أقلام حرة

صادق السامرائي: النصوص والفصوص!!

صادق السامرائيما عاد للإبداع إسم، سوى أنه "نَص"، فما تنشره المواقع والصحف وغيرها عبارة عن "نصوص"، ولكل نص ما يعنيه ولا يعنيه، ويمكن تأويله وتفسيره، والنظر إليه بأعين متنوعة الحدقات والعدسات، فالمكتوب بالعربية أصبح يسمى "نصا"، وحتى القرآن بآياته، أطلق عليه " النص القرآني"، وعلينا أن نقرأه وفقا لمناهج وزوايا الإقتراب من النص.

فلا تقل شعرا، خاطرة، خطابة، أقصوصة، قصة، رواية، وأمثالها، بل تحدث عن النص، فما تكتبه الأقلام نصوص!!

من أين جاءت هذه البدعة المهيمنة على الكتابة بالعربية؟

وهل هي موجودة في إبداعات الدنيا؟

هل أنها هجمة على البيان العربي، ومحاولة لسحق وجود لغة الضاد، وإلغاء دورها وتأثيرها في صناعة الحياة الحضارية الحرة الكريمة؟

لا تُعرف دوافع هذا النهج الذي يسعى لإلغاء ملامح الإبداع، وإفراغه من علاماته الفارقة، وإخراجه  من كونه إبداع يستحق الحياة والرقاء والتأثير في وعي الأجيال.

إنها محنة الإبداع العربي بالعرب أنفسهم، ومعضلة التعبير المعاصر عن الرؤى والأفكار والتصورات بأسلوب بديع، فصار الحث على الترميز والغموض والإبهام والتدويخ، بدلا من الوضوح والتفاعل المنير الذي يلهب الأفكار وينوّر الأذهان.

ولهذا تجد الإحجام عن التفاعل مع الإبداع العربي بأنواعه، فالشعر الذي كان القوة الأساسية لتشكيل ذائقة العرب، ورسم معالم تفكيرهم ورؤاهم فقد صفة الشعر، وصار نصا وحسب، تتفاعل معه نخب تؤمن بالنصوص، وتنكر الشعر وتحسبه عادة قديمة ولا بد من التجديد والمعاصرة، وبذات الأسلوب الذي جعل العرب لا يستطيعون إطعام أنفسهم بعد أن حسبوا التقدم بإحتقار الزراعة والثروة الحيوانية، والإعتماد على الآخرين فيما يأكلون، كذلك المبدعون العرب، يميلون للإستيراد والإستنساخ، والتباهي بأنهم يظاهون في كتاباتهم ما ينتجه الآخرون، والفرق بينهم كالفرق بين الثرى والثريا...

فإلى أين المسير؟!!

 

د. صادق السامرائي

28\6\2021

 

 

في المثقف اليوم