أقلام ثقافية

مراتب الحب ومستوياته

في البداية، اهنيء كل الاخوة المسيحيين الذين يحتفلون باعياد ميلاد السيد المسيح عليه السلام نبي المحبة والسلام . وانتهز هذه الفرصة لاتحدث عن مراتب الحب ومستوياته فالحب ليس مرتبة واحدة، ولامستوى واحد، وانما هو -وبحسب التعبير الفلسفي - مقولة مشّككة، تشترك في اصل الوجود وتختلف في المراتب.

مراتب الحب

1- الحب الطبيعي

اول مرتبة من مراتب الحب تواجهنا، ونحن نتأمل هذا الكون الفسيح، ان اجزاء هذا الكون مشدودة بعضهما الى بعض باواصر وروابط الحب ؛ فالكون الفسيح متناغم ومتناسق الاجزاء والوحدات، لاوجود لتنافر وكراهية بين اجزائه . يقول الله تعالى :

(ماترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور) . الملك: 3.

وهذا اللون من الحب اطلقت عليه: (الحب الطبيعي) . وماقوى الجاذبية في هذا الكون الا قوى محبة تجعل الترابط بين اجزاء الكون متماسكا وقويا بالحب.

2- الحب الغرائزي

وهذا اللون من الحب نراه جليا في عالم الحيوان، فحتى الحيوانات المتوحشة ذات الانياب الحادة، والمخالب القوية، تنزع صفات توحشها حينما تحمل صغارها بانيابها بطريقة رقيقة لطيفة، والمخالب القوية التي تفتك بالفرائس تتحول الى انامل حريرية حينما تلاعب صغارها . وهذا الحب يعطي للام المترددة والخائفة كالدجاجة التي بمجرد ان تكون اما تصبح قوية وشجاعة ومستعدة ان تدفع حياتها ثمنا لبقاء صغارها اذا ماداهمهم حيوان مفترس.

3- الحب التعاقدي (المشروط)

وهذا الحب مبنيّ على اساس تعاقدي . انه عقد يشبه سائر العقود، والمعاملات التجارية، انه حب الصفقات. الحب المشروط بشروط . الزوج يقول لزوجته : احبك مادمت مطيعة، ومنفذّة لاوامري، اما اذا لم تكوني كذلك ؛ فلاحب لك في قلبي . واكثر الحب في العلاقات الزوجية هو هذا النوع من الحب المشروط . واكثر حالات الطلاق، اساسها هذا الحب التعاقدي المشروط . فالزواج الذي عبّر عنه القران بانه : (ميثاق غليظ)، يتحول الى عقد تجاري ومعاملة مشروطة ؛ اذا ماوقع خلل في الشروط ينتهي العقد.

4- الحب الملتزم (غير المشروط)

هذا اللون من الحب، يختلف عن سائر الانواع الاخرى . انه ليس حبا طبيعا، ولاغرائزيا، ولاحبا تعاقديا . انه ليس صفقة، وانما هو التزام قيمي واخلاقي بقيمة الحب . الحب قيمة لاتتجزأ تمارسها مع العدو والصديق . وهناك مقولة للسيد المسيح (ع) حسب ماجاءت في انجيل متى 5 : 44 :

(وامّا انا فأقول لكم : احبوا اعداءكم.باركوا لاعنيكم .احسنوا الى مبغضيكم، وصلّوا للذين يسيئون اليكم ويطردونكم) .

وفي نفس السياق يتحدث القران الكريم :

(ولاتستوي الحسنة ولاالسيئة ادفع بالتي هي احسن فاذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم) .

ولو تبنّى العالم الغربي في سياساته الدولية، ماجاء في انجيل متّى، لما شهدنا حروبا، واستعمارا للشعوب ونهب خيراتها . ولو طبقت دولنا الاسلامية ماجاء في الاية التي مرّت، لما شهدنا حروب الاشقاء، والفتن الداخلية، وقتل الناس، والجماعات التكفيرية التي نشرت الرعب في كل مكان.

كان الحديث عن الحب في اطار العلاقات الموجودة في الكون، وعالم الاحياء، والعلاقات بين بني البشر، امّا اسمى مراتب الحب، فهو حب الله، الذي كان الهدف الذي سعى اليه اولياء الله.

وفي الختام، ندعو الاخوة المسيحيين وهم يحتفلون باعياد الميلاد، ان يتذكروا قيم المحبّة والسلام التي جاء بها السيد المسيح عليه السلام .

 

زعيم الخيرالله

 

 

في المثقف اليوم