صحيفة المثقف

تساقط الثلج

عامر كامل السامرائيللشاعر المجري: كاروي باري

ترجمة: عامر كامل السامرّائي

***

ما متُّ بَعد،

إلا أني أهجرُك،

ماضٍ لتحتِ الثرى، إلى هوّةٍ مفتوحة،

أهبط بأجنحة بلا ظلّ،

فتملئين عينيك بالمِلح،

وتهتفين من بعدي، ولكني لن ألتفت

مرة أخرى أبداً، ولن أعود،

سأترك لكِ

خَيْامُ المشارقِ،

وكل خمائل-لُثُم السماء،

والأشعة التي تبدأ نوبتها

تلك التي تنفض النعاس

عن الخاملين:

وعن رُتبِ حُراسِ قطرات الندى الغافية..

 

بأنفاسكِ تتلمسين نسيج الديجور،

والشفق المُسَوَّر بالرموش،

أتبَعُ مساراً في الثرى، لا ملاذ إلا إليه

مطرزاً بهمساتِ الجذور

 ولغير المسمى، يلبس الدهر ثوباً،

مُرصعاً، يتأمل البحر الذي يبحثُ عني..

 بأصابع زرقاء

بين شِعاب الصخور الساحلية.

 

تستيقظين، ترتدين ثيابكِ، تتعثرين في المطبخ

تُعِدِّينَ القهوة وتحاولين إقناعَ نفسكْ

ما من شيء قد تغير

فالفجرُ هو نفسه ينتشر كالنارِ في الهشيم،

مثلما من قبل، كما يبقى،

يُطوِّقُ حبل القشّ المتين

عنق أغصان الزهور،

يتمدّد الضباب على سُلَّم البتلات الدائري

بينما حديقة الفجر

ستضحى غير التي كانت،

وتصير خطواتكِ أكثر اضطراباً فوق الطريق،

وتهمسُ لكِ بصوت عالٍ هذه المرة

الإعلانات المتغيرة الألوان..

 

 وستتوارى في عتمة مخابئها

كنوزكِ بلا أثر:

ضحكاتٌ كالأقراط محنيَّة أوتارها

وذكرياتِهِ المخبأة

وأنتِ تتحدثين لعيون عاشِقَينِ

هَرِما بجْنبِ بَعْضِهِما

دون أن يُسْمَعُ لكلماتكِ صدى،

جوقات من الورد منثورةٌ

في كل مكان: باقات، أكاليل،

شَواهِد تعدو نحو الأرض،

كما تعدو النسور، متعثرة نحو الفريسة،

والسحب الساريات هنّ كذلك آيات بينات،

 

أوراقُ أشجار تحتذي نِقَم،

وأعشاب ذابلة لحقول مهجورة

أسمعُها تسير نحوي، وأنا

لزامٌ عليَّ اجتياز جدران الخُلَّدِ،

أجرجر جناحيَّ بين ذُراها،

تحمل على كنفها سلَّة من صقيع

تترقبني أشواك شتوية،

تتناظر، وترتجف،

مَلَكٌ شاخصٌ في وسط الثلج،

رداءهُ رماد مَضفور،

تساقطٌ غزير..

يُسَوِّرُ شبكة قضبان بيضاء

يحاصرها بلا هوادةٍ،

كقفصٍ مِن حَديد!

***

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم