أقلام حرة

عامٌ مرَّ ياغزّة .. عروبتنا بخير .. صمتنا بخير

على فداحة فعلهم وفداحة صمتنا .. وقداسة حقك .. وقبح باطلهم

كيف ننسى جرحك الذي يشبه جراح العروبة .. وأعوامها التي تنقضي .. وأعوامها التي تأتي .. ولا ندري ما الغد .. ومافيه .. وكيف سنكون نحن .. ؟؟ ..

لم ننس بأن الدم برهان أمضى من الشمس .. أقوى من الكلمات .. أوضح من صفاء البحر عندما يعكس رونق السماء .. .وعندما يمر الدم في الذاكرة لايتوارى التاريخ خلف ستارة الخوف .. فلم يبق إلا الورق كي ندون عليه ذاكرتنا المخضبة بالدماء .. وأفعالنا الملطخة بالرياء .. وإناءنا الذي ينضح بما فيه ..

لم يبق إلا الورق كي نكتب عليه الغضب .. ونرسم عليه الأمنيات والأحلام .. لم يبق إلا الورق كي نفكر عليه .. ونبث له اللوعة .. ونبوح بالنجوى .. ونشكو ما نشكو .. ونقول ماليس يقال ..؟؟ .. فاتركوا الورق أبيضاً .. حتى يتسع لذاكرة قادمة .. وذاكرة ماضية .. .ومستقبل نراهن عليه بأمل ولا نريد أن يطعنه المثل الذي يقول: (لو بدها تشتي كان غيّمتْ) ..

اتركوا لنا مساحة من بياض .. كي لانهزم أنفسنا أكثر وأكثر .. نحن المهزومون بسيف الذات قبل سيف العدا .. دعوا الطيور تعبر بأمان إلى خمائلها .. لأنها تركت عشاً من ذاكرة تخشى رصاصة القناص .. وحزن مطعم بالحزن يبحث عن حل للغزه ..؟؟ .. لا تحرقوا الموانئ الأخيرة على شطآن العروبة .. .فلازال الرمق الأخير منها على قيد وفائه لها .. على قيد حياته .. فلا تخنقوه .. كي تستكملوا مسرحية صمتكم ..؟؟ أرجوكم لا تخنقوه ..؟؟ ..

عام مر .. لم يبق على الأنقاض إلا أنقاضاً .. .و حقائب من رحلوا,وألعاب من ماتوا .. وأحلام من حلموا .. حلموا كثيراً .. خذلهم البشر ولم تخذلهم الأحلام .. وعناقيد من غضب نضجت قبل أوانها في نفوس الصغار .. لأن الطفولة عابرة سبيل في عالم العبيد والملوك .. ووثائق حقوق الإنسان التي ولدت (ميتة) قبل أن تختنق بدخان القنابل الذكية .. .؟؟؟؟ .. وإعصار مر من هنا .. ترك اسمه ومسح أسماءهم .. مات اسمه وبقيت أسماؤهم .. .والأسطورة أذهلت العالم .. كما أذهلتهم تلك الجريمة التي لاتسعها ملفات الجريمة .. ولا أروقة محاكم الكون لو اجتمعت كالأصابع على كف واحدة .. ولا يكفيها مداد الكلمات حتى لو تبخر وهطل أمطاراً من (حبر) .. على أرض ليست من (حب) .. ليست من(حنين) ..

عام مر .. والعين ليست بالعين ولا الدم بالدم .. ولا الفعل بالفعل .. فالحبر تزحزح لكن الصمت أوقفه .. . أسفاً على قلوب لا تنبض بالحق, وتنبض بالباطل كي ينال حصته من بقايا وجودنا الافتراضي على واقع الأشياء .. ؟؟ ..

غزة بين جدار .. وحصار ودمار .. وقوافل تنتظر من (الأخوة) المرور .. المرور إلى مدينة تختبر بكل (عذوبة) عروبتنا .. ونحن نختبر بكل(تآمر)صبرها ..

نسينا أن الأخوّة أقوى سلاح .. أرجوكم ذكِّرونا حتى لاننسى .. لاننسى أن الدم الذي يجمعنا ليس وهماً .. أن الدم العربي الذي نحمله من محيط الحزن إلى خليج الآلام ليس حلماً .. لكن .. هل ماتت رابطة الدم العربي .. ؟؟؟ .. .وصرخة (عربية) ملوثة بالتآمر .. تشبه النصيحة تقول: (عودوا أدراجكم) .. لمن جاؤوا لأجل قضيتنا .. ؟؟؟ وصمت عربي مطبق .. يزامنه صمت دولي .. وثناء للقاتل الذي لايردعه شيء لاشيء يردعه .. ولاحتى (الضجر) من تكرار القتل والجزر والصلب والتدمير .. .

أنتم .. مالذي يدفعكم إلى المجيء .. لقد قتلتم الحياء العربي(القليل الباقي) .. لأننا إن لم نخجل منكم فسوف نخجل من عروبتنا التي أعدتم لها بعضاً من رصيدها .. وشكراً لكم لأن ذلك تم بأيديكم (غير) العربية .. من كل الأعراق والأديان والمذاهب والأوطان تجتمعون في قافلة واحدة فوق أرض من المفترض أنها واحدة .. ويفترض أن ينطبق عليها قول الشاعر العربي:

لمَّت الآلامُ منّا شملنا ونمتْ ما بيننا من نَسَبِ

لكن مالذي يدفع المئات أن يتركوا أوطانهم وأطفالهم وأهلهم ودفء منازلهم وأعيادهم ليرابطوا على حدود دولة عربية كي يدخلوا دولة عربية .. ويكسروا حصار مدينة عربية .. ؟؟؟ ..

وجدار فولاذي آخر يقتل ماتبقى من أعقاب الحياة في غزة .. جدار تبنيه أيد عربية .. ؟؟؟؟؟؟ ..

غزة شريان الحياة .. .الذي لم ينقطع .. ولن ينقطع .. شريان الحياة يأتي من خارج خارطتنا العربية .. ؟؟

عام مر .. بل أعوام وعقود .. وقرون .. نحن ننتظر .. (لكن السماء لاتمطر ذهباً وفضة)

وكل عام وأنتم بخير رغم كل شيء .. ومآسينا ونكباتنا وصمتنا العربي ليس بخير .. ؟؟

 

[email protected]

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1273 الخميس 31/12/2009)

 

 

في المثقف اليوم