أقلام حرة

هل ستدفع اسرائيل ثمن (عملية بابل)؟

 اطلقت عليها اسم (عملية بابل) وقد جرَّم مجلس الامن الدولي بعد مرور اثني عشر يوما  اسرائيل  بقراره (487)، وتبنّى المجلس هذا القرار في جلسته (رقم 2288) بالإجماع.

 

  لقد دعى بعض النواب الى تكليف شركات عالمية قانونية واخرى متخصصة بالعلاقات العامة والدولية لفتح هذا الملف في الامم المتحدة ومن باب التذكير فقد حصلت هذه العملية الاجرامية في الساعة السادسة والربع من عصر يوم الأحد السابع من حزيران عام 1981 انقطع خلالها البث الإذاعي في عموم بغداد لمدة 15 دقيقة في وقت كان فيه العراق منشغلا في حربه مع ايران حتى ظن الجميع ان الطيران الايراني قد نفذ هذه العملية، واكتفت القيادة العامة للقوات (العراقية) المسلحة  بتصريح لناطقها العسكري اعلن فيه عن تعرض أحد مواقعها لعدوان جوّي، وبعد أيام أعترفت اسرائيل بقيامها قصف مفاعل تموز العراقي للأغراض السلمية.

 

 وقد حدث هذا العدوان في ذكرى نكسة حزيران المشؤومة بثماني طائرات من طراز ( إف16) الأمريكية الصنع ، وكان (إيلان رامون)  اصغر الطيارين الاسرائليين في هذه العملية، وقدأصبح فيما بعد أول رائد فضاء اسرائيلي، وقُتل خلال تحطم المركبة الأمريكية الفضائية كولومبيا، وتشير المعلومات الى مشاركة (230) عنصرا في هذه العملية، وحث في حينها رئيس الأركان الاسرائيلي الجنرال (رافائيل إيتان) رئيس الوزراء مناحيم بيغن على إعطاء الأمر للبدء بالعملية، وقد ألقت الطائرات الاسرائلية قنابل بلغت زنة إحداها 900 كيلو غرام وذكرأحد الطيارين إن الجنرال إيتان  اوصاهم قبيل انطلاقهم (إذا وقعتم في الأسر قولوا كل ما تعرفونه. أنتم تعتقدون أنكم تعرفون الكثير ولكنكم لا تعرفون شيئاً. كفّوا عن أكل التمور لأنكم ستحصلون على الكثير منها في العراق)، ويذكر شهود عيان تلك الجريمة ان الطائرات  انطلقت من إيلات على البحر الأحمر، وحلّقت على علوّ منخفض فوق صحراء السعودية التي غضت راداراتها  عيونها عن رصد الطائرات الصهيونية على الرغم من وجود طائرة (الاواكس) في سماء السعودية .

 

وقد سوغ المجرم (مناحيم بيغن)، رئيس الوزراء الصهيوني آنذاك، هذه الغارة العدوانية التي جرت قبيل الانتخابات البرلمانية في اسرائيل مدعيا  إن مفاعل (تموز) كان على وشك أن يعمل مما كان سيتيح للعراق إنتاج قنابل ذرية ، مؤكدا انه لم يكن ينام وقتها وحين سألته زوجته ادعى ان صدام حسين يؤرقه لكونه يشدد في سؤاله لتلاميذ المدارس في العراق عند زيارته لها على ان عدو العراق وعدوكم هو اسرائيل، فقال بيغن كيف أنام وأطفال العراق سيكبرون وسيقتلون أبناء إسرائيل.

 

 وكانت اسرائيل قد سبقت عدوانها هذا بتدمير قلب الفرن النووي للمفاعل العراقي (أوزوريس) في مخازن بلدة (لاسين سورمير) الفرنسي عشية إرساله إلى بغداد في نيسان 1979 ، وقد نجح الدكتور يحيى المشدّ (اغتاله الموساد الاسرائيلي لاحقا)  في إصلاحه والإشراف على عملية نقله إلى بغداد وأصبح المتحدث الرسمي باسم البرنامج النووي العراقي، ثم ترأس البرنامج النووي العراقي الفرنسي المشترك.

 

وقد كشف(ناحوم ادموني) رئيس الموساد سابقا النقاب عن (ان الموساد الإسرائيلي (الاستخبارات الخارجية) قام بعمليات عسكرية داخل الأراضي الفرنسية قبل قيام سلاح الطيران الإسرائيلي بتفجير المفاعل النووي العراقي في شهر حزيران من العام 1981(عن صحيفة معاريف الاسرائيلية /13/4/2007).

 

واكدت الصحيفة انه للمرة الأولى يوافق قادة الموساد الإسرائيلي على الكشف عن حيثيات العملية الإسرائيلية، وقال رئيس الموساد آنذاك ادموني (ان هذه العملية هي اكبر عملية عسكرية نوعية قام بتنفيذها الموساد الإسرائيلي في القرن العشرين).

 

وكشف ادموني في سياق حديثه «ان عناصر الموساد الإسرائيلي قامت قبل قصف المفاعل النووي العراقي بعمليات داخل الأراضي الفرنسية قبل قيام الفرنسيين بتزويد العراقيين بالمعدات اللازمة لإقامة المفاعل النووي» وحسب روايته فان عشرات من عناصر الموساد أرسلوا بموافقة المستوى السياسي في الدولة العبرية الى الأراضي الفرنسية، حيث قاموا هناك بأعمال تجسس وتحريات دون ان يتمكن الفرنسيون وأجهزة مخابراتهم من الكشف عنهم وعن المهمة المنوطة بهم». وابتهاجا بهذا النصر المزعوم قدم رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت للرئيس الأمريكي جورج بوش خلال لقائهما الأخير في واشنطن كتابا عن الغارة الإسرائيلية على مفاعل تموز النووي العراقي. و قد أوضحت صحيفة"يديعوت أحرونوت" في حينها "أن الكتاب وهو بعنوان "تموز يشتعل" للصحفي الإسرائيلي شلومو نكديمون يروي بدقة متناهية تفاصيل المحادثات الأمريكية-الإسرائيلية التي سبقت قصف الطيران الحربي الإسرائيلي لمفاعل تموز قرب بغداد في 30 ايلول1980. وأوضحت الصحيفة أن ثماني طائرات (أف16) وست طائرات (أف15) شاركت في الغارة التي أسفرت عن مقتل فرنسي (الفرنسي هذا كان من اصل عربي)، وقد بنت فرنسا هذا المفاعل بقرار من رئيس الوزراء الفرنسي في تلك الفترة جاك شيراك.

 

اعود لاطمئن الاخوة اعضاء وعضوات مجلس النواب العراقي بأن قضيتنا العادلة هذه مضمونة النتائج سلفا لصالح العراق استنادا الى قرار تجريم اسرائيل الصادر عن مجلس الامن الدولي الذي اشرنا اليه سابقا .

 

واخيرا هل سنشهد اليوم الذي تدفع  فيه اسرائيل ثمن (عملية بابل) تعويضات للعراقيين عن قتلها لحلم العراقيين والعرب في امتلاك المفاعل النووي حتى لو كان للاغراض السلمية؟

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1103  الخميس  09/07/2009)

 

 

في المثقف اليوم