صحيفة المثقف

فوضى ادارية واستقطاعات لسد العجز المالي

ازدادت المعاناة من البطالة وقلة الاعمال وندرة مشاريع التشغيل والتنمية ومعهم جيش من الخريجين العاطلين عن العمل ووصل الى مئات الوف الخريجين العاطلين جميعهم من فئة الشباب . ينتظرهم مستقبل غامض بدون امل بالحصول على وظائف اواعمال تلبي الحد الادنى لحياة مستقرة بعد ما بذلوه من جهد للحصول على شهادات دراسية تؤهلهم للعمل . يضاف اليهم عشرات الوف من المتعاقدين والاجراء بدون تثبيتهم في وظائفهم اودوائر عملهم منذ سنوات، عانوا الامرين من عملهم مجانا وتأخر اوعدم صرف المنح المالية لهم لعدة سنوات في المشاريع والخدمات والدوائر الرسمية للدولة .

نحن لا نعلم اين تذهب اموال العراق وميزانياته المالية السنوية الضخمة، فقد مضت على اصلاح شبكات الكهرباء وبناء محطات توليد جديدة اكثر من 16 عاما وما زلنا نعتمد على المولدات الاهلية والغاز الايراني لتشغيل بعض محطات الطاقة . بينما90 بالمئة من الغاز في حقول استخراج النفط بدون استثمار وتقدر بمليارات المكعبات يوميا، بدون خطط استثمارية او مشاريع تنموية تصل بالعراق على الاقل الى مرحلة الاكتفاء الذاتي من توليد وانتاج الطاقة الكهربائية الضرورية لتشغيل وادامة البلد على المستوى المحلي اوالصناعي .

سوء الادارة في الواقع لعب دورا كبيرا بتراجع العراق ليس على مستوى الاستثمارات والتنمية والمشاريع فقط وانما على صعيد اصلاح ما خربته الحروب والاهمال فحين نتطلع حولنا نجد ان كل شيء باق كما هو ولا نعلم اين تذهب اموال او الميزانيات المالية للوزارات والبلديات، الحفر تزداد في الشوارع ومنها رئسية والارصفة مكسرة بعضها لم تجدد منذ ثمانينات القرن الماضي، والمياه غير نظيفة طوال الوقت ومتقطعة كحال الكهرباء واسوأ ناهيك عن النظافة الضرورية للصحة العامة ونشعر مباشرة اننا في دولة عاجزة وتحت رحمة ادارة فاشلة وفاسدة .

 وجاء فيروس كورونا يضيف متاعبا جديدة تثقل كاهل المواطن من محدودي الدخل واجراء الاعمال الوقتية، وتهاون بمكافحة الوباء اما الخطط والمعالجات جاءت كردود افعال بدون استراتيجية تعوض الخسائر الهائلة التي تسبب بها انتشار الفيروس وطرق واساليب مكافحته . تزامن مع الانخفاض الحاد باسعار النفط التي ادت الى استقطاعات مالية مجحفة للموظفين والمتقاعدين شملت 10 بالمئة من رواتبهم لمن يزيد راتبه عن 500 الف دينار شهريا .

وكالعادة جاءت معالجة سوء الاوضاع المالية على حساب محدودي الدخل، وتركت رواتب الدرجات الخاصة والبرلمان والوزارات بدون تحديد نسبة مقنعة من الاستقطاعات توازي حجم الخسائر المالية التي تسبب بها الانخفاض الحاد بااسعار النفط وتوقف المشاريع والاستثمارات بشكل شبه دائم .

هذه ولا شك تركة ثقيلة تحملتها حكومة الكاظمي منذ البداية، واعلن انه استلم من حكومة عبد المهدي خزينة شبه فارغة وخاوية، وبناء على ذلك وجهت اتهامات بشبهات فساد لم ينجز التحقيق فيها او اعلانها، وتسربت بعض الانباء تشير الى سوء ادارة عبد المهدي بينت ان ما يقارب 2 ترليون دينار صرفت من الخزينة باقل من شهرين منذ بداية تسلمه لمهامه كرئيس وزراء وهو رقم شبه خيالي لا يتناسب من انجازات حكومة عبد المهدي خلال اقل من شهرين؟ بل لا توجد اية مشاريع خلال فترة رئاسته لمجلس الوزراء تعادل هذا المبلغ الفائق وان وجدت فأين هي هذه الانجازات والمشاريع؟

. حكومة عبدالمهدي في الواقع لا تختلف عن الحكومات السابقة، بددت ثروات طائلة دون انجازات ومشاريع تذكر على مدى 16 عاما منذ التغيير العام 3003 الى الان، وما اعلنه الكاظمي عن خواء خزينة الدولة ليس مفاجئا طالما هناك فساد مستشر بجميع وزارات ومؤسسات الدولة بدون رقابة حقيقية على صرف الاموال او على الاقل مقارنة حجم الاموال بحجم الانجازات التي تقترب من الصفر احيانا .

تكرر ما حدث في المحافظات فقد ظلت دون انجازات حقيقية تغير الواقع الخدمي واعادة البناء والاعمار بسبب الاهمال وسوء الادارة والفساد .

المشكلة ان فئات المجتمع الفقيرة دائما ما تتحمل نتائج سوء الادارة والفساد، ومع اول انتكاسة مالية استقطعت 10 بالمئة من رواتب الموظفين والمتقاعدين، وظل اصحاب الامتيازات على امتيازاتهم المالية والترفيهية .

  ونتيجة للفوضى الادارية، اعلن البرلمان عن رفضه للاستقطاعات المالية من رواتب الموظفين والمتقاعدين وبتنا لا نعرف لمن القرار للمشرعين "البرلمان" ام التنفيذيين "الحكومة" وما دورهما في عملية تقليص النفقات والرواتب تفاديا للازمة المالية التي يعاني منها العراق، ومازلت عملية توفير الاموال بين مد وجزر بين الحكومة والمعنيين بالاستقطاعات المالية .

انها دوامة حقيقية لاننا لا نعرف من المنفذ ومن المشرع؟ وهل تكفي تلك الاستقطاعات من المواظفين والمتقاعدين سد العجز في الميزانية المالية التي تصل الى ترليونات الدنانير؟ وفي خضم هذه الدوامة التي تبدو بلا نهاية : قرار من سينفذ الحكومة ام البرلمان فقد صوت البرلمان يوم 10.6. 2020 على قرار يرفض فيه الاستقطاع من رواتب الموظفين كافة والمتقاعدين باي شكل من الاشكال:  "ما لم ينص عليها بقانون مشرع ورفض اي ضرائب تفرض عليه ما لم ينص عليها بقانون مشرع".

واشار الى ان "القرار اعلاه لا يشمل الرئاسات الثلاث والوزراء والنواب والدرجات الخاصة""..

 وطلب المعنيون ان تقتصر الاستقطاعات المالية من الفئات ذات الرواتب العالية "الرئاسات الثلاث والوزراء والنواب والدرجات الخاصة" وليس الفئات ذات الرواتب المنخفضة او كما توصف محدودة الدخل ولا يتجاوز الراتب ضمن هذه الفئات اكثر من 500 الف دينار شهريا .

ويبقى السؤال قائما هل تكفي الاستقطاعات لسد العجز المالي في الميزانية المالية، ولماذ لا تفتح ملفات الفساد التي وصلت الى 3 الف ملف واسترجاع الاموال المسروقة من قبل الفاسدين . علما ان هذه الاموال تقدر بالترليونات داخل وخارج العراق وتعود لسياسيين مشاركين في العملية السياسية والحكومات السابقة واخرها حكومة عادل عبد المهدي التي سلمت الحكومة الحالية خزينة شبه فارغة وديون تفوق الديون التي كانت بذمة العراق قبل توليه لرئاسة الوزراء .

تنتظر حكومة الكاظمي اعباء ثقيلة ومتراكمة من الحكومات السابقة وبعضها استجد مؤخرا مع ظهور فيروس ووباء كورونا الذي تسبب بتوقف جميع النشاطات الاقتصادية والتجارية للعراق .

وفيما يلي الاستقطاعات التي دخلت حيز التنفيذ التي اتخدتها حكومة الكاظمي كجزء من تغطية العجز في الميزانية المالية  بالاستناد الى البيان الحكومي :

نوضح للأخوة المتقاعدين أنه تم استقطاع نسبة من رواتبهم بناء على قرار مجلس الوزراء في ١0/٦/٢٠٢٠ اما نسب الاستقطاعات فقد تراوحت بين 10 بالمئة الى 15 بالمئة شهريا .

بخصوص رواتب الشهداء مستمرة ولم يتم قطعها وشملت فقط بنسب الاستقطاع أعلاه وتم قطع الرواتب للذين لديهم أكثر من راتب لحين اختيار الراتب الافضل .

بخصوص محتجزي رفحاء تم ايقاف رواتبهم .

وننتظر معرفة حجم الاستقطاعات لذوي الرواتب العالية : الرئاسات الثلاث والوزراء والنواب والدرجات الخاصة، علما ان هذه الفئات تتقاضى مئات المليارات سنويا دون حق قانوني يخضع لسلم الرواتب الرسمي الذي يتبعه العراق والمستند على المستوى المعيشي للفرد مهما كانت درجته الوظيفية .

ويبقى السؤال عن مصير القرار البرلماني الذي رفض فيه الاستقطاعات المالية من رواتب الموظفين والمتقاعدين بعد دخول القرار الحكومي بالاستقطاعات المالية حيز التنفيذ  يوم 10.6.2020.

بينت الازمة المالية كذلك مدى هشاشة الاقتصاد العراقي وبنياته الضعيفة ومدى اعتماده الذي يكاد يكون شبه كلي على واردات النفط التي ولدت انخفاض اسعاره كل هذه الازمات المالية والاقتصادية خلال فترة زمنية قصيرة اضافة الى الفساد وسوء ادارة الحكومات السابقة .   

 

قيس العذاري

10.6.2020

 

 

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم