أقلام حرة

الفايروس المألوس!!

صادق السامرائيالفيروسات جسيمات أكتشفت عام 1898، وما أن تدخل إلى الخلية حتى تعطل عملها، وتصيب نشاطاتها البايولوجية بإضطرابات شديدة، تتسبب فيما نسميه بالإلتهابات الفايروسية أو غيرها من الأمراض المعروفة.

وفايروسات الإنفلونزا تحصد من البشر الآلاف كل عام، برغم ما يمتلكه من قدرات وقائية وعلاجية ضدها.

والأمراض الفايروسية خطيرة لأنها تنتشر بسرعة، وتكون ذات تأثيرات سلبية عالية ومكلفة.

وكم كتب المختصون ونبهوا على أن أكبر عدو يواجه البشرية هو الفايروسات، التي إذا شنت هجومها على الناس فأنها ستحصدهم حصدا، فهي غير منظورة وتنتشر بسرعة وتعجز المؤسسات العلمية على منازلتها في حالة إنطلاقها، لأن الدنيا تغفلها وتنشغل بأمور أخرى تساهم في رعرعتها وتناميها وإنطلاقها حرة في الأرض لتهاجم المخلوقات وتبيدها.

فالدنيا تبذل جهودها وأموالها لتطوير الأسلحة بأنواعها، وتتناسى أن العدو الكامن المتربص هو الفايروسات، التي تغتنم الفرص وتنطلق بأمواجها وأعاصيرها الجراراة للهجوم على البشر وتعطيل وجودهم ومحقهم محقا مروعا.

وقد فعلت الفايروسات فعلها على مر العصور وقتلت من الناس الملايين تلو الملايين، لكن البشرية لا تتعظ ولا تحترس ولا تتكاتف لمواجهة هذا العدو المتربص بها، والذي يعد العدة لمهاجمتها والنيل من قدراتها والفتك بحياتها.

وها هي اليوم أمام هجمة فايروسية غادرة مرعبة شلت الحياة في أصقاع الدنيا وتسبب بخسائر إقتصادية فادحة، ولا تزال تعصف وتصيب وتقتل والدنيا لا تمتلك سوى أن تتوقى وتتحذر، وما عندها لقاحا أو علاجا فعالا لهذا الفايروس الذي يُسمى كورونا كافيد 19.

ومشكلة البشرية أنها لا تريد التعامل مع اللامنظور، وتسعى بموجب رغباتها ونوازعها الفاعلة فيها إلى إعمال العقول في ميادين تدميرية توهمها بالقوة والهيمنة والقدرة على التحكم بمصير الآخرين، فتغفل هذا المارد الفايروسي الفتاك.

فالبشرية ديدنها الحروب النارية وسفك الدماء، ولا تستطيع إستيعاب غيرها من الحروب التي تقضي على الملايين في وقت قصير، إنها في جوهرها حروب بايولوجية جرثومية تطلقها الأرض لإبادة الخلق الذي أذلها وما أعزها، بل أتعبها بشروره وعدوانيته وآثامه وخطاياه ورزاياه الغاشمة.

فهل ستعرف البشرية عدوها الحقيقي وتتجهز لمنازلته بدلا من إبادة ذاتها وموضوعها وفقا للإدّعاءات الباطلة الباهتة؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم