صحيفة المثقف

ما الفرق بين رومانسية الغرب وشاعرية العرب؟

kamal alhardiمشاعر الحب العاطفي بين الذكر والأنثى ظاهرة إنسانية لا تختلف في جوهرها لدى الإنسان الأبيض القاطن في القارة البيضاء أو البني القادم من الهند والسند أو الأحمر المطل علينا من أرض المكسيك أو الأصفر ذي العينين اللوزيتين الصينيتين أو الأسود الوافد من أحراش أفريقيا جنوبا".

كل تلك التباينات في لون البشرة أو في سلالة العرق أو في طبيعة الجغرافيا لا ترتبط بعلاقة عضوية مع وجود مشاعر الحب وميل الإنسان نحو محبوبه، إلا أن تلك العوامل تؤثر نسبيا في كيفية بلورة مشاعر الحب. فالمثال يترجم حبه بمنحوتة، والموسيقار بمقطوعة موسيقية، والرسام بلوحة، والشاعر بقصيدة، والسياسي ب...!! بلا شيء. كل تلك الترجمات قد تتباين في الكيفيات والهيئات وفقا لطبيعة المكان والإنسان، لكنها لا تختلف في الجوهريات (مشاعر الحب).

ولنأخذ على ذلك مثلا في قوالب اللغة وخصوصا الشعرية منها أو النثرية، وكيف أن البيئة تلعب دورا محوريا في بلورة أحاسيس العشق والغرام؛ ففي أجزاء من الريف الفرنسي أو الإنجليزي تتساقط الثلوج في فصلي الخريف والشتاء فتختفي أشعة الشمس وتتناقص درجات الحرارة، فتجد العاشق في تلك البيئة الثلجية ينظم شعرا بتفعيلتهم الخاصة قائلا:

في إحدى ليال الشتاء

عبرت الطريق متدثرا بمعطفي ووقبعتي

لكنني ما فتئت أشعر ببرد الشتاء

وثلج الشتاء

فتمنيت رشفة ساخنة من كوب قهوة

لكن طيف من خيالك لاح لي!

فتذكرت دفء حبي لك وحبك لي

فصار بساط الثلج على الشارع

حديقة مشمسة غناء

وما عدت بحاجة لمعطفي وقبعتي

فقد غدوت عصفورا يغرد في السماء !

بينما العربي في صحرائه لا يعرف المعطف وبساط الثلج، بل يعرف قيض الصحراء وأوار حرها، ولذلك ستجد العاشق منهم يتغزل في محبوبته مقارنا إياها مثلا بجداول الماء وظلال الشجر حيث لا عطش ولا شمس:

وأمطرت لؤلؤا من نرجس وسقت♡♡  

  وردا وعضت على العناب بالبرد

ولن يقتصر العاشق العربي على ذلك، بل لربما انعكست بيئته الصحراوية النزاعة إلى القتال في شعره الغزلي ليقول:

دع عنك ذا السيف الذي جردته

عيناك أمضا من مقاطع حده

كل السيوف قواطع إن جردت

وحسام لحظك قاطع في غمده

وهكذا فإن حرارة الحب جذوة لا تخبو ولا تنطفئ في قلوب البشر بمختلف أشكالهم وسلالاتهم وأعراقهم ، وستظل تلك الجذوة متوهجة بألوان بيئات مشاعرهم ما دامت أرواحهم في أجسادهم.

 

كمال الهردي - كاتب وروائي يمني

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم