صحيفة المثقف

مراجعة المواقف واجب

نبيل احمد الاميريوم بعد يوم يتجلّى واقع جديد في هذا الوطن من خلال مفاهيم جديدة، ووصايا وفقرات وحلول يتم إطلاقها للعلن لتوضيح ملابسات قصر النظر والفهم التي تشابكت منذ سقوط الصنم.

فعند قراءة كل المدارس السياسية في كل الدول المتطورة ديمقراطياً نقرأ في صفحات تاريخ بناء دُوَلِهِمْ، ان الأوطان تُبنى بأفكار وأفعال أبناء الوطن مجتمعين متشاركين، لا بأفكار وأفعال أحزاب الوطن فقط، رغم أهمية وجود وتنوّع هذه الأحزاب، ونرى بقراءة التاريخ السياسي للدول أن كثير من الدول قد فشلت وسقطت من حسابات التاريخ السياسي، بل سقطت في مستنقع ووحل الإقتتال الشعبي والحزبي عندما أصرت على التمسك بقيادة المفاصل الصغيرة والكبيرة بالدولة، ولم تترك الفرصة لكفاءات الوطن مشاركتهم قيادة مفاصل الخدمة والإدارة على الأقل .

قد يختلف معي بعض الباحثين (الجدد) بالسياسة الدولية، لكني سأشرح للجميع كيف يمكن أن تكون هذه الجملة هي ألاساس السليم لبناء الدولة.. على فرض حسن النوايا عند الجميع رغم ان هذا أمر مثالي ولا نجده إلاّ في مجتمع مثالي، لكني سأُحْسِنْ الظن بالجميع لأني أرغب في مشاركة الجميع بوطن يسع الجميع ويكفي ويكتفي فيه الجميع، ولأني أرغب أن نعيش ونتعايش ليكون لنا مستقبل يمكن ان نتفائل به لأولادنا وأحفادنا، ووطن لايُظلم فيه الضعيف ولايستقوي فيه القوي على الضعيف، ولا يرى أحد فيه لنفسه الفضل والمنّة على الآخرين، وأن تتساوى فيه الرؤوس، ويقتصر فيه عمل كل الأدمغة على إبتكار الأفكار لخدمة المجتمع بدون تمييز .

تُبنى الدولة عندما يتّسع صدر الجميع للجميع، ويُفتح باب المشاركة لكل من لديه رغبة ووطنية وحماسة ونخوة وغيرة لبناء الوطن والدولة بدون الرجوع والنظر للتقسيمات العرقية او الطائفية او القومية او المناطقية التي لاتُغني ولا تُسمن، ولاتُفيد إلا أعداء هذا الوطن .

كما أني أرى ان من المستحيل بل أراه خطأً ستراتيجياً قاتلا أن تستحوذ الأحزاب بمختلف توجهاتها على كل المواقع بالدولة لأنها بذلك تكون قد عزلت نفسها عن المثقفين والمفكرين والعلماء والمهنيين (غير المأجورين)، وهم أساس وعماد الدولة، بل هم من يستطيعون واقعاً حمل هموم الناس، وهم فقط من تجد عندهم الرغبة والطموح الحقيقي لخدمة الوطن والشعب .

وأرى قبل فوات الاوان ان الوقت لازال يسمح بتدارك كل الأخطاء التي صدرت من جميع ممن تصدّوا للأمر منذ سقوط الصنم، لكن على الجميع أن ينظر للمرآة ليرى نفسه ويعيد تقييمها قبل أن ينتقد الآخرين، وأن يبدأ يُحسن الظن بالجميع لا أن يتصيّد في مياه الآخر ليوقعه في شرور أعماله .

وعلى الجميع أن يفهم أن الدولة لايمكن أن تُبنى بعقول المعارضين فقط، حيث نرى اليوم ان الغالبية لازالت ترفض التخلي عن هذه العقلية التي بلا شك قد تركت سنين ظلمها وجورها وغربتها آثار دامية من الصعب محوها، لكن على الجميع أيضا التكيّف والتعايش من جديد وتبديل الوجوه صاحبة الآثار الدامية بوجوه تستطيع العيش والتعايش مع الآخر لبناء الدولة والوطن.. وعلى القادة السياسيين البدء بتعلّم إختيار وقبول الكفاءة المهنية لتكون شريك حقيقي بالقرار وبدون النظر للإنتماء القومي والمذهبي، وزجّها لقيادة مؤسسات الدولة والإبتعاد والنأي بأنفسهم عن مفاصل الخدمة والإدارة .

الكل زائل والوطن باقي للأولاد والاحفاد.. والكل يموت وتبقى ذكراه يقيّمها الناس.. والتاريخ والقلم .

 

بقلم. د. نبيل احمد الامير

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم