صحيفة المثقف
المحبون
المحبونَ
كتابُ الأمسِ / واليومِ /
الغدِ الممتدِ حتى آخرِ الدهرِ ..
أنـتِ
لـلـسـنـبـلِ والـتـنُّـورِ أمٌّ
وأنـا
لـلـنـهــرِ والـحـقـلِ أبُ
*
وكـلانـا شـجَـرٌ لـلـطـيـرِ ..
والـمـاءُ لـعـطـشـانٍ ..
وخـبـزٌ لـصـحـونٍ نـالَ مـنـهـا حـارسُ الـبـيـدرِ
والـسـلـطـانُ
والـنـاطـقُ بـاسـمِ الـلـهِ
والـجـنـدُ
الأسـى و الـســغَــبُ
*
وكـلانـا شــفـةٌ ضُـمَّـتْ الـى الأخـرى
فـأصـبَـحْـنـا الـفـمَ الـنـاطِـقَ
بـاسـمِ الـنـخـلِ يـشـكـو قِـلَّـةَ الــسَّـعـفِ
ويـسـتـجـدي الـفـصـولَ الـرُّطَـبُ
*
وكـلانـا مـاؤه الـدمـعُ
وأمّـا خُـبـزُهُ فـالـكَـرَبُ (*)
*
وكـلانـا للإراجـيـحِ حِـبـالٌ
ولأطـفـالِ بـيـوتِ الـطـيـنِ فـي وادي الـيـتـامـى
مَــلــعَــبُ
*
ولـمـذعـورٍ مـن الـذئـبِ يـزخُّ الـدمـعَ خـوفـاً
مـهـرَبُ
*
وظِلالٌ لِـحُـفـاةٍ
وأذانٌ لـلـمـصـلـيـنَ
ولـلـعـشــاقِ قـيـثـارٌ إذا شَــفَّ قـلـوبـاً طَـرَبُ
*
ونـدامى للأزاهـيـرِ / الـعـصـافـيـرِ / الـفـراشـاتِ
أخِـلاّءٌ لِـمَـنْ لـيـس لـهُ خِـلٌّ
وعُـكّـازٌ لِـمَـنْ شــلَّ خـطـاهُ الــتـعَــبُ
*
وكـلانـا
فـيـهِ أمْـرٌ عَـجَـبُ :
*
كـلـمـا يـحـبِـسُ فـي أحـشـائِـهِ الـمـاءَ
تـشـبُّ الـنـارُ وهْـوَ الـحَـطَـبُ
*
لـيـس مـا يُـطـفِـئُ فـيـهِ الـجـمـرَ
إلآ الـلـهَـبُ
***
***
***
لـلـمُـحـبِّـيـنَ كـرامـاتٌ
فـإنْ هـمْ ركـبـوا الـبـحـرَ
اسـتـجـابـتْ لـلـشـراعِ الـريـحُ والـمـوجُ
وأصـغـى لـلـنـداءِ الـمـركـبُ
*
كـلـمـا مـرُّوا بـشـوكٍ
صـار ريـحـانـا وأشـجـاراً
فـيُـجـنـى الـتـيـنُ والـزيـتـونُ مـن أفـنـانـهــا
والـعِـنـبُ
*
طُـهـرُهـم طـهـرٌ
وأمّـا عــشـقُـهــمْ فـالـذَّهَــبُ
*
والـمـحـبـونَ عـلـى الـودِّ يـمـامـاتٌ
ولـكـنَّـهـمُ الـلـبـوةُ والـسَّــبْــعُ
إذا هـمْ غـضِـبـوا
*
والـمُـحـبـونَ لِــدارِ الـجـارِ بـابٌ
وِلِــحَـيِّ الأهـلِ ســورٌ
وإذا هَـبَّـتْ عـلـى الـخـيـمـةِ ريـحٌ
فـالـمـحـبـون رِواقٌ حـولـهـا
أو سَــبـبُ (**)
*
وسـواءٌ
أبـسـاطـورٍ وسـيـفٍ ذُبِـحـوا
أمْ صُـلِـبـوا
*
فـهـمُ الأعـلـونَ ..
أدنـى مـنـهـمُ الـقـيـصـرُ والـسـلـطـانُ والـتـيـجـانُ
ـ فـي شَــرعِ الـهـوى ـ
والـرُّتَـبُ
*
الـمُـحـبُّـون رعـايـا الـلـهِ فـي مـمـلـكـةِ الـعـشـقِ
وظـلُّ الـلـهِ فـي فـردوسِـهِ الأرضـيِّ
أبـرارٌ ـ كـمـا فـي الـصُّـحُـفِ الأولـى ـ غـيـارى نُـجُـبُ
*
طـبـعُـهُـم طـبـعُ الـتـنـانـيـرِ / الـنـواعـيـرِ
يـجـودونَ بـمـا تُـنـضِـجُـهُ الـنـارُ مـن الـخـبـزِ
ويـسـقـونَ الـعـطـاشـى
فـإذا جـاعـوا فـمـا غـيـرَ رمـادٍ
وسـوى صـوتِ صـريـرِ نـازفٍ
مـا شـرِبـوا (***)
*
الـمـحـبـونَ
كـتـابُ الأمـسِ / والـيـومِ / الـغـدِ الـمـمـتـدِ حـتـى آخـرِ الـدهـرِ ..
كـتـابُ الـبـيـعـةِ الأولـى الـذي تـنـهـلُ مـنـهُ
الـكــتُــبُ
*
لـيـس مـنـهـم جـاحـدُ الـفـضـلِ ونـمّـامٌ
ولا نـاهِـشُ عـرضٍ كـامـلُ الـنـقـصِ
ولا مُــنــتَـهِــبُ
***
يحيى السماوي
السماوة 12/7/2020
.....................
(*) الكَرَب: الأصل العريض للسعف المتيبس / وهو بمثابة اللحاء من بقية الشجر .
(**) الرواق: سور من القماش أو الوبر يحيط الخيمة، والسبب : الوتد
(***) الصرير: صوت احتكاك يُحدِثه الجسم عند مقاومته شدًّا وضغطَا خارجيا ـ والمراد هنا صوت الناعور الذي يشبه الأنين. و" غيرَ " مفعول به لفعل محذوف جوازا تفسره الجملة ، تقديره يأكل .