الرئيسية
إنگرس وطالعه المتأخر .. لمحات مضيئة من تاريخ الفن (32)
يعتبر جان أوگست إنگرس Jean Auguste Ingres احد اقطاب المدرسة النيوكلاسيكية الفرنسية ومن اهم مبدعيها.
تعلم الرسم مبكرا من والده الرسام ثم تتلمذ على يد الفنان الفرنسي الكبير جاك لوي ديفد.
ولكن رغم موهبته الكبيرة ونبوغه الفني، لم يكن هذا الفنان محظوظا مع النقاد والصحفيين! فقد عانى هذا المبدع الكبير صدودا استثنائيا اختلقه نقاد الفن وردده من بعدهم كالببغاوات الصحفيون والكتاب الجهلة، وتبناه الجمهور كتحصيل حاصل.
فخلال مايقارب العقدين من الزمن من نشاطه الفني، بين 1806 (العام الذي عرض فيه لوحة نابليون) و 1824 كان إنگرس يواجه نقدا لاذعا وهجوما غير مبرر على كفاءته الفذة في كل مرة يعرض فيها اعمالا جديدة.
وبذا فقد ضاق صدره بالهموم واعتراه الاحباط والياس وقرر ان يترك باريس ولايعرض فيها حتى انه فسخ خطوبته مع الفتاة الباريسية التي احبها وغادر ليجرب حظه في روما ثم في فلورنسا لكن ردود الفعل السيئة تبعته اينما حل.
اذا كان هناك وجود حقيقي لما نسميه الحظ في هذه الحياة، فان الحظ وحده هو الذي حكم على حياة إنگرس.
في عام 1824 قرر ان يعرض لوحة لويس الثالث عشر في باريس ويهئ نفسه لسفاسف وخزعبلات النقاد التي اعتاد عليها لكن المفاجأة كانت ان النقاد استقبلوها بحفاوة بالغة وكتبوا عنها مقالات وتقارير زاهية،
ومن هنا دارت الدوائر وبدأ الاطراء والتبجيل لكل لوحة يعرضها حتى ان لوحته La Grande Odalisque التي لاقت استهجانا من قبل اصبحت شعبية فطبعت عدة مرات! واصبح نفس الفنان في نفس المدينة نارا على علم فحاز على الجائزة العليا من چارلز العاشر.
وفي 1841 عندما عاد الى باريس بعد غياب قصير استقبلته المدينة بحفاوة بالغة حتى ان الملك لوي فيليب اصطحبه في جولة خاصة في قصر فرساي. هكذا تنقلب الامور على عقب احيانا ليس لسبب نافذ او منطقي.
المهم ان إنكرس اصبح انسانا سعيدا نشطا متفائلا حتى انه تزوج مرة اخرى بسن 71 سنة من فتاة تصغره بثلاثين سنة وبقي يرسم بحيوية حتى وفاته عام 1867 عن عمر 86 عاما.
من اواخر لوحاته الفاخرة لوحة الحمـّام التركي التي اكملها عام 1863.
كان إنگرس قد اوصى بان تمنح كل محتويات مشغله الذي ضم آلاف اللوحات والرسوم الى متحف مونتوبان Montauban الذي سمي لاحقا باسمه Musee Ingres.
ا. د. مصدق الحبيب