يا لَسِسِي مِلَرْ المسكينة!". لَكَمْ كان سيودّ مشاركة هذه النكتة مع زوجته! والتفتَ إلى مذكَّرَاتِها على نحوٍ غريزيّ. قرأ وهو يفتحها عشوائيّاً: " بدا غيلبرت في غاية الروعة." وبدا ذلك وكأنها أجابت على سؤاله. طبعاً كانت ترمي إلى القول إنك جذّابٌ للغاية في نظر النساء. وطبعاً سِسِي مِلَرْ شعَرَتْ بذلك أيضاً. وتابع القراءة: "كم أحسُّ بالفخر لكَوْني زوجتَهُ!". ولقد كان دائماً في غاية الفخر لكَوْنِهِ زوجَها! ولطالما، حين كانا يتناولان العشاء خارج المنزل في مكان ما، نظر إليها عَبْرَ المائدة وقال في دخيلة نفسه: إنها أجمل امرأةٍ هنا. وتابع القراءة: في تلك السنة الأولى كان مُرَشَّحاً لعضويّة البرلمان. وكانا قد قاما بجولةٍ في منطقة ناخبيه. "عندما جلس غيلبرت، كان التصفيق هائلاً. ونهض الجمهورُ بأكمله وغنّى (لأنه رجلٌ طيّبٌ إلى حدٍّ بعيد). وعجزتُ عن التحكُّمِ في مشاعري". تذكَّرَ ذلك أيضاً. كانت جالسة على المنصَّةِ بقربه، ولا يزال في مقدوره أن يُبْصِرَ تلك النظرة التي رَمَقَتْهُ بها، وكيف كانت عيناها مُغْرَوْرِقَتَيْنِ بالدموع. وبعد ذلك؟ قلب الصفحات. كانا قد ذهبا إلى مدينة البندقيّة. واستعاد ذكرى تلك العطلة السعيدة بعد الانتخابات. "تناولنا المثلوجات في مقهى فلوريان" (1). ابتسم. كانت لا تزال طفلة جدّاً. كانت تعشق المثلوجات. "سرَدَ لي غيلبرت تقريراً ممتعاً للغاية عن تاريخ مدينة البندقيّة. أخبرني بأن الأدواج (2)......... ". كانت قد كتبت كلَّ ذلك بخطِّ يدها الشبيه بخطِّ تلميذة مدرسة. إحدى متع السفر مع آنجِلا هي أنها كانت توّاقةً للغاية إلى التعلُّم. واعتادت القولَ إنها كانت جاهلةً إلى حدٍّ مريع، وكأن ذلك لم يكن من  مُقَوِّمات سِحْرِها. وبعد ذلك، فتح المُجَلَّدَ التالي، كانا قد عادا إلى لندن. "كنتُ جِدَّ متلهِّفة لتَرْكِ انطباع طيِّبٍ عنّي، فارتديتُ ثوب زفافي". كان في مقدوره الآن أن يبصرها جالسةً قرب السِّير إدوارد العجوز، منتزعةً إعجاب ذلك المُسِنِّ المرعب، رئيسِه. وتابع القراءة على جناح السرعة وهو يقوم بتركيب المَشَاهِدِ مَشْهَداً إثرَ مشهدٍ مِنْ نُتَفِها المُشظّاة.

"تناولنا العشاء في مجلس العموم، ثم ذهبنا إلى حفلة مسائية في لاف كروفز. وسألتني الليدي  (ل) إن كنتُ قد أدركتُ حجم المسؤولية الملقاة على كاهلي باعتباري زوجة غيلبرت؟". ثم مع مرور السنين، تناول مُجَلَّداً آخر من منضدة الكتابة، كان انهماكُهُ بعمله قد ازداد باضطرادٍ. وكانت هي، بالطبع، وحيدةً في أغلب الأحيان. ولشدَّ ما كان يحزُّ في نفسها، على نحو واضح، أنهما لم يكونا قد رزقا بأطفال. ووَرَدَ في إحدى التدوينات" لَكَمْ أتمنّى لو كان لغيلبرت ابن!". وكان من الغرابة بمكان أنه هو نفسه لم يتحسَّرْ على ذلك قَطّ. كانت الحياةُ زاخرةً للغاية، وغنيَّةً للغاية كما كانت. في ذلك العام كان قد أُعطيَ منصباً ثانويّاً في الحكومة. مجرَّد منصب ثانويٍّ، بَيْدَ أنّ تعليقها كان: "أنا واثقة تمام الثقة الآن أنه سيصبح رئيسَ وزراء". في الواقع، لو كانت الأمور قد جرَتْ على نحوٍ مختلفٍ لكان من الممكن أن يحصل ذلك. وتوقّف هنا ليتفكّر في ما كان يمكن أن يحصل. كانت السياسة قماراً، فكَّرَ مَلِيَّاً، غير أن اللعبة لم تنته بعد. ليس في سِنِّ الخمسين. أدارَ عينيه بسرعة فوق المزيد من الصفحات المُتْرَعَةِ بالصغائر، الأمور اليوميّة السعيدة التي لا تحمل أية أهمية، والتي كوَّنَتْ حياتَها. تناول مُجَلّداً آخرَ وفتحه على نحوٍ عشوائيّ. " يا لي من جبانة! لقد تركتُ الفرصةَ تضيع مرة أخرى. بَيْدَ أنني أحسستُ أنه من الأنانية أن أُثْقِلَ عليه بأموري الخاصة ولديه ما لديه من المشاغل. وصرنا قلَّما نقضي مساءً لوحدنا". ماذا يعني ذلك؟ أوه. ها هو التفسير. إنها تشير إلى عملها في منطقة الـ "إيست إند". "استَجْمَعْتُ شجاعتي وتحدَّثْتُ مع غيلبرت في نهاية المطاف. كان في غاية اللطف وفي غاية الطيبة. ولم يُبْدِ أيَّ اعتراض". تذكَّرَ تلك المحادثة. كانت قد أخبَرَتْهُ بأنها تشعر بأنها عاطلة للغاية وعديمة النفع للغاية وتمنَّتْ أن يكون لديها عملٌ خاصٌّ تقوم به. كانت تودُّ القيام بعملٍ ما - وتذكَّرَ كيف احمرَّ وجهها خجلاً على نحوٍ فاتنٍ للغاية حين قالت ذلك وهي جالسة على ذلك الكرسيِّ بالذات - لمساعدة الآخرين. كان قد مازحها بعض الشيء. ألا يكفيها عملاً الاعتناءُ به والاعتناءُ ببيتها؟ مع ذلك، إذا كان العمل يسلّيها فبالطبع لا اعتراض لديه. وماذا كان؟ في مقاطعة ما؟ في لجنة ما؟ فقط كان لزاماً عليها أن تقطع الوعدَ على نفسها بألّا تُسْقِمَها بالعمل. وهكذا بدا أنها كانت تذهب إلى "وايت تشابل" كلَّ أربعاء. وتذكَّرَ كم كان يكره الملابس التي كانت ترتديها في تلك المناسبات. بَيْدَ أنها كانت قد أخذت الأمر على محمل الجدِّ تماماً، كما بدا. كانت يوميّاتُها مُتْرَعَةً بإشارات مثل هذه: "رأيتُ السيدة جونز...لديها عشرةُ أطفال...زوجُها فَقَدَ ذراعه في حادث...بذلْتُ قُصارى جهدي لإيجاد عمل من أجل لِلِي." وواصلَ تَخَطِّي الصفحات. وطفقَ تكرارُ اسمه يقلّ. ففَتَرَ اهتمامُه. ولم تَعْنِ له بعضُ القطعِ المُدَوَّنَةِ  أيَّ شيء. على سبيل المثال: " حدثتْ مناقشة حامية عن الاشتراكية مع ب.م." مَنْ كان ب.م.؟؟ واستغلق عليه إلى ماذا يرمز هذان الحرفان الاستهلالِيَّان(3). وافترض أنها قد تكون امرأةً ما قابلتها في إحدى لِجانِها ربّما. " شنَّ ب.م. هجوماً عنيفاً على الطبقات العليا....رجعتُ مع ب.م. بعد الاجتماع وحاولتُ إقناعَه. غَيْرَ أنَّه ضيِّق الأفق للغاية." إذن كان ب.م. رجلاً (4). ومن دون ريب واحداً من أولئك "المفكّرين"، كما يُسَمُّون أنفسَهم، بالغي العنف، كما قالت آنجِلا، وضيِّقي الأذهان. كانت، كما هو واضح، قد دَعَتْهُ إلى المجيء ومقابلتها. "جاء ب.م. إلى العشاء. وصافح ميني.!". وأعطت علامةُ التعجُّبِ فَتْلَةً أخرى للصورة الذهنيّة التي رسمها في خياله. بدا أنّ ب.م. لم يكن معتاداً على خادمات الضيوف في البيوت. كان قد صافح ميني. لعلّه كان واحداً من أولئك العمال الودعاء الذين يفصحون عن آرائهم في صالونات السيّدات. كان غيلبرت يعرف هذا النمط  ولا يُكنُّ مَيْلاً إلى هذه العيّنة الشخصيّة أيّاً كان ب.م. وها هو ذا يظهر مرّة أخرى: "ذهبتُ مع ب.م. إلى برج  لندن. قال إن الثورة قادمةٌ لا محالة. وقال إننا نعيش في جَنَّةِ الحمقى". كان ذلك هو تماماً نوع الأشياء التي سيقولها ب.م. كان في مقدور غيلبرت أن يسمعه. وكان في مقدوره أيضاً أن يراه بوضوح تام. رجلٌ قصيرُ القامة وبَدِينٌ، بلحية خشنة وربطة عنق حمراء، ويرتدي، على شاكلة أمثاله، بدلةً من التويد (5) ، ولم يعمل طيلة حياته قطّ يوماً واحداً بأمانة.  بالتأكيد كان لدى آنجِلا الحسُّ لإدراك مراميه الخَفيَّة؟ تابع القراءة. "قال ب.م. أشياء لا يمكن قبولها البتّة عن.....". كان الاسم مَشْطوباً بحرص.

" أخبرتُهُ بأنني لن أصغي إلى أية شتيمة أخرى عن .....". ومرّةً أخرى كان الاسمُ مَمْحُوَّاً. أكان من المحتمل أن يكونَ الاسمُ اسمَه؟ ألذلك السبب غطَّتْ آنجِلا الصفحة بمنتهى السرعة عندما دخل؟ شكَّلَتِ الفكرةُ إضافةً إلى كُرْهِهِ المتنامي لـ ب.م. أبَلَغَتْ به الوقاحةُ حَدَّ تناولِ سيرَتِهِ في هذه الغرفة بالذات؟ لِمَ لَمْ تخبرْهُ آنجِلا بذلك قَطّ؟ لم يكن من سجاياها أن تخفي عنه أيَّ شيء. كانت نموذجَ الصراحة مُجَسَّداً. قلب الصفحات مُلْتَقِطاً كلَّ إشارةٍ إلى ب.م. "أخبرني ب.م. بقصة طفولته. كانت أمُّهُ تعمل في تنظيف البيوت. وعندما أفكّر في ذلك أكاد لا أقوى على الاستمرار في العيش في هذه الرفاهية. ثلاثة جنيهات ثمناً لقبّعة واحدة!". ليتها كانت قد ناقشتِ الأمرَ معه، بدلاً من إرباك رأسها الصغير المسكين بأسئلةٍ يصعبُ للغاية فهمُها بالنسبة إليها! كان قد أعارها كتباً. كارل ماركس، الثورة القادمة. وطفق الحرفان ب.م. ب.م. ب.م. يتكرّران مرّةً تِلْوَ أخرى، ولكنْ لمْ يكنِ الاسمَ الكاملَ قَطّ؟ كان ثمة رفعُ كلفةٍ وأُلفةٌ في استخدام الحرفَيْنِ الاستهلاليين وهو ما يخالف سجايا آنجِلا تماماً. هل كانت تدعوه ب.م. في حضوره؟ وتابع القراءة. "جاء ب.م. على غير انتظار بعد العشاء. ولحسن الحظّ كنتُ بمفردي." كان ذلك قبل عام فحسب. "لحسن الحظّ"- لماذا لحسن الحظّ؟ - "كنتُ بمفردي". أين كان تلك الليلة؟ راجَعَ التاريخ في دفتر مواعيده. كانت ليلة العشاء في المانشن هاوس. وب.م. وآنجِلا كانا قد قضيا المساء بمفردهما! حاول أن يتذكّر ذلك المساء. هل كانت مستيقظةً تنتظره حين عاد إلى البيت؟ هل كانت الغرفة تبدو كما اعتادت أن تكون؟ هل كان ثمة كأسان على الطاولة؟ هل كان الكُرْسيّان قد أُدْنِيَ كلٌّ منهما إلى الآخر؟ لم يكن في وسعه أن يتذكّر شيئاً. لا شيء على الإطلاق، لا شيء باستثناء كلمتهِ التي ألقاها في عشاء المانشن هاوس. وازداد استعصاءُ الوضْعِ بِرِمَّتِهِ على التفسير بالنسبة إليه. استقبال زوجته رجلاً مجهولاً لوحدها. لعلَّ المُجَلَّدَ التالي يُفسّرُ. وعلى جناح السرعة حاول الاستغاثة بآخر مجَلَّدات اليوميّات، المُجَلَّدِ الذي تركَتْهُ دون أن تنهيه قبل موتها. وهناك، وفي الصفحة الأولى بالذات، كان الرجل الملعون مرّةً أخرى. "تناولتُ العشاء لوحدي مع ب.م. أصبح شديد الاهتياج. قال إنّ أوَانَ أن يفهمَ كلٌّ مِنّا الآخر قد حان. حاولتُ دَفْعَهُ إلى الإصغاء. غير أنه لم يكن في وارد ذلك. وهدَّدَ أنني إن لم......". كانت بقيَّةُ الصفحة مشطوبةً. كانت قد كَتَبَتْ على الصفحة بأكملها "مِصْر. مِصْر. مِصْر." لم يستطع فهم كلمة واحدة، ولكنْ قد يكون هنالك تفسيرٌ واحدٌ فحسب: كان ذلك الوغد قد طلب منها أن تصبح خليلَتَه. وحدهما في غرفته! اندفعتِ الدماءُ إلى وجه غيلبرت كلاندُن. طفق يقلب الصفحات بسرعة. ماذا كان جوابها؟ كان الحرفان الاستهلاليّان قد توقفا، وتحوّلا ببساطة إلى "هو" الآن. " جاء هو مرّةً أخرى. أخبرتُهُ بأنني عاجزة عن الوصول إلى أيِّ قرار. وناشَدْتُهُ أن يتركني." كان قد فرض نفسه عليها في هذا المنزل بالذات. ولكنْ لِمَ لَمْ تخبرْهُ؟ كيف تأتّى لها أن تتردّدَ لحظةً؟ ثمّ: "كتَبْتُ له رسالةً". ثمّ تُرِكَتِ الصفحاتُ  خاليةً من الكتابة. ثمّ كان هذا: " لا جوابَ على رسالتي." ثمّ المزيد من الصفحات الخالية من الكتابة، ثم هذا: "لقد نفّذَ تهديدَه". وبعد ذلك - ماذا حدث بعد ذلك؟ قلب صفحةً إثر صفحة. وكانت كلُّها خالية من الكتابة. ولكنْ كانت هنالك، في اليوم السابق لوفاتها بالذات، هذه التدوينة: "هل أملك الشجاعة للقيام بذلك أيضاً؟"

كانت تلك النهاية.

ترك غيلبرت كلاندُن المُجَلَّدَ ينزلق إلى الأرض. كان في مقدوره أن يراها أمامه. كانت واقفةً على حافة الرصيف في بيكاديلي. عيناها مُحَدِّقتان، وقبضتاها مُطْبَقَتان. وها قد أتتِ السيّارة...

لم يَقْوَ على احتمال ذلك. وكان لزاماً عليه أن يعرفَ الحقيقة. فَخَطا خطواتٍ واسعةً نحو الهاتف.

"الآنسة مِلَر!". كان ثمة صمت. ثم سمع أحداً ما يتحرّكُ في الغرفة. وأجابَهُ صوتُها أخيراً: "الآنسة مِلَر تتحدّث".

فهَدَرَ بصوتٍ كالرعد سائلاً:

- مَنْ هو ب.م.؟

كان في مقدوره أن يسمع ساعة الحائط وهي تُتَكْتِكُ على رفِّ موقدها، ثم تناهت إلى سمعه تنهيدةٌ طويلة ٌوعميقةٌ. ثم قالت أخيراً:

- كان أخي.

كان أخاها. أخاها الذي قتل نَفْسَهُ. وسمع سِسِي مِلَر تسأل:

- هل ثمة أي شيءٍ في ميسوري أن أشرَحَه؟

صاح قائلاً:

- لا شيء. لا شيء.

كان قد استلم تَرِكَتَه. كانت قد أخبَرَتْهُ بالحقيقة. كانت قد نزلت عن حافة الرصيف لكي تنضمَّ ثانيةً إلى حبيبها. كانت قد نزلت عن حافة الرصيف لكي تفرَّ منه.

***

.................. 

(1). مقهى فلوريان: افتتح هذا المقهى أبوابه في مدينة "البندقية" عام 1720، ويعتبر أقدم مقهى فيها وفي العالم. اشتهر في ما بعد بضخامته وفخامته وزبائنه المتميّزين، وكان في عِدادِ مَنِ ارتادوه على نحو متكرّر الشاعر والسياسي الإنكليزي جورج غوردون بايرون (اللورد بايرون)، والروائي الفرنسي مارسيل بروست والروائي الإنكليزي تشارلز ديكنز. (ويكيبيديا).

(2). الأدواج: جمع دوج وهو القاضي الأول في البندقية وجنوا في إيطاليا (المورد).

(3). الحرفان الاستهلالِيَّان: الحرفُ الأوَّلُ من الاسم، والحرفُ الأوَّلُ من الكنية. (المترجمة).

(4). عندما قرأ غيلبرت في اليوميّات: حاولتُ إقناعه (tried to convince him)، غَيْرَ أنه ضيِّق الأفق للغاية ( But he is so narrow-minded)، عرف من الضميرين him و he أن المقصود رجلٌ، وليس امرأةً كما كان قد افترض، لأن الفعل في اللغة الإنكليزية لا يدلّ على كَوْنِ الفاعل مُذكَّراً أم مُؤنَّثاً. (المترجمة). 

(5). التّويد: نسيجٌ صوفيٌّ خشنٌ (المورد).

 ................

فيرجينيا وولف (1882- 1941):

روائيّةٌ وقاصّةٌ وناقدة ٌ أدبيّةٌ وكاتبةُ مقالاتٍ وناشطةٌ في مجال حركات التحرّر النسائيّة، تُعتَبَرُ واحدةً من أهمِّ مؤلّفي القرن العشرين الحداثيين، ورائدةً في استخدام تيّار الوعي كوسيلةٍ سرديَّة.  

ولدتْ باسم فيرجينيا ستيفن عام 1882، في عائلة ثريَّةٍ، في ساوث كِنْزِنْغْتِن، لندن، وعلى مقربة من حديقة هايد بارك،لأبوين هما ليزلي ستيفن (1904-1832) وزوجته الثانية جوليا جاكسون دَكْوورث (1895-1846). وكان ترتيب فيرجينيا السابعة في عائلة مدمجة من أصل ثمانية أطفال، أربعة من زواج أبيها وأمِّها، وأربعة من زواجَيْنِ سابِقَيْن لكلٍّ منهما، فقد كان لأبيها ابنة واحدة من زواج سابق، وكان لأمها ثلاثة أطفال من زواج سابق. وقد عاش الأطفال الثمانية معاً تحت سقفٍ واحد في بيت والد فيرجينيا، الذي كان كاتباً ومؤرخاً وكاتبَ مقالاتٍ ومتسلقَ جبالٍ بارزاً وفيلسوفاً ومثقفاً أصدر "المعجم القوميّ لِلسِّيَرِ الذاتيةِ"، وكان صديقاً لعدد من مشاهير الأدباء، ومنهم هنري جيمس وماثيو آرنولد وجورج إليوت (وهو الاسم المستعار الذي اتَّخَذَتْهُ الروائية والشاعرة والصحافية والمترجمة الإنكليزية ميري آن إيفانس 1819-1880 للكتابة).

أما والدتها، جوليا جاكسون دَكْوورث، فتنحدر من أصول أنكلوهنديّة مرموقة، وانتقلت إلى إنكلترا مع والدتها ولها من العمر سنتان حيث قضت معظم سنواتها المبكرة مع خالتها، سارة، التي أنشأت برفقة زوجها  صالوناً أدبياً وفنياً وأصبحت جوليا بفضلِهِ على تواصل مع الكثير من رسامي حركة "ما قبل الرفائيلية"، مثل  إدوارد بيرين-جونز، والذي عملت معه كـعارضة. كما عملت ممرضة وأولت شؤونَ الفقراء والمرضى الاجتماعيةَ الأولويّةَ في لائحة اهتماماتها الشخصية، وعُرف عنها قيامُها بالأعمال الخيرية.

في هذه البيئة ذات الخلفية المُطَهَّمَةِ والمتنوّرة بالثقافة ولدتْ فيرجينيا.

بَيْدَ أن نَشْأتها، وإن لم تَخْلُ من المتع الطفولية في حينها، كانت مشوبة بسلسلة متلاحقة من خيبات الأمل والصدمات المريرة، التي أربكَتْ وَعْيَها النقيَّ ودَفَعَتْها أحياناً إلى حدود التشتُّت الذهني والاضطرابات العقلية، مُذِ اكتشفتْ بدايةً أن والدها، على ثقافته الواسعة، كان يرسل الذكور في العائلة إلى المدارس والجامعات، فيما كانت الإناث يتلقّيْنَ العلم في البيت، فشعرت بدونيّة المرأة، رغم أنه أعطاها وأخواتها الحرية التامة ودون قيد أو شرْطٍ في استخدام مكتبته الضخمة، وشجّع فيرجينيا على الكتابة حين لمس استعدادها النفسي لذلك، وهي تَدينُ له بالكثير من ثقافتها وشخصيتها الفكرية في هذا الصدد. وزاد من حدّة صدماتها تعرُّضُها للتحرُّش الجنسي من قِبَلِ أخَوَيْها غير الشقيقَيْنِ جيرالد وجورج دَكوورث. ومع وفاة والدتها عامَ 1895، وَصَلَتْ فيرجينيا إلى أوَّل انهيار عصبي. وبعد عامَيْنِ من ذلك توفيت أختُها غير الشقيقة، ستيلا دَكْوورث، والتي كانت بمثابة الأم لفرجينيا.  

ومع ذلك، أتيح لفيرجينيا الالتحاق بقسم الفتيات في كلية الملك (كِنْغْزْ كوليج) في لندن، حيث درست الكلاسيكيات والتاريخ (1901-1897) وأصبحت على تواصل مع أوائل النساء الإصلاحيات لحركة التعليم العالي للنساء وحركة حقوق المرأة. وقد تركَ إخوتُها، الذين تعلموا في جامعة كامبريدج الشهيرة، ووجودُ مكتبة أبيها الضخمة، بالغَ الأثر عليها وعلى أختها الكبرى فانيسا. وبدأت فيرجينيا الكتابة بشكل احترافي عام 1900.

توفي والد فيرجينيا عام 1904 بعد معاناته البطيئة من إصابته بسرطان المعدة، وكانت وفاته نقطةَ تحول مهمة في حياة فيرجينيا وأختها فانيسا ستيفن، وسبباً في حدوث انهيار عصبيٍّ آخر لفيرجينيا. بعد ذلك بيع منزل العائلة، وانتقلت فيرجينيا مع أختها الكبرى فانيسا وأخيها الأكبر ثوبي وأخيها الأصغر إيدريان إلى العيش في منزل في بلومزبيري، ومن هناك، وبالتعاون مع أصدقاء أخويها المثقفين تم تكوين "مجموعة بلومزبري" الفنية والأدبية الشهيرة.

وفي عام 1906 توفي أخوها ثوبي ستيفن بعد إصابته بالتيفوئيد أثناء إجازةٍ في اليونان.  

 في عام 1907، تزوجت أختها فانيسا الرسام كلايف بيل ليصبح اسمُها فانيسا بيل وغدت رسامة ومُصمِّمَة حداثية. وفي عام 1912 تزوجت فيرجينيا المُنَظِّرَ السياسي والناقد ليونارد وولف وهكذا أصبح اسمها فيرجينيا وولف. وفي عام 1917، أسستْ مع زوجها دار نشر "هوغارث"، التي قامت بنشر معظم أعمالها، كما نشرت أعمال كُتّابٍ آخرين ذائعي الصيت، منهم الشاعر تي إس إليوت (الذي حاز جائزة نوبل للشعرعام 1948)، والروائي إي إم فورستر (والذي رُشِّح لنيل جائزة نوبل مرّاتٍ كثيرةً بيد أنه لم يَنَلْها)، وكاثرين مانسفيلد، وغيرهم، كما نشرت ترجمة الأعمال الكاملة للعالم النفسي ذائع الصيت سيغموند فرويد.

ولم تتوقف نوبات الانهيار العصبي التي كانت تنتاب فيرجينيا، ومحاولاتها الانتحار أكثر من مرّة. أدخِلَتْ مَصَحّاً عقليّاً وتمّ تشخيص حالتها على أنها اضطراب وجداني ثنائيّ القطب، والذي لم يكن له أي علاج ناجع في ذلك الوقت. وتحت وطأة نشوب الحرب العالمية الثانية (1939-1945) وتدمير منزلها في لندن والفتور الذي استُقْبِلَتْ به السيرة الذاتية التي كتبتها عن صديقها الراحل روجر فراي، انتابتها حالة اكتئاب شرسة أقوى من سابقاتها. وفي 28 مارس/آذار 1941 كتبت رسالة وداعية لزوجها ليونارد وولف، وارتدت معطفها وملأته بالحجارة وألقتْ نفسها في نهر أوز القريب من منزلها. ولم يُعْثَرْ على جثّتها إلا في 18 أبريل/نيسان 1941. وفي 21 أبريل/نيسان تم إحراق جثمانها، ونُثِرَ رمادُهُ تحت شجرة دردار في حديقة منزلها، مونكس هاوس، في قرية رودْمِلْ سَسِكْسْ.

من أعمالها: "غرفة يعقوب" (رواية 1922)، "السيدة دالاوي" (رواية 1925)، "إلى المنارة" (رواية 1927)، "أورلاندو" (رواية سيرة ذاتية 1928)، "الإثنين أو الثلاثاء" (قصص 1921)، "القارىء العادي" الجزء الأول 1925، و"القارىء العادي" الجزء الثاني 1932 (مقالات نقدية)، "غرفة خاصة بالمرء" (مقالات نسوية 1929).

 

 

في نصوص اليوم