صحيفة المثقف

المحبون

يحيى السماويالمحبونَ

كتابُ الأمسِ /  واليومِ /

الغدِ الممتدِ حتى آخرِ الدهرِ ..


  أنـتِ

لـلـسـنـبـلِ والـتـنُّـورِ أمٌّ

وأنـا

لـلـنـهــرِ والـحـقـلِ أبُ

*

وكـلانـا شـجَـرٌ لـلـطـيـرِ  ..

والـمـاءُ لـعـطـشـانٍ  ..

وخـبـزٌ لـصـحـونٍ نـالَ مـنـهـا حـارسُ الـبـيـدرِ

والـسـلـطـانُ

والـنـاطـقُ بـاسـمِ الـلـهِ

والـجـنـدُ

الأسـى  و الـســغَــبُ

*

وكـلانـا شــفـةٌ ضُـمَّـتْ الـى الأخـرى

فـأصـبَـحْـنـا الـفـمَ الـنـاطِـقَ

بـاسـمِ الـنـخـلِ يـشـكـو قِـلَّـةَ الــسَّـعـفِ

ويـسـتـجـدي  الـفـصـولَ الـرُّطَـبُ

*

وكـلانـا مـاؤه الـدمـعُ

وأمّـا خُـبـزُهُ فـالـكَـرَبُ (*)

*

وكـلانـا للإراجـيـحِ حِـبـالٌ

ولأطـفـالِ بـيـوتِ الـطـيـنِ فـي وادي الـيـتـامـى

مَــلــعَــبُ

*

ولـمـذعـورٍ مـن الـذئـبِ يـزخُّ الـدمـعَ خـوفـاً

مـهـرَبُ

*

وظِلالٌ  لِـحُـفـاةٍ

وأذانٌ   لـلـمـصـلـيـنَ

ولـلـعـشــاقِ قـيـثـارٌ إذا شَــفَّ قـلـوبـاً طَـرَبُ

*

ونـدامى للأزاهـيـرِ /  الـعـصـافـيـرِ / الـفـراشـاتِ

أخِـلاّءٌ لِـمَـنْ لـيـس لـهُ خِـلٌّ

وعُـكّـازٌ لِـمَـنْ شــلَّ خـطـاهُ الــتـعَــبُ

*

وكـلانـا

فـيـهِ أمْـرٌ عَـجَـبُ :

*

كـلـمـا يـحـبِـسُ فـي أحـشـائِـهِ الـمـاءَ

تـشـبُّ الـنـارُ وهْـوَ الـحَـطَـبُ

*

لـيـس مـا يُـطـفِـئُ فـيـهِ الـجـمـرَ

إلآ الـلـهَـبُ

***

***

***

لـلـمُـحـبِّـيـنَ كـرامـاتٌ

فـإنْ هـمْ ركـبـوا الـبـحـرَ

اسـتـجـابـتْ لـلـشـراعِ الـريـحُ والـمـوجُ

وأصـغـى لـلـنـداءِ الـمـركـبُ

*

كـلـمـا مـرُّوا بـشـوكٍ

صـار ريـحـانـا وأشـجـاراً

فـيُـجـنـى الـتـيـنُ والـزيـتـونُ مـن أفـنـانـهــا

والـعِـنـبُ

*

طُـهـرُهـم طـهـرٌ

وأمّـا عــشـقُـهــمْ فـالـذَّهَــبُ

*

والـمـحـبـونَ عـلـى الـودِّ  يـمـامـاتٌ

ولـكـنَّـهـمُ الـلـبـوةُ والـسَّــبْــعُ

إذا هـمْ غـضِـبـوا

*

والـمُـحـبـونَ لِــدارِ الـجـارِ بـابٌ

وِلِــحَـيِّ  الأهـلِ ســورٌ

وإذا هَـبَّـتْ عـلـى الـخـيـمـةِ ريـحٌ

فـالـمـحـبـون رِواقٌ حـولـهـا

أو سَــبـبُ (**)

*

وسـواءٌ

أبـسـاطـورٍ وسـيـفٍ ذُبِـحـوا

أمْ صُـلِـبـوا

*

فـهـمُ الأعـلـونَ ..

أدنـى مـنـهـمُ الـقـيـصـرُ والـسـلـطـانُ والـتـيـجـانُ

ـ فـي شَــرعِ الـهـوى ـ

والـرُّتَـبُ

*

الـمُـحـبُّـون رعـايـا الـلـهِ فـي مـمـلـكـةِ الـعـشـقِ

وظـلُّ الـلـهِ فـي فـردوسِـهِ الأرضـيِّ

أبـرارٌ ـ كـمـا فـي الـصُّـحُـفِ الأولـى ـ غـيـارى نُـجُـبُ

*

طـبـعُـهُـم طـبـعُ الـتـنـانـيـرِ / الـنـواعـيـرِ

يـجـودونَ بـمـا تُـنـضِـجُـهُ الـنـارُ مـن الـخـبـزِ

ويـسـقـونَ الـعـطـاشـى

فـإذا جـاعـوا فـمـا غـيـرَ رمـادٍ

وسـوى صـوتِ صـريـرِ نـازفٍ

مـا شـرِبـوا  (***)

*

الـمـحـبـونَ

كـتـابُ الأمـسِ /  والـيـومِ / الـغـدِ الـمـمـتـدِ حـتـى آخـرِ الـدهـرِ ..

كـتـابُ الـبـيـعـةِ الأولـى  الـذي تـنـهـلُ مـنـهُ

الـكــتُــبُ

*

لـيـس مـنـهـم جـاحـدُ الـفـضـلِ ونـمّـامٌ

ولا نـاهِـشُ عـرضٍ كـامـلُ الـنـقـصِ

ولا مُــنــتَـهِــبُ

***

يحيى السماوي

السماوة 12/7/2020

 .....................

(*) الكَرَب: الأصل العريض للسعف المتيبس / وهو بمثابة اللحاء من بقية  الشجر .

(**) الرواق: سور من القماش أو  الوبر يحيط الخيمة، والسبب : الوتد

(***) الصرير: صوت احتكاك يُحدِثه الجسم عند مقاومته شدًّا وضغطَا خارجيا ـ والمراد هنا صوت الناعور الذي يشبه الأنين. و" غيرَ " مفعول به  لفعل محذوف جوازا تفسره الجملة ، تقديره  يأكل .

 

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم