أقلام ثقافية

الفيلم الأمريكي Contagion والتكهن بفيروس كورونا! (1)

محمود محمد عليفي عام 2011 م شهد العالم الفيلم الأمريكي Contagion، والذي يترجم اسمه بالعربية لكلمة "عدوى"، والفيلم تم إنتاجه في الإمارات العربية المتحدة، والولايات المتحدة، وهو من إخراج ستيف سوديربيرج، ودارت قصة الفيلم حول فيروس خطير مجهول، وقاتل ينتقل في الهواء وعبر اللّمس بسرعة جنونية، ويقتل المُصاب به في عدة أيام، وأصيب العالم بالرعب، وحاول الأطباء السيطرة على الفزع والخراب الذي يعم الأرض، وفي الوقت نفسه، هناك مجموعة من الأشخاص العاديين الذين يحاولون البقاء على قيدِ الحياة في مدينة ممزقة من جراء ما فعله هذا الفيروس.

ولا يعتبر فيلم Contagion عبقريًا في فكرته فقط فهو أيضًا فيلم رائع على مستوى جودة الصناعة، فقد جمع الفيلم نخبة من النجوم العالميين الذين اندمجوا معًا في سيناريو متميز نجح في خلق واحد من أجمل الأفلام التي تتحدث عن الأوبئة والأمراض بصورة مثيرة ومخيفة.

وجاء الفيلم من بطولة النجم العالمي مات ديمون والحاصل على جائزة الأوسكار لأفضل سيناريو عن فيلمه Good Will Hunting والصادر عام 1997 والذي قام ببطولته رفقة صديقه النجم بن أفليك، وقد قدم أيضًا العديد من الأفلام الرائعة مثل The Departed عام 2006، وفيلم The Martian عام 2015، وشاركته البطولة النجمة Kate Winslet التي اشتهرت منذ صغرها عن طريق بطولتها لفيلم Titanic عام 1997، وقد حصدت جائزة الأوسكار عن دورها في فيلم The Reader عام 2009.

وشارك في بطولة الفيلم العديد من النجوم الآخرين مثل الممثلة جوينيث بالترو والتي تشتهر بدور زوجة شخصية توني ستارك في فيلم Iron Man، ويشاركهم أيضا النجم جود لو Jude Law، والذي نجح خلال مسيرته في تقديم العديد من الأعمال الرائعة مثل فيلم Sherlock Holmes عام 2009 والذي قدم فيه دور الطبيب جون واتسون مساعد شيرلوك هولمز.

والفيلم من تأليف الكاتب الأمريكية سكوت بورنس، ومن إخراج ستيفن سودربرج، ويحكى عن سيدة تدعى بيث إيمهوف، تعود إلى أمريكا بعد رحلة عمل فى هونج كونج، وتتوقف مؤقتًا فى ولاية شيكاغو لمقابلة عشيقها السابق، قبل أن تعود لعائلتها فى مينيابولس، ويبدو أنها أصيبت بالبرد خلال الرحلة.

وحصد فيلم Contagion تقييم 6.6 بتصويت الجمهور على الموقع الشهير IMDB، وتحدث عنه النقاد كثيرًا باعتباره واحدًا من أفضل الأفلام التي تحدثت عن الأمراض والأوبئة، وهو يعتبر من أفلام البطولة الجماعية والتي يحبها الجمهور بشدة وننصح بمشاهدتها، وقد علق عليه النقاد بأنه من أكثر الأفلام المخيفة والمثيرة التي يمكن مشاهدتها على الإطلاق.

ويبدأ الفيلم بمشهد مرض "بيث" التي قامت بدورها الممثلة الأمريكية غوينيث بالترو عقب عودتها من رحلة عمل في هونج كونج ما تظن أنه نزلة برد عادية لكن يتضح بعد ذلك أنها مصابة بفيروس مميت يقتلها بعد يومين فقط.

ويصاب «كلارك»، ابنها من زوجها السابق، بنفس المرض، وتظهر عليه الأعراض فى المدرسة فيرسلونه إلى المنزل، وبالتزامن تسوء حالة السيدة وتموت فى المستشفى بسبب غير معروف، ثم يموت الطفل بذات الطريقة، فتضع الحكومة الزوج فى حجر صحى، ولكنه يبدو محصنًا ضد المرض، ويُطلق سراحه ويعود إلى منزله لابنته المراهقة «جورى»، ورغم أنها غير متأكدة ما إذا كانت ورثت مناعة الوالد فإنها تقرر البقاء معه.

وفى الوقت نفسه، يبدأ كل من كان على اتصال بـ«بيث» فى نشر المرض فى جميع أنحاء العالم، وفى أتلانتا، يجتمع ممثلو وزارة الأمن الداخلي مع دكتورة تدعى إليس شيفر، من مركز السيطرة على الأمراض، ويناقشون فكرة أن هذا المرض قد يكون هجومًا إرهابيًا بالأسلحة البيولوجية، ويقررون استدعاء إرين ميرز، التى تعمل ضابط مخابرات متخصصة فى الأوبئة، ولكنها تصاب بالعدوى عند تتبع مسارات «بيث»، وتموت فيما بعد وتدفن فى مقبرة جماعية.

وتتزايد الإصابات دون ظهور علاج، ويبدأ النظام الاجتماعي فى التدهور، مع نهب واسع النطاق للمتاجر والمنازل، ويجرى نقل الرئيس الأمريكي لمخبأ تحت الأرض، بينما تعانى خدمات الطوارئ من نقص فى الموظفين ولم تعد تستجيب، ويحاول زوج «بيث» وابنته الهرب إلى ويسكونسن، لكن الحدود مغلقة.

ويؤدي مات ديمون وجوينيث بالترو دور البطولة في فيلم «Contagion – كونتيجن»، وفيه سيقتل الفيروس الغامض عشرات الملايين من البشر في مختلف أنحاء العالم، بينما تحاول مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، وقف انتشار هذا الوباء المميت.

والغريب في الفيلم أنه ذكر أن الأصل في انتقال المرض هو الخفاش، وهو نفس ما تم الإعلان عنه بعد ظهور فيروس "كورونا"، وأن سبب وجود الفيروس هو الخفاش؛  ففي السياق الدرامي، ركز فيلم «Contagion – كونتيجن» على طائر الخفاش الذي اعتبروه مصدر تفشي الفيروس المميت، الأمر الذي يتطابق مع الواقع الذي نعيشه حاليًا مع فيروس كورونا الجديد.

والمغردون على تويتر، تفاعلوا مع الحدث وربطوه بالفيلم، حيث قال أحدهم: "كورونا يذكرنا بالفيلم المرعب الذي شاهدناه عام 2011.. كونتيجن، الأحداث متشابهة"، بينما علق آخر: "في كونتيجن، الخفاش كان أصل العدوى.. اليوم القصة نفسها تتكرر! كل شيء يبدو مماثلا".

وعُرض فيلم «Contagion» لأول مرة فى مهرجان فينيسيا السينمائى السادس والثمانين فى إيطاليا، فى 3 سبتمبر 2011، وحظى بإشادة كبيرة من النقاد، خاصة فيما يخص الفكرة والحبكة والأداء، كما استقبله العلماء بشكل جيد، وأثنوا على دقته. وتجاريًا، حقق الفيلم نجاحًا فى شباك التذاكر، إذ بلغت ميزانيته 60 مليون دولار، ووصلت إيراداته إلى أكثر من 135 مليون دولار.

وعلى الرغم من عدم شهرة الفيلم على المستوى العربي أو العالمي إلا أنه قد حقق نجاحًا جيدًا في شباك التذاكر بالفعل، ونجح في تحقيق إيرادات بلغت 136 مليون دولار حول العالم، وقد أشاد به عديد النقاد والمشاهدين، وقد زادت شهرته في الفترة الأخيرة بقوة بسبب تحدث الجماهير عنه عبر مواقع التواصل الاجتماعي وأيضًا تناول الصحف له باندهاش شديد بسبب تشابه أحداثه مع انتشار فيروس كورونا هذا العام.

واحتل فيلم كونتيجين المركز العاشر بين أكثر الأفلام مبيعا على تطبيق أبل iTunes في 28 يناير الماضي، ما أدى إلى ارتفاع مذهل في عمليات البحث عن الفيلم عبر محرك البحث الأمريكي جوجل Google، تأثرا بالأحداث المرتبطة بكورونا الجديد.

لكن في اليوم التالي، تراجع ترتيب كونتيجين إلى المركز الخامس عشر، لا سيما أن المشاهدين انتابهم الرعب من نهايته التي تتضمن وفاة 26 مليون شخصا حول العالم خلال 26 يوما، وهو عكس النهاية المطمئنة السعيدة التي كانوا يتمنونها في ظل هذه الظروف العصيبة.

والأمر لا يتعلق بكونتيجين فقط؛ إذ بزغ نجم فيلم "أوتبريك Outbreak" من إنتاج 1995 خلال الأيام الماضية أيضا بالتزامن مع انتشار تقارير كورونا الجديد، الذي يحاول فيه الممثل الأمريكي داستين هوفمان منع وقوع كارثة عالمية. بالإضافة إلى لعبة الهواتف المحمولة "بليج Plague" التي تحاكي انتشار أمراض مميتة وشهدت أيضا ارتفاع شعبية ملحوظ بين اللاعبين مؤخرا.. وللحديث بقية!

 

د. محمود محمد علي

رئيس قسم الفلسفة وعضو مركز دراسات المستقبل.

 

 

في المثقف اليوم