أقلام ثقافية

المؤتمر الوطني لرابطة كاتبات المغرب.. قبل وبعد

الزهرة حمودانبعد مؤتمرها الأول، الذي مرت فعالياته أيام 10/11/ 12 يناير 2020، تدخل رابطة كاتبات المغرب، مرحلة إرساء قواعد العمل. حيث جاء اللقاء ليتوج مرحلة "ماقبل المؤتمر" بوقفة مع الذات، وطرح الاسئلة عن حصاد السنين منذ سنة 2012، وعن مكتسبات التجربة؛ من مقومات العمل، وإمكانات تنفيذ ما تم تسطيره في قانونها الأساسي المؤقت من التزامات تجعل المرأة المغربية الكاتبة، في قلب المشهد الثقافي المغربي ثم العربي والعالمي. كذلك عكست أيام المؤتمر ما تصبو إليه المؤتمِرات من طموحات تتعلق بالرغبة في الدفع بعجلة تطوير الفعل الثقافي ببلادنا، وما تحملنه من مشاريع تنبع من صلب هموم الثقافة المغربية الغنية بالتنوع، وقيمها الخاصة، وأبعادها الإنسانية، وكذا القضايا الاجتماعية للمغاربة.

ترجمت الرابطة كل هذه المشاريع والطموحات بجملة بليغة جامعة مانعة جعلتها شعار مؤتمرها: " التنمية الثقافية والمواطنة الحاضنة "؛ محددة بذلك هندسة ثقافية تجترح حيزا بحدود منهجية، تشتغل ضمنه نساء الرابطة، ويتعلق الأمر ب " التنمية "؛ وبتحديد أدق قضية المغرب الاجتماعية الكبرى، بمنظور للمرأة فيه - بصفة عامة، والمغربية بخاصة -القدح المعلى، حيث المواطنة تربية، والحضن عطاء وحِلم، ومكمن السلام الروحي، والأمن العاطفي والاقتصادي.

موازاة مع الهندسة الثقافية، وبنفس المنهج البراغماتي بدلالته الإيجابية، أدرج المؤتمرنقطة الدبلوماسية الثقافية، وما تقوم به فروع دول الاستقبال في التعريف بالثقافة المغربية، وكيف أن التجربة عرفت نضجا وتفاعلا خلال سنوات التأسيس.

وهنا أيضا نقرأ في القانون بنودا تطمح الرابطة في تنزيلها ضمن برامجها الفعلية

على رأسها البند الذي يقدم الرابطة بهوية فعلها، ويفصل في التعريف بمشروعها الثقافي، بكل حمولته، وفسيفسائه التكويني، كعنصر حيوي فاعل في النموذج التنموي الجديد لبلادنا،  وذلك بنصوص لها صبغتها القانونية الملزِمة لكل المنضويات تحت مظلة الرابطة من مجلس حكيمات، ومكاتب فروع، ومنخرطات، ندرج هنا بعضا منها:

بنود التأسيس

I - المبادئ الأساسية:

"وتعتبر الرابطة رافدا تعبر الكاتبة المغربية من خلاله من خلاله عن مستوى وعيها بدور الكتابة، في إبداع قيم الحب والجمال والاختلاف والحوار."

II- التعريف بالرابطة:

" هو إطار يسعى ليكون شريكا لتدبير الشأن الثقافي المغربي بصوت ووعي وعقل المرأة المغربية، انسجاما مع روح دستور المملكة".

تؤسس الرابطة بهذين المكونين : الثقافي/الانساني والقانوني / الدستوري، لتمارس فعلها بشرعية روح الدستور المغربي، والقيم التي تبني الانسان المغربي، وتؤهله كي يكون شريكا للآخر المختلف فوق كوكب الأرض.

وهو تعريف لا يمكن أن يدخل بتاتا في باب التسويق المجاني، وإنما قراءته التحليلية، تحيل على التزامات تؤمن بها الرابطة اتجاه كيانها كمؤسسة وطنية ذات نفع عام، واتجاه شركائها في تدبير شأن الثقافة؛ كرافعة تنموية وطنية، وتفاعلا مع ثوابت الوطن المتماشية مع روح الدستور المغربي. كما ضَمّن هذا النص المؤطر للرابطة، رؤى مستقبلية، تم التخطيط لها بمنهجيات عمل مسطرة بقانونها الداخلي، من أجل أجرأتها، وتنزيلها في الممارسة الفعلية للمرأة المغربية الكاتبة في كل مناحي المنتوج الثقافي والمعرفي للوطن.

جرت فعاليات المؤتمر أيام 10/11/12 من يناير 2020 - كما تمت الإشارة إلى ذلك - بعد ثماني سنوات من الكد من أجل نحت موقع قدم راسخ، فوق أرضية عائمة فوق ألغام من الإكراهات التي تعوق الفعل الثقافي ببلادنا بصفة عامة، فكيف إذا تعلق الأمر بوجود كيان نسائي؛ أفرزته قوة ناعمة، سرى فعلها شريانا يضخ أنزيماته في منظومة العمل الثقافي المغربي، بعزم النملة الصامت.

كرت السنوات منذ سنة 2012، تاريخ الميلاد، وتاريخ الإعلان الموثق لإطلاق صوت أنثوي مجلجل، خارج من رحم الهمس، إلى فضاء يطرح فيه خطابا يحمل رؤيا بمرجعية القيم الايتيقية، والمبادئ التي لا تمنع أية حاملة قلم من الانخراط في البناء والتأسيس، لفعل إنساني يتمم ما بدأته الرائدات من مفكرات ومثفقات وعالمات مغربيات، ويغيرما تجاوزته تحولات العصرالتنموية بكل أبعادها وتفرعاتها، وإبدالاتها الحضارية، حيث جاءت الرابطة – بعد مخاض - بمضامين تطمح لمجتمع عادل، ومنفتح على الآخر. يؤمن بالحق والكرامة، ودمقرطة المعرفة والجمال، وهي المضامين التي تذكي الحس المشترك لدى الكاتبة المغربية النابض بالتوق الى عقد اجتماعي بين المثقفة/المثقف وكل فرد في المجتمع؛ من الطفل الى الشيخ، في علاقة يحكمها المنطق الإنساني ومبادئ العدالة، وكذا أدبيات الحوار، من أجل تكريس مفهوم الاختلاف، المنصوص عليه في المادة الأولى من القانون الأساسي، كرافد من روافد التنمية البشرية.

ارتساماتي هذه؛ حول فعاليات أيام المؤتمر، سوف تتخطى ما قامت به الصحافة، وما دبجته الأخوات المشاركات من كاتبات المغرب المبهرات بجرأتهن، وإيجابياتهن، وصمودهن في وجه صعوبات الاشتغال على برامج المؤتمر، من إرهاق، ونقص في بعض الأمور اللوجستية، والعمل لساعات متأخرة من الليل..ومساهماتهن التنظيمية – تطوعا – إلى جانب اللجن المنظمة؛ حيث كن جنديات في ساحة حرب ضد الوقت..وضد أي فشل محتمل لفقرة من الفقرات،أو تأخير أعمال ورشة من الورشات..

كان كل هذا طبعا بقيادة سيدة التحدي على كل الجبهات، الداخلية إلى جانب عضوات الرابطة، وخارجيا مع المسؤولين في قطاعات أخرى، تتعالق مع الثقافة في بلادنا بشكل من الأشكال، أو أفراد لهم مكانتهم في الأنطولوجية الإبداعية المغربية المعاصرة، وغير هذا وذاك، من طرق للأبواب الموصدة بإلحاح المؤمن بقضيته، والمدافع ضد كل إقصاء للمنتوج الثقافي النسائي، المغيب بصورة من الصور، تلك هي السيدة عزيزة عمر يحضيه.. بيمناها حلم، وباليد الأخرى تحمل مشروعا اشتُغل عليه عن دراية بخصوصيات التاريخ والجغرافية لبلادنا، وبظروف العصر في مجملها الإنساني العام، وعجلة التطور بسيولتها الجارفة، وقد صيغ كل ذلك بمنهجية مقننة.

جهود ثماني سنوات من العمل والاشتغال على فتح الفروع في الجهات والاقاليم، مع الإصرار على أداء يليق بمكانة المثقفة المغربية، واستقطاب المبدعات، وتشجيع منتوجهن، أثمرت اليوم رابطة لها طابعها المؤسسي، تشتغل من خلال مكاتب مختصة، تتنوع بين الاداري، والتنفيذي، ومجلس حكيمات من ذوات الكفاءات، والكاتبات اللواتي تحملن مسؤوليات في المكاتب المتعاقبة في رابطة كاتبات المغرب من سيدات من قطاعات لها علاقة بالفعل الثقافي . ولجان تسهرعلى جملة من الرهانات الكفيلة برفع قيمة الأداء الخاص للفروع - داخل الوطن وخارجه - من خلال خلق فرق عمل تستهدف المجالات الثقافية والاجتماعية، وكل ما يمكن أن يساهم في رفع مؤشر التنمية ببلادنا.. متحديات بذلك الأزمات التي يعرفها المجتمعين المغربي والعربي؛ على المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية؛ مصرات على أن تتوافق الفروع والأصل في استراتيجية موحدة من أجل ثقافة وطنية تنموية مهندسَة استراتيجيا.

 

بقلم : الزهرة حمودان

 

في المثقف اليوم