أقلام ثقافية

آية محي الدين عمر: أخلاقيات السينما العربية

دائما ما يتبادر إلى أذهننا سؤالاً وهو هل تمتلك السينما أخلاقاً؟ حيث ندرك جميعاً أن السينما تعد من أهم الفنون نظراً لما تملكه من تأثير على المشاهدين في مختلف المراحل العمرية، ورغم كون السينما من أجمل الفنون واكثرها انتشاراَ في العالم وتمتلك تأثيراً قد يكون ايجابياً  أو سلبياً، لكن نهتم في هذا المقال بالسينما العربية خاصة.

عندما نذكر لفظ السينما يلاحقها مصطلح أخر وهى الرقابة، حيث تعد الرقابة بمثابة المعلم الذي يرشد السينما إلى الطريق الاخلاقي إن ضلت عنه، لكن مع اختلاف الثقافات العربية قد تغير الوضع. وقد اعترف الكُتاب بأن دور الرقابة قد يكون مطلوباً في بعض الأحيان عندما تمس قصة الفيلم أو تصوير مشاهد الأخلاق أو انتهاك حرمة الأسرة والأطفال أو إذا كان يساهم في التشجيع علي العنف. وهذا بالطبع هو حال الرقابة في شكلها المثالي ولكن ليس هذا هو الحال السائد. وللأسف فرغم تمسك الشعوب دائما بالديمقراطية والحرية في ظل أي نظام، لكن تاريخ السينما وخاصة الحديث منها كشف عن أن أشكال الرقابة تضاءلت بعدما تزايدت مخاوفها من سعي الإنسان الدائم للخروج من الإطار التقليدي،  وإن كان هذا أحدى الأسباب فان العامل الأهم هو خضوع الرقابة لعوامل غير أخلاقية منها التأثر بالثقافات المختلفة والاهتمام بعوامل مادية دون الاهتمام بالقيم الأخلاقية للأعمال السينمائية(1)...

ما يؤلمنا في كثير من الاحيان إن بعض الافلام السينمائية تلقن المشاهدين ضرباً من الأخلاقيات هي في نهاية المطاف لا أخلاقية بل مادية بحتة يسعى صناع الافلام من خلالها إلى طرق مختلفة للوصول إلى أعلي قيمة مادية حتى لو تطلب الامر تحطيم المقدسات ونشر الفساد الأخلاقي بين الشباب وترويج العنف الاجتماعي وتدمير القيم الأخلاقية لترات العربي.

إن السينما هي مرآة المجتمع  ووسيلة لمعالجة قضايا المجتمع، أو هكذا يجب إن تكون فالسينما يجب ان تكون  بمثابة الموجهة لترسيخ القيم الأخلاقية في المجتمع ..ولو ذهبنا بذاكرتنا قليلاً  للمقارنة ما بين ماضي وحاضر السينما للتفرقة ما بين القديم والحديث من الأفلام . لوجدنا في الماضي نوعية مختلفة من الاعمال السينمائية حيث أنها كانت تحكي وتعبر عن واقع يعيشه شعباً من الشعوب، من القهر والسلطة  أو من ويلات الحروب والقهر من الاحتلال التي عانت منها تلك الشعوب عن طريق فكر واقعياً يصوره الكاتب في صورة عمل فني ومخرج إبداعي ولم يكن هدف الكاتب لهذه الأفلام هو هدف التربح السريع، لكن كان هدفه الأساسي هو نجاح العمل بتوصيل ما به إلى ذهن المشاهد والذي به يعطي فكرة عن ما مكان من قبل وما كان يعيش فيه المجتمع وإلى عصرنا الحديث حيث تعتبر السينما وأفلامها حلقة وصل قفدت بها تلك الأفلام قفزة خطيرة ما بين الماضي وعراقته.

ثم يأتي العصر الحديث عبوراً من خلاله إلى وسائل التواصل الاجتماعي والانفتاح الحديث للتكنولوجيا المشاهدة وثقافتها التي لا تعرف عيباً أو أخلاقاً أو ديناً أو التصرف في متابعتها، حيث فقد الشباب قدرته على التحكم في محركات البحث التي تأخذه إلى عالم يتنحى فيه عن بقايا أخلاقه، لكن ليس الحديث عن تلك الوسائل من وسائل التواصل الاجتماعي وإنما هو عن دور الأفلام السينمائية في العصر الحديث  حيث كانت المفتاح للعبور بالشباب إلى عالم الفساد ولتلك الأفلام دورنا كبيراً في التأثير كبيراً على فساد الأخلاق، حيث فقدت الأعمال السينمائية حديثاً قيمتها الأخلاقية بل أصبحت وسيلة لترسيخ أفكار عنيفة وأخرى جريئة لا تتفق مع ثقافتنا العربية لأن الهدف الوحيد من تلك الأعمال السينمائية هو تحقيق الربح المادي باستخدام كافة الوسائل دون الاهتمام بتدمير أخلاق الأجيال القادمة أو المجتمع.

وإذ نعيش وسط عالم غابت فيه الرؤيا السليمة وضعفت فيه المناعة الروحية والأخلاقية، يجدر بنا أن نشدّد على أهميّة علاقة السينما بالأخلاقيات. فالعمل السينمائي يجب أن يتمّ ضمن إطار يعترف بوجود الخير والشرّ، الحلال والحرام واحترام العادات والتقاليد الدينية العربية(2)..

وللإجابة عن سؤال هل تمتلك السينما العربية أخلاقاً؟

نعم تمتلك السينما العربية أخلاقاً، حيث يجب أن تكون السينما هي وسيلة أخلاقية لترسيخ القيم في المجتمع العربي، لكن نتيجة عدة عوامل  مثل الانفتاح التكنولوجي، والرغبة في تحقيق أرباح عالية، وأيضا رغبات صناع الأفلام بأحداث الأعمال السينمائية ضجة إعلامية دون الاهتمام بمحتوي هذه الاعمال، وعدم وضع معياراً رقابياً لضوابط هذه الاعمال ...الخ . كل هذه العوامل جعلت من السينما وسيلة لتدمير وتشوية المجتمع دون امتلاك أدني قدر من الأخلاق . في نهاية الامر تمتلك جميع الفنون قيماً اخلاقية لكن فساد الأخلاق البشرية يفقد هذه الفنون قيمتها الأخلاقية....

 

آية محي الدين عمر

.......................

المراجع:

(1) https://www.ikbariya.com

(2) https://www.kalimatalhayat.com

 

 

في المثقف اليوم