أقلام حرة

صادق السامرائي: العرب والإشراق العلمي!!

صادق السامرائيالعرب من أوائل الأمم الشرقية التي تفاعلت مع المجتمعات الغربية منذ أقدم العصور، وكان التفاعل قائما في زمن النهضة العربية حين تعلم الغربيون من الشرق، وفي النهضة الغربية حيث تعلم الشرقيون في بلاد الغرب.

والسؤال الذي يبحث عن جواب مقنع وواضح، هو كيف تمكنت مجتمعات شرقية من إستيعاب الثورة العلمية الغربية المعاصرة، وعجز العرب عن ذلك الإستيعاب والتمثل والتفاعل الإبداعي الولاّد.

العرب لديهم تجربة في التفاعل مع الثقافة اليونانية، والإنطلاق منها نحو آفاق العلوم والمعارف بأنواعها، خصوصا في عصر بيت الحكمة البغدادي.

علماء عرب ومفكرون وفلاسفة درسوا في الجامعات الغربية منذ منتصف القرن التاسع عشر، وما أسهموا في نهوض جوهري حقيقي للأمة .

ورواد النهوض العربي معروفون، وما قدموا ما يستوجب الإنطلاق اللائق بالأمة.

ومن الملاحظ أن القاسم المشترك في طروحاتهم، أنهم ركزوا على موضوع الدين وإعتبروه السبب الأساسي في رقودها.

كما أمعنوا بالتأكيد على موتها  منذ سقوط بغداد عام (1258) ميلادية.

وبأن العرب رقدوا وعمهم الجهل منذ ذلك الحين، وما عادوا يعرفون ذاتهم وموضوعهم، فضاعت هويتهم الحضارية العلمية.

أي أنهم تمادوا في نبش القبور والتركيز على الأسباب، وأغفلوا المعالجات الأساسية والمنطلقات التاسيسية لبناء الأمة في عصرها الذي هي فيه.

ودفعوا الأجيال للسقوط في خنادق الماضوية ووديان الغابرات المتخيلة، التي تحقق تقديسها وتهويلها وإضفاء التوصيفات المثالية عليها، حتى بدت وكأنها من الثواب ومن رابع المستحيلات تغييرها، مما تسبب بتوجه العربي نحو ذاته وتقريعها وإذلالها، وجلدها والتمادي بتحقيرها وإنكارها، وفقدان الثقة والعزيمة والإرادة الحضارية، فهو قاصر ومعوق ومخذول، وعليه ان يرتضي بما أصابه وحل به، فأدى للميل العاطفي الإنفعالي نحو الدين، والتشبث به وكأنه المنقذ الوحيد، وبهذا إنطلق مفهوم الإسلام هو الحل، لأن المفكرين فشلوا في وضع الحلول، مثلما فعلت اليابان ومجتمعات آسيا الشرقية.

ومع دوران العقود ترسخ مفهوم الإسلام هو الحل، لأن الأحزاب والحركات زادت الطين بله، فشعارات القرن العشرين بأسرها إنهارت وما قدمت أي إنجاز يقترب منها، وهذا دفع إلى التمسك بأن الحل بالدين، وبدولة الخلافة المتصورة المزعومة.

وتجدنا أمام مآزق متراكمة متوجة بالديمقراطية، التي سيكون مصيرها كأصحابها أبناء القرن العشرين.

وعندها سيكون فناء العرب بالدين، لأنه ما عاد هو الدين الذي يعرفون، بل دين فقهاء وفتاوى وأهواء، وتطلعات تعززها أطماع الآخرين الساعين لإفتراس أمة العرب، فهل من صحوة فكرية، وإيمان بأن الخلاص في العلم لا بالدين.

إن العلم هو الحل، وليس الإسلام هو الحل!!

فليغضب الجاهلون، فأمم الدنيا بالعلم كانت وتكون، إلا أمة العرب فبالدين المستورد تهون!!

 

د. صادق السامرائي

21\10\2021

 

في المثقف اليوم