أقلام حرة

(صبرنا) ليس مسلسلاً تركياً .. .؟!

مصطلحات تهدد العالم .. ولا حلول عادلة أو أنصاف حلول؟؟ .. كأن العطش أو الجوع سحابة صيف عابرة .. أو كأننا لا نجد على هذا الكوكب من يصارع من أجل البقاء أو من أجل عبوة ماء (وقد تكون آسنة) لكنها تختزن وعداً بالحياة .. وعد قادم من أفواه الجزارين .. أو من أجل رغيف خبز مثل بطل في رواية (البؤساء) .. كل هذا والمزيد .. والمزيد على الطريق .. العالم يعقد قمماً لأجل (المناخ) وقمماً أخرى من أجل (السلام) ومنتدى للغاز .. فلا سلام ولا مناخ ولا ..؟؟ .. لكن ما يلفت النظر ويثير الغرابة أن العرب غيرمعنيين بما يحدث، مع أنهم في (قلب العاصفة) .. عاصفة تقصد الشرق في أغلب المواسم .. لكن لماذا لا نبالي .. لا نتأثر .. لا نتوتر؟؟ .. هل لأننا محصنون جيداً ضد الكوارث أم بفعل العادة الجارية علينا والمصائب الدائرة علينا اكتسبنا مناعة ..؟؟ ربما لأننا وصلنا إلى مرحلة الإشباع أو تجاوز خط التخلف ببضع درجات ليس إلا ..؟؟ وما الفرق بين من يقف على خط الاستواء أو مدار السرطان عندما يخرج المارد من فانوس علاء الدين ،أو عندما لا تنتهي ألف ليلة وليلة، ليس لأن شهرزاد لم تمت بل لأننا قد نموت (بلا موت) وتبقى شهرزاد تسرد وتسرد ما لم يُقال عنا نحن المترفون بالحزن، واللامبالاة ،والتناقضات (وتلك حياتنا العربية) رواية قد لا تصلح للنشر .. لأنها رديئة لكنها مثيرة .كأن جراحنا أكبر من كف تلمسها أو قصيدة تختزلها أو بيان يبيّنها أو رواية تترجمها أو مقال يوضحها .. فمعذرة إذاً لأن صبري وصبركم قد نفذ ، ولن يتسع لكل ما يحدث فقد ضاق ذرعاً بما يجري، فصبرنا ليس مسلسلاً تركياً طويلاً (يتسع ويتسع) وعذراً مرة أخرى إذا أسأت التعبير لأن التعبير يخونني عندما أتحدث عن الدراما التركية وشرورها -عفوًا- (زخاتها) المنهلة علينا مثل المطر السخي الذي نحلم به دائماً ويأتي على حين غرة ونفرح به، لكن هيهات أن تكون مطراً،و ما أخشاه أن أستفز الغالبية العظمى من الجماهير العربية عندما أبدي أنا أو سواي رأياً سلبياً عن الدراما التركية ،فأنا أجد فيها شيئاً يشبه حياتنا العربية الحالية (سطحية، خواء،جمود، تكرار،نمطية ، وعواطف تقليدية جوفاء) ويبدو أن أرضنا العربية صارت ساحة مفتوحة لكل بضاعة (فاسدة) وسوق تصريف لكل ماهبّ ودبّ، فلا لغتنا هي هي، ولا عاداتنا هي هي، ولا ثقافتنا كذلك ، وصرنا إشارة استفهام كبرى في عالم قد ضاق ذرعاً بوجودنا،ونحن نراوح في المكان دون أن نسحب أنفسنا من عنق الزجاجة ،وماذا لو نفهم قول أبي القاسم الشابي(علينا أن نفقهه إذاً): ومَنْ لم يعانقهُ شوقُ الحياة         تبخّرَ في جوِّها واندثرْ

 فهل تخطت أوهامنا و أحلامنا كل الحواجز .. ولم نعقد حلفاً مع الذات، أو نوقع معاهدة تطبيع مع أنفسنا؟؟ .. فلماذا نحصر الأشياء بما هو ضيق، والقضايا الكبرى تبقى على رفوف النسيان لا تحلها قمم (طارئة) أو(عادية) .. .؟؟هل لأننا اتفقنا على ألا نتفق .. ؟؟ وأنا أرى كل شيء (ليس) عربياً، واسم عربي على باب الأمم المتحدة يرحب بنا (لكن) بمسميات عدة .. وعالم لايرحب بنا لأننا عرب ؟؟ .. ونزعات أبعد من الحقيقة تتحكم بنا كلون الدم العربي المستباح، لأنه أقل ثمناً( بتواطئنا) .. عفواً نحن لسنا فراعنة أو بربر فالعروبة أقوى، لكن هل وصلنا إلى زمن يقوم فيه العربي بمهاجمة سفارة عربية وبقربها سفارة للأعداء(محمية ،محصنة) ؟؟؟؟ فمعاركنا الأهلية من طراز فائق الجودة تشبه جودة أفعالنا، وليس ثمة بلد هو أم الدنيا وبلد آخرهو ابنها، لأننا جمعيا أبناء الدنيا وأبناء العروبة .. لدرجة أنك ترتكب إثماً عظيما لو أظهرت الميل لبلد عربي دون بلد،بينما لا نحاسب من يظهر ميلاً للعدو ونسميه إنساناً (معتدلاً) حتى لو كان الفصل شتاء .. ؟؟ كيف لا نبتسم بسخرية في زمن لا يحتمل ضحكاً أو بكاء بل موقفا ثابتاً .. لأن ثورة الخبز والوقود ليست وهماً ، كيف لا نسخر إذاً .. ؟؟ بلد يصوم بكامله تقرباً من الله كي يربح مباراة في الكرة ضد بلد عربي آخر .. ولا يصوم كي تحلّ قضايانا العالقة والمزدحمة على الأبواب؟؟؟ .. .بل ونجد الحساسيات تصل إلى أبعد من ذلك عندما تحصل مقارنة بين (دراما) هذا البلد أو ذاك وتبدأ حرب لا هوادة فيها تدخل فيها (السياسة) لدرجة أننا صرنا نعشق زمن (داحس والغبراء) (والبسوس) بل حتى حرب المئة عام بين انكلترا وفرنسا،ومن يرى تعدد العرقيات والقوميات والمذاهب واللغات الأوربية يقول: هل هم على وفاق حقاً ويشكلون اتحاداً تحت علم واحد وعملة واحدة وطموح وحلم واحد .. ولماذا لا يتناحرون مثلنا من أجل ناقة أو حصان أو كرة صغيرة من المطاط .. ؟؟؟ لكن غريب أمر قوم على جغرافيا واحدة لا يمزقهم سوى الوهم ولايقتلهم إلا الكلام .. والفعل لغة بائدة .. ؟؟ وبين أب الدنيا وأم الدنيا تضيع الحقيقة وهي واضحة،ليس لأن جاهليتنا لم تمت بل لأننا ندفن ذاتنا بالرمل عندما نذم (أعداءنا) ونقف أمام الملأ نذم (أنفسنا) بقصائد وخطب عصماء ؟؟؟ حتى عدونا المشترك يقول: مهلاً يا عرب ؟؟؟؟ ..

 أخيراً: هل ستنتهي مشاكلنا على طريقة النهايات السعيدة في المسلسلات التركية؟؟

فنحن لم نتعلم من الدراما التركية تلك النهايات باعتبار أننا صرنا ببغاوات لإيقاعها،أم أنّ صبرنا وانتظارنا سيفوق طولها .. هل نعيش كي نحلم فقط ونقف خلف الستارة أم أن المطر آتٍ؟؟؟ .. .لا أملك الإجابة .. لكن قد نجدها في كلمات الشاعر نزار قباني من قصيدة كتبها قبل رحيله:

(لا تسأليني يا صديقة من أنا؟

ما عدتُ أعرفُ

-حين أكتبُ ما أريد-

لم يبقَ في نجدٍ مكانٌ للهوى

أو في الرصافة طائرٌ غرّيد

العالمُ العربي ضيّعَ شعرَهُ .. وشعورَهُ

والكاتبُ العربيُّ بين حروفه مفقود

الشعرُ في هذا الزمان فضيحةٌ

والحبّ في هذا الزمان شهيد

لا تسألي عن مخازي أمتي .. ..

ماعدت أعرف حين أكتب ما أريد

وإذا السيوفٌ تكسرّتْ أنصالُها

فشجاعةُ الكلماتِ ليسَ تفيد .. )

[email protected]

 

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1263 الاثنين 21/12/2009)

 

 

 

في المثقف اليوم