أقلام حرة

عاشق من زمن الحرب والحزن و(غوانتانامو)

كنت أنثى من الوهم فلن يضرني ذلك لأني سأعتز بالانتماء إلى امرأة.. أليستْ كلّ الأشياءِ الجميلةِ مؤنثة ابتداءً بالوردةِ وانتهاءً بالشمس .. حتى (الحرب) هي أنثى ولكن ..؟؟ََََ

امنحيني حقَّ اللجوء العاطفي إلى روحكِ فكلّ دول العالم ِ رفضتْ منحي حقَّ اللجوء السياسي إليها ..فأينَ المفرُّ وكيفَ السبيلُ إلى عينيكِ والدم يا حبيبتي يفرشُ شوارعنا التي مشطتها أقدامُ العاشقين  للمرأةِ والحريةِ والحياةِ والأرض ِ..قبلَ مجيء الغزاةِ

أسكنيني ذلك الجسد الذي ينجبُ الأبطالَ والأشرارَ والمجانين والطغاة والحماة والمبدعين.. وحتى مصاصي الدماء, ورغم ذلك لن ألومك لأنَّ قدركِ أن تكوني أنثى ,وقدري أن أكونَ رجلاً يشعلُ فتيلَ الحرب من أجل عينيك.. يا من أخرجْتِ من رحمكِ هولاكو وجنكيزخان ونيرون الذي أحرق روما ليختبرَ صموده أمام مدينة أنثى, بل لأنّه عشقها حتى الموت والاحتراق..وهاأنذا تحترقُ مدني قرباناً لك وتسقطُ كلّ مدينة عربية تحترفُ الصراخَ والأنينَ بينما لا أجدُ في رجولتي المهزومة صفةً واحدةً تنقذها من الموت..ولا أجدُ منفذاً إلى الحياةِ إلا عبرَ بوابةِ عيني أنثى هزّتنا وهزمتنا طويلاً منذ صرخت (وامعتصماه) وأنتِ تصرخين ألف مرةٍ في لحظات وأعجز أنا عن احتواء صوتك الممتد بين خليج أحزاني ومحيط عينيك..

لا تسألي عن عمري أو اسمي لأن النكبات والنكسات أنستني اسمي وعمري.. وتذكّري جيداً أنه لا فرق بين النكسة والنكبة إلا حرفي السين والباء, لأن الفعل فيهما واحد هو اغتصاب أرض تشبه ملامحك..الأولى حدثت في الصيف والثانية في الربيع لا فرق فكل الفصول تشابهت لدينا أو اتحدت بثوب فصل واحد هو فصل الظلم والخراب..اسأليني كيف وصلت إليك وأيّ طريق سلكت, وأيّ معبر اجتزت, وكم نفقاً وخندقاً حفرت, وكم صادفت من الأسلاك الشائكة والجدران العازلة الفاصلة بيني وبينك ,وكم رصاصة اخترقت جسدي ولم أمت حتى وصلت تخوم قدميك, وكتبت وصيّتي بدمي على كفيّكِ ونطقت الشهادتين كي أضمن فردوساً هانئاً

رصاصة تلوَ رصاصة تلقاها حلمي لكنّه رفضَ الاستسلامَ إلا لك .. لا تغريني كثيراً بالبكاء لأني اكتسبتُ مناعة فائقة بسبب عادة الحزن ..ومع ذلك الحزن جميلٌ أحياناً لأنّه يسمحُ لي برؤية الوجه الآخر القبيح لعالم ٍ يحكمُهُ (رعاة البقر),وليس (رعاة السلام)..أريدُ منك الآن أن تعطي بركاني الصامتَ الإذنَ بأن ينفجرَ ويتمزق جسدي في الفضاءات الساخطة على صمتي.. تحت هذه الشمس التي لن نلومها لأنها أنجبت القنبلة النووية بسبب وجود قاسم مشترك هو (اليورانيوم).. وعندما أسالك من اخترعها ستقولين ( أنا ألهمتُ الرجل اختراع شيء اسمه الشعر والحب والفن الجميل وفي لغة الشعر والجمال لا توجد كلمة (يورانيوم) لقد أفسدوا اللغات بتلك المصطلحات الدامية وشدّني الحنين إلى الشعر ابتداءً من امرئ القيس (قفا نبكِ) وانتهاءً بنزار قباني (زيديني عشقاً) ..أيّها الشعراء مللت صمتكم.. تكلموا لقد نطق الحجر..)

الصمتُ ياعزيزتي جميلٌ أحياناً, لكنّ صمتنا العربيّ قبيحٌ لأنّ الصمتَ جميلٌ في حرم ِ الجمال ِ, وقبيحٌ في حضرة القبح..لقد ماتَ دافنشي وتركَ العالمَ في حيرةٍ وصمتٍ أمام لغزّ ابتسامة امرأة قد لا تكون مبتسمة .. لكن دعينا نبتسمُ الآنَ وليس غداً دون ألغاز حتى تكون ابتساماتنا مفهومة للقادمين إذا متنا... لا مسافة بين الوردة ورحيقها إلا إذا كانت بلا رحيق.. والآن دعيني أوقّع معكِ هدنةً دائمةً وعلى طاولةٍ مستديرة وبرعاية الحبِّ الذي اعتزلَ النقاءَ وذهبَ مع عقل ِقيس..حرارة الأرض ترتفعُ وحرارة المشاعر تنخفض ..والاحتباسُ الحراري يزداد مقابل الاحتباس العاطفي.. وسأقف بتهمةِ الانتماءِ إلى المشاعرِ أمامَ محكمة العدل الوهمية ..كلّ شعراء الحبّ ماتوا وبقي شعراء مستنسخون...استغرق احتراقي أمامكِ أيتها الأنثى ساعاتٍ ..واحترقت هيروشيما وناغازاكي وروما وبغداد  في ثوان ٍ.. فما أسرعَ حرائقَ الحقدِ والشرّ, وما أقل سرعة حرائق الحبِّ..؟؟

دعينا نوقف حرائقَ العالم ِ ولو احترقنا .. اكسري هذا الجدارَ العازلَ بيني وبينك مِن المحيطِ إلى الخليج ِ وتعالي نتحاور بلغة ِ الورد..؟ فليسَ ثمّة ما هو أقوى من مشاعرنا التي صرنا نخشى الإفصاحَ عنها خوفاً من تهمة الإرهاب وغوانتانامو,والفيتو ومذكرات التوقيف..

دعينا نحترقُ بانتظام ٍ لكي نوقفَ عبثيةَ الاحتراق.. لا تخافي فلن يكشفوا حمضنا النووي ((dna لأنّنا نؤمنُ بحتميةِ الموتِ وحتمية اللقاءِ رغم الدماء والجدران العازلة والأسلاك..

 

أسماء شلاش.سوريا

[email protected]

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1251 الاربعاء 09/12/2009)

 

 

في المثقف اليوم