أقلام حرة

بين حرارة الدماء وثوب هيفاء و(الكلاسيكو) الاسباني..!!

على خبر عاجل يزف صحوتنا..؟؟ قبل عام عندما ارتكبت إسرائيل أكبر وأبشع محرقة في تاريخها الحافل بالدماء على أرض غزة كنا نسأل هل سيصحو المارد العربي من غفوته بعد كل هذا الدم..؟؟ فلم يصح..لكن بقي الأمل يجري مثل الفرات ودجلة والنيل..أنهار منابعها خارج أرضنا العربية لكنها تجري وتصب هنا..!!! وسألنا..يا ترى أي منديل يجفف دماء عروبتي..أي منديل يمسح مآقيها..وأي منديل يمسح آثامها وترهلاتها وأوساخها...وأي قدر يدفع موتنا المؤجل الذي نرش عليه السكر ليحلو..ونطعمه بالنور ليصفو..ونسكب عليه الماء ليصحو.. ونرشق عليه العطر ليغتال النتانة فينا وطعم الذل والعار والهزيمة والانحدار..؟؟؟ لازلنا نحتاج إلى ذاكرة الحبر..كل الحبر.. إلى مداد بحجم البحر كي ندون ما غاب عنا..!! غائبون..حاضرون ..أبصارنا شاخصة نلهث خلف الآخرين للحصول على براءتنا..وشهادة حسن سلوك..نتمسك بقشة ..لا نغرق.. نقاوم..لكن بخجل ..آه ما أقسانا على أنفسنا فكيف نلوم العدا..؟؟؟ في عام 1492سقطت غرناطة آخر معاقل العرب في الأندلس وفي العام ذاته اتجه كريستوف كولومبس ليكتشف قارة أمريكا..حدثان هزا التاريخ ..سقطت غرناطة .. فولدت أمريكا ..نحن متنا ..لا، لا لم نمت ..؟؟ تلك أمريكا التي تصنع أقدارنا على مزاجية البنتاغون والبيت الأبيض وعقيدة الحروب الاستباقية، أو بكبسة زر من تحت سقف قاعة مظلمة في عالم صار علينا وصرنا معه على أنفسنا..ونحن ندير قراراتنا برغبة الجاني ..نحن الزاحفون إليهم كي ننثر الورد في طريقهم عندما يزحفون إلينا..أحياناً نبتسم.. فكأن الابتسامات تحتاج إلى ترخيص أمريكي..؟؟ فنصير(كعكة) يتقاسمها الآخرون..يشربون نخب انتصاراتهم على دمنا..ويشرب العرب بقايا الكؤوس..يرقصون على أجسادنا ويترنحون..ونحن المهرولون خلفهم لقد نسينا كيف نطرز العباءات وكيف نصنع فسيفساء المساجد وكيف ننثر القمح للحمام..لم نتقن من الأيديولوجيات إلا أيديولوجيا (قتل الحلم وجلد الذات والإعجاب بقشور حضارة الآخرين والانجرار خلف ابتساماتهم الخادعة) ولم نتعلم من التاريخ..ونسينا أن للحب وجه واحد،وللحياة وجه واحد،وللفرح وجه واحد.. وعشنا بأوجه متعددة دون أن ننزع الأقنعة ولازلنا أبطال حفلة تنكرية دخلناها دون بطاقة دعوة..؟؟ في كل صباح عربي ..على أثير كل خبر تصحو في خواطرنا الأسئلة. هل سقطنا سهواً من الوجود..؟؟ فنحن لم نأت من اللاشيء لكننا لم نخترق جدار الزمن بآلة الزمن ولا حتى بساعة كنا صنعناها يوماً ما وأهديناها لأحد ملوك فرنسا وهذا الملك الفرنسي تعب من النظر إليها وهو مذهول..مذهول من العبقرية العربية..في وقت كانت فيه أوروبا تغرق بالجهل والخرافات.. بينما كان الأعرابي وهو العربي الذي يسكن الصحراء يترفع عن خرافاتهم..واليوم نجد من يعيب علينا عروبتنا و(أعرابيتنا) -إن صح التعبير- بل صار الكثيرون يكرهون انتماءهم العروبي.. ولاشك أننا نعرف لماذا، فلا داعي لشرح يسبب الصداع، فسرعان ما يتبادر إلى أذهاننا مئة احتمال. لكن العيب فينا ..عيب إلى متى سنظل نحمله ..؟؟؟ لست أدري ؟ لكني لازلت أبحث عن خبر..خبر لا يمحوه ضوء النهار..أو يطغى عليه خبر آخر..خبر يقول (انتصرنا) على خيباتنا،وبقي جدار الحياء العربي..لكني لم أجد خبراً يقول ما أتمناه.. فيما يهز خبر مباراة ريال مدريد وبرشلونة الدنيا العربية بغرابة فائقة حتى لتشعر قبل الحدث بأيام أن الساعة ستقوم أو أن كارثة أو زلزالاً سيحدث..وينقسم القوم إلى قومين (أكثر من انقسامهم المعتاد)..وتظن أنك في اسبانيا ولست في بلد عربي..تعصب لا أفهم سببه في معركة لا ناقة لنا فيها ولا جمل..ولا أجد تفسيرا لهذه الضجة..ونصاب بالصدمة عندما نجد أن حمى (الكلاسيكو) الاسباني انتقلت إلى الأطفال ؟؟؟؟ وخبر آخر يقول: تمزق (فستان) هيفاء وهبي وهي تغني على المسرح..خبر انفجر مثل بركان بحجم الكرة الأرضية وطغى على بركان آيسلندا ..؟؟ ولم أجد ذاك الخبر المأمول ..بقدر ما وجدت ذاتنا العربية تحتمي خلف أقنعة صنعها الآخرون لتهرب من عالم الخيبات..وتحتمي بفستان هيفاء وهبي الممزق تارة،أو بمباراة كرة قدم لا قدم لنا فيها تارة أخرى..؟؟؟ لم نحتم بأنفسنا ولا بظلال الياسمين وفوح العطر والبخور العربي..ولم،لمّا ينكسر القناع..!! نهضنا من سباتنا..(الآن الآن وليس غداً)..ولازالت هيفاء تغني حتى بعد أن تمزق فستانها و(الواوا) تصدح في أرجاء الدنيا..ولازلنا نتقاتل من أجل برشلونة وريال مدريد..ولا تزال ملحمة الدماء والدمار والجوع والخوف والانهزام...وبقايا عروبة هزمت نفسها . ولم أجد ذاك الخبر الذي كنت أحلم به..لم أجده..عسى أن يصير الممكن من مزايا الحلم.

 

[email protected]

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1382 الخميس 22/04/2010)

 

 

في المثقف اليوم