أقلام ثقافية

هَلْ إنّ البَوْحيّة شعر؟!!

صادق السامرائيالبوحية: من البوح أي إظهار أو كشف ما في الشخص من مشاعر وأحاسيس، فهل يعني ذلك الإظهار شعرا؟

ربما يُعرَّف الشعر بأنه  "كلام موزون ومرتّب ومقفى" (عيار الشعر)، أو أنه "الكلام المولود من مخيلة الشاعر، ويؤثر في مخيلة المتلقي" كما يرى إبن رشد.

وهو "الكلام الخالد" كما يصفه العقاد.

قد نتفق أو لا نتفق مع ما ورد من تعريفات للشعر، لكن أي موجود مهما كان نوعه يجب أن يستوفي شروط وعناصر وخصال ما يميزه عن غيره، لكي يفوز بتسميته.

فمملكة الحيوان فيها أنواع من المخلوقات وكل منها يتصف بما يشير إليه، فالقطة ليست كالكلب، وفي كل منهما أنواع متباينة بصفة ما.

وفي عالم الإبداع، هناك القصة والرواية والمقالة والشعر وغيرها الكثير من الأشكال، التي تدل على نفسها وتتمسك بإسمها، لتوفر الشروط الكفيلة بالحفاظ على الجنس الإبداعي.

وعندما نأتي للشعر، فأن المقاييس تكاد تغيب أو تتصف بالتشويش والهلامية، ويُحسب كل ما هو مكتوب بمداد المشاعر والوجدان والعواطف شعرا أيا كان شكله، وفي هذا تمييع لمعنى الشعر وإفراغ لطاقاته المؤثرة في المتلقين.

فالشعر بحاجة لذائقة شعرية، وليس لكتابات بوحية تأتي كيفما شاءت، حتى لتتعجب هل أنها شعر أم نثر، ولا يمكنك أن تُقر بغير ما يريد لها كاتبها أن تكون رغما عن أنف الشعر.

إذا وصلنا إلى مرحلة تسمية الكتابات الوجدانية المنثورة المشحونة بالمشاعر والأحاسيس شعرا، فلنقرأ السلام على الشعر!!

أو لنضع له تعريفا آخر إن إستطعنا إلى ذلك سبيلا!!

فما هو الشعر؟!!

قد يبدو السؤال ساذجا، لكنه أصيل ويستوجب رؤية إبداعية ذات قيمة حضارية، وإلا فأننا بتوهمنا الشعر سنقتل الشعر!!

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم