أقلام ثقافية

قلمي ألمي!!

صادق السامرائيالكتابة إبتلاء ومرض وعاهة سلوكية تصيب مَن تصيب بدائها الوخيم وتمتلكه وتجعله رهينة لإرادتها، وموسوسا بفنونها وأساليبها، بل ومدمنا.

الكتابة أفيون العقول!!

وعندما يتحول القلم إلى جرح ينزف سلاف روح صاحبه، تصبح الكتابة  مآساة كبرى وسلوك أليم، يحفر خنادق وجيعه في أعماق الكاتب المصاب بطاعون الكتابة الرهيب!!

والكتابة إدمان لذيذ، يختزن ما يتسبب به أي إدمان بشري من سلوكيات وتداعيات وإنهيارات تفاعلية على مستويات متنوعة، فالقلم فم يهذر وحصان لا يتعب من الركض على مسارات السطور، مما يجلب المشاكل والهموم ويضع ممتطيه في متاهات التلاحي والتحدي، والتفاعل التواصلي مع سيادة الفكرة والرؤية، وهو يحلق في مدارات المدارك العلوية وعروش الأفياض المعرفية.

والقلم خنجر في خاصرة الكاتب، وسهم منغرز في قلبه، ومدية تطبق على عنقه، وسيف مرفوع فوق رأسه، وتاج يحلق في مدارات وجوده، ودوامة تعصف بكيانه، وتبدد أوصاله، وتكتم أنفاسه، وتركنه في زوايا النور البعيد.

والسبابة والإبهام جمرتان تقبضان على قلم، فيشم الكاتب رائحة الدخان المتصاعد من تفاعل الجمرات مع بدن اليراع، ويأنس بها ويتعوّد عليها ويكون بها، حتى لتجده لا يعرف طعما للصباح من دون إحتراق القلم ما بين سبابته وإبهامه.

والكلمات المسطورة قنابل فناء موقوتة، تتجمع مثل حبات الزئبق ثم تتفرق وتمضي في رقصاتها الإنتحارية فوق خشبة المصير المجهول، نشوانة ولهانة تبحث عن وعاء يضمها ومسار يتعهدها بالجريان والتدفق من فم ينبوع يريد.

تلك حكاية القلم السابح في بحر الألم والذي ينزف من فمه دماء كينونة قصوى، ومرارة أحلام يتم ذبحها على صخرة التنعم بالضلال والبهتان والإنتساب لدجال مراءٍ سقيم.

فهل من قلمٍ يشفي وكلامٍ يكفي، وإرادةٍ تشرب من عين اليقين؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم