أقلام حرة

حشاني زغيدي: المربي القدوة

حشاني زغيديرغم طول المدة، ومرور سنين العمر، مازلنا نشتاق لمرافقة المربي الذي يأخذ بأيدينا إلى طريق الهداية، ويسرح بنا في دروب الدعوة، ومازلنا نحن لجلسات العلم في حلق في باحات المساجد، ما زلنا نحن لذلك المربي الذي يتفقدنا في الصفوف وفي أوقات الأذان، لتدرك معه لذة التكبيرة الأولى، والله لن ننسى تجدد روح شهر الصيام في ضيافة نافلة الصيام، فكم كانت الروح تتجدد ونحن نتلذذ موائد القرآن تلاوة ومدارسة .

أكيد سيذكر تلك الأيام كل من عاش نفحات الأيام التي مرت، عن نفسي لا أنسى  لذلك المربي اسهامه في توطيد علاقتي  بأسرتي، حين أغيب عن البيت لواجبات دعوية، فيأخذ المربي زمام المبادرة ليرطب الأوضاع، وقد مهد الطريق لتطيب خاطر والدي، فبر الوالدين عنده عقيدة يتعبد، كانت أثار ذلك ملموسة في دعوات والدي ورضاه.

ما زلت أذكر حرصه لتطوير مهاراتنا في العمل الخيري والدعوي والثقافي، فكنا عنده كخلايا نحل ،نمضي في جبهات العمل دون كلل أو ملل، كان حرصه ونشاطه يسبقنا إلى في الميدان، فكان أكثرنا حملا وتحملا.

ما أحفظه لذلك المربي لا تغيب عنه شاردة ولا واردة، فكان نعم المرافق ونعم المتابع، ومن اللطائف التي سجلتها لذلك المربي، فطيبته فاقت كل نظير، وبشاشته وتبسمه معهودتين تخرج من سريرته دون تكلف، ومع تلك الرقة واللطافة، كان قوي المراس، حازم في مواقفه يظهر الجد في كل تعامله .

كم كنت أتمتع بتلك المعايشة التربوية الإيمانية، كانت الأيام تحلو بتلك المرافقة التي تنورت بالأخوة الإيمانية في رحاب جلسات العلم والأدب ، كان قوامها تلك المعاني الراقية التي كان من أركانها، تعارف تجاوز حفظ الأسماء وتفاهم يولده الانسجام في الأفكار، تحصنه قيم الإسلام الحنيف. ولا انسي لذلك المربي حرصه لتعزيز معاني التكافل الاجتماعي بين الأصحاب، فكان كل الواحد منا يشعر بتلك الأخوة، يرى إخوانه أحق من نفسه، لما تآلفت القلوب والروابط بسمو القيم السامية.

رغم تلك المنزلة التي احتلها ذلك المربي في قلوبنا، فقد كان حرصه كبير أن ترتبط تلك القلوب حول الدعوة وأهدافنا ، خدمة للغاية التي خلقنا من أجلها، فكان شعار ه (الله غايتنا) شعار الذي يشدنا باستمرار في كل حركة وسكنة وفعل شعار يربطنا بمشاريعنا. فكان الدليل قوله تعالى (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين)

 فكان صوته يهتف دائما بذاك الشعار الرباني، الذي يربط الأرواح بالسماء (الله غايتنا).

و تمضي الأيام ولا يزال طيب تلك النفحات محفورة في ذاكرة من عاش روح تلك الأيام وطيبها ، نقول لذلك المربي الكريم الخلوق القدوة، رعاك الله أيها المربي، فلك منا الحب، والدعاء والتوقير، نحفظ لك الود والتقدير ما حيينا ،اللهم نور دربه بالإيمان، واختتم له بالصالحات يا القوى.يا غفار.

 

الأستاذ حشاني زغيدي

 

 

في المثقف اليوم