أقلام حرة

أأبكي ..أم أختار الشمس قدراً..؟

سألت لأني محوت العطر بالعطر..ولم أمحُ الحلم بالحلم... لم أعثر على إجابات.. ويبدو أني امتهنت وإياكم فن التساؤل ..فالريح عبثت بنا زمناً ..ولوح لنا الأمل من بعيد.. يخبرنا بما لم يحفل به الواقع الإنشائي ..(منذ سقوط غرناطة  حتى سقوط بغداد)...

فالأسلاك الشائكة تحول بين قلبي والحلم..بين قنديل أخير وطريق من ضباب..  والنار تضيء سماء مدينة الحب..و لم أعد أبصر الشمس والقمر والنجوم التي طرزت ليل اللاجئين إلى الحرية..الضائعين في مسامات النزوح...وخيمتي التي تقاوم الريح ..تستجدي المستبدين كي يوقفوا نزيف أحلامنا العابرة لقارات ليست على خارطة الكون..لكن ماذا نقول إذا كان ما يحدث أكبر من الكلمات..؟؟..هل نصمت, أم  نبكي , أم نقف تحت الشمس..؟؟

سيقولون لي كل الثورات أخفقت..كل الثورات خمدت..لم تنجح ثورة واحدة على تضاريس الوجود..فعلام تثورون..؟؟..سأقول: لكن ثورتي من الشمس...؟؟   

(أأبكي) ..لأن الحلول انتفت ولم يبق إلا الأمل الذي يدفعه الأمل..لكن الشمس تخجل أيها البشر مما نفعله..اتركوها.. فالمرايا تعكس..والحبر لازال يشتاق إلى الصدق.. والبحر لازال ازرقاً..والشمس لا يحجبها غربال.. والحقيقة لا يمحوها الضباب.. ودمي المسكوب ظلماً سيصير ورداً..وعطراً لمن سيأتي...لما سيكون..؟؟..

وغداً سيكتب التاريخ على لوح فخار (حلمي) الذي أنضجته الشمس مثل زيتون بلادي..وحلمي الكبير العابر إلى مدن الفضائل مثل زيزفون وطني وتينه وليمونه وبرتقاله حتى لو غدا (جافاً)..؟؟..

خبِّروني لماذا نتمنى..لماذا نرجو..لماذا نأمل..؟؟؟...وماذا ننتظر..؟؟..

أتمنى ألا أرى شعباً.. يأكل بالسكين شعباً آخر..وأتمنى ألا أسمع أن ثمة بقعة من أرض أو منابع نفط أو غاز أو نهر أو مياه إقليمية أو جزيرة أو حدود أو صحراء أو مناجم ذهب أو فضة أو ماس.. تتنازع عليها دولتان أو دول عدة..نعم سأردد ماقاله الشاعر:(على هذه الأرض مايستحق الحياة)وإن اختلفت المناسبة...لدينا مناسبات للحزن.. للفرح..ولكن...انتظر وعد الكلمات..؟؟..

أتمنى ألا أسمع خبراً يحمل الدم عنواناً.. والقتل شعاراً ..والموت عادة والحرب فريضة..والخراب قاموساً..والجوع قانوناً..والمرض.. آه ما أسرع انتشاره..   تمنيت لو أنه السلام.. ؟؟.. آه من مصطلحات اعتادت عليها أذني.. أكثر من اعتيادها سماع أغنية فيروزية  تقول: ( يادنيا شتِّي ياسمين)..عفواً أعزائي القراء.. ومن قال أن الياسمين هنا..كنا نراه..وكنا نستشعر حفيف أوراقه..ويلفنا عطره الممتد من شريان إلى وريد.. لاشيء هنا إلا أحلام من عبروا إلى وطني في غربة البنفسج... ليس لدينا ذاكرة من (ياسمين).. بقدر ماهي ذاكرة من دم وليل وانتظار...ونريده ياسمينا قادماً...ونأمل ذلك...؟؟..

أتمنى أن يفنى الفساد إلى غير رجعة..كأني سمعت ذات يوم شعار يقول :(حملة لمكافحة الفساد)...لكني لم أر ..لم أر..إلا حبراً على ورق..وورق على جدار.. جدار تآكل..وما تآكل الفساد...وكلما مرت الأيام ..نحن نكبر..وتمضي الأيام .. ويكبر الفساد.. يمضي دون تذكرة مرور..؟؟؟

وكم أتمنى أن تتغير نشرات الأخبار..بعناوينها وتفصيلاتها وأخبارها العاجلة (ولو لمرة واحدة)..لأن هذا شيء أحلم به منذ زمن بعيد....كي ابتسم..لأني نسيت عهد الابتسامات والفرح المؤجل..أريد أن أضحك مثل من سيعبر بعد لحظات إلى الفردوس.. فلا يقول لي قائل أنت في بلاد العجائب ..بل على (الواقع)..الذي سيصحو من واقع الإنشاء والتعبير والتنظير إلى واقع التطبيق والفعل والحقيقة...

أتمنى ألا أكون غريباً في وطني ..أن أمشي وأجلس وآكل وأشرب وأنام وأحلم (أحلاماً سعيدة) وأكتب وأتنفس ..........الخ, دون أضع آلاف الطوابع تحت مدونة انتمائي إلى هذه الأرض.. فأنا أقسم بوطني بعد الله إني مواطن ..صدقوني أنا كذلك ..مواطن يتنفس وجعاً.. لكن يحيا بالأمل.. محكوم بالتفاؤل...لذلك لازلت أعيش.. لازلت أحيا رغم كل هذا الهواء الملوث..؟؟..

أتمنى..واعذروني لأني أتمنى كثيراً فأنا لا أملك إلا الأمنيات.. مثلكم تماماً..           أتمنى ..أن يتوب الليل عن قهرنا وينزع وشاحه عن جسد النهار ..فالشمس تنتظر على باب الانتظار ..إنها كعادتها تنتظر..أن تصحو الإنسانية..أن يصحو الضمير الذي هادن العار.. ويحاكم ذاته..ويقول: نعم كنت في (زمن الرذيلة)..وأنا الآن في (زمن الفضيلة)..وما أدراك ما الفضيلة في عالمنا..؟؟..ابحثوا عنها.. تجدونها في جمهورية أفلاطون..لا..أرجوكم..لا أريد أن تموت الفضيلة..

لا تفتحوا النار على ما تبقى من بقايا الجمال..بقايا الصفاء..و أحلام الشعوب.. وارحموا صفاء البحر..من فوضاكم من أطماعكم وأوهامكم وأنانيتكم البغيضة..يامن تتصارعون على منابع النفط في وطني ..هلا فكرتم أن توقفوا منابع الحزن في قلبي..ورغم هذا وذاك سأختار (الشمس) لأن (البكاء) سلاح الضعفاء...

 

أسماء شلاش.سوريا

 

[email protected]

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1280 الخميس 07/01/2010)

 

 

في المثقف اليوم