أقلام حرة

العرب و أمريكا .. واتفاقية الحب غير المتبادل / أسماء شلاش

وكالعادة رُفِعَتْ البطاقة الحمراء في وجه (الاستنكار) العربي تحت مسمى حرية التعبير التي تختزلها مقولة بوش الشهيرة(من ليس معي فهو ضدي).

الأمريكان اعتادوا إجراء استطلاعات. ( لماذا نكرههم)؟ كأنهم لا يعلمون. . هم يتعامون دائماً!. لكن هم لماذا يكرهوننا؟. هل لأننا متسولون ومتسكعون بنظرهم ؟. وتلك هي الصورة النمطية (الكاذبة) التي رسموها لنا ولم نستطع تجميلها. مايهم البعض في الموضوع هو أن يقنع نفسه بجمالية أمريكا، خاصة ممن جرب ظلال تمثال الحرية. لنجده يشير بإصبعه. . هم شعب(الأمريكي)على درجة عالية من الإنسانية، انظروا إليهم، إنهم يدللون الكلاب. . ؟. وحقوق الإنسان، أين هي. . ؟؟؟ الخارجية الأمريكية تصدر تقريرها السنوي عن حقوق الإنسان في العالم وتتجاهل يدها الملطخة بدماء الأبرياء من أفغانستان إلى العراق، وتدخلها في شؤون الدول. ولو استعرضنا التاريخ الأمريكي المسيء للعرب والإنسانية فإننا لن ننتهي. إساءات لا ينقطع خيطها أبداً. . إن حلم أمريكا بالسيطرة على الكون مرهون دائماً بالدماء واعتقال حرية الآخرين. . آخر فصولها الدعوة إلى ترك الإسلام من خلال حافلات تتجول في شوارع نيويورك مكتوب عليها بالخط العريض (اتركوا الإسلام). يقول منظمو الحملة:) إنها خطوة تندرج تحت حرية التعبير)؟! هل الإساءة لدين سماوي هو حرية تعبير أم مصادرة للآخر؟. وهل وصول المحافظين الجدد إلى واجهة السياسة الأمريكية مجرد مصادفة تاريخية ؟. لايخفي القس الأمريكي المتشدد (بات روبرتسون) عداءه الصريح للإسلام والقرآن الكريم وللنبي محمد (صلى الله عليه وسلم) من خلال خطاباته التي يوجهها باستمرار إلى الشعب الأمريكي. يقول في أبسطها( الإسلام خدعة هائلة). ويعترف الرئيس الأمريكي الأسبق (نيكسون) في إحدى كتبه قائلاً :(عندما كانت أوروبا تتقهقر في العصور الوسطى كانت الحضارة العربية الإسلامية تعيش عصرها الذهبي، لقد قدمتْ إسهامات ضخمة في مجال الطب والعلوم والفلسفة. ). لكن ذلك لم يمنعه من القول أن(الإسلام هو العدو الأشد خطورة بعد الاشتراكية)؟.

تلك هي أمريكا، هل من داع ٍ للشرح؟. شرح يطول كلما عبرتْ إلى (جنّتها) تحت مسمى أنها الأولى في التقدم الاقتصادي والسياسي و العلمي. كذلك هي الأولى في تصدير السلاح الخراب والدمار والجريمة. . وعندما يكرس التاريخ قاعدة أن العرب وأمريكا( كالنار والبنزين) نعرف تماماً أنها حرب هم الذين أعلنوها قبل أن ينظر لها (هنتنغتون) في كتابه (صراع الحضارات) الذي صار دستوراً أمريكياً. ولن تنتهي عند كلمات أوباما من القاهرة مخاطباً العالم الإسلامي على أنه صوت معتدل وسط غوغائية سلفه بوش. حيث قال (إن جزءاً من مهمتي كرئيس للولايات المتحدة هي أن أتصدى للصورة النمطية للإسلام أينما ظهرت. . . ). صوت بلا صدى، ولن يضع حداً للعنصرية الأمريكية تجاه العرب بأقل درجاتها وبمستويات متعددة. . دعوات تقول قاطعوا (تومي هلفجر) الذي صرنا نعرفه فجأة بسبب عنصريته. يقول مصمم الأزياء الأمريكي:( لو كنت أعلم أن العرب يرتدون ملابسي لجعلتها قبيحة جداً). على غراره قال مايكل جاكسون( لو كنت أعلم أن العرب يستمعون إلى أغنياتي لما أصبحت مطرباً). وعندما ثقبتْ أغنية شعبان عبد الرحيم الشهيرة (أنا أكره إسرائيل) آذان اليهود ، لم تجد إسرائيل خيراً من جاكسون للرد على العرب بأغنية على النقيض تقول:( أنا أكره العرب). لم يرد العرب على طريقة جاكسون بمقولة (أنا أكره أمريكا). الغريب أن ثروته تضاعفت بأموال عربية عندما نظم له العرب الحفلات لكي يطربهم؟!. وعلى منصات التكريم العربية يقف المخرج الأمريكي (ستيفن سبيلبيرغ)، وهو الذي يصور العرب في أفلامه على أنهم إرهابيون متوحشون ولا يخفي تأييده للصهيونية؟. يا ترى كيف نكون بنظرهم متسولين ونحن ننثر لهم كل هذا الورد؟. وبدمائنا ونفطنا تحقق أمريكا مشروعها. . وتمرعلى الجسد العربي عندما تريد، لتحقق حلمها الأزلي بالسيطرة على الكون؟.

قال أبراهام لينكولن(الصمت يعني الموافقة). فيا ترى كم من المكاسب ستحققها أمريكا من صمتنا(العربي) الذي يعني الموافقة بحسب لنكولن(الأمريكي)؟. وإذا كان صراعنا مع أمريكا صراع فرضته الأقدار، فالمنطق يتساءل كيف نملك كل هذه الطاقات دون أن نحاول تحقيق أدنى درجات العدالة لأنفسنا؟. هل هي فقط عقدة القوة الأمريكية وعنجهية التفوق والمصلحة التي جعلت من أمريكا القطب الواحد فوق كل قوانين الأرض، بينما يقف الجسد العربي عاجزاً رغم ما يملكه من طاقات، بل إن العرب ساهموا في ترسيخ الصورة القبيحة بصمتهم المزمن على الإساءة، ولم يوظفوا أموالهم لدعم مشروع (تجميل الصورة العربية) حتى عندما تحولت الإساءات الأمريكية بحقنا كعرب ومسلمين إلى منهاج وعقيدة ثابتة وممنهجة. كان الرد ولايزال هو الوقوف على باب الأمم المتحدة واستجداء قرار من مجلس الأمن. . قرار يغتاله (الفيتو) الأمريكي ، كالعادة طبعاً. .

 

Asmaa. shlash@hotmail. com

  

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1481 الاحد 08/08/2010)

 

 

 

في المثقف اليوم