أقلام حرة

صادق السامرائي: ليت هندا أنجزتنا ما تعد!!

ليت هندا أنجزتنا ما تعد

وشفت نفسا مما تجد،

*

واستبدت مرة واحدة

إنما العاجز مَن لا يستبد،

*

كلما قلت متى ميعادنا

ضحكت هند وقالت بعد غد

شعر لعمر بن ربيعة المخزومي شاعر في صدر الإسلام، ويُقال أن جارية غنّته بمجلس الرشيد بتحريض من أعداء البرامكة فأذكت في نفسه نيران نكبتهم. وهي رواية مشكوك فيها، فالقراءة الموضوعية تؤكد أن البرامكة كانوا يحكمون الدولة العباسية، ويعتمد عليهم الرشيد تماما فهم أنصاره ومربوه وإخوانه وخلانه.

فما بين (170 - 188) كانوا سادة الدولة وقادتها، ويبدو أن الحاشية العربية قد إمتلأت غيضا، فحصل الذي حصل، فالرشيد لوحده لا يمكنه أن يقضي على مئات البرامكة، فلابد من مؤازرة عربية قوية، وهذا ربما ما حصل، وتحقق الثأر في زمن الأمين، الذي أبيد عن بكرة أبيه، فمحقوه وإجتثوا ذريته، وربما يكون لحاجبه الفضل بن الربيع دور في النكبة.

ليس من السهل فهم مسوغات النكبة، ويمكن الإتيان بالعديد من التحليلات التي قد تبدو مقنعة، وليس كل مقنع بصحيح، ومن وجهة نظر نفسية سلوكية، يظهر أن الرشيد كان في واقع غير الذي نقرأه عنه في المدونات ، فالبرامكة هم القادة الحقيقيون والمؤسسون الناشطون لدولة الرشيد، ويتخذون من إسمه وسيلة لمنطلقاتهم العمرانية والعسكرية والإقتصادية، وبلغوا شأوا عظيما في السيطرة والتحكم بأمور البلاد، مما أشعر الرشيد بأن كرسي الخلافة أصبح مهددا، وصورته المسوقة بدأت تتبدد، وأحس وكأنه كان لعبة في يديهم، وبمؤازرة القوى العربية المناهضة لهم في دولته، إنتفض بغتة وقرر القضاء عليهم.

ومن الملاحظ تخبطه في قرارته بعدهم، حتى إنتهى به الأمر بعد أقل من أربعة سنوات من النكبة، أن يعيش معزولا عن ولاة عهده الثلاثة وطبيبه، ليموت في طوس (مشهد).

ومن الأخطاء التي إرتكبها أنه وجد نفسه في محنة ولاية العهد للأمين والمأمون، ورغم محاولاته لتأكيد عدم حصول صراعات بينهما من بعده،، بإضافته لولي عهد ثالث معهما، وكأنه لم يتعظ من تجربته مع أخيه الهادي.

فالواقع يُظهر أن البرامكة كانوا القوة العظمى التي تألق بوجودها، وحال إنتفاء دورهم، إنفرد به الذين حوله، وتآزر معهم ولاة عهده، وكانوا يتحينون فرصة رحيله، فأصابه النكد وأدرك خطأه، فسار وحيدا إلى حتفه، وربما بإهمال متعمد من طبيبه.

ذلك إقتراب من زاوية أخرى لما جرى وكُتب عنه الكثير.

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم