أقلام حرة

متى يستقيل الفساد..؟

(قل لي ماذا تأكل أخبرك كم ستعيش)..هذا لأن الأوربيين يؤمنون بالحتمية العلمية ونحن نؤمن بقضاء الله وقدره ونقول دائماً الأعمار بيد الله وهذه هي الحقيقة التي لا جدال فيها ..وبالعودة إلى الزمان هل بالفعل نحن لا نملك سلطة في كل الأوقات على الزمان ..؟؟ ربما لأننا لا نملك آلة للزمان كما يحدث في الأساطير.. أو لأننا نعيش خارج الزمان الذي يجب أن يتقدم دون أن ينتظر تقدّمنا ..؟قد لا نكون قادرين على التحكم بالزمان، لكن بالتأكيد يستطيع الإنسان أن يملك سلطة على الفعل ومكان حدوثه ..أم أن المسالة هي قضاء وقدر دائماً وهي أحد مسببات التخلف في بلدان العالم الثالث التي ننتمي إليه نحن ومن دون فخر طبعاً ..فنحن نرد الفساد إلى عامل القضاء والقدر وإلا لما تحول المفسدون إلى آلات تستنسخ المزيد من المفسدين الجاثمين فوق صدورنا وأحلامنا مثل ليل طويل لا يكاد يدرك الإبصار، بل صاروا جزءاً من القضاء والقدر...

وعلى البعض أن يعود إلى التاريخ ليعلم أن صلاح الدين الأيوبي عندما مات ترك ستة دنانير وربما أقل، وهو صلاح الدين بكل عظمته التي لا نختلف عليها وهو قادر أن يملك الكثير لأن خزائن الأرض كانت بين يديه،  وربما سيقول أحدهم (إي هاذ صلاح الدين)، وأقول له: ما المانع أن نقتدي به..؟  ولو عرفت الدول التي قامت بتصنيفنا على هذا الأساس (دول عالم ثالث) بخفايا الفساد في مجتمعاتنا ومؤسساتنا لتراجعت بالتأكيد وأعادتنا إلى عصور ما قبل الحجرية أو صرنا بنظرهم عالم لا تصنيف له لأن طرق الفساد فيه أعجوبة بل أعاجيب من نوع خمس نجوم يقف أمامها الآخرون بغرابة لأنها فاقت كل التوقعات وربما يسألون لماذا لا يتم توظيف هذه العبقرية في العلم والثقافة والتكنولوجيا حتى لو كانت كلمة (تكنولوجيا) كلمة خارج أبجديتنا..؟ طبعاً لا هم ولا نحن أيضاً لدينا المزيد من المعرفة عن وسائل الفساد..  ونكتفي بالقول الخافي أعظم وهو بالتأكيد أعظم ..وسؤال بريء آخر يجر ألف احتمال (لماذا الكل صار بدو ينهب ويمشي) .. وأعتقد أنني سمعت هذا السؤال كثيراً في المسلسلات الناقدة...؟؟ لكن يبدو أن مسلسل الفساد أطول بكثير من المسلسلات التركية..

في أحد المرات سألوا أحد الأثرياء (المشكوك بمصدر ثروتهم) كيف جمعت هذه الثروة..؟ فقال: (وقعت هدنة مع الشيطان) ..لكن ألا يجوز أن يوقع الإنسان صلحاً مع ربه ومع ضميره ..؟ وكما نعلم أن أغنى أغنياء العالم هم من أمريكا لكن  هم أكثر صلحاً مع ضمائرهم من (.....) العالم الثالث..  الذي يتسم بسمة مجاملة الفاسد وعدم نهيه  ولا أمره أن يكف..؟؟ ونعود إلى الحكمة الأوروبية ونطبقها على الفساد ونقول له:( أخبرنا ماذا تأكل (من بقايا أحلام الشعوب) نخبرك كم ستعيش )..وحتى تأتي لحظة الإجابة أو لحظة الموت – موت الفساد طبعاً - سنبقى نسأل دائماً.. متى ومتى ومتى يستقيل الفساد ويسلم أوراق اعتماده إلى النهاية ..؟؟

 

  أسماء شلاش، سوريا

[email protected] 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1158 الجمعة 04/09/2009)

 

 

 

في المثقف اليوم