أقلام ثقافية

الدارمي.. رسائل عشق بأنامل رقيقة

راضي المترفيفي الفصحى اعتاد الشعراء على قرض البيت والبيتين من الشعر لضرورة معينة وقد يطلق عليه (القريض) أحيانا لقرضه من قصيدة بسبب اشتماله على غرض معين ويصلح ان يكون رسالة موجهة مثل:

(هم يحسدوني على موتي فوا اسفا

حتى على الموت لا اخلو من الحسد)

وهذا القريض له مايقابله في اللغة المحكية (العامية) تحت مسمى (الدارمي) لكن باختلاف مهم هو ان لا يتعدى إلى أكثر من بيت واحد يحمل غرضا معينا ورسالة محددة كان تكون شكوى أو لوعة او توصيف حال او حتى طلب ولا اعرف لماذا أطلق عليه اسم (دارمي) هل نسبة إلى شخص اسمه (دارم) او انه جاء من (الدردمه) وهي مفردة عامية تطلق على من يتكلم مع نفسه بتافف وحنق احيانا بصوت يسمعه القريب منه لكن بدون وضوح للمعنى او المفردة لكن الذي انا على يقين منه هو ان الدارمي شعر نسائي خاص يحمل هما انثويا محضا بسبب كونه لا يزيد عن بيت واحد وهذا البيت مشتملا على قضية واضحة المعالم بطريقة سلسة عذبة وسهلة الحفظ ولم يكن قبل شيوع الكتابة وتيسر طرق التواصل الاخري الا بنسبته للنساء ولم يشيع استخدامه بين الرجال وكتابته من قبلهم الا في فترات لاحقة قد لا تتجاوز نصف قرن وكان الشعراء الكبار يسمعونه وقد يطربون له لكنهم يانفون كتابته بسبب خشونة طبيعتهم الذكورية ورقة الدارمي ولست من المؤمنين بأن الدارمي كان امتدادا للقريض وان اول من كتبته امرأة عربية اسمها (مي) ولما سألوا ناقله.. من اين أتيت بهذا الشعر الجميل قال : من دار مي وما أؤمن به بقناعة ان الدارمي انطلق من أرياف منطقة الحي في واسط كلون خاص بالنساء وانتشر في عموم مناطق العراق ريفا وحواضر وعندما قرر الرجال كتابته وخوض غماره كانت منطقة الشامية في الديوانية اول موطن لولادة الدارمي الرجالي ..

. تقول واحدة من نساء الحي اضناها الشوق واتعبها الفراق حتى استطال ليلها وهي تكابد السهر ولا تجد مايشغلها عن ذكر الحبيب المفارق ..

(كلبي اعلا فركه اهواي خرزه وتبابي

لاطحن واكضي الليل بأربع حبابي)

في حين تقف الثانية وهي من نفس المكان على تنورها مساء وترفع رأسها فجأة لترى شخصا يشبه حبيبها الغائب وتتنهد بفرح وحسرة لكن ما ان اقترب منها حتى تبين لها انه ليس الحبيب فقالت ..

(كون اتعكبلك هاي نشغتنا الغروب

كل بخت مابيناش نسكت فرد نوب)

وترنمت ثالثة منهن ببيت دارمي انقذها من الموت بعد أن وشت بها إحدى زوجات اخوانها واعلمتهم انها تحب رجلا غريب وحاولوا دفنها وهي حية ..

(ماهمتش بالموت روحي من اجاها

همت بطيب الذات جي ظل وراها)

***

راضي المترفي

يتبع

في المثقف اليوم