تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

أقلام حرة

بديعة النعيمي: الحرب على غزة (35): هل انهارت القاعدة الأمنية؟

اعتادت دولة الاحتلال أن تأخذ بالحسبان عددا من الأسس في سياستها الأمنية ضد أعدائها. وكان امتلاكها لأجهزة استخباراتية متطورة من ضمن هذه الأسس. ومن المعروف أن أهمية هذه الأجهزة تتلخص بتزويد قيادتها بإنذارات سابقة تتيح لها التصدي لأي عدوان من خلال استدعاء قوات الاحتياط وتجهيز الأسلحة بكافة أنواعها وتهيئة الجبهة الداخلية لصد أي هجمات صاروخية في حال تعرضها لذلك.

ولكن ما شهدناه في ٧/ أكتوبر/٢٠٢٣ أثبت فشل هذا الأساس،حين شنت فصائل المقاومة الفلسطينية عملية عسكرية بهجوم صاروخي باتجاه المستوطنات الجنوبية والشمالية والشرقية تزامنا مع اقتحام بري من أفرادها عبر سيارات رباعية الدفع ودراجات نارية بالإضافة إلى طائرات شراعية،حيث سيطروا على عدد من المواقع في مستوطنات غلاف غزة.

ومن الأسس أيضا ما يعرف بالجيش الرادع. وكنت قد ذكرت في مقال سابق بعنوان (الحرب غير المتكافئة) بأن طبيعة وشكل الحروب التي تخوضها دولة الاحتلال تغيرت فهي لا تواجه دولة أو جيشا إنما باتت في حروبها تواجه فصائل مسلحة. وقد مر جيش الاحتلال بمثل هذه المواجهات في غزوه للبنان عام ١٩٨٢ وفقد خلاله قدرته على الردع، حين واجه وحدات صغيرة من المقاتلين. وأعيدت الكره فيما بعد في حروبه جميعها حتى اليوم ٢٠٢٣_٢٠٢٤ في حربه على غزة ،وها هو يفقد ردعه ويتكبد الخسارات على جميع المستويات.

ومن الأسس الأخرى الضربة الاستباقية. وقد كانت ناجحة في حروبها السابقة مثل حربها على مصر ٥٦ وحرب الأيام الستة. أما اليوم فقد فشلت في كسب الضربة الاستباقية لأنها كانت من نصيب الفصائل الفلسطينية كما ذكرنا.

ومن الأسس التي تعتمد عليها دولة الاحتلال في ربحها للمعارك الحرب السريعة. فهي ملزمة أن تكون لديها القدرة على الحسم السريع لأي حرب تخوضها. ذلك لأنها تقوم باستدعاء الاحتياط وتجنيدهم ،الأمر الذي من شأنه التأثير على اقتصادها ،لذلك فإنه لا يجب أن تطول أي حرب أكثر من عشرين يوما.

واليوم دولة الاحتلال تخطت المائة يوم في حربها على غزة ،ما يعني أنها قد أضافت فشلا آخر وانهيار في أساس تعتمد عليه في منظومتها الأمنية.

وهناك أساس آخر وهو تدمير صواريخ الخصم قبل وصولها إلى أهدافها لكننا رأينا كيف فشلت القبة الحديدية جزئيا في التصدي لصواريخ المقاومة الفلسطينية.

أما الأساس الاخير فهو لجوئها إلى استخدام السلاح النووي وهذا ما لم تجربه دولة الاحتلال بعد ولا زال استخدامه في ضبابية التوقعات.

***

بديعة النعيمي

 

في المثقف اليوم