أقلام حرة

شدري معمر علي: عندما تخونك الكلمات

عندما تكتب عمودا يوميا أو زاوية يومية في مرات كثيرة تنزاحم في عقلك المواضيع والأفكار وتجد نفسك محتارا ايهما ينال شرف أن تسكنه على الورق وتحيطه بعنايتك واهتماماتك وفي بعض الأحيان تخونك الكلمات وتصاب بعطالة واحتباس فكري كما يحدث معي الآن في هذه اللحظات ، فكرت في كتابة موضوع عن مسؤولية الكاتب فما قاله صاحب كتاب: (الزمن الممزق) ثروة أباظة  وهو يتحدث عما يجب ان يكون عليه الكاتب للمسؤول محفز ومثير للعقل: "لأن الله حين منحه موهبة الكتابة أخذ عليه عهدًا غير مكتوبٍ أن يكون شريفًا، لا يخادع الناس، ولا يقول إلا ما يؤمن به، ولا يُفشي إلا الخير، ولا يدعو إلا لما هو الأسمى والأرفع من قيم الحياة، لقد وهب الله للكاتب قبسةً من نوره، وما كان لقبسةٍ من نور الله أن تكون خداعًا، أو غشًّا أو كذبًا، أو دعوة للسفول، أو اعتداءً على الحق، أو اعتسافًا لكرامة الإنسان، فإذا خان الكاتب العهد سقط عنه اللقَب، وأصبح حفنةً من تراب الحياة، ترابُ الموت بالنسبة إليها أمل، وأي أمل".

ولكنني انصرفت عن هذا الموضوع فما دخل لي بمسؤولية الكاتب؟ وسمعت صوتا داخليا يعاتبني ويقول لي: كيف لا تهمك مسؤولية الكاتب ؟ ألست  كاتبا، ترسم بكلماتك صور الجمال والإبداع وتصف مشاعر الإنسان وتقلباته وانكساراته في قصصك القصيرة؟

تجاهلت هذا الصوت الداخلي وفكرت في كتابة موضوع كان يشغلني منذ مدة وهو تأثيث الرواية، أي كتابة رواية مؤثثة بالغكر والفلسفة والفن فلم تعد الرواية الناجخة هي مجرد بوح وبكائيات وخواطر  يفرغها الكاتب على الورق فلا يشعر القارئ بأي جدوى من هذه السطور التي ضيع وقته في قراءتها فالرواية المؤثثة تتطلب كاتب باحث وقارئ متميز مبحر في اعماق التاريخ والفلسفة والدين والعنمران  فالرواية غير المؤثثة أشبه بمنزل يحتوي على جدران فقط يفتقد إلى التزيبن والاثااث والديكور والتناسق ..

ولازال ذلك الصوت الخفي يوسوس لي ويقول لي: أثث بيتك اولا ثم فكر في بيت الرواية...

قلت في أعماقي الملتهبة: عنده حق....

انا بخاجة إلى أثاث جديد في البيت...

انا مسؤول عن نفسي وكل كاتب مسؤول عن نفسه فلم هذا التفلسف واللعب بالكلمات...

نادتني ابنتي عبير للعشاء، تركت الكتابة ولم اصل إلى موضوع محدد أتكلم فيه، فلتعذرني عزيزي القارئ  ها أنا لم أكتب لك شيئا ذا بال....

***

الكاتب والباحث في التنمية البشرية:

شدري معمر علي

في المثقف اليوم