أقلام ثقافية

أزمة الدراما العراقية لماذا؟

الدراما العراقية كانت ومازالت مثار جدل الكثير من الباحثين والنقاد والفنيين العرب والعراقيين بتشعب موادها وصعوبة لغتها واقصد اللهجة العراقية ..ومعظلتها الكبيره والازليه بعدم استقلاليتها لذا اليوم سوف اطرح موضوع الدراما العراقية لماذا واين والى متى واطرح المشاكل والحلول لذالك عسا ولعل نجد من يستجيب للنداء.

الازقة القديمة بشناشيلها المطلة على ضفاف دجلة ونسمات الصباح المعطرة برائحة الشجر الجنوبي وبساتين النخيل واصوات البلابل تتطاير لتنقل عبق التاريخ في بابل وجنائنها المعلقة ومسلة حامورابي وتمثال ابو جعفر المنصور الذي يحتظنة دجلة بين ذراعية ونسيم الجبل العليل ونسمة الهواء العذب المحمل برائحة الشواء وخبز التنور والشاي المهيل واصوات السيارات والباعة المتجولين وشاب يمشط الازقة سائرا على قدميه بانتظار ان تطل الحبيبة من شرفة المنزل ذا الواجهة الحجريه القديمة واطفال يتجولون في ليالي رمضان يقرعون الطبول ويطرقون الابواب (ويغنون ماجينه يا ماجينه) والشوارع والناس والعادات والتقاليد وتطور المدن .. كل تلك الصور والاحداث عرفناها من خلال ماتناولته الدراما العراقية منذ تاسيسها سواء كان من خلال السينما او التلفزيون ..ومن المؤكد انه كان ورائها اناس افنو حياتهم وصنعو تاريخ الدراما العراقية ..فيهم من رحل عنا وفيهم مازال في الدنيا ..وانا اقول ان الذين رحلو اسعفهم الحظ ..ولم يعيشوا زمن التدهور الكبير الذي حل بالدراما العراقية ومن جهة ثانيه اواسي من عاصر التدهور الكبير الذي حل بالدراما العراقية اما اذا تحدثت عن السينما العراقية فلابد ان نقف جميعا لنأخذ واجب العزاء فيها ..حقيقة ان التدهور الكبير الذي صاحب الثقافة العراقية بشكل عام يعود الى اسباب كثيرة جاءت بشكل تدريجي مع بدء اطماع المال من الذين يبحثون عن خيرات وبترول العراق وما صاحب هذه الاطماع من حروب وتحكم الحزب الواحد وقتل متعمد للثقافة والفن العراقي طبعا التخطيط لذالك قديم لكن التنفيذ جاء في نهاية الثمانينات ..بالرغم من سيطرة الدولة في الحكم السابق حكم حزب البعث على مجمل القطاعات الفكرية والتوعويه للشعب العراقي ومحاصرة الفنانين العراقين والكتاب ..كانت هنالك اعمال دراميه تلفزيونيه وسينمائية تحاكي شيء من الواقع العراقي المتقيد لكن بطبيعة الحال كان هنالك الكثير من الاعمال التلفزيونيه بعد فترة التسعينات ومنها اعمال درامية مشتركة بين الاردن والعراق ..واعمال عراقية بحتة وظهر ذلك في الانتاج التلفزيوني بسبب انفتاح التلفزيون بشكل قليل على شركات الانتاج الاهلية والقطاع المختلط لكن السينما كانت خط احمر فهي بيد الدوله ولا اعلم ما السبب الحقيقي وراء ذلك ذات مرة سألت الفنان الكبير الاستاذ جعفر علي رحمه الله عن سبب محاصرة السينما العراقية اجابني وكانت طريقته في الكلام بهدوء لكنه اجابني بهمس يختلف عن طريقة كلامه (قال ان الدولة تعتقد ان الفلم السينمائي يبقى ويتخلد عبر الاجيال ومن الممكن ان يصل الى جميع بلدان العالم وهم لا يريدون ان يصل للعالم سوا ما يريدون ان يطروحوه ويقولوه اما الدراما التلفزيونيه ..فهي للشعب يشاهدها مرة او مرتين ومن ثم تضمحل وتتهاوى فاجبته ان الدراما العراقية الشهيرة تحت موس الحلاق دراما تلفزيونيه ومازالت شاخصة ليومنا هذا فقال لي اذن اذهب واسألهم بابتسامته الخفيفة ) وهنا نجد من خلال هذا الكلام نقل فعلي لحقيقة واقع الدراما العراقية المكبله ..بشكل كلي كانت هنالك طروحات فرديه وجاءت بعد معاناة مثل مسلسل ذئاب الليل للمخرج حسن حسني ومسلسل عالم الست وهيبة ومسلسل الغرباء وانفلونزا ..طرحت هذه الاعمال جانب من جوانب المعناة والفقر مع العلم ان الرقابة كانت بالمرصاد وانا اتذكر مسلسل غرباء للكاتب احمد هاتف والمخرج هشام خالد الذي انتجته شركة بغداد للانتاج السينمائي والتلفزيوني حيث طلب منا تغير بعض النصوص من فبل الرقابه ولاربع او خمس مرات وتغير في الحوار ..وفي احد ايام التصوير كنا في موقع تصوير في فندق في بغداد دخل علينا اشخاص يرتدون الزي العسكري المتعارف علية ان ذاك الزيتوني وجلسو لعدة ساعات يشاهدون تصوير المشاهد ثم دار حديث بينهم وبين الجهة المنتجة وغادرو المكان ..في مثل هذه الظروف عمل فنانو العراق وكتابة وادبائه ..والكارثة الكبرى هو بعد اسقاط النظام السابق تدهور الوضع الامني بشكل كبير بالرغم من ذلك فتحت فنوات فضائية عراقية كثيره لكن اغلبها هي واجهة لحزب معين او سياسيين او تجار هدفهم ايصال طروحاتهم وافكارهم ومشاريعهم ..ولا يهتمون بالدراما العراقية ولا يريدون ذلك وجائت النصوص الدراميه للمسلسلات العراقية التلفزيونيه ركيكه وساذجة يقومون بالانتاج للتسويق عبر قناتهم فقط واقول فقط لان القناة الفضائية التي تنتج الاعمال الدراميه لا تستطيع ان تبيعها بسبب تنافس القنوات فيما بينهم من جانب والاتهامات والمشاكل التي تعصف بهم ..والانتاج الدرامي التلفزيوني اقتصر على اختصار كلف الانتاج ..ناهيك عن الفساد والرشوه وتقسيم نصف الميزانيه بين المشرفين على المسلسل ويتبقى الفتات للانتاج طبعا النصوص الكبيرة والكتاب الكبار يرفضون التعامل وفق هذا المبداء الذي انتشر بشكل كبير حتى اصبح واقع ملموس ..ومن جانب اخر نجد ان المنتجين المستقلين بعد ان يكتمل العمل الدرامي الذي يقوم به لا يجد له مجال للتسويق ..حيث ان القنوات تعرض ماتنتجة هي فقط ..مما اضطر المنتجين بعدم الانتاج والتزام الصمت ومن جانب اخر نجد ان بعض القنوات العراقية تتهافت على الدول المجاورة لشراء الاعمال الدراميه منهم مثل ايران وسوريا ومصر والامارات والسبب واضح وهي العمولات التي تعطيها هذه الدول لمن يشتري منها اعمالها ... واقع مرير عصف بالدراما العارقية ..وانا اجد ان الحل الوحيد في علاج ذالك وقد طرحتة على الكثيرين من ممثلي الاتحادات والنقابات الفنيه العراقية هو انشاء مجموعة المنتجين المتحدين العراقين والانفتاح على الاعمال المشتركة بين العراق ومصر والامارات ولبنان والمنتجين السوريين لانتاج اعمال مشتركة تعرض على قنواتهم الفضائية وليس القنوات العراقية حتى نستطيع ان نعيد كتاب السيناريو والنصوص الادبيه الرصينه وفق الحداثة ووفق التطور السريع في الحياة وان ننهض بالاعمال الدرامية العراقية حتى نصل الى استقطاب القنوات العراقية من شراء الاعمال الدراميه العراقية وانا من هنا وبهذا المقال من لديه اية مقترحات مراسلة ادارة الموقع ونكون شاكرين لكم ..مع محبتي

 

المخرج والاعلامي

أنس قاسم علاوي

 

 

في المثقف اليوم